أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عباس الحسيني - عراق لنا ، عـــراق هناك















المزيد.....


عراق لنا ، عـــراق هناك


عباس الحسيني
شاعر ومترجم وكاتب معرفي

(Abbas Alhusainy)


الحوار المتمدن-العدد: 430 - 2003 / 3 / 20 - 02:39
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

وفيما كان المخرج الروسي ليفي بونرشــوك ، يحاول جاهدا العزف ، او العزوف عن حقائق ثورة  اوكتوبر الأحمر ، كان احد نقاد السينما من الفرنسيين يـــردّد :

 من ان ما قد تساقط من الدماء في فلم الحرب والسلام ، وهو الفلم المعد لأرشفة وتدوين ثورة أوكتوبر الكبرى ، على انها من الغزارة ، بحيث ان الفلم بـــدا وكأنه بعيدا كل البعد عن منوال تلك الواقعية الإشتراكية الحقة ، او كما يسميها اهل الجنوب في العراق ( الواقعية الدسمـــة )  

وهي ما يحبذ تشذيبذها ومن ثم تلقيبها ، بإشتراكية الرفاق البواسل !! .

كان الزمن بين اوكتوبر الأمــس الضائع ، وبين غورباتشوف الأمس القريب ، وكأنه زمن احتضار وتوجس وإحباط .

واما بالنسبة الى حقائق الوطن الأجل في مخيلتنا : ( عراق القضية الراسخه ) ، فقد ذهب احد الأخوة العرب الى دماء العراقيين من العــزة بحيث ان العرب التي لا تحرك ساكنا ، ليست من الرخص والضآلة والسكون لتدع تلك الدماء تخـــر على الأرض دون إكتراث ، وفيما انبـــرى آخر من عروبة اللألـــم ، الى ان رحيل صدام ( النفط والمتاجره ) انما هي مسألة محسومه ، وان العراقيين الغيارى  .... والـــــ........

والى ذلك ابدأ قولـــتي ...

ففي زمن الحرب العراقية الإيرانية ، قام النظام العراقي ، وبمعية إستشارييه من حملة اللا ضمير واللا دراية ، على استصدار وتصدير إلفاظ ومصطلحات غريبـة وقاسية ، منها الفرس المجوس والشياطين وعرب الهويه ( في تناس لقوله تعالى : وكنتم خير امة احرجت للناس....  )  ،  وفي الحرب الخليجية المدمـــرة الثانية ، كانت الألفاظ على غرار ( أم المعرك !!  ويوم الزحف الكبير !! ، والمنازلة الكبرى !! ، وكلها الفاظ شروع وتوجس هوليوودية مهيضة ) ،  والى ذلك احصى احد الأصدقاء الأدباء جعبة الصحافة والمنشورات في العراق حلال عقدين لبيان أنماط التنوع والإبداع فيها ، فخرج بنتيجة مفادها ان تلك الصحافة ، مجرد صحافة مدورة ، لا تذهب إلا الى جملة من التعابير والألفاظ المؤسساتية المكررة ، وذات الجمل المملة والوعي المتراتب ، هذا ناهيك عن الصورالمادية للقائد والمكررة هي الأخرى والمكــرسة في كل باب وشط وولاية ودربونة وكراج  ومدرسة وجامع ومخفر ونهاية وبداية ومن الباب الى المحراب على حد قول أهل النجف .

كان هذا المد من الألفاظ ، وهو ينهال علينا ، ونحن صبية حتى كبرنا على هذا اليقال ، لنكتشف وبعد هنيهة من الوعي والتجاوز ، ان القائد واقصد الرجل (  صدام ) ، مريض من النخاع الى النخاع ، وان مسؤوليه وممثلي وزاراته ومؤسساته وحزبه وافراد قمعه ، هم الآخرون مرضـــى ، وكما يشير علماء اللغة ومنهم تشومســــكـي الى ان ترديد الصياغة اللفظية الآنية والحبسة في التأتأة المغلوطة ، ما هما إلا نتاج للوعي المهيض في داخل الأنـــا الناطقة ، والى ذلك حلت لغة القرية ( العوجة ) محل لغة الضاد الزاخرة ، وحل اللون الكاكي ( المشرف بجنود القضايا ) محل الوان الحياة الزاهية ، وحل الضباط والحرس والشرطة والمغاوير وفدائيو صدام والجيش الشعبي والرفاق وقوى الأمن والإستخبارات وعشرات المسميات القمعية الأخرى ، محل المدنية الجميلة والتحضر الرائع ، وحلت الفاظ العرب الخونة وعابروا الحدود محل الفاظ الأخوة الحقة والوطن المفتوح مزارا وملاذا وعلما وسياحه ،

 فيما حل صدام ، قســـرا وبملامحـــه الحزينة تارة والفرحة  توجسا والصابرة خوفا والمنتقمة جهالة ، محل رجالات ونجوم الأدب ة الثقافة والفن والسياسة والوعي وكل مرافق الحياة الأخرى ، على الضد من كل خصائص ونشاطات المجتمع المدني المتحضر .

