أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - زهرةٌ بين منال ميخائيل و… بسملة














المزيد.....

زهرةٌ بين منال ميخائيل و… بسملة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6069 - 2018 / 11 / 30 - 22:50
المحور: حقوق الانسان
    




صبيةٌ مصريةٌ سمراءُ مليحةٌ. وجهُها الجميلُ منحوتٌ بإزميل مهندس الوجود الأعظم. صاغَ اللهُ جمالَها الفريدَ لتكون موديلا فاتنًا يستلهمُه الرسّامون والنحّاتون ليقدّموا للخلود قطعًا من الفنِّ العابر للزمان والمكان. الصبيّةُ الجميلة اسمُها: “بسملة علي عبد الحميد". تلميذةٌ متفوقة بالصف الثاني الإعدادي بمدرسة "الشهيد محمد جمال صابر" محافظة دمياط.
سيدةٌ مصريةٌ جميلةٌ ومثقفة على درجة محافظ. عقلُها الرفيعُ منحوتٌ بإزميل أجدادها المصريين عظماءِ الحضارة وبُناة المجد. اختارتها القيادةُ السياسية الواعية لتكون نموذجًا محترمًا راقيًا وفريدًا؛ يستلهمه المحافظون والوزراءُ وصناعُ القرار في أرجاء مصر، ليقدّموا لمصر مِشعلَ تحضُّرِها الغاربَ؛ الذي نرجوه ونحلم بعودته منذ عقود طوال، لنرفع رؤوسنا من جديد بين مصافّ دول العالم المتحضر. السيدةُ الجميلة اسمُها "منال ميخائيل عوض"، محافظ دمياط.
باقةُ زهور زاهيةٌ مشرقة، قدّمتها يدُ السيدة الجميلة، إلى يد الصبية الجميلة، في واقعة سوف يدوّنها التاريخُ في مدونات الشرف الخالدة. تلك زهورٌ تحملُ من الكلام والمعنى ما لم تكتبه القصائدُ والأغاني. تقولُ الزهرةُ: "يدٌ طيبةٌ زرعتني، ويدٌ طيبةٌ قدّمتني ليدٍ صغيرة طيبة؛ لتعطي للعالم درسًا جميلا وصعبًا.
وأما الدرسُ الصعبُ فهو موجّهٌ إلى مُعلّم تربويّ، ولكنه للأسف فقيرُ الإدراك، فقيرُ الروح، لم يتعلّم ألف باء التربية والتعليم والقيم الإنسانية الرفيعة؛ التي تعلو بمجتمع إنِ انتعشتْ، وتهبط به إنْ غابتْ.
الحكايةُ أشهرُ من أن أُعيد سردها هنا، لكنها باختصار أن ذاك المعلم، جعل تلاميذ الفصل يسخرون من لون بشرة الفتاة السمراء المتفوقة والجميلة. لكن التلاميذ ذوي الوعي المُبكّر استنكروا سلوكَ المعلم، حينما شاهدوا دموعَ "بسملة" تنهمر دون توقّف، وامتنعت عن الذهاب إلى المدرسة أيامًا طوالا.
نشر الحكايةَ شابٌّ نوبيٌّ مثقفٌ، حمدي سليمان، على السوشيال ميديا. فانزعج المجتمعُ المصريُّ المتحضر بكامله، وتحرّك المسؤولون بقيادة د. سيد سويلم وكيل وزارة التعليم في دمياط لردّ الاعتبار للصبية الجميلة "بسملة". ثم توّجتْ تلك التحركاتِ زيارةُ محافظ دمياط، د. منال ميخائيل، للمدرسة وتقديم باقة زهور إلى "بسملة" مُغلّفًا بعناق المحبة. وتمّ نقل ذلك المعلم إلى مكان آخر، وهو بالتأكيد عقابٌ مبدئي غيرُ كاف، ننتظر أن ينتهي بمجلس تأديب؛ ليكون جرسَ إنذار لأي معلّم آخر لا يدرك قيمة الثروة البشرية، التلاميذ، التي تقومُ مصرُ على تنشئتها لتغدو زادَ الغد وحاملي مشعل نهضتها.
ذلك المعلم فقير العلم بالتأكيد لم يقرأ دستور بلادنا الذي تنصُّ مادته رقم 53 على التالي: "المواطنون لدى القانون سواء. متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العِرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر. التمييز والحضّ على الكراهية جريمةٌ، يعاقب عليها القانون. تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء علي كافة أشكال التمييز، وينظم القانونُ إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض.”
حكاية "بسملة" ذكّرتني برواية "الوصمة البشرية"، للأمريكي "فيليب روث"، التي ترجمتُها للعربية وصدرت في مصر عن "الهيئة العامة للكتاب" عام 2012، وفي بغداد عن دار "المدى" هذا العام 2018. أستاذٌ في إحدى الجامعات الأمريكية الرفيعة، يُدرّسُ الأدب البريطاني. تغيّب طالبان عن فصله طوال العام، فأطلق عليهما البروفيسور لقبَ Spooks بمعنى “أشباح”؛ باعتبار أنهما مختفيان لا يظهران أبدًا في الجامعة. ولسوء حظه كان هذان الطالبان من الُملوّنين، ولم يكن يدري. فرفعا ضده قضية عنصرية، لأن من حظّه العسر أن تلك الكلمة Spooks نعتٌ مُسيئ للملونين. ولن أحكي لكم ماذا حدث لذاك البروفيسور العظيم من ويلات وازدراء وتشريد وفصل من الجامعة انتهت بموته، مقابل كلمة بسيطة قالها دون قصد، عن طالبين لم يرهما في حياته. أرجو أن أرى اليوم الذي تُطبق فيه مادة الدستور 53 على كل طائفيٍّ وعنصريٍّ ولا إنسانيٍّ في مجتمعنا المصري العظيم.
د. منال ميخائيل، كم أنتِ عظيمة، أحبك كثيرًا. بسملة، أنت أجملُ صبيّة في الوجود، وقطعًا تعرفين ذلك، أحبُّكِ كثيرًا.

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عمرو سعد … والصبايا الجميلات
- نصف قرن على ميلاد الهرم
- مصرُ الكويتُ … والوزيرةُ الجميلة
- تلويث الذوق العام
- برقية إلى … نادية صالح
- كيف أكتبُ عن -عيد الحب”!
- ثلاثةُ رجال من مصر
- أنغام: وحشاني يا أختي جدًّا
- خيبتنا … مرآةُ ميدوزا في يد المايسترو
- سانت كاترين … هنا نُصلّي معًا
- أيامُ الرجل الكفيف
- ثلاثون عامًا على ميلاد الجميلة
- سوق برقاش... يا سيادة الرئيس!
- ليزا وأطفالي …. وقانون الطيران
- الرئيس يستثمر في الإنسان في مؤتمر شرم الشيخ
- الرئيس يستثمر في الإنسان
- مُعلِّمةُ البيانو
- كمال الجنزوري …. فارسُ البسطاء
- الطريق إلى العمّ نجيب
- دولة الأوبرا في حضن البتول


المزيد.....




- الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
- 11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
- كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت ...
- خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال ...
- صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق ...
- أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
- كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ ...
- مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
- ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم ...
- كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - زهرةٌ بين منال ميخائيل و… بسملة