|
هل ستضحي الدول الغربية بمبادئها وقيمها من اجل مصالح اقتصادية ومنافع مالية في قضية اغتيال الصحفي المغدور جمال خاشقجي ؟؟
انغير بوبكر
كاتب وباحث مغربي مهتم بشؤون الديموقراطيةوحقوق الانسان
الحوار المتمدن-العدد: 6029 - 2018 / 10 / 20 - 11:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل ستضحي الدول الغربية بمبادئها وقيمها من اجل مصالح اقتصادية ومنافع مالية في قضية اغتيال الصحفي المغدور جمال خاشقجي ؟؟ يعتبر اغتيال الصحفي المغدور جمال خاشقجي ، ارهاب دولة و اغتيال سياسي بكل ما للكلمة من معنى ، اغتيال دبر وخطط له من اجل اسكات صوت هذا الصحفي السعودي الليبرالي التوجه والذي بالمناسبة لم يكن معارضا قط للاسرة المالكة بالسعودية ، بل كان الذراع الاعلامي للاستخبارات السعودية منذ مدة طويلة ، ولكن قرب الصحفي جمال خاشقجي من بعض الشخصيات الاميرية السعودية المعارضة لنهج محمد بن سلمان ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي منذ مدة لمملكة ال سعود اثار عليه حقد وحنق الحاكم الفعلي للسعودية بالاضافة الى امتلاكه اسرار كثيرة عن النظام السعودي وصفقاته ورهاناته وامتدادته ، فالخاشقجي قتل و قطعت اصابعه قبل ان يمثل بجتثه كرسالة تخويف الى كل اصحاب الاقلام المعارضة التي تكتب في الصحافة الدولية المؤثرة بان يد النظام السعودي طويلة وستمتد لكل معارض اينما كان وارتحل . صحيح ان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حاول منذ البداية التنصل من مسؤوليته المباشرة في اغتيال جمال خاشقجي وبحث جديا في الصاق التهمة لاحد معاونيه ومستشاريه بعد الضغوط الامريكية الاوروبية الهائلة التي مارستها هذه الدول ضد النظام السعودي وبعد الضغوط الكبيرة التي مارسها الساسة الامريكان على الرئيس دونالد ترامب ، هذه الضغوط السياسية على الرئيس الامريكي من قبل الكونغريس الذي يستعد لانتخابات تغيير ثلثه و غباء عملية الاغتيال المفضوحة والمهبولة قلبت حسابات السعوديين والامريكان على حد سواء ولكن المعطى الاكثر تاثيرا في قلب الامور وتعقيدها لفائدة قضية الصحفي المغدور هي عدم سكوت وتواطئ الاستخبارات التركية التي اعطت للعالم درسا بليغا في السرعة والدقة والتسلسل الدقيق السلس للمعلومة الامنية في صورة اخبار مسربة في صحف محلية ووكالات عالمية ، ان الاستخبارات التركية التي بالمناسبة يمكن القول بانها من اقوى الاستخبارات في العالم حيث راكمت تجربة استخبارتية كبيرة في عدد من القضايا الكبرى التي تعرفها المنطقة حيث الصراع التركي الكردي والصراع التركي القبرصي والصراع التركي السوري .... كل هذه الصراعات والازمات والملفات اهلت الاستخبارات التركية لتحل لغز الجريمة الارهابية التي تعرض لها مواطن سعودي استدرج من فيرجينيا او من واشطنن الى اسطنبول لاغتياله وتصفيته قبيل عيد ميلاده ال58 واثناء استعداده للزواج من تركية اسمها خديجة جنكيز وكانت الشاهد الرئيس الذي لم يكن بحسبان القتلة وفريق الاغتيال السعودي ، فالاستخبارات التركية علمت منذ الساعة الاولى لاغتيال وتصفية الصحفي جمال خاشقجي بكل التفاصيل موثقة بالفيديو والتسجيلات وسربت رواية قتله وتقطيعه لوكالة رويترز منذ اليوم الاول ، ولكن الاستخبرات والنظام التركي لايريد حسم الموضوع بسرعة حتى يهين النظام السعودي ويجعله نظاما مارقا منبوذا في انظار الراي العام الدولي . اذا كان النظام السعودي قد اعترف