|
كيف أصبح الإسلام سبباً في تأخر وتخلف المجتمعات العربية والإسلامية
قيس حسن
الحوار المتمدن-العدد: 6054 - 2018 / 11 / 14 - 23:11
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الصراع الداخلي في عقل المسلم ما بين الموروث الديني والتطور الإنساني أصبح ظاهرة منتشرة في المجتمعات العربية حيث يعيش الفرد فيها تناقضات بين التزامه بالدين والعادات والتقاليد المرتبطة به ومحاولاته لمواكبة العصر الحديث والتكيف مع قيمه الأخلاقية ومختلف تطوراته الفكرية والعلمية.
هذا الصراع أصبح له تأثير كبير على حياة المسلم وسبباً في تشتيتها ما بين الماضي والحاضر ، وشئنا أم أبينا فأن الموروث الديني الإسلامي بصورته الحالية التي تعكس طريقة تفكير وقدرة على الاستيعاب والفهم من الماضي قد ساهم وبشكل كبير في تحويل الإسلام إلى أحد الأسباب الرئيسية في تخلف وتأخر أفراد المجتمعات العربية والإسلامية ، وكيف لا وهو يتحكم بمختلف مسارات وخيارات حياتهم من الولادة وحتى الممات ويتدخل في أبسط التفاصيل ويفرض منظوره الخاص ،ويمكن شرح وصف "الموروث الديني الإسلامي" هنا بأنه المحصلة المعرفية الناتجة عن النصوص الدينية الإسلامية في مختلف مجالات الحياة ، الاجتماعية والعلمية والسياسية والاقتصادية والتي خلفها رجال الدين وتناقلتها الأجيال عبر مئات السنين إلينا. لم يدخر رجال الدين في وقتنا الحاضر جهداً لتحويل الإسلام إلى بوابة زمنية تأخذك إلي الماضي وتحديداً قبل 1400 سنة في منطقة صحراء شبه الجزيرة العربية لتشارك أهلها أفكارهم وعاداتهم وتقاليدهم ومعارفهم وتعيش بها في القرن الواحد والعشرين ، عودة إلي زمن الحروب مع الكفار والجهاد والغزوات وسبي النساء ، كل هذه الأمور أصبحت اليوم "تخلف" و "إرهاب" في نظر العالم المتحضر ولكنها لا زالت تلقن إلي عقل المسلم في البرامج والندوات الدينية وخطبة يوم الجمعة بصورة قصص عن مآثر وبطولات الصحابة والمسلمين قديماً وحروبهم وغزواتهم وكيف أنتهي زمن عزة أمة الإسلام وأصبحت الغلبة للكفار بسبب تخاذل المسلمين ،كل هذا في أطار استفزازي تحريضي لمشاعر وعواطف المسلم ، إن المحتوى الديني الإسلامي اليوم في معظمه يرسخ الكراهية في عقل المسلم ضد كل من يخالفه المعتقد "الكفار" ويزرع شعوراً وهمياً بالتفوق والأفضلية عليهم وهو ما يتناقض مع حقيقة تأخر وتخلف المجتمعات الإسلامية واعتمادها على التقدم العلمي والصناعي للدول الغير إسلامية ، كل هذا يضع الحواجز والعوائق أمام المسلم للتعايش مع أصحاب الأديان والمعتقدات الأخرى وتقبل الاختلاف معهم واحترام حريتهم ويسهل الطريق على انتشار التطرف الإرهابي الإسلامي ، لا يمكننا الأنكار بأن داعش والقاعدة والتنظيمات الإرهابية الإسلامية لا تمثل الإسلام عندما تكون أفكارهم ومعتقداتهم وأفعالهم يتم تدريسها في المدارس والجامعات الإسلامية وتداع في البرامج التلفازية ومن علي منابر المساجد ويتم تقديمها علي أنها تاريخ مشرف ، الجهاد والسبي والغنائم أصبحت اليوم جرائم قتل وأغتصاب وسرقة ، متي سيدرك رجال الدين والمدافعين عن الموروث الديني ان عليهم مواكبة التقدم في الوعي الإنساني والتخلي عن المفاهيم القديمة التي كانت متواجدة عند بداية الإسلام.
