أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رشا الخفاجي - صراع المدنية والبدائية














المزيد.....

صراع المدنية والبدائية


رشا الخفاجي
(Rasha Alkhfaji)


الحوار المتمدن-العدد: 6043 - 2018 / 11 / 3 - 19:54
المحور: المجتمع المدني
    


يقول توينبي ان الصفة الرئيسية التي تميز المدنية عن البدائية هي الابداع , فالحياة البدائية يسودها التقليد بينما الإبداع يسود حياة المدنية .
ان البدائية هي عيشة البشر وارثه منذ ثلاثمائة الف سنة تقريبا , لقد كان البشر قانعنين بحياتهم البدائية بصورتها الاولى فهم يلبسون من الشجر وياكلون من ثمارها وثمار الارض غير ابهين بالغد , ولكن العصر الجليدي وما جاء معه من تغيرات اثرت في سبل الرزق والعيش , حركت اذهان البشر ودفعتهم الى التفكير , واخذوا يجهدون في البحث عن سبل شتى لاستمرار عيشهم , وبهذا انفتح باب التحضر امامهم , ان الانسان الذي يجد اكتفاءه من المأكل والملبس تراه يرون الى الكسل فالبال مرتاح وقوت غد امن , فشعار البدائيين :( القناعة كنز لا يفنى ) , ويحدثنا بيري , المكتشف المعروف , عن مرة سأل فيها احد رجال الاسكيمو : ( بماذا تفكر) فأجابه الرجل :
( ليس هناك داع للتفكير , فعندي كمية وافرة من الطعام ) .
ان المدنية هي نقيض البدائية ومن اوجه التناقض بينهما هو القلق والراحة ففي المدنية ترى الناس قلقين من غدهم وما يحمل لهم , قلقين ومسرعين على الدوام تراهم يلهثون خلف الحياة كأنهم في ماراثون مستمر , اما البدائية فيسودها الراحة وعدم اشغال الذهن بالغد ودائما ما نرى اهلها يلتجأون الى الدعاء مثلا عند مرضهم بدل الاطباء والتحاليل والعمليات وافة القلق التي تنخر البدن قبل المرض , فتراهم سعداء بقدرهم متضرعين للرب بالدعاء .
ان المدنية هي من اقامت الحضارات فالحراك الاجتماعي الذي حدث بعد العصر الجليدي عندما بدا الانسان يحرك ذهنه ويفكر , بدأت تظهر الجماعات والقبائل وتتكون المجتمعات التي اعطت لنفسها صيغ وتسميات وصفات تميزها عن الاخرى , وبدأ الانسان يفكر بالزراعة ويرتب اوقات يومه بين الحرث والزرع والحصاد بالاضافة الى اضطراره الى التفكير بالنجوم والكواكب ومعرفة الاوقات لضبط مواعيد الزراعة والحصاد وقرأت الطقس وتقلب احواله , ومع قرأت الفلك والنجوم وتأمل السماء بدأت بذرة الشك تسقى وتنمو في النفس البشرية حول الشك والحقيقة والتساؤل المستمر حول الكون والخلق والذي جمع في كلمة (لماذا ), فبدأ الانسان يتجه الى التفكير بالرب وخلق اشكال مختلفه له حسب الفكر والبيئة والحاجة , ومنها بدأت القصص والاساطير تسطر على سطور التاريخ .
أذا ان المدنية موجودة منذ القدم والمدنية هي الابداع والحراك الذهني والبدني والنفسي المستمر ولهذا دائما ما تجمع مع القلق والتفكير والتوجس والخوف , لان الكون في تطور مستمر , ويذكر الشهرستاني في كتاب الملل والنحل , أن ابليس أحتج على ربه ووجه اليه سبعة اسئلة بصيغة ( لماذا ) ؟
فمثلا من بين السبعة الاسئلة جاء سؤاله الاول : أذا كان الله قد علم قبل خلقي أي شيء يصدر عني ويحصل مني فلماذا خلقني أولا , وما الحكمة من خلقه أياي ؟ ,وسؤاله الثاني: لماذا كلفني بمعرفته وطاعته وهو الذي لا ينتفع بطاعة أحد ولا يتضرر بمعصيته ؟ , وحين خلقني وكلفني فالتزمت بتكليفه بالمعرفة والطاعة لماذا كلفني بالسجود لادم ؟ وما الحكمة من هذا التكليف ولماذا لعنني واخرجني من الجنة حين قلت (لا أسجد الا لك وحدك ) ..... , ويتابع الشهرستاني الاسئلة السبعة ليأتي بجواب الرب عن هذه الاسئلة حسب رأي الشهرستاني والعهدة عليه , ان الله أجاب على حجج ابليس قائلا : ( لو كنت يا ابليس صادقا مخلصا في الاعتقاد بأني إلهك وإله الخلق ما أحتكمت عليً بكلمة لماذا ؟ فانا الله لا اله الا انا , غير مسؤول عما أفعل والخلق كلهم مسؤولون .
كان الانسان قبل ظهور المدنية قانعا مطمئنا لا يسأل لماذا ؟ ( إنـَّا وجدنا ءاباءنا على أُمَّةٍ وإنـا عَلَى ءَاَثَارِهِم مقُتَدُونَ ) . فكان سعيدا من الناحية النفسية سعادة تحبب له الحياة , أما عند مجيء المدنية فقد اخذ يفكر فيما يفعل لمعالجة مشكلاته الجديدة التي لم تطرأ على بال الاباء والاجداد , وأنه اصبح رفيقا للشيطان , مبدعا خلاقاً من ناحية وشقيا كادحا من ناحية أخرى .



#رشا_الخفاجي (هاشتاغ)       Rasha__Alkhfaji#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وزير الخارجية اللبناني: مستعدون للتعاون مع دمشق لإعادة الناز ...
- مصر.. حكم بإعدام 5 أشقاء وتبرئة والدهم
- جيروزاليم بوست: وفد إسرائيلي يغادر قريبا لإجراء محادثات بشأن ...
- هيومن رايتس ووتش تتهم إسرائيل بشن هجمات عشوائية على مدنيين ف ...
- الجامعة العربية: إسرائيل تسعى للتطهير العرقي وتهدد استقرار ا ...
- العفو الدولية تتهم إسرائيل بشن هجمات عشوائية على المدنيين في ...
- العفو الدولية تتهم إسرائيل بشن هجمات عشوائية على المدنيين في ...
- تصاعد المعارك في الفاشر غربي السودان وعدد النازحين يتجاوز ال ...
- العراق وإسبانيا يوقعان اتفاقية أَمنية لمكافحة الإرهاب والاتج ...
- حطام غزة في الزنازين.. كيف تعذب إسرائيل الأسرى بالصور؟


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رشا الخفاجي - صراع المدنية والبدائية