|
طاها حسين فى ذكرى مولده
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 6062 - 2018 / 11 / 23 - 20:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
طاها حسين فى ذكرى مولده طلعت رضوان فى يوم 15 نوفمبر1889 كان مولد عميد الثقافة المصرية (طاها حسين) كما كان يرى ضرورة كتابة اسمه..وفق القاعدة العلمية فى (علم اللغويات) والتى تنص على أنّ ((المكتوب يجب أنْ يتبع المنطوق)) لأنه إذا كان عمرالإنسان مليون سنة، فإنّ عمرأقدم لغة ستة آلاف سنة، بعد اكتشاف الكتابة على البرديات وعلى جدران المعابد فى مصرالقديمة. فى هذه المناسبة، فتذكــرتُ دوره التنويرى..وقلتُ – بينى وبين نفس – إنه الأعمى الذى أنار طريق المُـبصرين.. لأنه كان من أشد المُـدافعين عن الدولة المدنية.. والتى يختفى منها النص فى الدساتيرالحديثة، على (دين الدولة)..ولذلك انتقد – هو والليبراليون المصريون من عصره اللجنة التى صاغتْ مواد دستورسنة 1923. قعل طاها حسين ذلك، بالرغم مما حدث له فى سنة1926حيث وجـّـه الأصوليون عدة سهام أصابتْ وجدانه وعقله، وبالرغم من ذلك لم يرفع راية الاستسلام..ولم يتراجع فى الدفاع عن معتقداته..وكتب مقالا(بعد عام واحد من معركة كتابه (فى الشعرالجاهلى) دافع فيه عن مفهوم الدولة المدنية..وكان مدخله لذلك انتقاد لجنة دستور1923بالرغم من وعيه بأنّ به الكثيرمن المواد التى تــُـدعم فكرة الدولة الحديثة مثل المادة رقم (1) ونصها أنّ "مصردولة ذات سيادة وهى حرة مستقلة " والمادة رقم (3) ونصها "المصريون لدى القانون سواء..وهم متساوون فى التمتع بالحقوق المدنية والسياسية..وفيما عليهم من الواجبات والتكاليف العامة..لاتمييزبينهم فى ذلك بسبب الأصل أواللغة أوالدين" والمادة رقم (4) ونصها "الحرية الشخصية مكفولة" والمادة رقم (12) ونصها "حرية الاعتقاد مطلقة " والمادة رقم (15) ونصها "الصحافة حرة فى حدود القانون..والرقابة على الصحف محظورة..وإنذارالصحف أووقفها أوإلغاؤها بالطريق الإدارى محظور" والمادة رقم (20) ونصها "للمصريين حق الاجتماع فى هدوء وسكينة غيرحاملين سلاحًا..وليس لأحد من رجا ل البوليس أنْ يحضراجتماعهم ولاحاجة بهم إلى إشعاره" والمادة رقم (23) ونصها أنّ "جميع السلطات مصدرها الأمة (عبدالرحمن الرافعى فى كتابه "فى أعقاب الثورة المصرية- ج1مكتبة النهضة المصرية- عام1947- من ص310- 327) وبالرغم من ذلك امتلك طه حسين شجاعة الكتابة، فقال "لستُ أرضى عن هذا الدستورالرضا كله، ففيه نقص وفيه تشويه وفيه نصوص لابد من تغييرها" ثم هاجم الذين صاغوا مواد الدستورهجومًا عنيفًا بسبب المادة التى نصّـتْ على أنّ الإسلام دين الدولة..وببصيرته الرحبة انتقد هذا النص..ومن يقرأ المقال (اليوم) يُدرك أنّ طه حسين كان يستشرف المستقبل المتردى الذى نعيشه الآن، حيث ذهب إلى أنّ النص فى الدستورعلى أنّ الإسلام دين الدولة " مصدرفرقة. لانقول بين المسلمين وغيرالمسلمين (فقط) وإنما نقول إنه مصدرفرقة بين المسلمين أنفسهم، فهم لم يفهموه على وجه واحد..