أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد كشكار - أحداثٌ طريفةٌ وَقعت لِي أثناء ممارستي لمهنة التدريس؟














المزيد.....


أحداثٌ طريفةٌ وَقعت لِي أثناء ممارستي لمهنة التدريس؟


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6049 - 2018 / 11 / 9 - 20:15
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


أحداثٌ وَقعت لِي ولبعض زملائي أثناء ممارستنا لمهنة التدريس، ندمتُ على بعضها وأعتزُّ بـبعضها واستغربتُ ما حدث لزملائي:
1. في معهد بومهل عام 1990، التحق بقسمي سابعة أساسي تلميذٌ متأخرٌ بعد شهرين. سألته لماذا؟ قال: رُفِتتُ من معهدي السابق. قلتُ: ما السبب؟ قال: ضربتني أستاذتي الجميلة بكفها على خدّي فقلت لها "كفٌّ من يديك كالعسل". ضحكتُ في قلبي ورحّبتُ به في حصتي.
2. في معهد برج السدرية في التسعينيات، أخطأتُ في حق تلميذ و"ضربتُه" بكف صغير على خده وما أقبحه فعل وخاصة أن الضربَ على الوجه، بطاقة تعريف الشخصية، هو من أسوأ أنواع الإذلال لأنه قد يعطِّل شغف التلميذ بالعلم وقد يحطم شخصيته والأسوأ من كل ما سبق أنه يصيب التلميذ بجرحٍ نفسي لا يندمل بمرور الزمن، ومَن منّا نسي صفعةً على وجهه تعرّض لها في حياته حتى وإن جاءت من أمه أو من أبيه. يا تلامذتي السابقون، تعدّدَت أخطائي، وعزائي الوحيد أنني أعرف أن عفوكم يا ملائكة من عفو الله، عفو أعظمُ. والله خجِلتُ من التلميذ ومن نفسي ساعتها ولا زلتُ إلى اليوم وبعد التقاعد أخجلُ من الاثنين معًا، ولن يزول خجلي حتى أحاسَبَ وأعاقَبَ على ما اقترفت يدِي اليُمنَى. وبعدها تكررت أخطائي رغم قلتها مقارنة ببعض زملائي ممن هم أكثر تعنيفًا لتلامذتهم. ومن سوء حكمتي وتدبيري، كنتُ أظن وقتها أنني أؤدبه رغم أنني أعرف أن العقاب البدني ممنوع في القانون التربوي منعًا باتًّا. وهل يؤدبُ الطفل بالعنف؟ لا أظن! توجدُ ألف طريقة تربوية لتأديبه دون استعمال العنف، لكن بصيرتي غابت حينها في لحظة غضب وأجرمتُ في حق الطفولة والغريب أنني كجُل الأساتذة أخبِّئ عجزي التربوي بالقول أن نيتِي حسنة. لا أعرف كيف اتصل المُعتدَى عليه بأمه فورا وأعلمها بخطيئتي الكبرى. بعد رُبع ساعة تقريبا قرعتْ أمه بابَ القاعة فوجدتُها في وجهي تلومني. قدّمت لها اعتذاري دون تردد. قالت: غَلَبْتَنِي وانصرفت. نادرًا جدا ما كنتُ أمارس الضرب رغم أنني كنتُ واعيًا تمام الوعي ومقتنعًا نظريا بعدم جدوى العقاب البدني وكنت أقول لزملائي ناصحًا: تسقط جميع حقوقكم الأدبية إذا بادرتم بالاعتداء على أي تلميذ لفظيا أو ماديا وكنتُ ألوم كل زميل يظلم تلميذا ويكتب فيه تقريرا ويحيله على مجلس التأديب. فمَن أولَى بالتأديب في مثل هذه الحالة؟ التلميذ أم الأستاذ؟ الأستاذ طبعًا!
3. في معهد برج السدرية في التسعينيات، في الحصة الأولى أي حصة التعارف، قام تلميذ وفاجأني قائلا: أنا أكره مادة العلوم وأستاذ العلوم. لا أعرف كيف نزلتْ عليّ سكينة لم أعهدها فيّ من قبلُ وقلتُ له هادئا: إن شاء الله معي أنا سوف تحب مادة العلوم وأستاذ العلوم. وكان الأمر كما وعدتُ. كبُرَ الشبل وأصبح مهندسًا "أدْ الدنيا" وكان حيث يُلاقيني بحرارةٍ يُحيّيني.
4. في معهد غار الدماء في السبعينيات، جاءني تلميذ محتجًّا على تدنِّي أعداده وقال لي بالحرف الواحد: "ميسِيو اهْرَدْتني في النُّوتْ". مسكتُ نفسي وقلت في قلبي "كل بلاد ورطالها" لأن كلمة " اهْرَدْتني"، كلمة عيب كبير في موطني جمنة.
5. في معهد غار الدماء في السبعينات، وفدتْ علينا زميلة علوم جديدة وأخذت قسم الثالثة ثانوي "أ" (التاسعة أساسي اليوم)، وهو قسمي السابق في السنة ثانية ثانوي "أ". دخلتُ مع الزميلة في أول حصة لها مع هذا القسم ظنا مني أن تلامذتي يحبونني ويصعب عليهم فراقي وظنا مني أيضا أنني أقدم خدمة هامة لزميلتي. قدمتُ زميلتي الجديدة إلى قسمي السابق وعند مغادرتي القاعة فرحًا بما صنعتُ وقبل أن أغلق الباب خارجا، سمعتُ تلميذا من تلامذتي السابقين يودعني بكل حب قائلاً: "ارْتحْنَا من رَبَّكْ" (أعتذرُ لقرّائي عن النقل الأمين بعد ما وصلني عِتابٌ من قارئ جمني محترَم). حينها عرفتُ أن التلاميذ قد يُظهِرون لك مودة ويُبطِنون العكس. لم أنسَ ذلك الدرس القاسي من تلميذي القاسي في بداية مهنتي، تعلمتُ من تلميذي الكثير ولو أنه كَسَرَ كبريائي إلى الأبد "وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم".
6. في معهد من المعاهد بالجمهورية التونسية، جاء متفقد علوم ليتفقد الأستاذ "أ" فلم يجده، فتفقد صديقي الراوي الأستاذ "ب". غادر المتفقد المعهد وبعد أسبوع بعث تقرير التفقد باسم الأستاذ "أ" الغائب حينها والذي لم يتفقده وأسند له خطأ 14 على 20 عِوض أن أن يُسنده لمَن يستحقه وهو الأستاذ "ب". احتجّ صديقي الأستاذ "ب" لدى المتفقد ولدى الإدارة الجهوية، لا حياة لمن تنادي، وبقي تقرير التفقد وعدد التفقد باسم الأستاذ "أ" إلى يومنا هذا. ونحن نردد ونقول "لا يضيع حق وراءه طالبٌ"، لو حصل كل مطالبٍ في بلادنا على حقه لأصبحنا نرويج إفريقيا.
7. في معهد من المعاهد بالجمهورية التونسية، أستاذة علوم متدينة أسرّت إلى زميلها وهو صديقي الراوي وقالت: "لن أدرّس تلامذتي وسائل الوقاية من الإصابة بالسيدا". قال لها مستغربًا: لماذا؟ ردت: "لأن الإصابة بالسيدا هي عقابٌ يسلطه الله على عباده الزناة والشواذ". تعليقي: جمعتْ الأستاذة بين الجهل بالعلم والجهل بالدين: تجهل العلمَ لأن فيروس السيدا قد يصيب إمامًا متعبدًا عند حقنه صدفة وخطأ بإبرة ملوثة، وقد يولدُ الطفل الملائكة مصابًا من أم مصابة، وقد حدث في فرنسا وتونس في الثمانينيات أن أصِيب عشرات الأطفال الأبرياء بالسيدا أثناء نقل دم لعلاجهم من مرض الناعورية (hémophilie)، وتجهل الدينَ أيضًا لأن القرآن يحثُّ على طلب العلم، واللهُ يعاقب العالِمَ الذي يحجب علما قد تكون فيه منفعةٌ للناس. وأي ناس في حالتنا هذه؟ أطفالٌ في عمر الزهور، حرامٌ وألف حرامٍ يا زميلة يا ناقصة علمٍ ودين (لو كان المخطئُ رجلا لقلتُ له نفس الشيء: يا ناقص علمٍ ودين)، حرام عليك أن تحرمي تلامذتك من الاطلاع على وسائل الوقاية من الإصابة بالسيدا وما ذنبهم يا تُرى؟ ألا يكفيهم إصابتهم بنقصِ عِلمِكِ ونقصِ دِينِكِ!

