|
الإخوان المسلمين بين العلن والسر .. والتعددية واللاتعددية
علي حسين العوضي
الحوار المتمدن-العدد: 1515 - 2006 / 4 / 9 - 12:48
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
دائما ما تحتل قضية " الفكر التنظيمي " لجماعة الإخوان المسلمين موقع الأهمية لدى العديد من الكتاب والمهتمين بالحركة وذلك لرصد أهم التحولات التي تحدث فيها ، إضافة الى معرفة موقف الجماعة من التعددية ومسألة إشهار حزب سياسي يحمل توجهات الإخوان المسلمين . وهذا الأمر سيؤدي بنا الى تناول " الفكر التنظيمي " للجماعة نحو إيضاح عدد من الحقائق والتي قد تكون قديمة ولكنها في نفس الوقت لازمة وضرورية لشرح أفكار وبرامج الجماعة في الوقت الراهن . ومن المهم جدا في هذا السياق أن نطرح عددا من الأسئلة التي تتعلق بهذا الموضوع والتي ستكون المحور الرئيسي في هذا المقال : 1ـ هل تقبل جماعة الإخوان المسلمين بالتعددية الحزبية ؟ 2ـ ما مدى التزام الجماعة بالقانون والدستور ؟ 3ـ لماذا لا يشهر الإخوان في مصر حزبهم بصورة قانونية ؟ 4ـ هل هناك شروط محددة يطالب بها الإخوان لإعلان حزبهم ؟
الموقف من الأحزاب والتعددية دائما ما يُعرف الإخوان المسلمون تنظيمهم بصورة تؤكد شمولية تنظيمهم وعلوه وتفوقه على التنظيمات الأخرى بسبب ربانية الدعوة وعالميتها ، ويتكرر في تعريف الإخوان أيضا تأكيد اجتماع الأفضل والأحسن فيهم فكرا وتنظيما ( حيدر ابراهيم علي : التيارات الإسلامية وقضية الديمقراطية ، ص 202 ) . ولهذا يُطالب حسن البنا مؤسس الجماعة بحل جميع الأحزاب المصرية لأنه لا يرى أي منطق يفرض على الشعب المصري من هذه الشيع والطوائف التي تسمي نفسها الأحزاب السياسية ، حيث فشلت محاولات المصلحين في الوصول الى وحدة ولو مؤقتة لمواجهة ظروف مصر العصيبة . ويخلص البنا في النهاية " ولم يعد الأمر يحتمل أنصاف الحلول ولا مناص بعد الآن من أن تحل هذه الأحزاب جميعا وتجمع قوى الأمة في حزب واحد يعمل لاستكمال استقلالها وحريتها ويضع أصول الإصلاح الداخلي العام ثم ترسم الحوادث بعد ذلك للناس طرائق في التنظيم في ظل الوحدة التي يفرضها الإسلام " ( التيارات الإسلامية وقضية الديمقراطية ص 198 – 199 ) . ورؤية البنا هذه مؤشر على رفض التعددية والمطالبة بحزب واحد والذي من الطبيعي أن يكون هو حزبه ( جماعة الإخوان المسلمين ) . ومهما تغيرت أقوال الإخوان في الفترات الزمنية اللاحقة ، فإن قناعاتهم وأفكارهم ما تزال قائمة ولم تتبدل أو تتغير .
الوجود القانوني للجماعة في دراسة قيمة بعنوان " الحالة التنظيمية لحركة الإخوان المسلمين " والتي كتبها أبو العلا ماضي ضمن ملف خاص حول جماعة الإخوان المسلمين نُشر على موقع ( الجزيرة نت ) في العام 2002 بعد وفاة المرشد الخامس للجماعة مصطفى مشهور ، تناول الكاتب مشكلة الوجود القانوني للجماعة في مصر . ويحدد أبو العلا ماضي في دراسته طبيعة تشكيل جماعة الإخوان المسلمين في مصر والتي كانت " مسجلة كهيئة إسلامية شاملة وفق الدستور الذي كان موجودا في ذلك الوقت دستور عام 1923 والقانون المنظم لهذا الشأن .. ثم حدثت تطورات كبيرة في المجتمع المصري بعد ذلك وخاصة بعد الصدام الشهير بين الجماعة والنظام الناصري في ذلك الوقت عام 1954 ، وحلت الجماعة وتم تغيير الدستور مرتين ، مرة عام 1956 ، والثانية في ظل حكم الرئيس السادات عام 1971 ، وتغيرت كذلك النصوص القانونية المنظمة للشأن العام ، وأصبح الدستور والقانون لا يسمح بالنشاط العام إلا من خلال شكلين إما حزب سياسي وفقا لقانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 ، وإما جمعية خيرية تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية وفقا للقانون رقم 32 لسنة 1964 الذي تغير أخيرا مرتين ، مرة عام 1999 بالقانون رقم 153 ، ومرة بالقانون رقم 84 لسنة 2002 ، وبالتالي عودة الجماعة بالشكل القديم كهيئة شاملة هو أمر مستحيل" .
