|
لماذا انتشرت ثقافة التعصب الدينى بين ابناء المهاجرين العرب فى اوروبا ؟
سليم نزال
الحوار المتمدن-العدد: 6061 - 2018 / 11 / 22 - 01:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لماذا انتشرت ثقافة التعصب الدينى بين ابناء المهاجرين العرب فى اوروبا ؟ قراءة نثروبولوجية!
بداية عام 1994 كتبت دراسة حول الجيل الصغير الذى جاء صغيرا لهذه البلاد او ولد هنا.و قد وصفت يومها هذا الجيل بانه يحمل ثقافة مزيج من ثقافة الاهل الاصلية و الثقافة النرويجيه.لا اريد الدخول مطولا فى الامر لان الدراسة كانت من حوال40 صفحة و اسعى ان لا اطيل.فيما بعد صار يطلق فى الصحافة و مؤسسات التعليم على هذا الجيل جيل الثقافة الثالثة.اكتب هذا لدى قراءتى عن شخصية حسنة الفتاة الفرنسية ذات الاصول المغاربى العربى التى اتهمت بالارهاب فى فرنسا .لم افاجأ على الاطلاق لدى قراءتى انها كانت تعيش مثل اى بنت فرنسيه حياة فرنسية عادية اى تشرب و تدخن و كان لها صديق خاص و انها لم تكن تمارس اى شى من الدين الاسلامى من صلاة او صوم حتى ان اخاها قال انها لم تقرا القران يوما.
لم افاجأ ابدا لانه اثناء الدراسه عام 94 وجدت حالات ممن تحدثت معهم من الشباب ا المسلم ان الانتماء الدينى للشخص نوع من هوية تمايز بدون اى معرفه او ممارسة للدين .تماما مثل المسلمين الصينين الذى لا يعبر عن هويته الدينيه سوى بكلمة واحده انه لا ياكل لحم الخنزير و هذا كل شىء من الدين الذى يمارسه.الموضوع صعب و معقد لكنى اختصر ما امكن و اعرف ان الاختصار يضر قليلا فى الموضوع و ارجو المعذرة .
من الامور التى لاحظتها اثناء الدراسة الامور التالية. اولا.نسبة كبيرة من المهاجرين تعليمهم محدود جدا و بالتالى لا يملكون القدرة على التعامل مع المجتمع الجديد وهؤلاء قادمون من مجتمعات يسود فيها العنف و الحروب و الصراعات و العشائرية .ثانيا هناك تحفظ من المجتمع الجديد لقبول المهاجرين و انا استعمل تعبير تحفظ و فى بعض الاحيان رفضا لهم.و فى المقابل هناك رفض من المهاجرين خاصة من الجيل الاول لقيم المجتمع الجديد اعتقادا منهم ان قيمهم افضل .و هو امر ازداد مع ظهور فضائيات الخليج الدينية التى لعبت دورا هاما فى راى فى اضعاف ادماج المهاجري المسلمين فى المجتمعات الغربية . لكن عندما كتبت الدراسه لم تكن هذه الفضائيات السوداء التى تهاجم ليل نهار القيم الانسانية الحديثة فى الغرب و بالتالى فلم اكتب عن تاثيرها السلبى .
كما لعب دور الغرب الداعم لاسرائيل دورا ما فى تغذية المشاعر نحو الغرب الذى يبشر بخطاب حقوق الاسان لكنه فى فلسطين يدعم الظلم . هذه الازدواجية لعبت فى نظرى دورا فى تعميق النظرة السلبية لدى ابناء المهجرين تجاه الغرب.و كل هذه التراكمات تضعف ولاء الجيل الجديد للمجتمع الذى ولدوا فيه و هنا ارد على الذين يتساؤلوا كيف لشباب ولدوا فى اوروبا ان يقوموا باعمال رهيبة كهذه . الاكثر معاناة هم فعلا الصغار الامر لانى كنت اتحدث معهم و اسمع اراءهم .الكثير من الاهل مما لاحظت لا يعرف ان الشاب او الشابة يعيش حالة من التمزق او الانفصال الثقافى و النفسى .الطفل يتلقى منظومة قيم فى البيت تصطدم الى حد كبير مع المنظومة فى المجتمع .ما زلت اذكر كلام طالبة قالت لى بكل مرارة.