اخيرا بمقتل الصحفي السعودي في القنصلية السعودية في اسطنبول على اثر مشاجرة وقعت بينه وبين طاقم القنصلية ادى الى وفاته ، فهذه الرواية السخيفة والمهزوزة لن تقنع احدا حتى من انصار النظام السعودي ، فهل من الصدفة ان ياتي فريق سعودي متخصص في الاغتيالات مكون من 15 شخصا من مختلف التخصصات الطبية والامنية و منهم منتمين للحرس الملكي السعودي عبر طائرتين من نفس الشركة تم حجزها من مقربين من القيادة السعودية ويدخلوا القنصلية السعودية قبل الموعد المحدد ليلتقوا صدفة بالصحفي السعودي المرحوم جمال خاشقجي الذي يريد تسلم اوراق شخصية ؟ لنفترض ان الصحفي السعودي مات في مشاجرة فلماذا تقطيعه وتعذيبه واخفاء جتثه وانكار الامر قبل ذلك في البداية قبل ان تقوم السلطات التركية بتسريبات ذكية ممنهجة تفضح تدريجيا تورط النظام السعودي في الجريمة المشهودة ؟ لكن قبل هذا وذاك لابد ان نقول بان النظام السعودي له سوابق في الاختطافات والاغتيالات منذ نهاية السبعينات في لبنان بدءا بحالة ناصر السعيد الذي اغتالته المخابرات السعودية بتنسيق مع جهات فلسطينية انذاك.. واختطاف عدد من الامراء من مختلف الدول الاوروبية من ايطاليا وسويسرا ... واعتقال عدد من النشطاء ورجال الدين لمجرد معارضتهم لسياسات ولي العهد بل واعتقال عدد من رجال اعمال وامراء ورؤساء حكومات دول اخرى مقابل تخليهم عن مصالح اقتصادية وتجارية ، هذه الممارسات القمعية مجتمعة تجعل من الحكم السعودي اليوم حكما قمعيا قهريا لا يمت لقيم العصر ولا لمتطلباته ، ولكن من يعول عليهم النظام السعودي لحمايته ؟ لاشك ان امريكا ترامب اليوم هي الراعي الرسمي لدولة ال سعود وهي التي يعول عليها نظام محمد بن سلمان من اجل حمايته من عقوبات اقتصادية وسياسية دولية باعتبار نظامه نظاما مارقا مجنونا يهدد استقرار اغنى منطقة في العالم ، هناك من اعتبر قضية اغتيال الخاشقجي قضية كان من الممكن ان لاتحدث لو لم تكن الاستفادة السياسية والمالية مشتركة لدى الاتراك والامريكان فمصائب قوم عند قوم فوائد ، فالمرحوم جمال خاشقجي و مواطن سعودي لكنه كاتب صحفي مرموق بكبريات الجرائد الامريكية الوشنطن بوست ، يلزم قانونا واخلاقا من الولايات المتحدة اخباره باي تهديد محتمل لحياته قبل استدراجه الى اسطنبول ، علما بان الاستخبارات الامريكية اعترضت مكالمات هاتفية سابقة قام بها بعض افراد النظام السعودي تفيد بان هناك تحضير ما لاستدراج و اغتيال للخاشقجي ، فلماذا لم يتم تنبيهه و اعلامه ؟ ، فهل من مسؤولية تقصيرية مفترضة للاستخبارات الامريكية في اغتياله؟ هناك من اعتبار اغتياله وتغاضي الاستخبارات الامريكية وحتى التركية عن ذلك في البداية استدراج مزدوج للنظام السعودي لكل جهة غايتها ودوافعها ، فامريكا ترامب بحاجة الى ملفات ضغط على النظام السعودي لابتزازه و اخذ صفقات المال والسلاح والسيطرة على النفط في وقت يعرف فيه الاقتصاد الامريكي حاجة ماسة لاستثمارت بمليارات الدولارات لمنافسة الخطر الصيني القادم بقوة الى ساحة الاقتصاد الدولية اما الاتراك فلهم حساب خاص مع النظام السعودي الذي دعم حركة فتج الله كولن و الحركة الانقلابية ضد الرئيس التركي طيب اردوكان ، من مصلحة الاتراك عزل النظام السعودي دوليا وهذا ما حصل بالضبط ، فالرئيس الامريكي ترامب اوفد وزير خارجيته مايك بومبيو على عجل الى السعودية لاخراج سيناريو مفترض لاخراج النظام السعودي من عنق