أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حواس محمود - المثقف التضليلي














المزيد.....

المثقف التضليلي


حواس محمود

الحوار المتمدن-العدد: 6020 - 2018 / 10 / 11 - 00:31
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هنالك فئة غير قليلة من أصحاب الأقلام في العالم العربي تعيش على الارتزاق والتجارة الايديولوجية - ان جاز التعبير – وهي تعلمت واتقنت- اي هذه الفئة من أصحاب الاقلام - اساليب وفنون الخطابة الشعارية النارية واللهابة والتي تخاطب العواطف لا العقول ، وتسرح في الخيال لا العقل ، وتستوطن الوهم لا الحقيقة ، هذه الأقلام اقلام تم تأجيرها بأثمان بخسة لدى سلاطين وحكام القرن الحادي والعشرين المستبدين الى أجل غير مسمى ، فهم يظهرون لنا على شاشة التلفاز والفضائيات العربية المستقلة والحكومية سواء في برامج حوارية او عادية ، (وعلى صفحات الصحف والمجلات والجرائد التي افسحت لهم المجال للكتابة الكيفية دون الالتزام بقواعد المنطق واحترام قدسية الكلمة وحرمتها ودورها في عمليات التغيير النهضوي لإخراج الشعوب العربية من الحالة الأزموية العميقة الراهنة ) ، يدافعون عن كل ما هو خيالي و مخدر للعقول العربية وعن كل ما هو مزيف ومخادع ومناقض للتقدم والعلم والفكر العلمي الرصين .
أما في البرامج الحوارية فهم عندما يظهرون فيها امام الرأي المقابل لا يناقشون زميلهم المناقش لهم ، بل هم يدفعون بجملة من المقولات والشعارات والخطابات المسبقة السبك والصنع والمجمدة في صندوق العقل- للتشحين والتفريغ – والتي ينقصها الدم الثقافي والحيوية الفكرية ، وهم بذلك يبتعدون عن منطق الحوار العقلاني والموضوعي ، وهمهم الأوحد هو النطق بما حفظوه وبما لقنوه به – كطلاب الابتدائية- من ولي النعمة والسلطة والجاه والمال والعيش ، الذي اغدق عليهم بفتات رخيص لكي يستطيع هذا الكاتب أو الاعلامي ان يعيش ويعيل افراد عائلته بدون عزة نفس وبدون كرامة وبدون بأس ورفع رأس ! ولذلك فهم ينطلقون من مبدأ " اشحن واقبض "! اي كلما دافعت عن الدكتاتور الذي أنعم عليك بفلوسات ودريهمات بخسة وكلما تفوهت بجمل وشعارات تخدم سلطة الدكتاتور ، وكلما كنت حفيظا وناطقا ومفوها كلما كان الدفع لك اكثر ، ولذلك فإن مثقف أو اعلامي السلطة مقابل تأمين رزقه وقوت يومه فإنه يسبب – من حيث يدري أو لا يدري – المصائب والويلات والكوارث لشعوب بأكملها بإدامة الاستبداد وادامة القهر والظلم ، وتشويش الجماهير التي تضيع بوصلة التغيير بشكل شبه دائم وتدخل المجتمعات وبخاصة العربية دوامات عنف وتخلف وفساد وظلام واظلام على مدى عقود وحقب زمنية متتالية تتجاوزها كل الثورات الاصلاحية والسياسية والتكنولوجية والمعرفية وهي صامدة في أماكنها ممانعة لا تتزحزح قيد أنملة ، انه العقل السجالي لا العقل الحواري ، السجال بمعنى النقاش من أجل النقاش لا الحوار لأجل معرفة ماذا يقول الطرف المقابل والاستماع اليه ومن ثم مبادلته بالافكار والنقاط الخلافية ، لأن الحقيقة ليست مطلقة ، انما نسبية ، وهذا يدل على وجود عجز بنيوي كبير في منظومات الأفكار لكل الأيديولوجيات العربية التي اثبتت فشلها وباعتبار أن المثقف لم يختط لنفسه مسارا حرا وأراد أن يكون تابعا للسياسي لذلك ظل يتخبط في عمى هذه الأيديولوجيات هنا وهناك ، ولم يكتف بهذا بل نشر الغسيل الأيديولوجي على الفضائيات العربية ووسائل التواصل الاجتماعي لكي ينشر هذه الثقافة المبتذلة على أوسع نطاق شعبي ، في ظل غياب تأثير المفكرين الكبار أو محدودية تأثيرهم كالطيب تيزيني ومحمد عابد الجابري هشام شرابي وادوارد سعيد وعبد الله العروي ومحمد اركون وحسن حنفي وعلي حرب وكريم مروة ونصر حامد ابوة زيد وغيرهم .
ان نموذج المثقف الذي نتناوله هو نموذج المثقف التضليلي الذي لا يشعر بالمسؤولية أو يقظة ضمير أو صحوة عقل ، وهو ينسى أو يتناسى أن نهضة الشعوب تتطلب من الكل وبخاصة من اصحاب القلم والضمير مزيدا من التضحية الفردية في سبيل الانقاذ الجماعي ، وهذه الظاهرة التي أتناولها موجودة وبقوة في الصحافة المقروءة والمرئية وهي تؤثر سلبا – اضافة الى عوامل اخرى- في نمو وعي الشعب بالموضوعات والمسائل الديموقراطية وحرية التعبير ، ان هؤلاء المثقفين والاعلاميين الذين يصفقون للحاكم بذرائع وحجج شتى انما هم يخدمون مقولة " الفراعنة الجدد " – أي الحكام المستبدين - بأن الشعوب العربية لم تبلغ بعد سن الرشد الديموقراطي! ، أي أنها لا تفهم الديموقراطية وتحتاج الى الوعي بها ، وكيف لها ان توعى ومثل هؤلاء المثقفين والاعلاميين يغذونها ليل نهار بكل ما هو مسيئ وضار وهدام للديموقراطية ؟، انها معادلة صعبة جدا حين يتم بث ثقافة الاستبداد والفساد عبر سيل اعلامي عرمرم ومن ثم يعجز المثقف المتنور أن يلعب دوره في ظل غياب الحامل الاجتماعي للتغيير، رغم ان الاستبداد قد كشفت أوراقه وتبينت ممارساته وفضحت خزعبلاته ومراواغاته وتوطؤاته مع الخارج - من خلال ثورات الربيع العربي - (رغم ادعائه انه ضد التدخل الخارجي ، طبعا ليس بالنسبة له أي ان ذلك لا يعنيه انما يعني المعارضين فقط اذ يحلل لنفسه ما يحرمه على الآخرين ) هذا نقد لهذا النموذج الخطير في المشهد الثقافي والسياسي العربي ، أطرحه – وبكل ألم- برسم المثقفين العرب الذين في معظمهم يشحنون الجماهير في الفراغ ويقبضون ثمن هذا الشحن دريهمات بائسة من أولياء نعمتهم ، علما ان المشهد العربي يحتاج الى ربيع ثقافي عربي يزلزل التصورات والأفكار القديمة التي ساهمت في تأخر الوعي العربي وتركه ضمن إطار الوعي الشعبوي ، ولم يتم الارتقاء به الى وعي بأثر نخبوي ، وعي متقدم يستطيع من خلال تفعيله مجتمعيا تغيير احداثيات السياسة والثقافة والاجتماع والاقتصاد في المدى القريب والمتوسط



