|
العوامل المؤثرة في الفكر السياسي لمحمد عبده
سعد سوسه
الحوار المتمدن-العدد: 6060 - 2018 / 11 / 21 - 08:41
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
على الرغم من أن الشيخ محمد عبده لم يكن راغباً في دخول المعترك السياسي ، ألا انه وجد نفسه ، من حيث يرغب أو لا يرغب سياسياً فرضت عليه السياسة فرضاً ، لانه كأي من أفراد جيله تأثر بما كان يدور حوله من أحداث لم تمنحه الفرصة ، أن يكون بعيداً عنها أو على هامشها ، إذ وافق الشيخ ما جاء به أستاذه الأفغاني على ضرورة تغيير الواقع ، وجعله اكثر تعبيراً عن تطلعات الإنسان ، فتوجه عبده أولا إلى ( الوعي ، لتحرير العقول ، والوصول بالإنسان إلى مستوى معرفي يؤهله للإسهام الجاد في تحقيق الإصلاح السياسي والاجتماعي المنشود ) . وكان دوره السياسي قد توضح من خلال الآتي :
أولاً- محمد عبده والثورة العرابية :- شهدت مصر ثمانينات القرن التاسع عشر نمو الأفكار السياسية الوطنية بين الضباط الداعين إلى الوقوف بوجه الخطر المتفاقم في البلاد ، والذي أنذر باحتلال أجنبي لمصر ، وبرز ما بين هؤلاء الضباط احمد عرابي ، الذي دفعته التطورات السياسية السريعة وضباط الجيش الآخرين إلى الواجهة الأمامية للسلطة ذلك أن عجز الخديوي إسماعيل القيام بواجباته كما يجب ، وتغييره للوزارات بما يخدم مصالحه ، مع حفظ القوى الخارجية لاسيما الإنكليز عليه ، أدى ذلك كله إلى أن تشهد مصر في هذه المرحلة مناخاً ثورياً عارماً ، على حد ما صور أحد شهود العيان الذين عاصروا الأحداث قائلاً : ( كان كل إنسان يتصور نفسه أعرابيا … وقد ذابت الطبقات بعضها في البعض الأخر لقد تحولت مصر إلى منبر للخطباء ، واخذ الناس يخطبون في كل مكان … حتى في الأفراح ) . وفي ظل هذه التطورات بدأت ثورة عرابي في المظاهرة التي قامت في ميدان عابدين في التاسع من أيلول 1881 . فكان هدف العرابين هو إقرار الدستور وتغير الحكومة المصرية المرفوضة من قبل المصريين ، إذ قال عرابي ( ليس لدينا غير هدف واحد هو تحرير البلاد من العبودية ومن انعدام العدالة ومن نير الجهل ، وتمكين شعبنا من الحالة التي تسمح له بتلافي أية إمكانية لعودة الاستبداد ) . معتبراً أن هذا هو ما يطلبه الشعب : ( أنني امثل الجيش … ولكن الجيش يمثل الشعب ) ، وفي ضوء هذه الأوضاع والتطورات السياسية اندمج الشيخ عبده في المرحلة الوطنية ، وكان يحث الخطى بمصر إلى الاستقلال مؤكداً ( أن المصري يحب وطنه مصر ) داعياً إلى نبذ التعصب العنصري ، والكفاح ضد الإنكليز . وأضحى عبده المعبر الفكري عن أيديولوجية الثورة في إطارها المعتدل في حثه للمصريين على حب الوطن والدفاع عنه ، على الرغم من اختلاف طريقته مع العرابين في العلاج لكن الغاية كانت واحدة ، فأضحت ثورة عرابي حداً فاصلاً في طريقة تفكيره السياسي ، لاسيما أن عرابي أرسل عددا من المبعوثين إلى سوريا حاملين مبادئ الحزب الوطني الذي كان عبده منتميا أليه واحد أعضائه البارزين ، ذلك أن التزام عبده بقضية وطنه أدى إلى انخراطه في العمل السياسي الذي تتوج عمليا بثورة عرابي على الرغم من أدانته للسياسة