|
حقيقة الرسل والأنبياء
عمر الأسمر
الحوار المتمدن-العدد: 6055 - 2018 / 11 / 16 - 16:35
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إذا أحسن الواحد منا الظنَّ بمن يُسمون أنفسهم بالرسل والأنبياء فإنّ من الممكن حينئذ أن يقال بأن الأديان عموما كانت محاولة لإصلاح وتعليم الإنسان في زمن لم يكن بمقدوره أن يستوعب العلوم المادية والفلسفية التي وصل لها في عصرنا هذا، وما سوف يصل له في المستقبل.
ولذا ليست الأديان نهاية المطاف كما يظنّ كثير من المتدينين من أتباع جميع الأديان. ولكن الذي يبدو لي بعد طول نظر ودراسة معمّقة بأن أولئك الأنبياء ما هم إلا مجموعة من المحتالين والظلاميين والمخادعين الذين استطاعوا من خلال المكر والتحايل أحيانا ومن خلال الإرهاب والتخويف أحيانا أخرى بأن يؤثروا على جماعات من الناس تحت ما يُسمى بالدين والشريعة. واستغلوا من أجل السيطرة على عقول وأموال وحياة الناس عدّة أمور، منها على سبيل المثال تلك العقلية الطفولية التي كانت سائدة عند الإنسان في تلك الحقب الغابرة من الزمن، وأعني بذلك عقلية الطفل التي تربط شؤون حياته ومصيره وحاجاته بوالده، فلا يكاد يتصور استمرار حياته إلا بوجود أبيه ورعايته له؛ فصنعوا له أولئك المحتالون الماكرون أبا كبيرا يقوم على رعايته ومراقبته حتى خُيَّل لذلك الطفل بأنه لا يمكن أن يحيا أو يستمر إلا بوجود ورعاية ذلك الأب الكبير الذي يعلم كل شيء وهو وقادر على كل شيء ولا يخرج عن ملكه أي شيء، ذلك الأب المتجبر والمتكبر والمتسلط الذي لا يُعجزه شيء مهما عظم وكبر، ذلك الأب الكبير المنتقم الذي إن لم تؤمن به ـ على الرغم من أنك ما رأيته أبداـ سوف يُدخلك ناره الملتهبة الهائجة المائجة، تحترق وتُعذب فيها أبد الدهر إلى مالا نهاية من الزمن. لا لشيء سوى أنك لم تؤمن بوجوده. لقد صنع هؤلاء المحتالون الماكرون هذا الرب والأب الظالم المنتقم الساديّ بما يتناسب مع مكرهم ونفسياتهم المشوهة بتجردها وانعدامها من الرحمة والإنسانية. صنعوا هذا الأب البائس العابس القاسي الجبار المنتقم بما يُشبع رغباتهم وتعطشهم للدماء والأشلاء والظلم والطغيان. صنعوه لكي يُلبي لهم رغباتهم وشهواتهم وأنانيتهم وحقدهم وطمعهم اللامتناهي. فهذا الأب والرب نجده معهم رحيما ودودا مطيعا كريما، لا يكاد يرفض لهم طلبا، ولا يعصي لهم أمرا، ولا يرد لهم رغبة، مهما كانت حقيرة دنيئة، فتراه يسعى ويسارع في تحقيق شهواتهم وأهوائهم غير مبال بغيرهم من سائر البشر. يسعى لهم في تحقيقها وتبريرها مهما كانت محطمة لغيرهم، ومدمرة لكرامة وإنسانية وحقوق غيرهم. هذا الأب الكبير المتناقض في ذاته وكل أوصافه، فتراه تارة رحيما غفورا وعادلا كريما، سرعان ما تراه تارة أخرى جهولا حقودا وظالما عبوسا متعطشا للدماء والتقتيل والتعذيب، وأنت بين هذا وذاك أيها الإنسان حائر لا تعرف كيف تصنع مع هذا الأب المتناقض إلى حد لا يُحتمل ولا يُطاق. في خضم هذا الواقع البائس المؤلم والمرعب المخيف نشأ الإنسان الأول منذ قرون طويلة، أو هكذا أراد له أن ينشأ ويحيا أولئك الماكرون المحتالون ممن يُسمّون بالرسل والأنبياء. إنني أتساءل دائما لماذا صنع