|
الوطنيون في خطاب الملك
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6023 - 2018 / 10 / 14 - 14:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في الخطاب الذي القاء الملك امام البرلمانيين الذين تهافتوا على سرقة الحلوى والمشروبات ، بمناسبة افتتاحه للدورة التشريعية الخريفية ، قال ان المغرب يحتاج الى " وطنيين " ، لا الى " انتهازيين " .... ونحن نتساءل ونطرح السؤال . ماذا كان يقصد الملك ب " الوطنيين " ؟ وما العلاقة بين " الوطنيين " / وبين " الانتهازيين " ؟ فعند التمحيص في المقارنة ، لا نكاد نجد علاقة ابستيمولوجية ، او أيديولوجية تربط بين " الوطني " ، وبين " الانتهازي " . فلكل كلمة مدلول ، لا علاقة له بمدلول الكلمة الأخرى . لكن ان نحن تعمقنا في البحث فيما وراء الكلمتين ، اي المقصود السياسي المخزني من توظيف الكلمتين ، وامام البرلمانيين الذين هم برلمانيو الملك ، فان المقصود من التوظيف هو اخطر من وصف المعارضين بالعدميين ، والحال ان المعارضة انصبت بالأساس على ما اعترف به الملك في خطاب آخر سابق ، بفشل نموذجه التنموي والسياسي ، كما هو مرتبط بما سبق له ان تساءل عنه ، واما الشعب " اين الثروة " . لكن عندما يقول الملك ان المغرب بحاجة الى " وطنيين " ، فهل هو اعتراف من الملك بان من يتولى السلطة ، هو غير وطني ؟ وإذا كان الامر كذلك ، فهل عجز الملك عن الكشف عن هؤلاء اللاّوطنيين الممسكين والعاضين بأنيابهم على الجاه ، والنفوذ ، والمال ، والثروة التي تساءل عنها الملك سابقا ؟ الأمور اكثر من خطيرة ، ومن ثم تنفي أي علاقة بين توظيف كلمة " وطني " ، مقابل كلمة " انتهازي" ، وهو الانتهازي وحتى قبل ان يجف الحبر الذي كتب به خطاب الملك ، تهافت يسرق الحلوى والمشروبات ، بدعوى انها بركة الملك . فهل يوجد انتهازي اكبر من هؤلاء الذي خاطبهم الملك ، ومحسوبون عليه ؟ ان الجهة التي حررت خطاب الملك ، هي نفسها من حررت الخطابات السابقة ، لأنه من خلال التمعن في اللغة المستعملة ، ومن خلال تحليل الكلمات ومناسبة توظيفها ، سنجد ان خطاب الملك الأخير في البرلمان ، هو اخطر من حيث التنعْيت ، والتوصيف ، والتهديد للمعارضين ( اللاّوطنيين ). فاستعمال الملك لمفردات مثل " العدمية " ، " إمّا معنا او ضدنا " .. لا تقل خطورة عند استعماله كلمة " وطني " . ان الهدف من التوظيف ومن الاستعمال ، هو العزل ، وتقسيم المجتمع الى " وطنيين " ، والى " لا وطنيين " . وهنا ومن خلال الرجوع الى نص الخطاب ، سنجد ان الأغلبية التي تُفسد ، والجالسة بجوار الملك ، هم من يحق تسميتهم باللاّوطنيين ، اما الوطنيين الحقيقيين ، فهم المعارضة الحقيقية التي تفضح ما اعترف به الملك نفسه عندما تساءل " اين الثروة " ، وعندما اعترف بفشل نموذجه التنموي والسياسي ، وعندما تخندق الى جانب اللاّوطنيين ضد الوطنيين الذين وصفهم بالعدميين . ان استعمال وتوظيف كلمة " وطني " ، ومحاولة تمريرها مع كلمة " انتهازي " للتعتيم وللالتفاف على الحقيقة ، هي ابعد واخطر مما يتصور . فالتأكيد على حاجة المغرب الى " وطنيين " ، هو تهديد بالتخوين موجه الى المعارضة ، وموجه الى كل مُطالب بحقوقه الدستورية والكونية . فدعوة الملك الى التضامن الاسري ، لها اكثر من معنى ، واهم معنى ، هو تحمل الفقر ، والتفقير ، وتحمل الوضع كما هو ، وكل من رفضه هو " لا وطني " ، أي خائن يخدم مخططات ( سياسة المؤامرة ) واجندات خارجية ، ومن ثم لا علاقة لهؤلاء المعارضين ( اللاّوطنيين ) مع ( الوطنيين ) الموجودين بجوار