حديث المرشد ومناسبة هذا الحديث هو ما نشرته جريدة ( الحركة ) الواجهة الإعلامية الجديدة للحركة الدستورية الإسلامية في الكويت في عددها الصادر بتاريخ 27 فبراير 2006 لحوار شامل مع المرشد العام لتنظيم الإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف والذي تناول فيه عددا من القضايا والأمور من وجهة نظر جماعة الإخوان . وقد سُئل المرشد في هذا الحوار حول مسألة إنشاء حزب سياسي يحمل توجهات الإخوان ، حيث أكد في إجابته بالقول نحن " لا نقبل أن نتقدم بطلب للحصول على حزب من لجنة غير دستورية ( لجنة شؤون الأحزاب ) فنحن نأخذ شرعيتنا من الشارع والدستور ، ومع ذلك نحن مستعدون لإنشاء حزب إذا تم إلغاء قانون الأحزاب وقانون الطوارئ ولجنة شؤون الأحزاب وذلك انطلاقا من رغبة الإخوان في تحقيق إصلاح شامل في مصر " . ومن إجابة المرشد نستشف إعلانه الواضح أن شرعية جماعته يأخذها من الشارع المصري ومن الدستور المصري الذي يرفض المرشد التعامل معه وإشهار حزبه من خلاله !! كما كيف للإخوان أن يأخذون الشرعية من الدستور ، والدستور يرفض في المقابل حزب الإخوان ؟! ويُحدد المرشد أيضا في سياق إجابته شروطه الخاصة لإنشاء حزب الإخوان والتي تتمثل بإلغاء قانون الأحزاب وقانون الطوارئ ولجنة شؤون الأحزاب ، ويمكن لنا أن نتفهم مطالبات المرشد بإلغاء قانون الطوارئ ولجنة شؤون الأحزاب ، ولكن أن يُطالب بإلغاء قانون الأحزاب فهذا الأمر غير مفهوم ومبهم في الوقت ذاته ، فعلى أي قانون إذن سيستند المرشد لإشهار حزبه إذا تم إلغاء قانون الأحزاب ؟ واعتقد أن المطالبة بتطوير القانون نحو المزيد من مساحات العمل والحريات بالنسبة للأحزاب السياسية أفضل من المطالبة بإلغائه ، لأن بإلغائه يتم إلغاء وحل جميع الأحزاب السياسية لعل هذا الأمر هو مقصد الإخوان ، فالإخوان ما يزالون يرفضون التعددية والأحزاب الأخرى ويُطالبون بحزبهم الأوحد فقط .
مشكلة الوجود القانوني ولكن ماذا عن مشكلة الوجود القانوني للجماعة في مصر ؟ يقول أبو العلا ماضي في دراسته المشار إليها سابقا " منذ إعادة ترتيب الجماعة في عهد الرئيس السادات ومشكلة الوجود القانوني للحركة غير محسومة ، حيث عرض الرئيس السادات على قيادات الجماعة عودة الجماعة من خلال تأسيس حزب بغير اسم الإخوان المسلمين وإبعاد رجال الجهاز الخاص عنه ، ولكن القيادات الموجودة في ذلك الوقت ـ وأغلبها من رجال الجهاز الخاص ـ رفضوا هذا العرض وتمسكوا باسم الجماعة ، فوافق الرئيس السادات على العمل الضمني دون رخصة وفق سياسة الضوء الأخضر ، ولم تسع قيادات الجماعة في مصر سعيا حقيقيا منذ ذلك التاريخ حتى الآن لحل هذه المشكلة ـ مشكلة الوجود القانوني ـ مكتفية بالرد على من يطلب منها ذلك من أفراد الجماعة بأن هناك قضية مرفوعة في مجلس الدولة ( القضاء الإداري ) يُطالب فيها الإخوان بالحكم ببطلان قرار حل الجماعة الصادر عن مجلس قيادة الثورة عام 1954 ، وهي قضية حتى لو حكمت المحكمة ببطلان قرار الحل فلن تعود الجماعة كما كانت بسبب تغيير الدستور والقانون ، وستأمر المحكمة في هذه الحالة ـ جدلا ـ بإعادة توفيق الأوضاع وفق القوانين الجديدة ، إما التقدم بحزب أو جمعية فهو أمر لا يحتاج لحكم محكمة لأنه متاح أصلا بغير ذلك من الناحية النظرية " . هذه هي الحقيقة التي أغفلها مرشد الإخوان سواء عن عمد أو سهو ، فالجماعة لا تريد العمل العلني والذي هو متاح أصلا بل تُفضل السرية في العمل والذي يتيح لها العمل من الأسفل لرسم السياسات والمخططات لإسقاط الأنظمة بخلاف العمل العلني الذي يجعل الجماعة تحت المجهر الدقيق لرصد تحركاتها وخططها .
#علي_حسين_العوضي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-أسبوع الخليج العربي- .. أين هو الآن ؟
-
وبانتظار المظاهرات .. يا إخوان
-
التمكين .. وخطة إخوان الكويت
-
الشباب الوطني الكويتي والدور المطلوب
-
في نقد الحركة الوطنية الكويتية - الجزء الثالث
-
في نقد الحركة الوطنية الكويتية - الجزء الثاني
-
في نقد الحركة الوطنية الكويتية - الجزء الأول
-
لمحات من تاريخ الحركة الطلابية الكويتية - الجزء الرابع
-
لمحات من تاريخ الحركة الطلابية الكويتية - الجزء الثالث
-
لمحات من تاريخ الحركة الطلابية الكويتية - الجزء الثاني
-
لمحات من تاريخ الحركة الطلابية الكويتية - الجزء الأول
-
لماذا خسر التيار الوطني في الكويت الانتخابات الطلابية ؟
-
قراءة في أطروحات د. أحمد الخطيب - الحلقة الثالثة والأخيرة
-
قراءة في أطروحات د. أحمد الخطيب - الحلقة الثانية
-
قراءة في أطروحات أحمد الخطيب - الحلقة الأولى
المزيد.....
-
“فرحة أطفالنا مضمونة” ثبت الآن أحدث تردد لقناة الأطفال طيور
...
-
المقاومة الإسلامية تواصل ضرب تجمعات العدو ومستوطناته
-
القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل-
...
-
مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
-
ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|