من قبل فلم يقتصر دوره على الجانب النظري وتنبيه الجماهير المصرية إلى المخاطر المحيطة به من خلال كتاباته الصحفية ، وانما اشترك عمليا فبلغ مبلغ ثقة الثوار بأن كلفوه بوضع صيغة اليمين الذي حلف به كبار الضباط . وقد أدت أحداث الثورة العرابية إلى تحولات فكرية وأفاق سياسية جديدة ومفاهيم لم يكن الشيخ عبده مؤمنا بها من قبل مثل : 1- تقبله للديمقراطية ، التي وجدها لا تعارض الدين ولا تعارض مبدأ الشورى . في حين انه كان قبل الثورة يميل إلى رأي مغاير للديمقراطية مشددا على انه ( ليس من الحكمة أن تعطى الرعية ما لم تستعد له ) وكان من أسباب هذه التحولات هو اكتشاف عبده لحقيقة الخديوي من خلال المحاورة التي دارت بينه وبين عرابي إذ قال الخديوي (( أنا ورثت ملك هذه البلاد عن آبائي وأجدادي، وما انتم ألا عبيد إحساناتنا )) فحقيقة الخديوي المستبد والظالم ومعاملته للشعب المصري كعبيد احساناته ، لم ترضِ الشيخ عبده أن ينتظر حتى يظهر الحاكم المستبد العادل الذي يتولى تربية الشعب المصري التربية الصحيحة التي كان ينادي بها . لذلك لم يكن من المستغرب أن يطالب عبده إزاء استبداد الحاكم بالديمقراطية وعلى ( النسق الأوربي ) لأنها إرادة المجموع والشعب التي لا سبيل إلى تجاهلها . وأعلن عبده رأيه بالمطاليب التي طلبها احمد عرابي من الخديوي توفيق ، لاسيما فيما يخص تشكيل مجلس للشورى النواب فكتب قائلا : ( لقد رأى خديوينا … مثل ما رأى سيدنا عمر مما قضى بالتشاور ... ولنا فيما عليه السلف من طريقة التشاور ما يغني عن سلوك الطريقة الحالية ) .
2- رأيه حول الجيش المصري وانخراطه في العمل السياسي ، اجتذب موقف الجماهير المصرية ومساندتهم للضباط في ميدان عابدين الشيخ عبده مما جعله يغيـر موقفه منهم ، فلم يعودا كماً مهملاً ( لا يفيدون تقدما ولا يزيلون تأخيرا ) وانما اصبحوا ، حسب وجهة نظره الجديدة ، صناعاً للتاريخ . ودافع عن مشاركة الضباط في العمل الوطني والسياسي قائلا : ( لقد فوض الأهالي إلى أمراء الجهادية ، وطلبوا منهم أن يصمموا على طلبهم ، لعلمهم أن رجال العسكر هم القوة الوحيدة في البلاد ، وهم يدافعون عن حريتهم ) . لكنه اشترط في حالة حصول الشعب على حقوقه فان مهمة الجيش تصبح بحكم المنتهية في هذا المجال ، لان دوره إذ ما استمر رجاله في الحكم فان المؤسسات المدنية في هذا المجال ستتراجع لحسابه ، لذلك نراه يوضح هذه المسألة بقوله ( أن أمراء الجهادية عازمون على ترك التدخل في السياسة بعد أن فتح المجلس النيابي أبوابه، وشرع بطرح مطالب الشعب المصري المتمثلة بحرية المطبوعات وبتعميم التعليم ونمو المعارف بين أفراد الشعب وغيرها من المطالب) . ومع تطور الأحداث العرابية تطورت مواقف عبده فصار يتخلى شيئا فشيئا عن ( إصلاحيته ) لصالح ( الثورة الجديدة ) فنراه يقف ضد التحدي البريطاني – الفرنسي وعزمهما على حماية عرش الخديـوي توفيق ، فانخرط في الحركة الوطنية بكل اندفاع ، وبرز دوره عندما اعتدى الإنكليز على الإسكندرية وضربوها في الحادي عشر من تموز عام 1882 . وقف مع الثوار مدافعا عن بلاده ، وحث على التطوع