ولعل من أبرز الصراعات التي يواجهها عقل المسلم هي وضع المرأة في الموروث الديني ، قد يكون الإسلام رفع من شأن المرأة قليلاً بالنسبة لما كان عليه في ذلك الزمن قبل 14 قرناً ولكن اليوم مقارنة بالتطور في وضعها الإنساني وبالحقوق التي حصلت عليها في الدول المتقدمة فإن الإسلام قد ظلم المراة ظلما كبيرا و حرمها من حقوقها و سلبها حريتها وحقرها وسخرها لطاعة وخدمة الرجل. المرأة في الموروث الديني الإسلامي عاطفتها تتغلب على عقلها ولذلك تحتاج لوصاية الرجل المتفوق عليها عقلياً و رقابته عليها وتقويمه لسلوكها وحمايتها من الانحراف وتأديبها عند النشوز ، وهي تمثل شرف زوجها وعائلتها ولإنها كأنثى تشكل فتنة للرجال الأغراب يجب تغطيتها والحرص على تقييد ظهورها أمامهم وتواجدها معهم ، ولأن الرجال قوامون علي النساء و مسؤولون عن تلبية احتياجاتها فهم يأخذون ضعف نصيبها في الميراث ،كل هذه المفاهيم فقدت قيمتها لإن اليوم المرأة تعمل وتستطيع إعالة نفسها بل أنها أصبحت في الكثير من الأحيان هي من يعول الرجل ،ولقد أثبتت نفسها في مختلف المجالات والوظائف ، الطبيبة ، المحامية ، القاضية ، الرئيسة ، ، لم يعد بالإمكان إجبارها على الالتزام بالجلوس في المنزل وتقييد حريتها الشخصية بعذر حمايتها من الرجال ، زمن الخيام و الصحراء قد ولى.
إلى متى سيستمر الصراع الداخلي في عقل المسلم بين رغبته في الحياة ومواكبة التطور وخوفه من مخالفة تعاليم دينه ،هذا الصراع الذي يجعل منه متناقضاً وأحياناً كثيرة مستشرفاً ، متى سيدرك المسلمين أن هناك آيات لم تعد تصلح ولا مقبولة لهذا الزمان ويجب إعادة التفكير فيها على أنها موجهة لزمن معين ، لم يعد بالإمكان تطبيق حد الرجم ولا قطع يد السارق وقتل المرتد ، لم يعد الزواج المتعدد أمراً مقبولا وكذلك تأديب الزوجة بالضرب ، وقتال أصحاب المعتقدات الأخرى ،إن تصفية الموروث الديني الإسلامي من الانحرافات الأخلاقية والفكرية والخرافات التي تتعارض مع التطور المعرفي الإنساني أصبح ضرورة حتمية لا مفر منها.
#قيس_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
قائد الثورة الاسلامية:فئة قليلة ستتغلب على العدو المتغطرس با
...
-
قائد الثورة الاسلامية:غزة الصغيرة ستتغلب على قوة عسكرية عظمى
...
-
المشاركون في المسابقة الدولية للقرآن الكريم يلتقون قائد الثو
...
-
استهداف ممتلكات ليهود في أستراليا برسوم غرافيتي
-
مكتبة المسجد الأقصى.. كنوز علمية تروي تاريخ الأمة
-
مصر.. حديث رجل دين عن الجيش المصري و-تهجير غزة- يشعل تفاعلا
...
-
غواتيمالا تعتقل زعيما في طائفة يهودية بتهمة الاتجار بالبشر
-
أمين عام الجهادالاسلامي زياد نخالة ونائبه يستقبلان المحررين
...
-
أجهزة أمن السلطة تحاصر منزلا في محيط جامع التوحيد بمدينة طوب
...
-
رسميًا “دار الإفتاء في المغرب تكشف عن موعد أول غرة رمضان في
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|