اهلها يقولون لها مثلا ان الجنس الحلال فى الاسلام مسموح فقط فى الزواج و هى ترى صديقاتها لهن اصدقاء يمارسون معا العلاقه الحميمه. و هى تشعر انها ممزقه بين هذا و بين تعليم اهلها . لقد اتيح لى لاحقا اثناء التعليم ان ارى حالات معانة حقيقية لدى الشباب و الشابات و انا اتحدث عن المسلمين بالتحديد و بصورة اقل من الذين من اصول مسيحيه شرقية. هذا الجيل يشعر بالتهميش على عدة مستويات. اتذكر قبل حوالى عشرين عاما كتب احدهم عدة طلبات للعمل فكانت النتيجة عدم الاهتمام بطلبه و هذا امر قراته فى الصحف حينها .
و قد جرب الشخص ان يكتب ذات الطلب لكن مع تغيير الاسم فكان ان جاءه ردود لاجل مقابلة. هذا مثل اذكره لان له رمزيته و اظن انه تكرر مع كثيرين . قال لى احدهم كلاما ذات معنى.قال اشعر انى على مادبة طعام و امامى كل انواع الطعام لكنى اشعر ان صاحب البيت لا يتمنى ان اكون هنا.لا اعرف اى حد يوجد هذا الشعور لكنى اعتقد انه موجود الى هذا الحد او ذاك. طبعا لااريد ان افهم خطا هنا.هذا الامر لا يحصل دائما لكنه موجود و للاسف النظرة السلبية فى الغرب التى يسمونها الاسلاموفوبيا ازدادت كثيرا فى المرحلة الاخيرة و تنعكس على حياة المرء اليوميه الى حد ما .و انا اعتقد ان جهودا كبيرة لا بد ان تبذل من ناحية الدول الاوروبية و ايضا من ناحية القوى العقلانية و المتنورة فى اوساط االمسلمين لكى لا تتفاقم الامور الى الاسوا فى المستقبل.
لقد قدمت اكثر من محاضرة حول هذا الامر فى السابق منها مثلا محاضرة فى الدانمارك قبل نحو 15 عاما تحدثت فيها مع مدرسين يعلمون طلابا عرب .من اهم ما قلته وقتها (و لم تكن تلك المصائب موجودة) انه لا بد من تجنب الدمج القسرى و السريع و تجنب ترك الناس كما هم ضمن ثقافتهم القديمة و لا بد من صيغة متدرجة ما لاجل استيعابهم فى اطار ثقافة المجتمع .
اذن اين المشكلة؟ .المشكله لها علاقات بعوامل متعددة منها ان الاهل يربون الطفل وفق منظومة القيم التى تربوا هم فيها و انا لا الومهم على ذلك لانهم لا يملكون سوى هذا , لكن هذا له فى راى تاثير سلبى على الاطفال .لان الطفل سيكبر و يدخل الى المجتمع و المجتمع له منظومة قيمية مختلفه بل متصادمة مع القيم العامة.و من المعروف على مستوى علم النفس التربوى اهمية الشعور بالهوية لدى الانسان.و التمزق الهوياتى عادة له اثار نفسيه كبيرة.و قد قرات ذات مرة مقالة مهمة حول المجرمين و بين نمط التربية السىء الذى تلقوه و بين هؤلاء قادة كبار .
