أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر علي - تأملات في الثورات والمصائر (1)














المزيد.....

تأملات في الثورات والمصائر (1)


منذر علي

الحوار المتمدن-العدد: 6061 - 2018 / 11 / 22 - 16:14
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


طرح أحد الأصدقاء الأعزاء سؤالًا وجيهًا، مفاده: “لماذا، يا ترى، يتمسك الحكام بالسلطة ويرفضون تسلميها للشعب طوعًا، فيضطر الشعب، مُكرهًا، على خلعهم بالقوة، بكل ما يترتب على ذلك الفعل المشروع من صراع ومآسٍ لا حقًا ؟"
وهنا لا بد لي من الإقرار بأنَّ هذا السؤال الاحتجاجي، الذي طرحه صديقي كان وجيهًا للغاية، لأنني لا أظنه طُرحه بهدف الحرص على مشاعر الحُكام، أو أملًا في خلق علاقة سوية بين الحُكام والمحْكومين ، فهو ، قطعاً، لا يفكر في إطار المثاليات، وإنما كان طرحه، على الأرجح ، دفاعًا عن الشعوب، التي ترزح تحت الظلم والطغيان، وتعاني من الجوع والهوان ، رغبة في تغير المجتمع وتحرير الأوطان والشعوب من الظُلم والأوثان.
غير أنَّ السؤال الذي ينبغي أنْ يُطرح، على الأقل بهدف تحفيز الجدل السياسي، وتوسيع أفق التفكير حول الشأن العام، هو: لماذا يتوجب على الحُكام أنْ يُسلِّموا السلطة ؟ وكيف ينبغي لهم أن يسلموها ؟ ولمَنْ.؟ وضمن أية شروط؟
في المقام الأول لم تُسلَّم السلطة للحكام، كما نعلم، وإنما اغتصبوها، بقوة الجيش، أو بقوة القبيلة، أو بقوة العصبية الطائفية ، أو بقوة الدعم الخارجي ، أو ببعض هذه العوامل أو بها مجتمعة. وعقب سيطرتهم على السلطة، تمكنوا من إخضاع الشعب و حُكمه، والتحكم فيه ، و قهره، ونهب ثرواته، والتفريط بسيادته الوطنية، و تمزيقه نتفًا وبيعه في سوق المزاد العلني.
ولقد انتفع الغرب الاستعماري بالحكام العرب و بعض" العجم" على السواء، وركب فوق ظهورهم ، وغازلهم الشرق وتاجر معهم ، وأستقر الأمر بالحكام في قمة هرم السلطة ، وطابت إقامتهم، وطالت إقامتهم حتى هرمت شعوبهم .
إذن، لماذا عليهم أنْ يتخلوا عن هذا النعيم المقيم ، و يسلموا السلطة إذا كان الفساد مُربحًا ، والقانون غائبًا ، والشعب جاهلًا ، والعالم من حولهم منافقًا ومتآمرًا وظالمًا؟
إنّ الأمور في عالمنا المعاصر غدتْ أعقد من أن تُحل عبر نصائح خبراء الليبرالية الجديدة، الفاجرة ، المرتبطين بالبنك الدولي، وأجهزة الاستخبارات الخارجية القاتلة ، أو عبر الفتاوى السمجة لشيوخ السلطان الفاجرة ، أو حتى عبر الآيات القرآنية المقدسة ، التي تحث على "البر والتقوى" ، فيما الحكام ، في واقع الأمر، يتعاونون "على الإثم والعدوان " وخيانة الأوطان وتدمير الإنسان.
ففي ظل الاختراق الامبريالي الغربي للأنظمة الوطنية ، التي تصنِّع،Manufactured ، من بين العرب والعجم ، حكامًا ، بجلود سمراء وأيدلوجيات نكراء وعقول بلهاء ، مدبوغين و منقعين بمزيج من الويسكي وبول الإبل . لا غرابة إذن، أنْ نراهم وهم في قمة السلطة ، في أشكال متناقضة: فهم من جهة يلبسون الحرير و الكتان ، و يراقصون الحسان ويتلذذون بالغانيات والأغان ، ويغردون، باسم الحداثة كالفرنسيين والطليان ، ومن جانب آخر نراهم يفكرون كالقطعان ، ويضطهدون النسوان ، و يقطعون الإنسان، وهم يستمتعون بصوت الأذان.
وفي ظل التبعية العضوية للغرب الرأسمالي ، وتشوه البنية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، وحقن الوعي بخليط من نفايات الفكر الاستعماري ، و مزجها ، بمهارة ، مع الخرافات والأوهام المحلية ، وتقدميها من قبل شيوخ السلطان ، على شكل فتاوى ، صالحة لكل زمان ومكان ، لا غرابة ، إذن، أنْ تغرق شعوبنا في التعفن وتنتقل إلى عالم الموت و النسيان.
و في ظل غياب الوعي والقانون ، وشيوع التجهيل و التكفير، وسيادة روح الثأر والانتقام ، و انتشار قيم التوحش ، والجنون ، فأنَّ الإنسان لا يقهر أخيه الإنسان فحسب ، ولكنه قد يأكل لحمه حيًا، كما حدث في تاريخ الجنس البشري.
وأنا هنا لا أبالغ ولن أذهب بعيدًا إلى دراسات جميس فريزر الأنثروبولوجية الذي أحال حوادث أكل لحوم البشر في التاريخ القديم ، لأسباب ومعتقدات متعلقة بالخلود والدين، ولا إلى كتابات المؤرخ المقريزي، عن مصر في أواخر عهد الخليفة الفاطمي المستنصر بالله (1036 – 1094)، حيث أكل الناس بعضهم بعضًا ، بفعل المجاعة ، ولن أعود حتى إلى الدراسات الموثقة في العصر الحديث ، وتحديد في أواخر النصف الأول من القرن الماضي، لأكل لحوم البشر خلال الحرب العالمية الثانية في شرق آسيا من قبل الجيش الياباني، كما أورد المؤرخ الياباني يوكي تانكا، ولكن يمكننا الإشارة إلى ما جرى في سوريا بعد أحداث الربيع العربي المغدور ، حيث " قام أحد المتطرفين بأكل كبد جندي سوري، بعد أن قام بأسره وقتله، ليس فقط رغبة منه في محاكاة قصة هند بنت أبي سفيان، و لكن بدرجة أساسية بفعل الحرب والثارات وشيوع روح الانتقام والتوحش وانحدار الإنسان إلى الدرك الأسفل من الحضارة، وهو ما تتجه إليه ، بوتيرة متسارعة، بلداننا اليوم.
ولكن لماذا نجحت بعض الثورات الشعبية ، دون حروب أهلية ، وأثمرت تغييرات ايجابية ، فيما فشلت أغلبها وانحدرت إلى هاوية العنف والخراب ؟ هذا ما سأحاول أن أناقشه في الحلقة الثانية.



