أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رولا حسينات - ملحمة الرأي الآخر















المزيد.....

ملحمة الرأي الآخر


رولا حسينات
(Rula Hessinat)


الحوار المتمدن-العدد: 6041 - 2018 / 11 / 1 - 13:08
المحور: المجتمع المدني
    


مدّ بصره نحو الأفق البعيد وقد التصقت المئذنتان بالغيوم الزرقاء فيما بقيت الأبراج الأربعة محدودة الارتفاع عندما ثغت آخر أغنامه البيضاء بتوشيحة بنية وقد استحال لون الشفق إلى الأحمر الداكن لفح جسده بمعطفه الصوفي وتوسد كومة التبن التي هجعت عليها أغنامه وبقي يفكر بقبيلته التي عانت الجوع والموت الأيام العشر والتلال العشر التي عبرها مع أمه هرباً من قبضة الموت حتى تلقفها الموت في الطريق، وبنى قبراً من عشرة أحجار والقباب العشر التي مرّ عليها في القرى الثماني التي سار في طرقها وأعوامه الخمسة عشر التي يقطفها الواحد تلو الآخر بقفطانه المهلهل الذي يكبر وإياه، ما يميزه عن غيره سوى الفقر. نعم، الفقر ليس غيره؟
قبض إليه قبضه من تبن سحقها بيده وأغلق عينيه مستسلماً للنوم في ليلته السادسة عشر في رعاية الخراف مع أوائل فصل الصيف...
الصوت الذي تناهى لأذنيه لم يكن مألوفاً، ولذلك كانت يقظته أسرع من أن يصدق نفسه فقد كان واثباً إلى الكوة الصغيرة في الحظيرة التي أشرف على بنائها سبعة رجال من الأشداء من القرية؛ التي تبعد عنه الآن يوماً ونصف اليوم فقد اختير مكان الحظيرة بعناية لتستطيع فيه الخراف الرعي في المروج الواسعة بعيداً عن بيوت القرية المتراصة كعقد فلا يفصل البيت عن البيت إلا بعضاً من أشجار العوسج أو بضع أتلام مزروع فيها نبات الكوسا واليقطين أو الكزبرة والنعنع أو ربما بئر للماء لم ينته بناؤه بعد أو حجارة متكدسة تنتظر أحداً ليرتبها بعناية، وبقيت البيوت تمتد وتمتد حتى لم يعد هناك أراض لتزرع ومع ذلك آثر الجميع الاستمرار مذعنين لكل المصائب التي تقع فوق رؤوسهم.
القصص الكثيرة التي يمد التفكير إليها كثيراً من حباله تنطبق بالضبط على المواطن الأردني الذي رضي بالمقسوم وفي كلّ مرة يستغرق في نيمة طويلة يصحو على شيء جديد...
على إحدى عجائب القرارات الغريبة ولعل أقربها أن يرضى عنوة أو لنقل بطريقة راقية بقانون الضريبة الجديد؛ الذي بدأ بتعديلاته الجديدة أشد وطأة على المواطن مما مضى، المثير في الأمر أن الطريقة الالتفافية بالطرح الدبلوماسي لعرض القانون وتعديلاته لم تمرّ على فكر المواطن البسيط كما يروج لذلك.
إذ أنّ المراهنة على البساطة لم تعد صحيحة بالمطلق فحبة الألرفين السريعة المفعول لن تكون لها فائدة، الأمر الذي سيجعل مرور هذا القانون أمراً مفروغاً منه...
وعلى الرغم من الرفض القاطع له جملة وتفصيلاً...
فهو سيمرّ إن شئنا أم أبينا لأن هذه ببساطة قرارات صندوق النقد الدولي الصديق الذي يسعى للخروج بالشعوب من مآزقها الاقتصادية ليوقعها في فخ مصائب أشد وأمر.
القصة الجديدة التي استيقظ المواطن الأردني عليها هي: قصة قانون الجرائم الإلكترونية...
في البداية يبدو هذا القانون مقنعاً؛ إذ أنّ هناك الكثير الكثير من التجاوزات بالطرح على وسائل التواصل الاجتماعي والتي اخترقت جميع الخطوط بألوانها المختلفة، وعلى اختلاف أنواعها من العريض للغامق وللمتقطع ولغيرها، وربما لكل الأسقف المجتمعية ولكن بقي منها مغطى بطريقة ما غير مفهومة..!
ولكن الفكرة بحد ذاتها لا تستحق خلق قانون تجريمي يضرب بالحريات التي ضمنها الدستور الأردني عرض الحائط.
من السياسات الدارجة السماح بقانون التظاهر؛ وذلك للتنفيس عن الشعوب المضغوطة لسبب ما بالخروج والشجب والاستنكار، وعندما ينفض الجمع يكون كل من شارك في هذه المظاهرة قد حقق حلمه وكفل لنفسه قصصاً بطولية لأشهر طويلة، وربما يفكر بتأليف كتاب بخصوص مشاركته حامية الوطيس...
وعندما ظهرت التكنولوجيا وانتشرت بين جميع الطوائف المختلفة الإيدلوجيات والخلفيات الاجتماعية والطبوغرافية والجيوسياسية أصبح من السهل على المواطن إبداء رأيه، الشجب أو الاستنكار أو تبادل السباب بطريقة مشروعة حسب رأيه.
الحقيقة التي لن نختلف عليها هي أن هناك مفهوم الأدب العام الذي لا يصل إلى هذا الانحدار في تراشق أنواع السباب المختلفة أو الانحدار الأخلاقي في الطرح، ولكن في نفس الوقت لا يصل لقانون تجريمي يزج بصاحبه إلى السجن؛ إذ أنّ هذه الفسحة الافتراضية الضيقة هي بمثابة المظاهرة السلمية التي تسمح للمواطن بالتنفيس عن نفسه والخروج من إطار الضغوطات وتزيح عن كاهل الحكومات بكافة مؤسساتها المسؤولية.
الفساد هو حقيقة لن يختلف أحد عليها وإلى أن يأتي اليوم الذي ينتهي فيها وجوده ما الذي سيستفيد منه المواطن الأردني
الأمر الذي لم يعرفه الفاسدون في برجهم العاجي، وبأصبغة شعرهم والبدلات الرسمية والعطور ذات الماركات العالمية، أنّ ما يطلبه المواطنون هو أن ينالوا جزءاً من هذا الفساد لنقل ضريبة طوعية يقدمها الفاسدون للشعب المسحوق تحت طائل الضرائب التي تستهدف جيبه وراتبه الضئيل.
هذه الضريبة الطوعية تكمن بالمشاركة تحت أي مسمى، فالمسيات أمور شكلية لا يعول عليها مثلاً: كبناء مستشفى مجاني مجهز بأحدث التكنولوجيا الطبية أو تحديث أقسام علاج السرطان، وتبني نسبة كبيرة من المصابين به أو ربما في دعم صندوق الطالب المحتاح أو الطلاب المبدعين أو تقديم سلعة خدمية غير مقبوضة الثمن أو تخفيض سلعة ما أو مساعدة تجار الماشية أو القيام بالكثير من المساعدات التي يحتاجها المواطنون.
عملية اجتثاث الفساد أمر بالغ الصعوبة إن لم يكن هناك قبضة حديدية وإرادة صلبّة على التغيير مهما كان الثمن دون حواجز وبنزاهة كاملة دون أن تخفى الأسماء أو تهرب شخصياته خارج حدود الوطن، ودون أن ينادي مجلس النواب الذي تم انتخاب أعضائه من قِبل المواطن بقانون الجرائم الإلكترونية.
الغرابة تكمن في هل سيزج بكلّ الأردنيين خلف القضبان وتصبح قضية أحدهم كقضية الخاشقجي تؤرق الرأي العام العالمي في سبيل المطالبة بحرية الرأي التي كفلها الدستور، ولكن بشرط أن يكون حاملاً للمزايا التي تميّز الخاشقجي عن كثير من سجناء الرأي الذين يربضون في السجون السعودية...والعربية.
الاختلاف هو ظاهرة صحية من أهم إيجابياتها أن صانع القرار يستطيع رؤية كافة الأبعاد من أجل السير بطريقة تنموية هدفها البناء ....
الأردنيون الذين اعتادوا على شرب الحنظل حلواً بدلاً من الماء يستطيعون الصبر بطريقة ملفتة ومتميزة ولن يضير الكثير من المسؤولين شيء أن يعيش البسطاء في عالمهم الافتراضي قليلاً...



