أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - محنة نصر حامد ابو زيد














المزيد.....

محنة نصر حامد ابو زيد


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 6026 - 2018 / 10 / 17 - 16:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قضية التكفير وابعاد الشخص عن وطنه واهله وناسه ومحبوه اضطراراً، لهي محنة ما بعدها محنة اذ يتعرض لها الانسان، وأي انسان؟، خصوصاً اذا كان هذا الانسان اديباً، فيلسوفاً، مفكراً؛ فأن المحنة -هذه - سوف تكون عليه اشد واصعب وطأة، لأنه يشعر بما لا يشعر به سواه بحكم عمله الفكري الذي اخذه على عاتقه من ذلك الواقع.
هذا ما تعرض له من محنة عصيبة: المفكر الكبير نصر حامد ابو زيد، صاحب اطروحة "مفهوم النص" والتي على اثرها حكمت عليه السلطة الدينية بالإلحاد والتكفير، والارتداد عن الدين الاسلامي، مما اضطر الرجل الى مغادرة وطنه بعيداً عن سهام التطرف الديني المتمثل بالسلطة الكهنوتية للإخوان المسلمين؛ وظلت زوجته في مقر اقامتها في بلدها مصر، وما كان من رجال الكهنوت الا أن يطلقوا زوجته منه عنوة، على اعتبار أن الملسمة لا يجوز لها البقاء في كنف زوجها المرتد!.
اذن، هي ليست محنة واحدة، وانما هي محنتين: محنة الابعاد القسري عن الوطن، مسقط رأس الانسان وبه الاعزة والاحبة، والمحنة الثانية، وقد تكون هي الاصعب، وهي الابعاد - تحت الضغط - عن زوجته وشريكة حياته بالمحن والصعاب، بالأفراح والاتراح. هذه وغيرها شكلت نقطة الم في قلب ابو زيد ، وكلم ظل يحز في روحه الشفافة، الى أن فارقت روحه جسده.
أن مثل هذه المحن التي تعرض ويتعرض لها الاديب والمفكر والفيلسوف، جُل اسبابها التطرف الديني النابع من الحس المعادي لهؤلاء النخبة المفكرة من قبل رجال اللاهوت، ومنها انهم لا يستوعبون هؤلاء المفكرين لأن منظومة المفكر لديهم عالية التوهج وتقدح فكراً يستوعب جميع القضايا الدينية والاجتماعية والثقافية والفكرية، بينما رجال اللاهوت فكرهم منصب في قضايا الشريعة وما يتعلق بها فحسب الا شيئا بسيطاً يهتم بجوانب اخرى. و احيانا رجال اللاهوت لا يفقهون اطروحات المفكرين فيعدونها بأنها مخالفة للشريعة ومعادية للنص المقدس، بينما المفكرين يجعلون النص متحركاً مطاطيا يسير مع متطلبات العصر، عكس ما يفعله المفسر المؤدلج الذي يفهم النص مفهوم كلاسيكي قديم، يفهمه بمفهوم عصر التنقل على الجمل والحمير والحصان، بينما نحن في عصر العالم الرقمي والطائرات النفاثة والعالم الافتراضي، ومتطلبات العصر الاخرى من علم وتكنولوجيا والتي لم يخل منها أي منزل في عصرنا الراهن.
نصر حامد ابو زيد هو ليس المفكر الوحيد الذي تعرض الى مثل هذه المحنة، بل تعرض غيره الكثير، من قبله ومن بعده، الم يقتلوا المفكر فرج فودة، ويطعنوا بالسكين الاديب الكبير نجيب محفوظ، وقبلهما الم يحكموا على عميد الادب العربي طه حسين بالارتداد اثر اطروحته الخالدة "في الشعر الجاهلي" وكادوا أن يصعدوا به الى المقصلة لولا عناية السماء به.
ابو زيد –هو اذن- ضحية الفكر التكفيري، الفكر الداعشي، هذا الفكر الذي اكتوى بناره من اكتوى. ولا شك أن هذا الفكر له جذور تاريخية متطرفة، هي بقايا من فكر ابن تيمية وابن عبد الوهاب ومن لف لفهما، ومن نصوص ينسبونها الى نبي الاسلام زوراً.
وقضية ابو زيد لم تنه بمغادرة الحياة، وانطوت كطي السجل للكتب، بل هي شاهد عصر على عنجهية هؤلاء المتطرفين، الذين يعيشون اليوم بين ظهرانينا، كذلك ظل ابو زيد كمفكر وانسان حر كان يفكر بعقلية العاقل المتدبر الذي كان همه نشر التنوير كرسالة انسانية تقع على عاتق كل من له قلب نابض.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آدم وحواء- قصة قصيرة
- الطوطم معتقد خرافي لايزال ساري المفعول
- الرأي الاخير في قضية المرأة
- المتشائم- قصة قصيرة
- متظاهر- قصة قصيرة
- معاناة دفع رباعي- قصة قصيرة
- تأملات في حضرة الارق- قصة قصيرة
- طه حسين وشيوخ المنابر
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(9)
- أم القيمر وجعبة الاسئلة
- اغتصاب جثة!
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(8)
- تحقيق بجريمة لم تحدث!
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(7)
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(6)
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(5)
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(4)
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(3)
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(2)
- دعوة لكتابة تاريخ العراق الراهن


المزيد.....




- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - محنة نصر حامد ابو زيد