أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبدالرزاق دحنون - عبد الوهاب المسيري ذلك الرجل النبيل















المزيد.....

عبد الوهاب المسيري ذلك الرجل النبيل


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 6062 - 2018 / 11 / 23 - 10:39
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


يُعدُّ كتاب الدكتور علي إبراهيم النملة الذي يحمل عنوان (الموسوعات الفردية المسيري أنموذجاً) هدية ظريفة و جميلة للقارئ المهتم بفكر عبدالوهاب المسيري. مؤلف الكتاب من مدينة البكيرية في منطقة القصيم السعودية. حاصل على دكتوراه تخصص المعلومات والمكتبات من جامعة كيس وستون رزوف بكليفلاند أوهايو. جاء الكتاب في ستة فصول ومقدمة وخاتمة و ثلاثة ملاحق ومراجع البحث وكل ذلك في مئة وست وعشرين صفحة من القطع الصغير. تكمن أهمية الكتاب - على الرغم من صغر حجمه- في أنه يُعرّف القارئ بشكل جيد على عبد الوهاب المسيري وموسوعته الفخمة عن اليهود واليهودية والصهيونية, والتي تُعد موسوعة فكرية أكثر من كونها موسوعة علمية, إن استطعنا التفريق بين العلمية والفكرية. ولكونها كذلك فقد أثارت كثيراً من الجدل بقد ما أثارت حياة مؤلفها هذا القدر من الجدل. و أتفق مع مؤلف الكتاب في رأيه هذا وقد تشكل لدي هذا الظن بعد قراءة الموسوعة كاملة. ولد عبد لوهاب المسيري في مدينة دمنهور المصرية عام 1938 في أُسرة ريفية غنية تحتفظ بقدر وافر من الحميمية والدفء والاحترام والإحساس بالمساواة الإنسانية بين أفراد المجتمع الريفي. نال البكالوريوس في اللغة الإنكليزية في كلية الآداب بجامعة الإسكندرية عام 1955 . وحصل على درجة الماجستير من جامعة كولومبيا بنيويورك عام 1964 وهي من الجامعات المشهورة. كما أنهى درجة الدكتوراه في جامعة رتجرز بمدينة نيو برونزويك بولاية نيوجرسي عام 1969 وهي أيضاً من الجامعات المشهورة بعلميتها. أصدر الموسوعة عن اليهود واليهودية والصهيونية عام 1999 في ثمانية أجزاء. ثم أصدر الموسوعة الموجزة في جزأين ضخمين عام 2002. ويظهر أنه استل من الموسوعة الأم عدداً من الإصدارات وطفق ينشرها مستقلة عن الموسوعة لتعميم الفائدة.
عبد الوهاب المسيري مفكر عربي من طراز فريد وهو من أبرز المؤلفين العرب حول اليهود واليهودية والصهيونية. أمضى ثلاثين عاماً من حياته في بحث دؤوب حول هذا الموضوع الحيوي الذي شغل العرب والمسلمين عبر تاريخهم الطويل. استطاع من خلال الموسوعة أن يعرض لنظرة جديدة موسوعية موضوعية فكرية علمية للظاهرة اليهودية المعاصرة بشكل خاص وتجربة الحداثة الغربية بشكل عام والعلمانية بصورة أعم مستخدماً ما طوره أثناء حياته الأكاديمية من إعادة قراءة مفهوم النماذج التفسيرية . ويؤكد الدكتور علي النملة أن عبد الوهاب المسيري ناقش موضوعات الموسوعة بهدوء وتروي وعقلانية مما أثار عليه بعض المتابعين الذين ربما رغبوا في لغة أكثر ثورة وهيجاناً على الطريقة العربية في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين دون التفريق بين الخطاب العلمي الموضوعي الكاشف عن الحقائق وبين تلك الأصوات التي تلهب الحماس وتستدعى رفع الأصوات دون أن تخرج على الناس بنتيجة تحل المشكلة. على أن هذا الخطاب العقلاني الهادئ مُتهم في عقلانيته لا في هدوئه ذلك أن العقلانية مصطلح له دلالاته التي لم تكن موضع ترحيب من بعض المعنيين لاسيما إذا انطلقت من مفكر له تاريخ مع اليسار وكان عبد الوهاب المسيري يسارياً مستنيراً. يقول المسيري عن مصطلح العلمانية :