إمضائي
أجتهدُ فإذا أصبتُ فلي الأجرُ الموعودُ، وإذا أخطأتُ فلي بعضُه!
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران




#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كِذبة هجرة الفقراء من الدول الإفريقية إلى الدول الأوروبية!
- هويتي: هويةٌ واحدةٌ أم هويةٌ متعددةٌ؟
- تمجيدٌ ودفاعٌ عن مجانية الخدمات.
- ردٌّ وديٌّ وموضوعيٌّ على نصيحةٍ صادقةٍ قدّمها لي زميلٌ متديّ ...
- عقدة أوديب (الابن يتمرّد على أبيه): يبدو لي أن حزب النهضة ال ...
- يساريي غير ماركسي وغير ملتزم حرفيا بمقولات اليسار الماركسي ا ...
- محاضرة علمية -هل نُدرّسُ معارفَ أو قِيمًا في حِصَصِ العلومِ؟ ...
- ما هي العناصر المتوفرة في بيئة جمنة الخمسينيات التي تركت أثر ...
- كلمة حق في جار حق: جمنة الخمسينيات تعطي درسا في الجيرة الطيب ...
- شهادة على العصر: تجربتي كأستاذ تونسي متعاون في الجزائر.
- دعوة ثقافية
- جمنة وكل قُرَى تونس الستينيات تعطي درسًا في التنمية المستديم ...
- بعضُ مسبّبات الغش والعنف التلمذي؟
- حذار من مرض السكري؟
- الحزب الشيوعي والبوكت والوطد، هم وحدهم تقريبًا الذين يتحمّلو ...
- الضريرة المستنيرة.
- إهمال العامل الداخلي العربي المتسبب في الاستعمار و الإمبريال ...
- و الأذن تري قبل العين أحيانا.
- تكوين المدرسين في الإعلامية قبل تكوينهم في الإبستومولوجيا و ...
- هل العلم موضوعي أم متحيّز؟


المزيد.....




- ماذا قالت أمريكا عن مقتل الجنرال الروسي المسؤول عن-الحماية ا ...
- أول رد فعل لوزارة الدفاع الروسية على مقتل قائد قوات الحماية ...
- مصدران يكشفان لـCNN عن زيارة لمدير CIA إلى قطر بشأن المفاوضا ...
- مباشر: مجلس الأمن يدعو إلى عملية سياسية شاملة في سوريا بعد ف ...
- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد كشكار - أحداثٌ طريفةٌ وَقعت لِي أثناء ممارستي لمهنة التدريس؟