الملك وبمحيطة . ان استعمال وتوظيف كلمة " وطني " مِمّنْ حرر خطاب الملك ، يُحيل الى حمولة الحقبة الكلونيالية ، التي كان يسمى فيها كل من يناهض الاستعمار بالوطني ، ومن كان يتعاون مع الاستعمار بالخائن . فالكلمة لها حمولة سياسية دقيقة ، كما لها معنى عقائدي ( الإسلام ) ، وايديولوجي ( التحرير ) . وكما هو حال اليوم ، وعندما احرز المغرب على الاستقلال ، فأولئك الذين كانوا يسمون ب ( اللاّوطنيين ) الخونة ، هم من اصطف الى جانب القصر عند السيطرة على المغرب ، وأولئك الذين كانوا يسمون ب " الوطنيين " الذين ناضلوا من اجل تحرير المغرب ، وجدوا نفسهم غرباء عن بلد دافعوا عنه بالغالي والنفيس ، وانتهى بيد اللاّوطنيين الخونة الذين تعاملوا مع الاستعمار . فما اشبه الامس باليوم . بالأمس اللاّوطنيون ، اصبحوا بقدرة قادر وطنيين ، فسيطروا على الدولة ، والوطنيين الحقيقيين اصبحوا لا وطنيين ، فتعرضوا الى القمع والتنكيل ، وكان نصيبهم السجون ، والاعدامات ، والاغتيالات ، ونحن على مشارف ذكرى اغتيال المهدي بن بركة . و اليوم فاصبح الوطني ، هو الفاسد المسؤول عن الفساد ، والنهب ، والاختلاسات ، واصبح اللاّوطني ، هو المعارض الذي يعارض سياسات ، اعترف الملك نفسه بفشلها . معادلة لا توجد الاّ في مغرب الاستثناءات . ان المعنى من استعمال كلمة " وطني " ، وفي هذا الظرف الذي يغلي فيه المغرب ، بسبب تجبر ، وتغول ، واستبداد ، وطغيان الدولة البوليسية ، وتخريبها ، وتدميرها للمغرب ، وربطها ، ( أي وطني ) بالتضامن الاسري وبالتّحمل والصّبر ، هو تهمة بالخيانة للمعارضة الحقيقية ، ولكل من قال لا للفساد ، وناشد بالديمقراطية ، وحقوق الانسان ، وربط المسؤولية بالمحاسبة . وأسائل الملك المسؤول الأول في البلد الذي تحدث عن " الوطنيين ". ماذا يسمى من يعتدي على الناس يوميا وخارج القانون ، أمثال عبداللطيف الحموشي المدير العام للبوليس ، وعبد الواحد لفتيت وزير الداخلية ، وقبلهم الشرقي ضريس الوزير المنتدب في الداخلية ، وتحت اشراف صديقك ومستشارك فؤاد الهمة . هل هم وطنيين ؟ هل هم لا وطنيين ؟ ام انهم مجرمون ؟ .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المغرب الى اين . ( 15 )
-
اجتماعات جنيف المقبلة حول الصحراء
-
وتستمر الدولة البوليسية الفاشلة في سياسة الهروب الى الامام (
...
-
رغم تدمير الدولة البوليسية لكل القيم ، ومع ذلك تستمر في الهر
...
-
عندما تريد افراغ منظمة ثورية مسلحة من ثوريتها
-
خطر الدولة البوليسية اخطر من خطر الدولة الدكتاتورية ( 12 )
-
تتمة الحلقة العاشرة حول رفض الشعب لتغوّل واستبداد الدولة الب
...
-
هل ناصر الزفزافي في طريقه الى الشهادة .
-
هل اقترب حل نزاع الصحراء الغربية .
-
فدرالية أم كنفدرالية لمستقبل الصحراء
-
خريطة الطريق لمواجهة تغوُّل ، وبطش ، وقمع الدولة البوليسية (
...
-
طريق واحد لا طريقان للرد على تغوّل الدولة البوليسية ( 9 )
-
حين يسرق البوليس الدولة ويحوّلها الى دولة بوليسية . يبقى هنا
...
-
سجل أنا عدمي ( 7 )
-
بعد الخطاب الملكي الذي حرره عملاء الدولة البوليسية ، تبقى طر
...
-
ما العمل في وضع مزري كالذي نحن فيه عربيا ومحليا ودوليا ( 5 )
-
انعكاسات قضية الصحراء على دول الشمال الافريقي ( 4 )
-
حين توظف الدولة البوليسية القضايا الوطنية ضد مصالح الشعب --
...
-
الدولة البوليسية دولة تخريب ( 2 )
-
تحليل بنية النظام السياسي المغربي -- على هامش رسالة مستشار ا
...
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|