أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ادريس الواغيش - بَابُ السُّفَرَاء














المزيد.....

بَابُ السُّفَرَاء


ادريس الواغيش

الحوار المتمدن-العدد: 6053 - 2018 / 11 / 13 - 19:07
المحور: المجتمع المدني
    


قد يُصبح “باب السُّـفـرَاء“ بالرباط أشهر من كل الأبواب التاريخية بالمغرب، يَـعرفه الناس ويُعَـرِّفون به أكثر من “باب منصور لعْـلج“ في مكناس أحد أكبر الأبواب وأجملها و“باب أبي الجُـنود“ المشهور بفاس، وقد يُصبح مكانا للزيارة في المستقبل لأجيال بأكملها.
لم أكن أعـرفُ أن هناك باب اسمه “بابَ السُّـفرَاء“ في الرباط، رغم أنني اعتصمت في الرباط مرارًا من أجل العراق أو فلسطين في زمن فائت، لكن حُصولي على “شهادة عُـليا“ جعَـلتني أتردَّدَ عليه في السنتين الأخيرتين من حين لأخر مطالبا بالترقية وتغيير الإطار، وفي كل مرَّة يترك بداخلي جُـرحا غائرا أكبر من الذي سبقه، “فوالله لو أنني كنت أعرف أن بابـًا مثل هذا ينتظرني، ما قرأت“ يقول لي صاحبي من حاملي الشهادات العليا والألم يعتصر قلبه.
هذا البَـابُ جسْـرٌ مَـمنوعٌُ في وَجه العُـبُـور
هذا البابُ طريق مفتوح نحْـوَ الإعْـصار
نخيل شارع محمد الخامس بالرباط على بُعْـد عَـشرات الأمتار منه شاخ، أصبح طاعنا في السِّـن ولم يعُـد قادرًا على الوقوف أو الإدلاء بشهادة. كل يَـوم فيه كـَـرٌّ وفـَـرٌّ، لم يعُـد مكانا للأماني الكبيـرة أو حتى الصَّغيرة، خُـطـوَة ناقصة فيه قد تفقِـدُك توازن الساقين أو تتخلى عنك أجنحة الرّيـح، وتصبح على مَـرمى حَجَـر من فولاذ خـُوذات معدنية وأحذية ثقيلة أو تداهِـم جُمجُمـتك كل أحْجَـام الهَـرَاوات.
كـُل ُّنهاية يَـوم تفقـَّد فيه لا فِـتات رَمادَها، والناس زاحـفة نحو المَساء.
الشمـسُ تبخل عـلى الجُـموع بالشـُّروق، كل الأبواب مُـوصدة، ودَمُـنا يسيل على “باب السُّفـرَاء“.
لهم قطر الندى والسيارات الفارهـَة التي هي من دَمِـنا تمُـرُّ بجُـنون نكاية فينا، ولنا ألـوَان السَّـراب.
لا تقل لي : “أنا قـارئ يا صاحُ بَعْـد اليَـوم“، لكانت قيمَة وكان لي مَعْـنىً هُـنا.
(ما أنا بقارئ) يقول لي أستاذ خـَمْسيني من جَـنوب الـرُّوح
اقـرأ رَمَـاد كـلامـك في صمت، وأنت في الطريق إلى مزرعَـة الشـَّوْك
أمامك أسـوارٌ وأشجَـار صُـمٌّ بُـكـْم ثم بَـابٌ وبَـابَـان، قبل أن تصل “بَـابَ السُّـفراء“، واسأل بختك.
هناك سيقول لك سُـفـرَاءُ لا كالسُّـفراء بخـُوذات الفـُولاذ:
- “أنت مَمنـُوع من عُـبُـور الجـِسْـر، ارجع من حيث جئت، فالباب مُفخَّخة بكل المَشانِـق يا ولدي“.
يقول لهم كـَبيرهُـم: أوْصِدُوا تلك البَـاب، لأنها مَحظورَة على الفاتحين الجُـدُد، ولنا تصاريحٌ بسَحْـل النوارس الـتي يحْمِـل معَـها “شهاداتٌ عُـليا“ في الطـُّرُقات
البابُ مَـرصُودٌ للأسَـاطير والرُّؤيَـا من بَعيـد، ونصبٌ تذكـَاري للزيارة .
في الجانب الآخر وعلى الشاطئ، يوجد بَحْـرٌ أصَـمٌّ. للرِّباط جَـناحَـيْـن وزمَـنيْـن، ولي زمَـني
لا تـُضايقني الأبـوَاب المُغـلقة، مَـلاذي شهَـادة ميلادي
وعلى بُعْـد أمتار منـّي، حَمامة تُسَـابق ظلها بجناح مكسُـور
كل يَـوم تخـرجُ علينا الحَـقيقة عَـارية
نسرعُ الخـَطـو، تتبعنا الخـَيْـل المُسـوَّمة
مُبطئين كـرًّا وفـرًّا بين إيّـاب وذهَـاب، تـُرفع العِـصيُّ، فإذا هي ثعَـابين تسعى
سرج رُكبَـتاك يا صديقي، وَحْـدَهُـا من ينقذاك من خُـذرُوف المِـعْصَرة
فوق سَـماء رؤوسنا مَـطرٌ وتحت أقـدامنا جَـمْـرٌ، والدُّمُـوع المُنهمِـرة مضيعَة
تقول رفيقتي في الجَـري: انظر هنا، لا مكان لي رَخـْـوٌ في عَظـْمَة الرأس
يقول لي صاحبي: أجري نعَـم، لكني لن أهْـزَم حتى النصر
وأقول أنا: يا “حَـسَّان، افتح لي “أبواب السُّـفرَاء“ أو هات لي مفاتيحَـها..
“أبواب السُّـفرَاء“ مَـزَّقـها الرّيح، يُخطئ “ التـُّرَام“ مَـوعده بعد وقت الزوال، يمضي الليل ويطلع نهَـار آخر ومعَه اسمٌ جَـريح. لا أخبَـارُ في جَـرائد النهَـار سـوى الغـُبار يا صاحبي.
ها قد عبرنا الأبْـوَاب في الصباح، دَخـَّان السيارات يابـسٌ لازال عالقا في حَـناجرنا، وهي تـردِّد نصوصًا سرديّـة وشعَارات، ينتهى نشيدُنا تحت نقيع الانتظار ثم نمضي، ويبقي للأصوات نـُباحها المَـوسميّ، ولعصي الخَـيزران مَـواويل أُخـَر وهراواتُ تُـحَـاصر ظِـلال النخيل في أكبر شوارع الرباط...