#حواس_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عفرين عنوان خسارة السوريين بكردهم وعربهم
- هل انطلق الربيع الكردي ليخفق ؟
- التصفيق السياسي بين التشجيع والتغطية على الحقائق
- الكردي التائه بين شرق يصادر حقوقه وغرب يتاجر بها
- حوار مع الناشطة الفلسطينية امتثال النجار
- لماذا تخلى الب ي د عن تسمية روج افا
- حوار مع المخرجة السينمائية الكردية افين برازي
- الحركة السياسية الكردية والبدائل المطروحة
- مثقفون كرد لكنهم غارقون في وحل الايديولوجيا
- الكردي التائه بين الانانية الفردية والطموحات الكبرى !
- ايها العراقيون قلوبنا معكم
- ما حكاية رفيق نصر الله؟!!
- الكرد بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية العراقية والخيار الأن ...
- شعوب الببغاء بين الموت والبقاء
- لماذا توقفت وسائل الاعلام السورية عن الحديث عن الاصلاح والتح ...
- فضائية كوردية باللغة العربية
- مقابل كل هذا القهر ايعقل كل هذالاستسلام ؟!
- عندما يعود الاتجاه المعاكس الى التجاه الصحيح
- الكرد في مرحلة جديدة
- النزعة الثقافية الأحادية أو ثقافة الهزيمة


المزيد.....




- كييف تتحدث عن تقدم قواتها في كورسيك وموسكو تعلن التصدي لها
- واقعة مثيرة للجدل داخل مستشفى في مصر.. ومسؤول يعلق
- زاخاروفا: الهجوم على محطة زابوروجيه عمل إرهابي كشف خطورة نظا ...
- حماس: موافقة واشنطن على صفقة أسلحة جديدة لإسرائيل تؤكد أنها ...
- خبير عسكري أوكراني يحذر من سقوط مدينة هامة بيد الجيش الروسي ...
- مقتل 5 فلسطينيين بقصف إسرائيلي على الضفة
- احتجاز مواطن أمريكي في موسكو لاعتدائه على شرطي
- إيلون ماسك يصف -الغارديان- بأنها -قمامة- وسائل الإعلام
- الجيش الإسرائيلي يعلق على مقتل التوأم في غزة
- مغامرة نظام كييف في كورسك بدأت فعليا في التحول إلى كارثة محق ...


المزيد.....

- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حواس محمود - المثقف التضليلي