#منذر_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطأ الرئيس اليمني وخطيئة المثقفين!
- هل التسوية بين القوى المتحاربة في اليمن ممكنة ؟
- اليمن ضحية الولاية الكهنوتية والنزعات الجهوية والأطماع الرجع ...
- العرب بين الغزو الامبريالي والجنون الديني (3)
- العرب بين الغزو الامبريالي والجنون الديني [2]
- العرب بين الغزو الامبريالي والجنون الديني (1)
- اللعبة الكبرى في سوريا !
- ما بعد العدوان الغاشم على سوريا!
- العالم العربي قُبَيْلَ العدوان المرتقب !
- كفى صراعًا : علي ومعاوية تصالحا، يا جماعة!
- أبشركم: اليمنيون سينتصرون!
- العرب التعليم الديني والمستقبل
- مجرد تساؤلات في ضوء المحنة اليمنية!
- اليمن وعلي سالم البيض وحكم التاريخ!
- تأملات في دلالات الأحداث الأخيرة في اليمن !
- جار الله عُمر سيبقى مشرقاً كالحقيقة!
- اليمن الوضع القائم والاختيارات الممكنة
- لنوقف الحرب ونتصالح صوناً لليمن (2)
- لنوقف الحرب ونتصالح صوناً لليمن (1)
- أضوء على العلمانية


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر علي - تأملات في الثورات والمصائر (1)