|
الرحيل إلى الله!
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 6024 - 2018 / 10 / 15 - 13:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الرحيل إلى الله !! لأول مرة في حياتي أنام في حوالي الثامنة مساء وأستيقظ في السادسة صباحا .. لم أصدق نفسي حين نظرت إلى الساعة . أنا انسان قلق من قمة رأسي حتى أخمصي قدمي .. مسببات القلق لي كإنسان عربي مشرد إضافة إلى أنه كاتب وفنان ومفكر معروفة ،وليس ثمة داع لذكرها . من أصعب المسائل في حياتي الذهاب إلى النوم . في الغالب أستيقظ الليل كله وبعض ساعات الصباح ، ويكون نومي في أسوأ الأوقات بين إحدى ساعات الصباح وإحدى ساعات الظهيرة . وقد لا يتجاوز الساعات الأربع في معظم الأحيان .. فما الذي حدث معي بالأمس حتى دفعني إلى هذا القرار : النوم ؟ والنوم فقط ! وكأنني نفضت يدي من الدنيا ، من الحياة ومشاكلها ، من التشرد إلى تحرير فلسطين، إلى خراب سورية وتشرد نصف الشعب السوري، إلى خراب العراق وتشرد العراقيين.. إلى زمن القتل والخراب ، إلى التخلف الفظيع الذي ينخر عقول هذه الأمة ، إلى آخر الإلاءات التي لا تحد. أمضيت ما يقرب من ستة أشهر مع اللون الذي يهاجمني بين فترة وأخرى . كنت قد فرغت من كتابة رواية ( عديقي اليهودي) التي أعالج فيها القضية الفلسطينية من جذورها التوراتية ، لأثبت عبر تحليل نص سفر التكوين أن الإله التوراتي إله متخيل، بواسطة عقول بدائية متخلفة ، وأنه لا وجود له على الإطلاق ، ولم يمنح أرض الفلسطينيين لليهود دون غيرهم ! صدرت الرواية عن دار النشر بعد قرابة ثلاثة أسابيع من إرسالها للناشر .. لم يصدر لي كتاب في حياتي بهذه السرعة . استغل اللون الفرصة وهاجمني بعنف مؤكدا تجاهلي له لما يقرب من ستة أعوام أمضيتها مع الكلمة . أذعنت له وذهبت إليه بشغف شديد ، رسمت ثلاثمئة وثلاثين لوحة . أهديت ما يقرب من عشر منها حتى اليوم ولم أبع إلا واحدة. ليبلغ مجموع اللوحات التي أهديتها في عمان خلال هذه الفترة فقط، مئة وثلاثا وتسعين لوحة ، ولم أبع إلا ما يقرب من سبعين . وليبلغ ما أهديته في حياتي أكثر من ثلاثة آلاف ، وما بعته قرابة أربعة آلاف ! ( وربما العكس هو الأصح لأن سجل مبيعاتي وإهداءاتي بقي في دمشق ) وبالعودة إلى حالة النوم التي حدثت معي ، لم أجد دافعا مباشرا لها سوى مشادة مع ابني العاق نجمت عن محاولة اقناعه لي بأن أدفع فواتير الكهرباء والماء عمن يسكنون بيتي مجانا في دمشق لما ينوف عن ستة أعوام ! وهذا ما جعلني ألطم على رأسي ، وأنشد الخلاص من مشاكل الحياة وهمومها ومنغصاتها ، المنغص الثاني هو مقابلتي لسيدة ثرية ذهبت إليها لعرض لوحاتي عندها فرفضت متذرعة بأسباب مختلفة . عدت بعد مقابلتها إلى البيت . تناولت غدائي من طبخة مر عليها ثلاثة أيام . أحسست أنني في حاجة ماسة إلى الراحة ، وأنني قدمت في حياتي أهم ما لدي من أدب وفن وفكر . وقلت بجرأة شديدة ما هو الله . وبمعنى آخر ، أشعر أنني أديت رسالتي بقدر مقبول في هذه الحياة ، وأنني الآن في حاجة إلى الراحة، في حاجة إلى الموت لأكون قريبا من الله . وليس عبثا أن أنشر صور لوحاتي تحت عنوان " بعيدا عن زمن القتل والخراب ، قريبا من الله " وأن يكون مضمونها كذلك . وهذا ما سيكون عليه عنوان معرضي القادم. لكل هذا ذهبت إلى النوم وأنا أنشد الرحيل إلى الله ، إلى الراحة الأبدية التي ليس بعدها راحة ، وإن كان ثمة الكثير مما ينتظرني هناك ، ولو بعد حين ، وهو مشاركة الله - بعد اتحادي معه - في عملية الخلق، التي لم تكتمل بعد، لنخلق عالما تسوده قيم الخير والعدل والمحبة والجمال ، بعيدا عن عالم القتل والخراب والظلم والكره والبشاعة السائد اليوم .. لكل هذا نمت لأول مرة في حياتي عشر ساعات وفي وقت مختلف . لقد كنت مع الله وفي رعايته ! فيا أصدقائي وصديقاتي وكل من سيكتب عني خبرا حين موتي ، لا تقولوا مات محمود شاهين ، قولوا : محمود شاهين يرحل إلى الله ، أو يرحل إلى السماء إن شئتم. محمود شاهين 15/10/ 2018
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البحث عن الله !
-
- عديقي اليهودي- فانتازيا واقعية ترجمتها للعالمية ضرورة وطني
...
-
عديقي اليهودي 34 * مئات الآلاف في وداع عارف وسارة .
-
عديقي اليهودي 33 * ما قبل الوداع .
-
عديقي اليهودي 32 * قبلات بلا حدود!
-
عديقي اليهودي 31 * نوم عذري!
-
عديقي اليهودي 30 * يوم الحب والألم!
-
عديقي اليهودي 29 * مبروك يا عارف !
-
عديقي اليهودي 28 * أبطال تراجيديون ، من جليّات إلى ياسر عرفا
...
-
كم أحسد الشعراء ؟ -هلوسات- على هامش السياسة والرواية والشعر.
-
عديقي اليهودي 27 * عارف يرفض وسام دولة اسرائيل ويتقبل وسام د
...
-
عديقي اليهودي 26 *عارف نذيرالحق يرفض استقبال ممثلي السلطة ال
...
-
عديقي اليهودي 25 * فيضان سيل وادي أبوهندي!
-
عديقي اليهودي 24 * حب وقلق وشواء وحجل وشاباك !!
-
عديقي اليهودي23 * الخالق العظيم !!
-
عديقي اليهودي 22 * صباح بطعم القبل!
-
عديقي اليهودي الفصل 21 *موسى يبدأ حياته بقتل مصري تشاجر مع ع
...
-
عديقي اليهودي الفصل العشرون * القتل لمجرد الرغبة في القتل !
-
شاهينيات صعبة وصادمة جدا، في الخلق والخالق!
-
عديقي اليهودي . الفصل التاسع عشر . حالة حب !
المزيد.....
-
قناة الأطفال المفضلة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة 2024 الجد
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مباني يستخدمها جنود الاحت
...
-
ايران تطلق سراح سجين نمساوي انطلاقا من الرأفة الاسلامية
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن قصف هدف في غور الأردن بفلس
...
-
“خلي أطفالك يبسطوا” اضبط الآن تردد قناة طيور الجنة 2024 الجد
...
-
مصر.. الإفتاء تحسم جدل قراءة القرآن بالآلات الموسيقية والترن
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تقصف موقع بياض بليدا بالمدفعية
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تقصف ثكنة راموت نفتالي بصواريخ ا
...
-
فرح أطفالك ونزل طيور الجنة…تردد قناة طيور الجنة الجديد على ا
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف موقع السماقة في تلال كفرش
...
المزيد.....
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
المزيد.....
|