وأنّ النص على دين للدولة يتناقض مع حرية الاعتقاد، لأنّ معنى ذلك أنّ الدولة مكلفة أنْ تمحوحرية الرأى محوًا فى كل ما من شأنه أنْ يمس الإسلام من قريب أومن بعيد، سواء أصدرذلك عن مسلم أوعن غيرمسلم..ومعنى ذلك أنّ الدولة مكلفة بحكم الدستورأنْ تسمع ما يقوله الشيوخ فى هذا الباب، فإذا أعلن أحد رأيًا أوأّلــّـف كتابًا أونشرفصلا أواتخذ زيًا..ورأى الشيوخ فى هذا مخالفة للدين ونبّهوا الحكومة الى ذلك، فعلى الحكومة بحكم الدستورأنْ تسمع لهم..وتــُـعاقب من يخالف الدين أويمسه" وفى هجومه على الأصوليين ذكرأنهم "كتبوا يطلبون ألاّيصدرالدستور، لأنّ المسلمين ليسوا فى حاجة إلى دستوروضعى ومعهم كتاب الله وسنة رسوله..وذهب بعضهم إلى أنْ طلب من لجنة الدستورأنْ تنص على أنّ المسلم لايُـكلــّـف بالقيام بالواجبات الوطنية، إذا كانت هذه الواجبات معارضة للإسلام..وفسّروا ذلك بأنّ المسلم يجب أنْ يكون فى حل من رفض الخدمة العسكرية، حين يُـكلف بالوقوف فى وجه أمة مسلمة، كالأمة التركية مثلا " (مجلة الحديث- فبراير1927وأعاد نشره فى كتابه: "من بعيد"- الشركة العربية للطباعة والنشر- ط2نوفمبر1958- 232وما بعدها) 000 والملفت للنظرأنّ طه حسين لم يكن لوحده..وإنما انضـمّ إليه جيل الليبراليين المصريين الذين انتقدوا الدستور، لما فيه من عيوب ونقص وتناقض..وركّزوا هجومهم على المادة رقم (149) ونصـّـتْ على أنّ "الإسلام دين الدولة " وهى المادة التى نجح التيارالأصولى فى فرضها..ومع ملاحظة أنها جاءتْ فى المواد المتأخرة البالغ عددها169مادة..وكان أبرزمن كتبوا ضد اللجنة التى خضعتْ لرأى وضغوط الأصوليين (محمود عزمى) فبينما كانت مواد الدستورمجرد (مشروع) أى قبل أن يُعتمد الدستوررسميًا للعمل بمقتضاه، كتب مقالابعنوان (العقيدة الدينية فى لجنة الدستور) قال فيه "إنّ ذلك النص المُـقررللدولة دينًا رسميًا هوذلك الذى يريد أنْ يستغله أصحاب الآراء العتيقة..وهوالذى سيجرعلى البلاد ارتباكــًـا قد ينقلب إلى شرمستطير" وطالب البعض أمثال الشيخ (شاكر) نتيجة ذلك النص بضرورة "اشتمال مواد الدستوربما يجعل أحكام الدين هى المُـتفوقة على كل تشريع وأضاف: وبالتالى سيأتى وقت على سكان مصرفى هذا القرن العشرين، فتــُـقطع الأيدى والأرجل من خلاف..والرجم بالحجارة..ويكون السن بالسن والعين بالعين، نحن نــُـلفت النظروسنستمرعلى لفت النظرإلى الخطرالمحدق الذى يجيىء عن طريق ذلك النص"..وبعد أنْ صدرالدستورواصل محمود عزمى، ذلك المفكرالمصرى الشجاع، دفاعه عن الأمة المصرية التى يجب أنْ تكون ليبرالية الفكروالسياسة، فكتب أنّ الدستورجاء" هجينًا يجمع بين الشىء ونقيضه، فالأمة مصدرالسلطات..والملك له الحق مع المجلس النيابى فى التشريع..ويوازن بين سلطة الملك الأوتوقراطية وبين سلطة الأمة ذات المضمون الديموقراطى..