#رولا_حسينات (هاشتاغ)       Rula_Hessinat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من عرس الباقورة إلى فاجعة البحر الميت
- مناورة السبع دقائق...
- بين الاحتيال والاحتيال هناك شرفاء أبطال
- بين المحار والغنتنامو الروسي
- سلامه
- فتاة المومياء
- الكاتبة امال الفتلاوي: (حقوق الحب محفوطة للكفيل)
- هدنة مع الجان
- كيمياء الحب
- حمى البحث عن الذهب في الأردن هوس بلا حدود...
- فريق تعافي لا نهوض
- كما تكونوا...
- حكومة أميرية في الوقت الصعب.... الأردن أولاً...
- محمد صلاح في ظل الأزمة
- حواديت حواء..الكتاب الإلكتروني للفائزات في مسابقة الأديبة ال ...
- العدوان الثلاثي بين عام 56 وعام 2018
- وكانت مريم
- قارب ورقي
- عبد المولى
- الريادة في الأعمال


المزيد.....




- المقررة الاممية البانيز: مذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت غير كا ...
- شاهد.. مواقف الدول المرحبة بقرار اعتقال نتنياهو وغالانت
- لماذا لم تعقب الحكومات العربية على قرار اعتقال نتنياهو؟
- تظاهرات بفرنسا تدعو لتطبيق قرار اعتقال نتنياهو وغالانت
- صحيفتان بريطانيتان: قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نت ...
- كاميرا العالم توثّق الوضع الإنساني الصعب بدير البلح وسط غزة ...
- أول دولة أوروبية تدعو نتانياهو لزيارتها بعد مذكرة الاعتقال م ...
- -اعتدى جنسيا على أطفال بالقوة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام ...
- -نقل لاجئين سوريين من مساكنهم لإيواء أوكرانيين-.. مسؤول ألما ...
- ألمانيا: انتقادات حادة لشركات خاصة تدير مراكز إيواء اللاجئين ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رولا حسينات - ملحمة الرأي الآخر