#ادريس_الواغيش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصص قصيرة جدا: مَاسِحُ أحْذِيَة
- شبكة القراءة بالمغرب فرع فاس تفتتح موسمها الثقافي بتكريم الس ...
- قصة قصيرة: تَمَائِمُ البَطْمَة
- سُلالة بيكِيت !
- قصة قصيرة: “ أيْلَة“ عَادَت مِن جَديدُ إليّ
- قصة قصيرة: رُقعَة حَمْرَاء
- في حوار مع الشاعر محمد السّرغيني: القَابضُ على جَمْر الشعر م ...
- مَفاتِنُ الحُروف
- لا صُبَّارَ من حَولي!
- الدّار البَيضاء، كمَا رَأيتُها... !
- بين انتشاء كُوليندَا بالانتصار الكرواتي وانتشاء العَرب بصُوَ ...
- المُمَاطلة في أمُور حَيَويّة وَمُسْتَعْجَلة: حَامِلو الشهادا ...
- -عُزلة تُقاسِمُني صَبْري- جديد الشاعر إدريس الواغيش
- يُونس مُجاهد وطارق المَالكي في ندوة بفاس: أي نمُوذج تنمَوي ن ...
- قوات الأمن المغربي تتدخل بعنف في الرباط لتفريق مسيرة للشغيلة ...
- -أعرَاسُ المَيادين- جَديد الشاعر إدريس الملياني
- قصة قصيرة: أوهام طين
- -ملتقى المغرب الشعري- بفاس يطفئ شمعته الثانية
- حاملو الشواهد العليا لوزارة التربية الوطنية يعودون للاحتجاج ...
- الشاعر عبد الرحيم المرس يفوز بالنسخة الثالثة من ” تجارب شعري ...


المزيد.....




- الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم
- هآرتس: ربع الأسرى الفلسطينيين في سجون -اسرائيل- اصيبوا بمرض ...
- اللاجئون السودانيون في تشاد ـ إرادة البقاء في ظل البؤس
- الأونروا: أكثر من مليوني نازح في غزة يحاصرهم الجوع والعطش
- الأونروا: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...
- الاونروا: الحصول على وجبات طعام أصبح مهمة مستحيلة للعائلات ف ...
- الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم
- منظمة حقوقية يمنية بريطانيا تحمل سلطات التحالف السعودي الإما ...
- غرق خيام النازحين على شاطئ دير البلح وخان يونس (فيديو)
- الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ادريس الواغيش - بَابُ السُّفَرَاء