واما وجوه العراقيين فقد تعبت حقا واصبحوا كلهم متشابهين ، فــلا داخل ولا خارج ، ولا تزاوج ولا حب ولا خصوبة في الإنجاب ، ولا تطلع الى الغد ولا حوافز في الحنين الى اي إبداع  ، انهم مسجونون ومسيرون ـ من الكهولة الى الطفولة ، فحتى الطفولة أصبحت تولد وهي موؤودة ، طفولة تولد ، وهي كهلة على الرغم منها –  فلا العاب ولا رياض ولا طغام ولا حلوى ولا أمان ولا حنين ، إنها القيافة الخضراء  والواجب المجهول واليــــتـــم المكتوب على جســـد  الشعب الذي لم يختار هذا الرجل وقد امتحن به دون ان يجيء به .

وإذا عدت مشانق النظام رحلة عادية  يومية ، فإن رحلات الجوع والهضم والضيم واللا عدالة واللاتساوي ، هي النسب الأخرى ، ففي عالم عراق اليوم ، يتطلع العراقيون الى حقيقة رحيل هذا الرجل ، لحظة أثر أخـــرى ، وثانية بثانية وامنية على صدى أمنية ، ومنهم من يرى الواقع حلم وان رحيل صدام إعجوبة ، بل هي معجزة ، ومنهم من لا يصدق حتى اميركــا في قصدها تجاه هذا الرجل الذي الذي بات ينتظر رصاصات الرحمــــه ،

وعلى الجانب الآخر ، هناك العراق كل العراق عراق الحسين عطشانا ، والفرات اسيرا ولكن ليس الى الأبد ، عراق الأماني والجراح والأزمنة الضائعة ، عراق الوعي والفكر والتأريخ المطّرز برؤى الإبداع والإزدهار ، عراق الجياع والمبعدين والعائدين والناحبين والسكارى على مصاطب ابي نؤاس وسياب الحزن والحنين ، عراق الأرامل والعاشقات والأمهات ، عراق الجواهري والبياتي وسعدي يوسف والنواب عراق الحنين من دجلة الى داخل حسن وحضيري ابو عزيز وهوى الناس ، عراق البداية واللا نهايـــــــه ، عراق التواصل والتماثل واليمين واليسار ، عراق الملكيات والجمهوريات والتكتلات والقوميات والإعتفادات واللاطمات والراحلات والواهبات ، عراق الحقائق والظواهر والتوابيت والأضرحة والمشاعل ،

 عراق الأجنة والجذور والأمكنة ،

عراق لنــــــــا ، عراق حنين
عراق هنــــــــــــــاك .

" كل الأغاني انتهت إلا اغاني الناس "
 

عباس الحسيني – شاعر ومترجم – أميركا

[email protected]

 



#عباس_الحسيني (هاشتاغ)       Abbas_Alhusainy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الى فهد الأرض - الى فقيد الحزب الشيوعي الباسل ، وكل رفاق الح ...
- زفـــــرة البراق الأخـــير
- نشيد الذبول
- احنّ اليـــك
- ثمة فراســـخ عن الغد
- لنهر ومحراث ارض
- الفاتحون محررون
- آباء وابناء
- الى أدكار الن بــــــــــو ، شاعرا ومعذبا
- بـــــلاد
- آلـــة الشلل المعرفي انمدوذج للأنقطاعات في أنساق التاريخية
- xxx اكس اكساكس فلم العرض الأول عولمـــة في درامـــا محابرات ...
- انهم يقتلون قمـــر الثــوار
- الشاعرة - دنيا ميخائيل : الحرب والحياة
- الآخرون في غيهب مــــــا
- أكذب دماء المسرح
- ألم عراقي


المزيد.....




- شاهد.. ركاب يقفون على جناح طائرة بعد اشتعال النيران بمحركها ...
- سوريا.. القلم الأخضر بيد أحمد الشرع عند توقيع الإعلان الدستو ...
- كالاس: وشنطن وعدتنا بعدم قبول أي شروط روسية حول أوكرانيا إلا ...
- الاتفاق بين دمشق والأكراد.. ماذا عن التفاصل والآثار المحتملة ...
- سوريا.. محافظ اللاذقية يعزي سيدة من الساحل في مقتل نجليها وح ...
- شيخ الموحدين الدروز الحناوي: لم نطلب الحماية من أحد ويجب إعط ...
- طهران: العقوبات الأمريكية الجديدة دليل على الخداع وخرق القا ...
- حريق ضخم في أحد مباني المعامل المركزية لوزارة الصحة المصرية ...
- محامو الطالب الفلسطيني محمود خليل يطالبون بالإفراج الفوري عن ...
- اكتشاف قد يحدث ثورة في علاج داء الثعلبة


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عباس الحسيني - عراق لنا ، عـــراق هناك