|
خالد الكيلاني يكتب : أسئلة الوقت ... نحو تفكيك الذهنية السلفية
خالد الكيلاني
الحوار المتمدن-العدد: 6061 - 2018 / 11 / 22 - 18:27
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لم أشأ أن أعلق على خطاب الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الدكتور أحمد الطيب الذي ألقاه في الاحتفال بذكرى المولد النبوي في حينه ، ليس فقط لأنني لم أستمع أو أشاهد خطابه مباشرة ، ولكن لأنني أردت أن أنأى بنفسي عن حالة الاحتقان والاحتقان المضاد التي صاحبت إلقاءه لخطابه ، وحتى يكون ما أكتبه عن روية وبعد قراءة خطاب الشيخ الجليل بأناة وتدبر . وبعد أن قرأت هذا الخطاب عدة مرات دعوني أطرح على حضراتكم بعض الأسئلة التي يطرحها على العقل المسلم خطاب الأمام الأكبر ، فلن يستطيع هذا المقال الصغير أن يُلم - تعليقاً أو تفنيداً - بكل ما ورد بخطاب الإمام الأكبر :
- أولاً : هل صحيح أن الرئيس السيسي أو أن أحداً غيره طالب بإلغاء السنة النبوية والاعتماد فقط على القرآن ، حتى ينبري الإمام الأكبر لهذا الدفاع المستميت عن السنة ، ويقول أنها تشكل " ثلاثة أرباع الدين " ؟ . ليس صحيحاً أن الرئيس السيسي أو أحداً غيره قد طالب بهذا ، وكل ما يطالب به الرئيس السيسي وغيره منذ سنوات طويلة ، هو تجديد الخطاب الديني ، وتنقية التراث الذي يضم عشرات الآلاف من الأحاديث المنسوبة كذباً للرسول ( عليه الصلاة والسلام ) ، ومئات الآلاف من الروايات والتفاسير والأحكام الفقهية التي تعارض بعضها البعض ، وتتعارض كلية مع المقاصد العليا للشرائع السماوية ، ومع ما ورد من أحكام في كتاب الله المنزل على رسوله الكريم باعتباره أخر كتاب سماوي . بل إن الرئيس السيسي عندما يطالب بتجديد الخطاب الديني ، فهو يطالب بإعمال نص من السنة نفسها ، وهو قول رسولنا الكريم " إنَّ الله تعالى يبعث لهذه الأمَّة على رأس كلِّ مائة سنةٍ من يجدِّد لها دينها "، وهذا يعني أن مطالبة الرئيس السيسي بتجديد الخطاب الديني لها سند من السنة نفسها التي تقولون أنه يطالب بإلغائها ؟ .
- ثانياً : هل صحيح أن الصورة السلبية للإسلام في العالم الآن تعود لاستخدام نصوص غير صحيحة من أحاديث منسوبة للرسول ، ومن تفاسير قديمة ومجتزأة ومتطرفة لبعض آيات وردت في كتاب الله أخذناها من ذلك التراث المشوه للإسلام ؟
نعم صحيح … فكل البنيان الفكري الذي تقوم عليه وتستند إليه كل الجماعات المتطرفة والإرهابية التي تنسب نفسها للإسلام ، من أول الخوارج وطائفة الحشاشين قديماً حتى جماعة الإخوان وكل ما خرج من عباءتها من جماعات بدءاً من القطبيين والتكفير والهجرة وجماعة الجهاد والجماعة الإسلامية إنتهاءً بالقاعدة وداعش ومروراً بكل جماعات وطوائف السلفيين ، يقوم بنيانها الفكري وأدائها العملي على الأرض من قتل وسفك دماء وحرق ونهب وتخريب وسبي للنساء وبيعهن في أسواق النخاسة وتفتيت للدول والمجتمعات ، تقوم على أساس فكري وهش من الأحاديث والروايات الكاذبة المنسوبة لنبي الرحمة والتفاسير المتطرفة لبعض آيات القرآن .
- ثالثاً : هل صحيح أن السنة النبوية تشكل ثلاثة أرباع الدين كما قال الإمام الأكبر ؟
في اعتقادي أن الإمام الأكبر في خطابه " الحماسي " دفاعاً عن السنة لم يكن يقصد هذا . أولاً لأنه عالم كبير وجليل ولا يمكن أن يتفوه بما يخالف كلام الله سبحانه وتعالى الذي قال في محكم آياته : " مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ " ( الأنعام - 38 ) ، وقال سبحانه وتعالى أيضاً : " كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ " ( هود - 1 ) ، فالله سبحانه وتعالى لم يترك لغيره من خلقه أن يُشرعوا في دينه . وثانياً لأنه يعلم أن السنة نوعين ، السنة الفعلية وهي أفعال الرسول في الوضوء والصلاة وأركان الحج وتوزيع الفيء ( الغنائم ) ونصاب الزكاة ، وسنة قولية لم يثبت عن الرسول عليه الصلاة والسلام أن أوصى بكتابتها لا هو ولا أحدٍ من الخلفاء الراشدين ، بل إن بعضهم نهى عن تدوينها ( قصة سيدنا عمر بن الخطاب مع أبي هريرة ) ، وأشهر الرواة وهو أبو هريرة لم يعاصر الرسول بعد إسلامه سوى عامين فقط .