بصفوف الجيش وامداد الثورة بالإعانات والتبرعات . وتميز له موقفان كانا يسيران في خطين متوازيين هما : مواقفه – وأداءه . التي دللت على انه اقترب من مواقع الثورة العرابية وساهم في صنع أحداثها في تلك المدة ، ألا انه ظل يمثل الاتـجاه الأقرب إلى الإصلاح في صفوف الثوار ، أو بعبارة أدق ظل يمثل الجناح المعتدل في صفوف الثورة العرابية . ويتضح موقفه الاعتدالي عند مناقشة مجلس شورى النواب لمواد الدستور الجديد في السادس والعشرين من أيلول 1881 ،إذ قال ( لقد لبثنا قرون عدة في انتظار حريتنا ، فلا يشق علينا أن ننتظر الآن بضعة شهور ) ، وعندما أصر الاتجاه الثوري في الحركة الوطنية على حق مجلس النواب في مناقشة ميزانية الدولة واقرارها ،عارضت ذلك الدول الأوربية صاحبة الديون على مصر، والمراقبون الماليون الذين يمثلونها في مصر ، وقف عبده والتيار المعتدل إلى جانب استثناء الميزانية من المناقشة في المجلس ، ونجح في جمع عدد من أعضاء المجلس في منزله بتاريخ السابع عشر من شباط 1882 وأقنعهم بضرورة تعديل عدد من المواد كانت محل معارضة المراقبين الماليين الأجانب . وانطلاقا من ايمان عبده بالتدرج وعدم القفز على المراحل التاريخية أو حرقها ، نراه يعد ما حصلت عليه مصر بعد الثورة العرابية مرحلة ابتدائية لا ينبغي التوقف عندها، بل يجب تجاوزها إلى المرحلة الاتية عن طريق المرور بسائر الدرجات فكتب في ( الوقائع المصرية ) : ( أنت أيها الوطني في أول درجة من مرفاة السياسة ، وفي أول مرحلة من طريق الحرية ، فلن تبلغ الدرجة العليا ألا إذا صعدت سائر الدرج ، ولن تدرك الغاية القصوى ما لم تقطع سائر المراحل ، فأن حاولت غير ذلك لم تأمن الهبوط من الدرجة التي بلغت والرجوع من المرحلة التـي وصلت ، بل ربما صرت على مسافة أعوام مما كنت ترجوا إدراكه بأيــام ) . وعندما طرح التيار الثوري في الثورة العرابية فكرة إعلان الجمهورية كرد فعل لانحياز الخديوي توفيق للأجانب عارضها عبده ، وعد أن البلاد غير مهيأة لتقبل هذه الفكرة ، وأنها سابقة لأوانها ، وخطوة غير محسوبة النتائج وقد تؤدي إلى غير الغاية التي ينشدها المصريون ، فوقف عبده ضد تطبيقها ( لان الجهل لم يمكن البلاد يومئذ من الرقي إلى النظام الجمهوري ) ولكنه يعود فيسـتدرك قائلا: ( ومـع ذلك سـنجتهد في جعل مصر جمهورية قبل أن نموت ) وعلى الرغم من أن عبده كان معتدلا في ميوله ، ألا أن ما أحدثته الثورة العرابية من متغيرات دفعت بكل الاتجاهات الفكرية ( بينبوعها الواحد ) الذي هو استقلال مصر وتقدمها الحضاري ، جعلت عبده في خضم تحمل أعباء الثورة ، فقدا واحدا من قادتها ، وتمكن من أداء دوراً ملموساً في الدفاع عنها والمساهمة في صنع أحداثها منذ قيامها . غير أن فشل الثورة العرابية في عام 1882 والتي انتهت أحداثها بدخول عبده السجن لكونه من قادتها ثم نفيه خارج البلاد ، وان واحدا من ابرز الدروس التي استنتجها عبده من مشاركته في الثورة العرابية تكمن في فهمه لمناورات الدول الكبرى وكان شاهد عيان لما قامت به بريطانيا في بلاده من أعمال وحشية من اجل قمع الثورة العرابية التي