أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - مبدأ مقهى ابو فاتح














المزيد.....

مبدأ مقهى ابو فاتح


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 1512 - 2006 / 4 / 6 - 09:44
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


كان مقهى ابو فاتح القديم العبق برائحة الدخان, مركزاً لتجمع محبي الشطرنج البغداديين, خاصة كبار السن منهم, حيث يقضون ساعات طويلة يومياً بين التحدي والضحك والتفكير العميق, يخالطهم شعور لايخفى بالتفوق على غيرهم ممن يفضلون الدومنة او الطاولي.

ثم جاء يوم هجم فيه على المقهى شطرنجيون شباب نشيطوا التفكير لم يكتفوا مثل جيل مقهى ابو فاتح بتكرار مهارتهم يومياً بل قرأوا الكتب في النهايات والإفتتاحيات ودسوت الللاعبين العالميين.

اصيب الشيوخ بالصدمة وتبادلوا النظرات وبعض التعليقات, وانخفض الضحك في المقهى. فعلى العكس من الكبار, لم يكن الشباب يتضاحكون عند الفوز. كان احترامهم للخاسر الأكبر سناً واحساسهم بحرجه يجعلهم غالباً يكتفون بتعليقات يحاولون جعلها حيادية قدر الإمكان حول الدست وكيف جرى والنقلات الحرجة فيه. لم تكن تلك المراعاة تخفى على الشيوخ, فزادتهم احراجاً وحيرة إذ بدا الشباب يعاملونهم بالعطف والمداراة.

لم يستسلم الشيوخ وشحذوا اذهانهم, وفعلاً كانوا يتمكنون من كسب بعض الدسوت او يحصلون على التعادل بين الحين والآخر بإبداعهم مرة وبالطرق الملتوية حيناً: " لم أر الحصان" "لم لم تقل كش؟" " هل هذه قلعتك هنا؟"

في احد الأيام صعدت الهمة لدى احدهم فتراهن مع احد الشباب الأقوياء ان يلعب معه, على يدفع الخاسر شايات جميع الجالسين.
مضى الدست ينتقل من الإفتتاحية الى الوسط واشتبكت القطع في توازن دقيق حذر, وسط تركيز اللاعبين ومشاهديهما الذين التفوا حول الطاولة بصمت مطبق. بعد فترة بدا الحبور على حركات الشيخ الذي اخذ المبادرة وبدا انه يسير نحو الفوز. وفجأة ارتفعت يد الشاب لترفع حصاناً ليضرب بيدقاً في نقلة "تضحوية" مبدعة حطمت التوازن الدقيق وشتت قطع رسيله. طال انتظار المشاهدين لنقلة الشيخ الجوابية, وأحس الشاب بإحراج الرجل الذي يقابله, لكنه لم يكن ينوي التنازل عن الفوز.
وبمثل المفاجأة الأولى رفع الشيخ قلعته ليضرب الحصان بنقلة غريبة! نظر الشاب الى الرقعة فرأى ان نقلة رسيله لم تكن صحيحة. لكنه وقبل ان يحتج رأى ان النقلة لم تكن جيدة ايضاً وان القلعة المهاجمة يمكن اخذها بفيل يقف بعيداً, فقرر التغاضي عن تجاوز رسيله على قانون الشطرنج, مادام يمكنه ان يحول ذلك التجاوز الى صالحه, فضرب القلعة بالفيل, ونظر الى خصمه باسماً منتصراً.

لم يفت على احد من المشاهدين رؤية ما حدث من تجاوز من الشيخ ومن قبول الشاب ذلك التجاوز الذي اكتشف انه ينفعه, وانتظروا ان يعلن الشيخ استقالته ويداري هزيمته بنكتة صغيرة ثم يدفع الشايات. لكن الشيخ تمهل قليلاً ..ثم رفع قلعته الثانية لتستقر قرب ملك رسيله الشاب صائحاً صيحة النصر: "كش مات!"

بهت الشاب ورفع نظره الى رسيله الذي نهض من كرسيه وقال له:" أبو سمير هذا شلون لعب؟ هذي النقلة غلط." ..." وقبل ان يكمل الشاب قاطعه الرجل قائلاً : "لعد ليش قبلت النقلة اللي قبلها وهي نفس الشيء؟ مادام قبلت النقلة الغلط اللي فادتك تقبل النقلة الغلط اللي تضرك, يالله صيحنلة الجايات"

الشاب حين قَبَل التجاوز على قانون الشطرنج عندما كان ذلك التجاوز مفيداً له, حطم القانون دون ان يحس بذلك, ثم لم يعد هناك كسب ليكسبه احد.