العلمانية مصطلح خلافي جدا ًشأنه شأن مصطلحات أخرى مثل التحديث والتنوير والعولمة. وقد شاع استخدامه وانقسم الناس بشأنه بين مؤيد ومعارض. ولعل مفهوم العلمانية بالذات من أكثر المفاهيم إثارة للفرقة إذ يتم الحوار والشجار حوله بحدة واضحة تعطي انطباعاً بأنها محددة المعاني والأبعاد والتضمينات. ولكننا لو دققنا النظر قليلاً لوجدنا أن الأمر أبعد ما يكون عن ذلك. وقد ذكر ستة أسباب لبعد مصطلح العلمانية عن الوضوح لخصها الدكتور علي النملة كما يلي: - ارتبط مصطلح العلمانية في عقول الناس بكون غايته النهائية فصل للدين عن الدولة وهذا ما سطح القضية تماماً. أو بتعبير آخر فصل الدين عن السياسة من منطلق أنه لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين. – التصور أن العلمانية مجموعة أفكار وممارسات واضحة الأمر الذي أدى إلى إهمال عمليات العلمنة الكاملة والبنيوية. - تصور العلمانية بأنها فكرة ثابتة لا متتالية آخذة في التحقق فالعلمانية لها تاريخ الأمر الذي يعني أن الدارسين درسوا ما هو قائم وحسب دون أن يدرسوا حلقاته المتتالية. – إخفاق علم الاجتماع الغربي في تطوير نموذج مركب وشامل للعلمانية الأمر الذي أدى إلى تعدد المصطلحات التي تصف جوانب وتجليات مختلفة للظاهرة نفسها والافتقار إلى وضوح الرؤية العامة العريضة والعجز عن تحديد البؤرة المحددة. - الظن بأن مصطلح العلمانية قد استقر في الغرب في الستينات من القرن العشرين. بينما ظهرت في الآونة الأخيرة دراسات للعلمانية من منظور جديد فزادت المصطلح إبهاماً على إبهام مما يفضي إلى تقديم مصطلح جديد للعلمانية يحمل اسم العلمانية المُجددة أو المُتجددة. - حدوث مراجعة للمصطلح في المحيط العربي مما أدى إلى التصالح بين القوميين والعلمانيين والإيمانيين.
وهذا القلق في انتقاء المصطلح عند عبد الوهاب المسيري ليس مقتصراً على العلمانية . فقد توسع في إيجاد مصطلحات عن اليهودية هي بديلة لمصطلحات شائعة ذات مدلولات لا يتفق المسيري معها ويرى أن ما جاء من بدائل هي أقرب إلى الوضع الذي يريد هو أن يشيع في الفكر العربي بدلاً من طغيان المصطلح الغربي بمفهوماته المركزية الأوروبية ذات الدلالات المهيمنة غالباً. يقول الدكتور علي النملة: إن عبد الوهاب المسيري في عمله الموسوعي حاول أن يبرز رغبته العلمية الأكيدة في تشجيع المعرفة وإشاعتها بين الناس من خلال الدعم غير المتناهي للمشروعات العلمية والفكرية جنباً إلى جنب مع دعم المشروعات الاجتماعية التي لن تستغني عن مكتبة تحوي علماً وفكراً. وهي خطوة حضارية لا يملك المرء إلا أن يسجل إعجابه وتقديره لمن قاموا بها دفعاً إلى القيام بخطوات موفقة تليه. تتحدث موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية عن الأوهام الخمسة التي هي أكثر الأوهام شيوعاً لدى النخب الفكرية في العالم العربي. وتحتاج هذه الأوهام لوقفة تفصيلية إذ إنها جديرة بالتركيز عليها لما تحدثه من تغيير في التفكير.
يرى عبد الوهاب المسيري أن العبقرية اليهودية هي أحد هذه الأوهام بل هي الوهم الأول وأنها خرافة شائعة تروج لها الدعاية الصهيونية فلم يمارس اليهود أي دور في نشوء الحضارة الإنسانية قديماً لاسيما في الحضارة المصرية أو الإغريقية في بلاد اليونان أو الرومانية أو الحضارة الإسلامية رغم أنهم في الحضارة الإسلامية قد اشتهروا بعلوم الطب والصيدلة والتجارة والربا. والوهم الثاني هو ما يتعلق بتهمة الدم ويقصد بتهمة الدم أن اليهود يحتاجون دم طفل أو شاب مسيحي لاستخدامه في صنع الماتسوت وهو فطير الفصح اليهودي وتعود هذه التهمة إلى منتصف القرن الثاني عشر عندما برز اليهود في أوروبا كمرابين نشطين فتحولوا في المخيلة الشعبية وفي لغة العامة إلى مصاصي دماء. وساعد في رسم هذه الصورة مخزون الذاكرة الشعبية كونهم قتلة المسيح. والوهم الثالث الذي يدحضه صاحب الموسوعة هي فكرة المؤامرة فهي أكذوبة توافق معظم الأطراف المشتركة في الصراع الإسرائيلي. فإسرائيل تستفيد كثيراً من هذا الفكر التآمري لأنه يضفي عليها من القوة ما ليس لها ومن الرهبة ما لا تستحق وهو في نهاية الأمر يجعلها تكسب معارك لم تدخلها قط. والوهم الرابع الذي يطرده المسيري من الثبات في الذاكرة العربية خاصة هو بروتوكولات حكماء صهيون ويرى أنها صياغة المخابرات الروسية القيصرية للنيل من الحركات التحررية واليهودية معاً. ويرى كذلك أن البروتوكولات تحتوي على اقتباسات حرفية ومطولة من كتاب (حوار في الجحيم) بين ميكيا فيلي ومونتسكيو أو (السياسة في القرن التاسع عشر) الذي نشره الكاتب الفرنسي موريس غولي في بروكسل عام 1864.