الزجاجة ، وذلك بالطبع لن يكون مجانيا و بدون مقابل بل مقابل ملايير الدولارات ورهن القرار السعودي المرهون اصلا الى الامريكان . اما النظام التركي فقد استفاد من هذه القضية استفادة عظيمة حيث قوى صورة اردوكان كبطل ينشر الخير و يبحث عن الحقيقة و يحارب الاشرار في مسرحية كبرى اتقنها النظام التركي الذي كسب الراي العام الاسلامي واعطى لتركيا زخما كانت بحاجة له لاثبات قوة شخصية وسياسة اردوكان السياسية في العلاقات الدولية ، اردوغان على خطى السلطان العثماني عبد الحميد اصبح يفرض نفسه وبلده سواء بكلماته ومواقفه الجريئة في المحافل الدولية وفي تعامله مع قضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي اثبت دهاءا سياسيا كبيرا، اذ لم يجعل القضية محصورة في تركيا- السعودية بل نهج سياسة محاصرة النظام السعودي دوليا واحراج انصار النظام السعودي وحلفائه عبر تسريبات مدروسة الى الصحافة الدولية المؤثرة وفي اوساط الصحافة المحلية التركية عن مجريات التحقيق ومعلومات استخبارتية دقيقة مغلفة بطابع قانوني صرف ، فربح رهان الراي العام الدولي والمحلي . يبقى ان نقول بان اغتيال الصحافيين ومطاردة المعارضيين في الخارج و الرهان على الانظمة الغربية للتستر على ذلك قد ينفع لعقد او عقدين من الزمن لكن ذلك حتما سياسة امنية قهرية فاشلة تجعل الانظمة الاستبدادية التي تمارس ذلك مرهونة للخارج مرعوبة في الداخل لا هي حققت تنمية واستقرارا ولا هي فرضت احترام الناس لها ، فخسرت الدنيا والاخرة كما يقال.
• انغير بوبكر انغير بوبكر المنسق الوطني للعصبة الامازيغية لحقوق الانسان بالمغرب باحث في قضايا الديموقراطية والتعدد الثقافي وحقوق الانسان حاصل على دبلوم السلك العالي للمدرسة الوطنية للادارة بالرباط خريج المدرسة المواطنة للدراسات السياسية دبلوم المعهد الدولي لحقوق الانسان بستراسبورغ
#انغير_بوبكر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ادوارد سعيد: مثقف المضطهدين وناقد الاستشراق المؤدلج
-
الديبلوماسي ومدير الاستخبارات الخارجية الفرنسية السابق برنار
...
-
الديبلوماسي ووزير العدل المغربي محمد اوجار في استجواب هام مع
...
-
من اجل ديبلوماسية مغربية قوية ترتكز على الدفاع عن حقوق الانس
...
-
لماذا انتهك النظام السوري كل الخطوط الحمراء بدون رقيب ولا حس
...
-
ماذا لو كان حزب الله هو قاتل رفيق الحريري؟
-
الطيب التيزيني : حكيم الفلاسفة المعاصرين ومناصر حقوق الانسان
...
-
محمد عابد الجابري : طبيب التراث الاسلامي و ابن رشد الزمن الم
...
-
الحسين مروة شيخ الشهداء و مفكر التجديد الديني
-
المهدي عامل رائد الفكر المناضل وشهيد الكلمة الحرة الملتزمة
-
في ضرورة الحل الوطني الديموقراطي لقضية الصحراء .
-
لماذا تعتبر الحركة الامازيغية القوة السياسية القادمة في شمال
...
-
الامازيغ المغاربة يفقدون رمزا من رموز النهضة الامازيغية المع
...
-
الشاعرة التونسية سميرة بن حسن:الأمازيغ مطالبون برص الصفوف خد
...
-
استجواب الناشط الحقوقي انغير بوبكر مع جريدة اخر ساعة المغربي
...
-
الأمازيغ وإشكالية الثروة والسلطة
-
قراءة في ازمة الشرعية لدى النظام السياسي الجزائري
-
فيديل كاسترو : الثائر الذي تحول الى ديكتاتور
-
هكذا تكلم سلمان رشدي ؟
-
لماذا تخلفت المؤسسات الدستورية المغربية عن مواكبة نجاحات الم
...
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|