قال لى مرة احد المهاجرين تعبير ذات دلالة .قال انا اعيش هنا و لا اعرف ما هو المسموح و ما هو الغير مسموح فى هذا المجتمع .الواقع انه هناك حدود لما هو مسموح و ما هو غير مسموح. لكن المهاجرين القادمين من ثقافات تقليديه لا يستطيعوا معرفه الحدود.و السبب ان قسما كبيرا منهم لم يعمل فى المجتمع و لا يعرف المجتمع اصلا و علاقته بالمجتمع علاقه شكليه لا تتعدى اطار المساعدات التى تقدمها مؤسسات الدولة , و لذا اطلقت يومها تعبيرا ان هؤلاء يعيشون على الارض النرويجيه و ليس فى النروج.الذى اريد قوله هنا هو ان (الخربطة) فى موضوع سلم القيم يلعب دورا سلبيا لانه يجعل او يساهم فى ضياع الجيل الجديد.
الجيل الصغير الذى يشعر انه مهمش و وبلا هوية و يشعر انه يعيش ضمن ثقافة تنظر اليه نظرة دونية و لذا فهو جيل ناقم . و هذا الوضع هو الطعم الحقيقى للحركات الدينية المتطرفه و الغير متطرفه لانها تمنحه نوعا من هوية و بيئه اجتماعية يشعر انها تقبله.و بالمناسبة مع انه ليس موضوعنا الذين يشعرون بالتهميش من الاوروبيين الاصليين تحول بعضهم الى الاسلام و صار مسلما متطرفا و قد شاهدت مقابلة مع احدهم يتحدث بلغة داعش الارهابية .
بعد ذلك كثر المهاجرون و صار لهم غيوات يعيشون فيها وفق نظم الحياة التى كانوا يعيشون فيها فى البلاد الاصلية.ومع كل موجة من موجات اللجوء يضعف الاندماج و تقوى ثقافة الانتماءات القديمة التى تشكل الخزان الى توظفه الحركات الدينيبة المتطرفة لتجنيد الشباب وفق فكرهم.
#سليم_نزال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا تثقوا بهذا الرجل !
-
المطلوب التفكير لمعرفه الى اين نحن ذاهبون !
-
خبط عشواء !
-
لماذا اختفى صوت لجان حق العوده فى اوروبا؟
-
عن عالم الكثرة !
-
عن سينيكا الفيلسوف الرومانى فى مسرحية الطرواديات !
-
عندما تتهاوى الاساطير !
-
نحو مستقبل مشرق لبلادنا !
-
جمهوريات الايتام و الارامل و المشردين
-
! رغم انه لا داعى للتهويل لا شك فيه ان المنطقة تقع الان فى ع
...
-
عن كتاب الصحافة اليومية!
-
حل الشتاء الابيض!
-
بطاطا حلوة!
-
اشعار تمرد نسائيه من افغانستان
-
فى ذكرى ولاده البير كامو!
-
اشخاص يستحقون كل احترام !
-
يا ليتنى كنت كذلك!
-
ديوالى و زمن انتصار النور على الظلام!
-
عندما اكل المتظاهرون رئيس وزراء هولندا !
-
فى ذكرى وفاة صاحب( الخبز الحاف).
المزيد.....
-
بعد وصفه بـ-عابر للقارات-.. أمريكا تكشف نوع الصاروخ الذي أُط
...
-
بوتين يُعلن نوع الصاروخ الذي أطلقته روسيا على دنيبرو الأوكرا
...
-
مستشار رئيس غينيا بيساو أم محتال.. هل تعرضت حكومة شرق ليبيا
...
-
كارثة في فلاديفوستوك: حافلة تسقط من من ارتفاع 12 متراً وتخلف
...
-
ماذا تعرف عن الصاروخ الباليستي العابر للقارات؟ كييف تقول إن
...
-
معظمها ليست عربية.. ما الدول الـ 124 التي تضع نتنياهو وغالان
...
-
المؤتمر الأربعون لجمعية الصيارفة الآسيويين يلتئم في تايوان..
...
-
إطلاق نبيذ -بوجوليه نوفو- وسط احتفالات كبيرة في فرنسا وخارجه
...
-
في ظل تزايد العنف في هاييتي.. روسيا والصين تعارضان تحويل جنو
...
-
السعودية.. سقوط سيارة من أعلى جسر في الرياض و-المرور- يصدر ب
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|