سليم نزال
الحوار المتمدن-العدد: 6038 - 2018 / 10 / 29 - 12:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كنا فى لقاء شبابى طلابى فى بروكسل مع بداية الاحداث التى بدات فى اوروبا الشرقية فى نهاية الثمانينات .كنت متوجها الى بروكسل و فى ذهنى اسئلة كثيرة عما يجرى و الى اين نقود الامور .كان معنا طالبة يوغوسلافية كانت من نشطاء اللقاء .و كنا بعد الجلسات نذهب الى المدينة نتجول هنا و هناك و نجلس فى مقهى نناقش معظم الليل..
عبرت لها ذات مساء عن قلقى مما يجرى و قلت لها هل تظنى ان الاحداث تصلكم فى يوغوسلافيا .ابتسمت و قال بطماننينة انها واثقة انها لن تصل اليهم .لكنى لم اكن مطمئنا كل اشعر بقوة ان احداثا كبيرة على الطريق . .كانت يوغوسلافيا تشكل بالفعل اهم جسر حضارى فى العالم كله . من الطريف ان مؤرخا يوغوسلافيا وصف البلاد بانها بيت فى منتصف الطريق بحيث ان كل من يمر يجد له مكانا فى هذه البلاد التى كانت تصل شرق العالم بغربه محتويه على تعددية حضارية عريقة.
و اتذكر انى قرات مرة ان عبد الناصر قال لتيتو ان بلادكم جسر حضارى عظيم فكان ان رد تيتو ان ذا الموقع قد جلب متاعبا كبيرة عليهم .
لم يكن وقتها قد ظهر الانتر نت .تواصلت مع صديقتنا اليوغوسلافيه بالرسائل العادية كما كان عليه الحال .و فى احد المرات دعتنى لزيارة يوغوسلافيا لكنى للاسف لم اذهب.و لاحقا عرفت ان صديقتنا صربية .ففى السابق لم يكن احد يسال عن عرقية اليوغوسلافى .كان يكفى ان يقول انه يوغوسلافي فقط .
تبدا المشاكل و ظهور الهويات الجانبية عادة فى اوقات الصراع و حينها يرتد كل واحد لقبيلته او منطقته . و عادة يبدا التقسيم النفسى التى يتبعه عادة تقسيم سياسى و جغرافى .
بعد ذلك حصل ما حصل فى يوغوسلافيا من امور تدمى القلب و عنف لم نكن نحلم ان نسمع به بعد ان كنت قد سمعت الكثير عن المجتمع المتسامح فى يوغوسلافيا .
و عندما بدات احداث العراق بدات اشعر بالقلق بعد ان صرت اسمع تعابير كانت جديدة علينا مثل المثلث السنى و الجنوب الشيعى و الشمال الكردى . كان من الواضح انها بدايات مقلقة و العراق فى خطر !
التعابير الجديدة لا تطلق عادة على عواهنها بقدر ما تعكس نمط تفكير او توجهات و رؤى سياسية .
مضى الزمن و انقطع التواصل مع صديقتنا اليوغوسلافية التى صارت صارت مواطنة صربية بدل ان تكون يوغوسلافيه و انتهت يوغوسلافيا الى دول عدة.
#سليم_نزال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