طالبت بأهداف واقعية من الدستور والحرية والإصلاح ، كما استفاد عبده من مشاركته في الثورة في فهم الجوهر الحقيقي للمشاركة الجماهيرية ، فلم تعد الجماهير ، كما كان سابقا يقيمها ، مجرد كم لا دور لهم ، وانما اصبحوا في ظل تطورات الثورة، قادرين على تثبيت حقوقهم ورفض الظلم الواقع عليهم ، مما ألف نقطة تحول مهمة في تفكير الشيخ عبده ، لاسيما في المرحلة اللاحقة من حياته السياسية . ثانياً- دوره في العروة الوثقى :- بدأت مع العروة الوثقى صفحة سياسية جديدة للشيخ عبده مع أستاذه الأفغاني ، على الرغم من ميله للموقف الإصلاحي ، لكن الظروف التي كانت تمر بها الأمة الإسلامية ولاسيما مصر هي التي جعلت عبده يبدأ هذه الصفحة من حياته ، فجمعية العروة الوثقى هي تنظيم سري سياسي ، شغل فيها عبده منصب نائب الرئيس بعد أستاذه الأفغاني الذي كان رئيسا لها ، وكان الهدف من تأسيس هذه الجمعية السياسية هو مناهضة الاحتلال الأجنبي بجميع أشكاله ، ورفع نيره عن العالم الإسلامي ، عن طريق بث روح العزة القومية عن طريق العقيدة الدينية الصحيحة ، فهي تنظر إلى العالم الإسلامي كله على انه وحدة ، بتوثيق الصلات بين الشعوب الإسلامية لتعاونه على دفع آذى الأجنبي عنها ، ولكي تمكن الدول الإسلامية للوصول إلى الحياة الاجتماعية والدينية والسياسية القائمة على أسس أصول الإسلام الأولى فكان دوره في العروة الوثقى يقوم على ما يتعلق بتربية الأعضاء وتطوير إمكانياتهم الفكرية والتنظيمية ورفع درجة أيمانهم ، وهذا يتضح من خلال مراسلاته مع أعضاء الجمعية موعظا إياهم ( داوم على قراءة القرآن ، وتفهم أوامره ونواهيه ، ومواعظه وعبره … واعلم انك محاسب على الدقيقة من أوقاتك … أن صرفتها لإعزاز دينك كانت لك ) وهذه المراسلات هي حلقة الوصل بين القادة والأعضاء في البلدان الأخرى وفي إطار دعوته بانضمام العديد من الأعضاء الجدد إلى العروة الوثقى مما ساعد باتساع نطاقها وفي خطاب بينه وبين أحد الأعضاء يدعوه بقوله ( فاستكثر من الأخوان ، ونقهم من الخوان ، واثبت بهم على أصول الشريعة … وليكن القول تأسيسيا لا تدريسيا ، ولا تكونن كلمة ألا وغايتها عقد يبرم ورباط يحكم ) ، ومما يلاحظ على مراسلاته مع الأعضاء انه اتبع الأسلوب السري ( الشفرة ) تأكيدا على سريتها وسرية اعضائها، ومن هذا المنطلق فقد سلك عبده مسلكا سياسيا جديدا يتناسب مع دوره في ميدان العمل السياسي الخارجي من وراء الحدود ، فركز بصورة خاصة على كيفية مواجهة الاحتلال البريطاني لمصر ، فقام لهذا الغرض بزيارات قصيرة إلى لندن عام 1884 . بصفته مندوبا عن العروة الوثقى ، إذ التقى ببعض المسؤولين البريطانيين ومنهم وزير الحربية اللورد هر تنكتون ( Lord Hartington ) الذي عد مقاومة المصريين للوجود البريطاني جهلا منهم فما كان من عبده ألا أن يرد عليه ردا صريحا بقوله : ( أن المصريين قوم عرب ، وكلهم مسلمون ألا قليلا وفيهم من محبي أوطانهم … وان النفرة من ولاية الأجنبي ، ونبذ الطبع لسلطته ، مما أودع في فطرة البشر ، وغير محتاج للدرس والمطالعة ، وانما هو شعور آنساني ظهرت قوته في اشد الأمم توحشا ) . ولم يتردد في عرض قضية شعبه على الرأي العام البريطاني والكشف عن نوايا بريطانيا الاستعمارية تجاه مصر وعدم وجود مصداقية لها ، فقال بهذا الصدد : ( أننا معشر المصريين من أرباب حزب الحرية ، كنا نظن أن الإنكليز يناصرون قضية الحرية ، لكننا نرى أن انتصاركم للحرية هو انتصار لما فيه مصلحتكم ، وان عطفكم علينا كعطف الذئب على الحمل ) واستطرد موضحا كذب رغبة بريطانيا في رقي مصر ووجودهم لمصلحتها فقال ( لقد قضيتم على عناصر الخير فينا ، لكي يكون لكم صحة البقاء في بلادنا ، رغبتنا في رحيلكم عن بلادنا، وأردنا أن نحطم استبداد حكامنا … ورغبتنا لبلادنا إصلاحا سياسيا وتقدما يشبه تقدم أوربا على طريق الحرية) وعلى هذا الأساس فقد ارجع عبده ظاهرة عدم الاستقرار السياسي في مصر إلى التدخل الأجنبي لا سيما بريطانيا في شؤون البلاد وفي ميدان الحكم والاقتصاد وممارستها لسياسة ( فرق تسد ) مما أدى إلى تفاقم المشكلات الداخلية وازياد التناقضات الاجتماعية . لكن محاولاته هذه لم تثـمر فعـاد إلى بـاريس وبعد عودتـه عمل الإنكليز على إيقاف صدور مجلة ( العروة الوثقى ) وحجب نشاطها ، فعاد الشيخ عبده إلى بيروت واثر عودة الشيخ عبده إلى مصر بعد إنهائه لمدة نفيه حاولت السلطات البريطانية في مصر تحجيم دوره السياسي عن طريق اللورد كرومر( افلن بيرج كر ومر (1841-1917 ) أدارى ودبلوماسي بريطاني خدم في مناطق عدة ، ومنها الهند لكن اسمه ارتبط بمصر اكثر من مكان أخر ، اختارته الحكومة البريطانية عقب الاحتلال البريطاني لمصر ليكون الوكيل البريطاني والقنصل العام هناك بدرجة وزير مفوضي السلك الدبلوماسي واضطر إلى الاستقالة من منصبه في نيسان 1907 بسبب فشلة في معالجة قضية دنشواي عام 1906 ، ينظر : الموسوعة العربية الميسرة ، ج2 ، ص1456-1457 ). الوكيل البريطاني في مصر ، ومحاولته استيعابه ، فقال أحد تلاميذه معلقا على هذا الموضوع ( كان كر ومر يجله ويقدره ، ويستشيره في بعض المسائل الحكومية المهمة ، ويتحاشى أن يهيج وجدانه ووجدان حزبه على الإنكليز ، وكان الأستاذ يداريهم لعلمه انه لا يستطيع البقاء في مصر من دون ذلك وحاول أحد المؤلفين ان يلصق التهمة لمحمد عبده بموالاة كر ومر بدعوى أن الأخير استغل علاقته بعبده ليكتب مقالات ضد محمد علي بمناسبة مرور مئة عام على توليته حكم مصر ، لكن عبده لم يكن كذلك لانه يكفي أن نذكر انه شاهد مرة فلاحا مصريا يمتص قصب السكر فعلق قائلا : ( هكذا يمتص الإنكليز خيرات بلادنا ويتركها عندما ينتهي من حصوله على فوائدها ) ، ودافع أنصار الشيخ عبده عنه في هذا الشأن قائلين انه كان يتصل بالإنكليز ليستعين بهم على القيام بمشاريعه الإصلاحية . وقد سأل عبده ذات مرة في موضوع الاستعانة بالأجانب فجاء جوابه (( قد قامت الأدلة من الكتاب والسنة وعمل السلف على جواز الاستعانة بغير المؤمنين وغير الصالحين على ما فيه خير ومنفعة للمسلمين … فعلى دعاة الخير أن يجدوا في دعوتهم ، وان يمضوا على طريقتهم ، ولا يحزنهم شتم الشاتمين ، ولا يغيظهم لوم اللائمين، فالله كفيل لهم بالنصر إذا اعتصموا بالحق والصبر ) .
