أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - كيف أكتبُ عن -عيد الحب”!














المزيد.....

كيف أكتبُ عن -عيد الحب”!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6046 - 2018 / 11 / 6 - 16:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




في يوم خريفيّ من عام 1988، مرَّ نعشٌ لا يسير وراءه إلا رجالٌ ثلاثةُ! فاندهش رجلٌ مثقفٌ وسأل المارّةَ عن المتوفى الذي خلت جنازتُه من الُمشيّعين! فعلم أنه عجوزٌ في السبعين، عاش عمرَه دون أن يحبَّ أحدًا، فلم يحبّه أحدٌ، ولم يحزن لفراقه أحدٌ. حزن المثقفُ وقرّر في نفسه أمرًا. حدثت تلك الواقعةُ في مثل يوم أمس 4 نوفمبر، وأما المثقف الكبير فكان "مصطفى أمين" الذي أسرع إلى مكتبه بجريدة الأخبار وكتب في عموده الصحفي: "فكرة"؛ يستأذن قرّاءَه في إطلاق ذلك اليوم عيدًا للحب، لكلّ مَن نسى الحبَّ، حتى نتذكّر ونُذكِّر بعضنا البعض بتلك القيمة الهائلة في حياتنا، التي لو غابت عن قلوبنا، نتحول إلى مجموعة من الهمج والوحوش. وكان "عيد الحب المصري" الذي تجاوز “عيد الفلانتين” إلى رحاب أوسع مدًى من مجرد العشق بين رجل وامرأة، إلى عشق الإنسان لكل البشر، خصوصًا لمن لا تربطنا بهم روابط معرفة أو مصلحة، أو قرابة أو عمل. الحبُّ في إطلاقه لله ولخلق الله.
فهل يجوز لي أن أكتب عن عيد الحب الذي مرَّ علينا حزينًا بعد الحادث الإرهابي الخسيس الذي وقع الجمعة الماضية واستشهد فيه مُسالمون عُزّلٌ من أشقائنا المسيحيين في المنيا كانوا يُصلّون ويدعون الله لمصر ولأبناء مصر؟!
الحبُّ العامُّ لكل الناس، قيمةٌ عليا لا يدركها إلا ذوو العزم الأتقياء. فأنت حين تحبُّ أطفالَك وأقرباءك، تشبه القطةَ التي تحبُّ أولادَها ثم تفترس الفأر، وتشبه الأسدَ الذي يحنو على أسرته، ثم يفترس الظِّباء. ولكي تعلو درجةً عن مرتبة القطة والأسد والحيوان، وتستحق لقب: "إنسان"، فعليك تجاوُز عشيرتَك ليُظلّل حبُّك مَن لا تعرف. في هذا يقول الألماني "مارتن لوثر": “الإنسانُ العادي يتوافق مع الجماعة التي ينتمي إليها. أما الإنسانُ الفائق؛ فيشعر بانتمائه للبشرية جمعاء؛ فيتجاوز حدودَ جماعته؛ ليخاطب الإنسانيةَ كلها بلغة الحبّ."
مرّ علينا عيدُ الحبِّ، والحبُّ غائبٌ! أين فرّ؟ وكيف سمحنا له أن يفرّ؟! لصالح مَن تركنا البغضاءَ تنتعشُ في الوطن الطيب؟ 
الكراهيةُ مرضٌ قاتل، الحمد لله أن عافانا منه. إن لم نحبّ بعضنا البعض، بأي عين نطلب من الله أن يُحبّنا؟ الحبُّ هو الَملَكة السماوية التي أمرنا اللهُ بها وزرعها في قلوبنا. لكن بعضنا أمعن في قتلها داخل روحه فراح يقتل أحدُنا الآخر، دون جريرة إلا الاختلاف في الفكر. والاختلاف رحمةٌ وثراء، لو يعرفون.
يُحكى أن الملكَ الفارسي أنوشيوان أعلن عن جائزة قدرها 400 دينار لمَن يقول كلمة طيبة، غير مسبوقة. ثم تجوّل في أرجاء مملكته بصحبة حاشيته. فشاهد فلاحًا عجوزًا تخطّى التسعين، يغرس شجرة زيتون. فسأله الملكُ متعجّبًا: "هل تغرس شجرةً لن تأكل منها، إذ تحتاج إلى عشرين سنة حتى تُثمر، وأنت طاعنٌ في العمر، ودنا أجلُك؟!" فقال الفلاحُ: "زرع السابقون؛ وحصدنا. كذلك نزرعُ ليحصد اللاحقون.” فقال الملكُ: “هذه كلمةٌ طيبة.” وأمر له بأربعمائة دينار.
لا أشفقُ على أحدٍ قدر إشفاقي على مَن حرموا أنفسَهم من تلك المتعة الهائلة: “محبة الناس". فـ"المُحِبُّ المانحُ" يستمتع بحبّه وعطائه أكثر مما يستمتع "المحبوب الممنوح". لو يعرف الباغضون هول النعمة التي حرموا أنفسَهم منها، لتعجّبوا من قسوتهم على أنفسهم. أولئك لا يتذكّرون قيمة الحبّ إلا لحظة الضعف والانكسار. يشبهون العقربَ الذي شاهده حكيمٌ جالس على ضفة النهر. وقع العقربُ في الماء، وراح يتخبّط محاولا النجاة من الغرق. مد الحكيم يده لينقذه، فلسعه العقرب. صرخ العجوز من الألم، لكنه مدّ يده من جديد، فلسعه العقربُ مجدّدًا. وحاول مرة ثالثة، حتى وبّخه صيادٌ قائلا: “ألم تتعظ يا رجل!” فلم ينصتُ العجوزُ للصياد وكرر المحاولة حتى أنقذ العقرب. ثم سار إلى حيث يجلس الصياد وربت على كتفه قائلا: “طبعُ العقرب أن يلسع، وطبعي كإنسان أن أحبَّ وأغيثَ الملهوف. فهل أسمح لطبعه أن يغلب طبعي؟" أحبّوا تصحّوا. كل سنة والأشرارُ طيبون، والطيبون أكثرُ طيبة.
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاثةُ رجال من مصر
- أنغام: وحشاني يا أختي جدًّا
- خيبتنا … مرآةُ ميدوزا في يد المايسترو
- سانت كاترين … هنا نُصلّي معًا
- أيامُ الرجل الكفيف
- ثلاثون عامًا على ميلاد الجميلة
- سوق برقاش... يا سيادة الرئيس!
- ليزا وأطفالي …. وقانون الطيران
- الرئيس يستثمر في الإنسان في مؤتمر شرم الشيخ
- الرئيس يستثمر في الإنسان
- مُعلِّمةُ البيانو
- كمال الجنزوري …. فارسُ البسطاء
- الطريق إلى العمّ نجيب
- دولة الأوبرا في حضن البتول
- يهودُ مصرَ …… المصريون
- دمشاو هاشم …. احذروا القُبلَةَ الخائنة
- رجاء الجميلة … سلامتك
- طوبَى لصُنّاع الفرح
- أشهرُ صفقة باب في التاريخ
- هرمُ الإسكندرية ... والشيخُ سيد


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - كيف أكتبُ عن -عيد الحب”!