أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريم بياني - يوم السقوط... احتلال مدينة محتلة














المزيد.....

يوم السقوط... احتلال مدينة محتلة


كريم بياني

الحوار المتمدن-العدد: 1517 - 2006 / 4 / 11 - 06:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نعيش هذه الايام الذكرى الثالثة لسقوط بغداد واحتلال العراق.
حاولت كثيرا أن اضحك على نفسي او اضحك على ذقون الاخرين كما يفعل بعض قادة العراق اليوم من خلال قنواتهم الاعلامية الممولة مباشرة من قبل المحتل؛ من أن بغداد لم تسقط لكن النظام هو الذي سقط، وان ماجرى كان تحريرا وليس احتلالا. متناسين ان المدن الحضارية عندما تسقط فأن سقوطها يكون مدويا ومزلزلا ومدمرا يعري كل شيء، ويكشف كل ماهو مستور من زيف وخداع وقذارة.
التاسع من نيسان كان سقوطا لمدينة ذات مجد حضاري، وكان سقوطا لرمز تاريخي، وسقوطا لعاصمة محتلة اصلا ارادت امريكا ان تعيد احتلالها لمعاقبة شعب مضطهد لانه لم يستطع ان يقاوم او يهزم الالة العسكرية والحربية التي كانت تزود النظام بها على مدى سنين عديدة والتي كرس النظام كل ترسانتها للقمع والقتل والتشريد والابادة ضمانا لبقائه وعلى مرأى ومسمع امريكا التي لم تحرك ساكنا لانقاذ هذا الشعب المغلوب على امره.
التاسع من نيسان كان سقوطا لنظام، بكل اجهزته القمعية والارهابية، بكل تماثيله واصنامه وشعاراته ألمهترئة، نظام جثم على صدر هذه المدينة الحضارية ومارس منها ابشع انواع التسلط والجريمة والعدوان على كل ما يمت الى الانسانية بصلة وطالت وحشيته حتى الحيوان والجماد، نظام قتل كل ما هو جميل فينا وداس كل قيمنا الاصيلة وأحال أحلامنا الوردية الى رماد.
التاسع من نيسان كان سقوطا لدولة بكل مؤسساتها الاقتصادية والخدمية والقانونية وبكل بناها التحتية، كانت محتلة من قبل نظام فاسد، عصابة مكونة من حثالة المجتمع جاءت بها امريكا لتغتصب دولة وتعيث فيها الفساد وتؤدي دورا مرسوما لها في التخريب والتاًمر وعندما انتهى هذا الدور كان لابد من السقوط وكان لابد ان تسقط تلك الدولة المحتلة ايضا وتحتل من جديد لكن هذه المرة مباشرة من قبل امريكا التي امعنت في تدمير هذه المؤسسات، في تواطؤ واتفاق مفضوح بين المؤسسة العسكرية الامريكية والشركات العاملة في مجال النفط ومجال المقاولات واعادة الخدمات، ليس هذا فقط لكن الهدف منها ايضا كان كسرا لأرادة الانسان وتهديد قيمه وتهيئة الارضية لحقبة جديدة هي امتداد للحقبة الماضية على صعيد التدمير والفساد والاجرام لكن بأسم الحرية والديمقراطية هذه المرة.
التاسع من نيسان كان سقوطا للاقنعة التي كان يختفي وراءها المعارضون للنظام، والذين اقتيدوا كي (يقودوا) بلدا مدمرا وانسانا منكسرا، نعم سقطت كل الشعارات التي كانوا يرفعونها باسم الحرية وخلاص الانسان ومصلحة الوطن العليا ونشر قيم العدالة والمواساة التي عبث بها النظام الدكتاتوري الدموي، سقطت كل شعارات الديمقراطية وتداول السلطة وبناء مؤسسات الدولة العصرية، فشلوا في اثبات كونهم رجال دولة تهمهم مصالح الوطن العليا، وأثبتوا ان هذه المصالح هو اخر شيء يتبادر الى مخيلتهم، وكأننا بهم قد جاءوا ليعوضوا منتقمين ما فاتهم في السنين السابقة من مكاسب ومصالح شخصية حرمهم النظام منها، فنراهم يتصارعون ويختلفون ليس على ممارسة الطرق والوسائل التي يمكن بها انقاذ الوطن من محنته وضمان ابسط متطلبات الحياة الكريمة لملايين الجياع والخائفين، لكنهم يتسابقون للفوز بالمناصب والمسؤوليات كي ينعموا بالفتات التي ابقتها لهم امريكا بعد ان نهبت كل ما لم يستطع النظام السابق ان ينهبه، وكأننا امام مسلسل للنهب والاستيلاء ولسنا بصدد أعادة بناء دولة وتسيير امور شعب مسلوب الارادة.