المصادر 1 . الجابري ، علي حسين / فلسفة التاريخ في الفكر المعاصر ( جدلية الأصالة والمعاصرة ) ، القسم الاول ، بغداد، 1993 ، ص294 . 2 . المصري ، احمد عرابي الحسيني / كشف الستار عن الاسرار في النهضة المصرية المشهورة بالثورة العرابية ، ج1 ، القاهرة ، د.ت ، ص10-13 . 3 . شفيق ، احمد / مذكراتي في نصف قرن ، ج1 ، القاهرة ، 1934 ، ص147 . 4 . مصطفى ، احمد عبد الرحيم / مصر والمسألة المصرية من (1876-1882) ، القاهرة ، 1965 ، ص193. 5 . غانم ، فتحي / الديمقراطية التي نختلف عليها ، مجلة ( روز اليوسف ) القاهرة ، العدد (2783 ) ، السنة السابعة والخمسون ، 12 أكتوبر 1981 ، ص18 . 6 . اليازجي ، حليم / الأيديولوجيا الإصلاحية ومظاهرها في الفكر العربي الحديث ، المجلد الثاني ، ج2 ، بيروت ، د.ت ، ص129 . 7 . الإمام عبده ، محمد / الأعمال الكاملة ، ج1 ، ص53 . 8 . بلنت ، الفريد سكاون / التاريخ السري لاحتلال الإنكليز مصر ، تعريب وتمهيد ، عبد القادر حمزة ، القاهرة ، د.ت ، ص6 . 9 . الوقائع المصرية ( صحيفة ) القاهرة ، العدد (1252 ) ، 10 نوفمبر 1881 . 10 . * اجرى مراسل صحيفة (( يوبيل جازيت )) اللندنية لقاء موسعا مع الشيخ عبده حول القضية المصرية وتطوراتها ، ونشرت نص اللقاء المحلية ( الثقافية المصرية ) في عددها الصادر يوم السادس في آب 1884.
#سعد_سوسه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أراء الشيخ عبده في بعض المفاهيم والمصطلحات السياسية
-
3- التربية والأخلاق عند اخوان الصفا ج 2
-
التربية والأخلاق عند اخوان الصفا ج 1
-
التربية عند إخوان الصفاء
-
الاسقاط قصة قصيرة
-
سياسة العراق الخارجية مع دول الجوار غير العربية1958-1963
-
اتجاهات العقلية العراقية في الحياة اليومية ج 2
-
اتجاهات العقلية العراقية في الحياة اليومية ج 1
-
اتجاهات العقلية العراقية في الحياة اليومية
-
سياسة العراق الخارجية 1958-1963 ج .1
-
سياسة العراق الخارجية 1958-1963
-
سياسة العراق تجاه المنظمات الدولية1958-1963 ج 2
-
سياسة العراق تجاه المنظمات الدولية1958-1963 ج 1
-
سياسة العراق تجاه سورية 1961-1963م
-
سياسة العراق الخارجية تجاه دول المغرب العربي1958-1963
-
الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العراق خلال العه
...
-
الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العراق خلال العه
...
-
سياسة العراق الخارجية تجاه بقية دول المشرق العربي1958-1963 ج
...
-
سياسة العراق الخارجية تجاه بقية دول المشرق العربي1958-1963
-
سياسة العراق الخارجية تجاه ايران 1958-1963م
المزيد.....
-
ثبت تردد قناة طيور الجنة الجديد على النايل سات وعرب سات
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 Toyor Aljanah نايل سات وعرب
...
-
اللواء باقري: القوة البحرية هي المحرك الأساس للوحدة بين ايرا
...
-
الإمارات تكشف هوية مرتكبي جريمة قتل الحاخام اليهودي
-
المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
-
أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال
...
-
كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة
...
-
قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ
...
-
قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان
...
-
قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|