وكانت البروتوكولات قد كُتبت بالروسية بدلاً من العبرية وصيغت بفكر روسي فيه هجوم على الماسونية وهجوم شديد على دزرائلي الشخصية المكروهة تماماً من النخبة الحاكمة في روسيا القيصرية لمساندته الدولة العثمانية. بالإضافة إلى سذاجة الصياغة ومنها تضخيم دور اليهود وقوتهم لإخافة الناس منهم. وجاءت البروتوكولات الأولى ملحقة في كتاب (العظيم قبل القليل) للكاتب الروسي سيرجي نيلوس المنشور عام 1905 والذي زعم فيه أنه تسلم مخطوطة البروتوكولات عام 1901 من سيدة سرقتها من أحد أقطاب الماسونية في فرنسا. وعبد الوهاب المسيري يشكك في موثوقية البروتوكولات مثلها في ذلك مثل كتب مشبوهة تهول من دور اليهود ككتاب (أحجار على رقعة الشطرنج) و كتاب (حكومة العالم الخفية). الوهم الخامس في نظر المسيري هو الفكرة الشائعة عن قوة اللوبي اليهودي والصهيوني ويفند هذا الزعم مقللاً من شأن اليهود على السياسة الغربية تجاه العرب والمسلمين وغيرهم.
وفي خاتمة كتابه يتوجه الدكتور علي النملة إلى القارئ العربي بقوله: حرصتُ على عرض الأوهام الخمسة التي رأيت أنها بداية للتغيير في الذهنية العربية حول اليهود. ولقد دبَّ اليأس عند جمع من قومنا بحيث أضحوا يشيحون بوجوههم عن القضية الفلسطينية كلما جاء ذكر لها على المستوى الإعلامي أو الثقافي أو حتى على مستوى أحاديث الناس. هذا في الوقت الذي تزداد فيه الضغوط على المواطن الفلسطيني في عقر داره بحيث لا يكاد يمضي يوم واحد دون أن يُعلن عن استشهاد شخص أو أشخاص ممن عمرهم لم يتجاوز أشهراً إلى من وصل عمره الثمانين ذكوراً وإناثاً وأضحى كل بيت فلسطيني في حال حداد هذا إذا بقي البيت قائماً. فأرهب أعداء الله المسلمين بدلاً من أن يعدَّ المسلمون ما يستطيعون من قوة يرهبون بها عدو الله وعدوهم. بل أضحى الحديث عن هذه الآية الكريمة محفوفة بالحذر والمخاطر.
ولستُ أُعيد ما قيل ويقال وسيقال لكني أُبدي إعجاباً بهذه الأطروحات الجريئة التي ظهر بها عبد الوهاب المسيري في موسوعته إذ بدا أن هذا المؤلف المتخصص أضاء شموعاً في ذلك النفق المظلم. وهو من يستحق أن يستزاد منه في تحليلاته القائمة على الطرح الموضوعي بعيداً عن التشنج والعاطفة التي يبدو أنها أضاعت علينا شيئاً كثيراً.
لا يسعني في الختام إلا التقدم بالشكر إلى الدكتور علي إبراهيم النملة على كتابه هذا وأقول له إنني اتفق معه حول مجمل ما عرضه من أفكار وهذا الاتفاق في الرأي يعزز فكرة الحوار المشترك بين البشر ولو اختلفت مشاربهم الفكرية.



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقطع من سمفونية الكمنجات الكردية
- اليهود في رواية الجندي الطيب شفيك
- شيوعيون يزرعون عبَّاد الشمس
- اللَّحظةُ الشُّقيريَّة
- لماذا خلق الله الذباب؟
- أنا مش كافر بس الجوع كافر
- أهلاً لينين
- عن ذلك الحصير في القصر الجمهوري
- كيف أصبحتُ شيوعياً
- الصورة الأكثر شهرة في العالم
- هل يجلبُ الطَّاغية شوكولاتة إلى أولاده؟
- حَكَمَ فَعَدَلَ
- طائر سوريَّة السَّكران
- هُناك مكان لمن يُصلي
- غسَّان كنفاني ماركسياً
- كلمة حق عند سلطان جائر
- خطابٌ مفتوح إلى الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة
- قناديل ماركس
- قضية الجورنالجي الشيخ علي يوسف يوم 25 تموز 1904
- كنز الأموال بين الانجيل و القرآن


المزيد.....




- آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد ...
- الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي ...
- فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
- آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
- حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن ...
- مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
- رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار ...
- وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع ...
- -أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...
- رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبدالرزاق دحنون - عبد الوهاب المسيري ذلك الرجل النبيل