التاسع من نيسان كان سقوطا لكل مبررات الغزو، وانكشف زيف وادعاءات الغازين، فلم يكن الهدف هو ازاحة النظام ولم يكن تحرير العراق فهم يحتلون اليوم ليس الارض والسلطة بل كل ما يوحي الى سيادة للدولة او القانون، ولم يكن نشرا للحرية ومبادئ الديمقراطية وجعل العراق نموذجا يحتذى به بل اصبح العراق اليوم من اكثر دول العالم فسادا وفوضى. وبالتأكيد لم يكن انقاذا لهذا الشعب المسكين من رقبة الدكتاتورية، لان الممارسات القمعية والقتل اليومي الذي يمارسه المحتل فاق ماكان يرتكبه النظام الدكتاتوري، اضافة الى اصراره المستمر على بث بذور الطائفية والمذهبية بين ابناء الشعب.
التاسع من نيسان كان سقوطا لقيمنا الاجتماعية والتربوية والاخلاقية، فأنتشرت ظاهرة الفساد بجميع اوجهها الادارية والمالية والاخلاقية؛ في دائرة الاسماء والمسؤوليات الوظيفية العليا والمناصب (الرفيعة) في الدولة، وانتشرت الرشوة والسرقة والتهريب، اضافة الى المحسوبية والوصولية، حتى القادة الذين يدعون النزاهة ويطلعون علينا صباح مساء من على شاشات التلفزيون يلعنون الفساد والمفسدين، هم انفسهم يغضون الطرف عن فساد المحيطين بهم، فهم بذلك اكثر منهم فسادا لانهم يلعنونه لكنهم لايحركون ساكنا في ازالته وازالة جميع المفسدين الذين تغص بهم جميع مرافق ومؤسسات دولتنا المحتلة.
التاسع من نيسان كان سقوطا لجميع الاقنعة التي كان يختفي وراءها الطائفيون والمذهبيون وأكتشفنا فجأة أننا لانجيد فقط لطم الصدور وضرب الدفوف لكننا نمارس ونفس الاجادة ضرب الاعناق وتدمير المراقد والحسينيات والمساجد والكنائس.
التاسع من نيسان كان سقوطا لمعاني التفاؤل من مفردات خطابنا الادبي والثقافي، في خضم العتمة وهذا الفساد الذي بات يطال كل شيء، وهذه القيادات الهزيلة المتعكزة على المحتل، هذا القتل والتدمير المنظم، عصابات القتل والخطف، انهم يكملون ما انتهى اليه الدكتاتور من مخطط مدروس لتحطيم انسانية الانسان. قبل عشرين عاما كان صديقي يتعجب عندما كنت اسخر من تفاؤله وهو يتحدث عن الغد المشرق الاتي وعن الفرح، واليوم كثيرا ما اهاتف هذا الصديق واداعبه فيما اذا كان لايزال متفائلا، فيجيبني بتهكم شديد: جداً!!.
محزن ان تغادر معاني الامل والتفاؤل مفردات لغتنا نحن الذين يُنتظر منهم اشاعة بعض الامل في نفوس خائفة ومنكسرة.
كل سقوط وانتم متفائلون!!



#كريم_بياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذي يلعب دور البارزاني ينبغي ان لايكون ممثلا
- الانسان هو أبخس الاشياء ثمنا في العراق
- ابراهيم الجعفري: ليس في حياتي ان اتنازل للآخرين
- عمارة يعقوبيان... نحن في زمن المسخ، القرود وحدها هي التي ترق ...
- الفلم الكردي (أوان النرجس) يشارك في الدورة ال 56 لمهرجان برل ...
- الرسوم الكاريكاتورية..بين حرية التعبير والحرية المسؤولة المت ...


المزيد.....




- أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن ...
- -سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا ...
- -الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل ...
- صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
- هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ ...
- بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
- مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ ...
- الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم ...
- البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
- قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريم بياني - يوم السقوط... احتلال مدينة محتلة