المتابع للأخبار يجد العديد من المقارنات المثيرة للإهتمام مع مبدأ مقهى ابو فاتح: للتخلص من القانون اضربه حيث يستفيد المقابل (مؤقتاً),.. وسيسكت عن التجاوز, ثم يمكنك ان تفعل ماتشاء بعد ذلك!

في الجزائر, عندما فاز الإسلاميون بالإنتخابات, لعب العلمانيون لعباً مغشوشاً وحطموا قانون اللعبة, لذا لايلوم أحد ألإسلاميين في الجزائر عندما يرفضون الديمقراطية فيما بعد....

وعندما احتل الأمريكان بنما, لم يعترض احد لأنهم قالوا للجميع انه زعيم عصابات للمخدرات, وكان ذلك حق, فقد كان نورييغا يعمل لحساب المخابرات المركزية الأمريكية, وكانوا على اطلاع على كل ما يقوم به. لذا وجد العالم فائدة من ازالة رجل شرير, لكن ازالة نورييغا تقابلها توجيه ضربة للقانون الدولي وتقرب العالم من قانون الغاب.
نفس القصة تكررت مع صدام حسين. وحينها استغرب العراقيون من ان معظم شعوب العالم تقف ضد الحرب التي هي املهم الوحيد بالخلاص. وفسروا الأمر على انه انانية ومصالح بحتة. والحقيقة, رغم ان الأمر لم يخل من المصالح لبعض الدول, الا ان معظم المعارضين انما كانوا يدافعون عن (ما كان قد تبقى من) القانون الدولي, فهم يخشون الحياة في عالم بلا قانون, وليس لديهم من السلاح ما يؤمن حياتهم.

تبين دراسة قيمة في هذا الموضوع لـ جايسون س. لامجك بعنوان" حق الأقوى" نشرت ضمن كتيب بعنوان "الآمبريالية الأمريكية وازمة العالم الأقتصادية" صدر عام 2003 (باللغة الهولندية) عن دار "ايبو" أن غزو العراق يعتبر تتويجاً لعمليات متتالية من تلك التجاوزات المحطمة لإعتبار القانون الدولي وسلطته بنيت الواحدة فوق الأخرى. فقد سبق ذلك التحطيم (الغزو) تحطيمات اقل صراحة كانت تتزايد تدريجاً, وشملت اشكالاً مباشرة من التجاوزات الجزئية اضافة الى تجاوزات من نوع غير مباشر كالضغط على الأمم المتحدة لإصدار قرارات تتناقض مع ميثاقها والضغط على الدول لتجاوز اتفاقياتها الدولية. هناك.

واليوم يسير العراق في طريق الجزائر, فتلعب جهات متعددة لعبة خطرة للقضاء على الديمقراطية, من خلال الإلتفاف على نتائج الإنتخابات مشيرين الى الفائدة المتوقعة من ذلك : الوقوف بوجه الطائفية! البعض يدرك اللعبة ويخططها, والبعض يسير بلا وعي تسيره المخاوف, الحقيقية منها والمبالغ بها والخيالية.



#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما ايسر بيت قلته؟ هدية مشاغبة الى الحزب الشيوعي العراقي بعيد ...
- سلام عليك بلادنا
- إنه العشق يا نزار جاف
- الخيارات الأمريكية للعراقيين: علاوي أو الحرب الأهلية– سيناري ...
- لنمتنع عن ذكر الهوية الطائفية للضحايا: مشروع قانون لتفادي ال ...
- الذكرى الثالثة للتحدي بين الإنسان والكاتربيلار
- هولندا: امل بربيع يساري بعد شتاء يميني طويل
- هولندا: لنعبر عن امتناننا لليسار الأخضر بانتخابنا له غداً في ...
- لا ديمقراطية إلا في العراق: عشرة ادلة!
- خطوطك الحمراء شرفك..فمن لاخطوط له لاشرف له
- مراجعة حسابات معركة الكاريكاتير
- ثغرة الدرس الأول
- عهد شرف ضد التملق
- أعتذر باسم الشعب العراقي للباكستانيين والأمريكان
- المثقفون أحفاد الزرقاء: تحية متأخرة الى الحوار المتمدن
- ألقاه في اليم مكتوف اليدين: الحكومة العراقية القادمة
- تعالوا نراجع الأمر بهدوء : محاولة لإكتشاف الأرهاب
- تحليل الموقف العراقي بعد الانتخابات
- ديمقراطية اقسى من الدكتاتوريات: ثلاثين عاماً عقوبة التشهير ب ...
- بين صوت العقل وصوت القطيع ودور الإعلام


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - مبدأ مقهى ابو فاتح