وينص على أنّ حرية الاعتقاد مطلقة..وفى نفس الوقت (ينص على) أنّ الإسلام هوالدين الرسمى للدولة..وهكذا أصبحتْ البلاد فى مفترق الطرق..وأصبح الدستورثوبًا فضفاضًا..ويسهل تأويله على أوجه عدة..إلخ (جريدة الاستقلال-22سبتمبر1922) وعن ظروف تكوين لجنة الدستورذكرالرافعى أنه فى يوم19إبريل1923 ذهب يحيى باشا إبراهيم إلى سراى عابدين..وقابل الملك وقال له إنّ مصلحة البلاد تدعوإلى توقيع الدستورالليلة، فوقع الملك..وكلف السلطان فؤاد عبد الخالق باشا ثروت بتشكيل الوزارة فى أول مارس22 فكان رد ثروت باشا أنه لابد من صدورالدستور..وأنْ يتضمّن إلغاء الأحكام العرفية..وألــّـفتْ وزارة ثروت باشا فى 3إبريل22 لجنة لوضع مشروع الدستوروقانون الانتخاب عهدتْ برئاستها إلى حسين باشا رشدى..وتكوّنتْ اللجنة من30عضوًا ولذا سُميتْ لجنة الثلاثين و((هى فى مجموعها تنتظم طائفة من المفكرين وذوى الرأى..ورجال القانون والعلماء ورجال الدين والسياسيين المُعتدلين)) أطلق الوفد عليها لجنة الأشقياء..واعتذرالرافعى عن عضوية اللجنة، لأنّ ((الدستوركان يجب أنْ تضعه جمعية وطنية تأسيسية تـُمثل الأمة لا لجنة تؤلفها الحكومة)) وهذا ماورد فى برنامج عدلى باشا فى وزارته التى ألــّـفها فى مارس21..وكان ثروت باشا عضوًا فى تلك الوزارة ومُقرًا برنامجها (لذا) فإنّ ((وضع الدستوربمعرفة لجنة حكومية هوخروج على هذا البرنامج)) ثم حدثتْ محاولة للانقلاب على مشروع الدستوربمعرفة وزارة نسيم باشا، بأنْ أدخلتْ على المشروع بعض التعديلات الرجعية، مثل حذف النص على أنّ الأمة مصدرالسلطات..والتوسع فى صلاحيات الملك..واستقالتْ وزارة نسيم باشا..وكتب عبدالعزيزباشا فهمى عدة خطابات إلى يحيى باشا إبراهيم مُنتقدًا تعديلات نسيم باشا..وصدرالدستوربمواده التى أقرّتها اللجنة. (عبدالرحمن الرافعى- مصدرسابق) ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاجبارعلى اعتناق المعتقد الدينى
-
خطورة الخلط بين اللغات واللهجات
-
الأنظمة العربية وتاريخ الاغتيالات السياسية
-
هل وزارة الصحه فرع من فروع الأزهر؟
-
فساد المحليات : مسلسل متواصل الحلقات
-
التوحيدى بين أهمية كتاباته وتناقضاته
-
حسن نصرالله والتطبيع بين إيران وإسرائيل
-
التعليم للأثرياء ولمن استطاع إليه سبيلا
-
حقيقة العلاقة بين تنظيم حماس وإسرائيل
-
هل ممارسة الظلم غريزى أم بيئى؟
-
التوسع الإسرائيلى والتراجع العربى
-
مسلسل قتل المصريين (المسيحيين)
-
العلاقة بين المثقف والسلطة (1)
-
العنف حتى القتل هل هوغريزى أم بيئى؟
-
جنون الأسعار فى سلع الفقراء
-
لماذا جاء ترتيب مصر فى مؤخرة الدول فى التعليم؟
-
القطاع العام : الصراع بين التطوير والبيع
-
صراع القبائل العربية للاستيلاء على إسبانيا (1)
-
سوار الذهب : نموذج نادر للحاكم المثالى
-
خاشقجى : درس المعارضة السطحية
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|