إلى الدكتورة الفاضلة سعاد خيري ....
سيدة القبعة السوداء
سيدتي الفاضلة ... ما اعتدت تقبيل الايادي أطلاقا في سنين عمري حتى ولو الى والدتي ... لأننا ربينا على ذلك ... ان تحترم فهذا شيء من باب الواجب ولكن تقبيل الايادي مرفوض وكفا ... ولكنني اليوم وجدتني وبصدق أريد تقبيل يديكِ يا سيدة القبعة السوداء ... سنون عمركِ التي تخطت السبعين وجسمكِ النحيل وابتسامتكِ المشرقة , مضافاً لكل هذا قوة الارادة التي لازمتكِ رحلة الحياة كانت هي العلامات الفارقة التي تميزكِ عن الأخريات ... أي حب هذا الذي تحملينه في ضميركِ , يفوق الوصف ما رأيته فيكِ اليوم وانتِ تجلسين متعبة على قارعة الطريق المقابل لمحطة القطار , تمدين يدكِ التي كتبت الكثير والقيم لتمنحي المارة ورقة كتب فيها ( أذا الحرب تبدأ فلنتظاهر في نفس اليوم ) , لم تثير انتباهي لأول وهلة بسبب الاعداد الكبيرة المتواجدة في المكان ولكن حين اصبحت قريبة جداً منها عرفتها وكالعادة استقبلتني بروحــها الشفافة وهـي تــقول ( هـاي ويـن ) طبعت على وجههــا قبلتين وأنا اردد فــي داخلي سلمــتِ يا أم الوطن ... وحين أبتدأت المنظمات بألقاء كلماتها جاءت تتهدا بخطاً مثقلة ودموع تنهمر حرى من أجل طفولة ستقتتل أو أرض تستحل ...
سيدتي أن عينيكِ لا تحتمل البكاء وأنتِ حديثة عهد على عملية قد أجريت لهما , ولكنها لم تبال ... فما قيمة العين أمام محنة الوطن ... خشينا عليها من فقدان الوعي وهذا ما حصل لها يوم تضامنت مع الفلسطينيين أيام حصار كنيسة المهد وجنين والتي نقلت على إثرها للمستشفى , ولكن مشاركتها ظلت مستمرة .
لا أريد أن أطيل وأسهب حتى لا يعتقد الآخرين أن في ذلك مدعاة للمبالغة في تبجيلك ولكن لأنني عاهدت نفسي أن أحكي عنكِ ... كتبت كلماتي هذه متواضعة أضعها بين يديكِ ... ليست سوى عرفاناً بعطائك المتدفقة ... آمل أن أحوز على فتات رضاكِ .
لكِ العمر كله ... قبلات من محبيكِ على يديكِ الكريمتين ....
ودمتِ لنا أماً ومدرسة .
نوار
أواسط آذار 2003