هؤلاء المحتالون ما صنعوا بهذا الإنسان؟! ولماذا هم ما زالوا مصرين على نهجهم هذا؟! ألم يكفهم ما حصل وما زال يحصل من جرّاء حيلهم وأفكارهم العقيمة الفاسدة الفاشلة؟! ألم يكفهم ما فعلوا بالإنسانية كلها من تدمير وتقتيل وتشريد؟! ألم يكفهم ما وقع للإنسانية من مآس ومصائب ونوائب منذ بزوغ فجرهم الكاذب المخادع وإلى يومنا هذا؟! أم يكفهم تلك الدماء التي سُفكت، والنفوس التي قتلت، والبلاد والشعوب التي دمّرت وبادت بسبب ما جاؤوا به من أديان وأفكار عقيمة فاشلة؟! آه ثم آه منكم أيها المخادعون المحتالون. باسم العدل كم ظلمتم وتجبرتم، وباسم الرحمة كم سببتم من الألم لرجال ونساء وأطفال، وباسم الخير كم أفسدتم، وباسم الحرية والكرامة كم وكم وضعتم من القيود والأغلال، وسلبتم حرية الإنسان وكرامته. إن هؤلاء المخادعين يبدو أن نهجهم بكل تفاصيله صغيرها وكبيرها قائم على أن الغاية تبرر الوسيلة. ولذا ما تركوا من وسيلة قبيحة إلا وفعلوها أو دعوا إليها أو برّروها. فها هي أثارهم ونصوصهم وما نُقل عنهم أكبر دليل وأوضح شاهد على هذه الحقيقة المؤلمة. وهذا لا يعني بأنهم لم يأتوا بأشياء جميلة أو مقبولة كبرّ الوالدين مثلا، أو إكرام الضيف، أو نجدة المظلوم، أو الإحسان للجار وما شابه ذلك ممّا يُعرف بمكارم الأخلاق. فهذه الأخلاق الحسنة ليست من ابتكار تلك الأديان ولا مما تفرد بالحث عليه والدعوة إليه أولئك المحتالون الماكرون، وإنما هي أخلاق كانت موجودة وراسخة عند تلك الأمم والشعوب. ولذا من يظنّ بأن الأديان هي من جاءت بالأخلاق، فهو مخطئ وواهم، وإنما الأخلاق نتاج الإنسانية، وهي موجودة منذ وجود الإنسان، ويتم تطورها بتطور الإنسانية، وكلما نضجت البشرية سمت منظومة الأخلاق فيها، ولذا ليس صحيحا كذلك بأنه إذا عدم الدين عدمت المنظومة الأخلاقية أو انحرفت بل العكس هو الصحيح غالبا. والتاريخ والواقع أكبر برهان على ذلك.
وأخيرا، وليس آخرا فإنه عبر التاريخ كله قد شكل الفكر الديني الذي جاء به هؤلاء المخادعون أكبر تهديد للعقل البشري، وأخطر انتهاك لحريته، وأكثر فساد وإفساد وتدمير للبشرية. وللحديث بقية.
#عمر_الأسمر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإسلام دين مأزوم بالوحشية والتناقض
المزيد.....
-
ابسطي أولادك ونزلي لهم تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 بخطو
...
-
ما ما جابت نونو صغير.. تردد قناة طيور الجنة على النايل سات و
...
-
نقيب الأشراف: اقتحام وزير إسرائيلي المسجد الأقصى عمل إجرامي
...
-
عصا السنوار وجد روح الروح وفوانيس غزة .. «الشروق» تستعرض أبر
...
-
العالم يحتفل بعيد الميلاد ليلة الـ24 من ديسمبر.. هل تعلم أن
...
-
“صار عندنا بيبي جميل” بخطوة بسيطة اضبط الآن تردد قناة طيور ا
...
-
عشرات الآلاف يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى
-
صار عنا بيبي.. أحدث تردد لقناة طيور الجنة على النايل سات وعر
...
-
“ماما جابت بيبي حلو صغير“ تردد قناة طيور الجنة على النايل سا
...
-
مسيحيو حلب يحتفلون بعيد الميلاد الأول بعد سقوط نظام الأسد وس
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|