- رابعاً : هل صحيح أن السنة هي التي تحفظ القرآن كما قال فضيلة الإمام الأكبر ؟ معاذ الله أن يكون الإمام الأكبر قد قصد ذلك ، فالله في محكم آياته تعهد بحفظ كتابه لكريم ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ، ولم يتعهد بحفظ شيء غيرها .
- خامساً : هل وجود السنة ضرورة ، وهل تعتبر ركناً من الدين ؟
لو كان وجود السنة الشفوية ضرورة وكانت ركناً من الدين ، لما غفل عنها المسلمون الأول أكثر من قرنين من الزمان فالإمام البخاري ولد بعد وفاة الرسول بحوالي 183 عاماً ، والإمام مسلم ولد بعد وفاة الرسول ب 194 عاماً ، وكلاهما ليس عربياً ، وتعلم اللغة العربية بعد أن كبر ، وكلاهما لم يكن يعيش في الجزيرة العربية . أي أنهما ولدا في أرض غير عربية ، ولم تكن اللغة العربية لغتهما الأم ، ولم يكونا يعيشا بين سلالة أحفاد معاصري الرسول عليه الصلاة والسلام ، فكيف يمكن لهما جمع مئات الآلاف من الأحاديث المنسوبة للرسول وتنقيحها وتصحيحها وإثبات سندها بعد التحري عن رواتها واحداً واحداً وصولاً للرسول ، والتيقن من أسمائهم وأنسابهم وخلقهم وصدقهم … إلخ . إنه عمل لا تستطيع القيام به مؤسسات كبرى يعمل بها الآلاف وتستخدم أحدث أجهزة الكومبيوتر والاتصالات … وبالتالي فمن المستحيل مثلاً أن يكون البخاري قد جمع في 40 سنة 600 ألف حديث كما يقولون .
- سادساً : ذكر فضيلة الامام الأكبر في خطابه أن دعاة التجديد يسعون " للمطالبة باستبعاد السنة جملة وتفصيلا من دائرة التشريع والأحكام ، والاعتماد على القرآن الكريم فحسب " ... وهنا يبرز السؤال الذي يتعين على فضيلة الإمام الأكبر ومن يؤيدونه الإجابة عليه : هل تصلح السنة لأن تكون داخل دائرة التشريع والأحكام ؟ بالطبع لا تصلح السنة لأن تكون مصدراً للتشريع والأحكام ما لم تكن متسقة مع أو مفسرة لنص قرآني ، لأن النص الذي يصلح أن يكون مصدراً للتشريع – كما يعلم فضيلة الامام الأكبر بالطبع – لابد أن يكون نصاً قطعي الثبوت قطعي الدلالة ، ولا يوجد نص على وجه الأرض قطعي الثبوت سوى نصوص كتاب اهلا المنزلة على رسوله والتي تعهد اهمن بحفظها " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " (الحجر – 9 )
#خالد_الكيلاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
: ترتيب قطع البازل بجوار بعضها يؤدي للنتيجة المنطقية … جرد ا
...
-
بعد أن يهدأ غبار المعارك الكلامية …دولة القانون هي الحل
-
خالد الكيلاني يكتب : الميكروفون واللافتات والإسلام الجديد ..
...
-
خالد الكيلاني يكتب : محنة العقل الجمعي في مصر
-
خالد الكيلاني يكتب : هل كان السادات خائناً ؟
-
الإخوان كمان … نزل فيهم قرآن !!!
-
خالد الكيلاني يكتب : هل هناك حل ؟
-
خالد الكيلاني يكتب : ما بين مبارك والسيسي … دروس الماضي ، وإ
...
-
خالد الكيلاني يكتب : عفواً أستاذ مكرم … إنه إعلام المصطبة
-
خالد الكيلاني يكتب : عفواً فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع ال
...
-
خالد الكيلاني يكتب : هوامش على دفتر الحوار …
-
خالد الكيلاني يكتب : صديقي وأنا وخالد علي وشارع شامبليون !!!
-
خالد الكيلاني يكتب : الرئيس السيسي وسياسة لعب الكبار
-
خالد الكيلاني يكتب : ولا أي إندهاشة !!!…
-
الفوضى الإعلامية … والخراب في العالم العربي !!!
-
موقفي من النقاب والحجاب ... ورأيي في الخمار والجلباب .
-
خالد الكيلاني يكتب : Master Seen الجماعة و- العسكر- !!!
-
إيه اللي حصل ... وإزاي حصل ؟!!! . الخطة ... 1
-
خالد الكيلاني يكتب : قصة مشادتي مع وزير خارجية قطر الأشهر
-
الميكروفون واللافتات والإسلام الجديد ... وأنا ( الحلقة الأول
...
المزيد.....
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
-
مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ
...
-
الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|