|
التظاهرات الشعبية بين الخطط الانية والحلول الجذرية
فراس مهدي زوين
الحوار المتمدن-العدد: 6016 - 2018 / 10 / 7 - 19:51
المحور:
الادارة و الاقتصاد
شهد الشارع العراقي في الفترة الأخيرة تظاهرات واحتجاجات من قبل المواطنين مطالبين بأمور عديدة تمثل ابسط حقوقهم مثل الخدمات والعمل والماء والكهرباء وغيرها من متطلبات الحياة الاساسية وقد تحركت على اثرها الحكومة العراقية بخطط سريعة وانية تلبيةً لمتطلبات المتظاهرين في محاولة منها لوقف تمدد الاحتجاجات لتشمل بقية المحافظات مما يصعب على الحكومة السيطرة عليها. وسأسلط الاضواء في هذه المقالة على ثلاث مطالب شعبية يمكننا من خلالها معرفة منطلقات الحلول الحكومية . 1. تحسين الواقع الخدمي وتطوير محطات انتاج الطاقة الكهربائية لزيادة ساعات التجهيز. 2. زيادة الاطلاقات المائية لإنقاذ الواقع الزراعي والحيواني للمحافظات الجنوبية لتفادي نفوق الآف المواشي نتيجة شحة المياه. 3. الالتفات الى مئات الالاف من ابناء هذه المحافظات العاطلين عن العمل وفتح باب التعيينات الحكومية لاحتضان هذه الفئات وخصوصاً الخريجين منهم . ان صوت التظاهرات المرتفع ايقظ الحكومة من سباتها ونبهها الى خطورة الموقف وتراكماته التي قد تكون كارثية ليس فقط على هذه الحكومة فحسب وانما قد يهدد النظام السياسي بأسره فسارعت الى اتخاذ مجموعة من الإجراءات والمعالجات الحكومية التي تصب في صالح الواقع الاقتصادي والمعاشي لأبناء هذه المحافظات. فكان من هذه الحلول الايعاز الى الجهات المعنية بإكمال العديد المشاريع الخدمية المتوقفة عن العمل منذ عام 2014 ، مع الالتفات الى بناء محطات توليد الطاقة الكهربائية وصيانة وتطوير المحطات الموجودة حالياً وتوفير الوقود اللازم لتشغيل هذه المحطات بالسرعة القصوى. بالإضافة الى زيادة الاطلاقات المائية للمحافظات الجنوبية والتي تعد الأشد تضرراً من شحة المياه ، كما وجهت الحكومة بأطلاق ملف التعيينات الحكومية ضمن حركة الملاك وفرضت على الشركات الأجنبية العاملة في العراق بتشغيل العمالة العراقية بنسبة 50٪ من قيمة العمالة لهذه الشركات ، وسأكتفي بهذه الحلول كنماذج بسيطة لخطة عمل الحكومة في مواجهة ازمة المظاهرات السلمية التي طالت عدد من المحافظات الجنوبية. وتجب الاشارة ان الادبيات الإدارية صنفت عملية التخطيط الى ثلاث مراحل تختلف من حيث فترة تنفيذها ، الأولى هي الخطة الآنية والثانية هي الخطة المتوسطة ( 5 سنوات ) والثالثة هي الخطة الاستراتيجية (اكثر من 5 سنوات ) وتعد الحلول السابقة وغيرها مما لا يسع المقال لذكره من الخطط والقرارات الانية السريعة التي من حق الحكومة الخوض في الحلول السريعة لمنع تطور الأمور وانزلاقها الى حد يصعب السيطرة عليه ولكن تبقى هذه الحلول لتمشية الحال فقط، فان المتابع للشأن الاقتصادي العراقي يعلم تمام العلم ان السياسة المالية للبلاد تشهد ازمة منذ فترة ليست بالقصيرة نتيجة انخفاض أسعار النفط ومارافقه من اجتياح لعصابات داعش للأراضي العراقية تكبد العراق بسببه كلف مالية ضخمة بالإضافة للفساد المالي والإداري والذي يعد حجر العثرة الأكبر في تطوير السياسة المالية وان العمل على توفير الخدمات واكمال المشاريع المعطلة وتأسيس محطات توليد جديدة قد تكون قرارات لا تملك ما يكفيها من سيولة مالية لتنفيذها كما يحب ويشتهي المواطن هذا من جهة، ومن جهة ثانية فان الواقع المائي لنهري دجلة والفرات يشهد ازمة حقيقية نتيجة حجب دول الجوار لحصة العراق من مناسيب المياه وان أي اطلاق وزيادة لحصة المحافظات الجنوبية من مياه الأنهار قد تكون شبه مستحيلة امام هذا الحجب بالإضافة الى تبدل المناخ للبلاد وما صاحبه من ارتفاع درجات الحرارة زاد من تعقيد القضية المائية للعراق، اما بخصوص اطلاق التعيينات الحكومية ضمن حركة الملاك فلا يمكن وصفه بغير الحل الاني والبسيط اذا عرفنا ان محافظة البصرة وحدها تجاوز عدد الراغبين اضعاف عدد الدرجات الشاغرة والتي قدرت ب 40 الف درجة وظيفية في الوقت الذي يدخل للسوق العراقية 250 الف يد عاملة سنوياً باقل التقديرات فلا اعلم ماذا تفيد 40 او 100 الف درجة ؟؟؟ هذا بالإضافة الى ان اللجوء الى التعيينات يعد اصل المشكلة في ضل الدولة الريعية وليس حلاً جذرياً لها، ولايمكن قبوله الآ من خلال كونه تداركاً للأحداث وكبحاً للجام الامور . ان على الحكومة العراقية الحالية والحكومة القادمة العمل على وضع خطط واستراتيجيات متوسطة وطويلة الأمد تنطلق من حلول حقيقية تهدف لأحداث تنمية مالية واقتصادية مستدامة من خلال تنشيط دور القطاع الخاص وهجر النهج الريعي للدولة والتعلم من الإخفاقات المتتالية للواقع الاقتصادي وذلك بالتركيز على باقي قطاعات الإنتاجية والزراعية والخدمية فأنه السبيل الوحيد لاستيعاب العمالة العراقية المتنامية وبكل فئاتها ولعل الجدية والواقعية في استيعاب مطالب الجماهير يكون محفزاً وملزماً للحكومة بوضع حد للفساد المالي والإداري الذي استشرى وبشكل لا سابق له في بدن الدولة ويجب الالتفات الى ان التظاهرات والمطالبات السلمية بالإضافة الى الضغوطات من قبل المرجعية في خطبها تعد بمثابة تخويل لضرب رؤوس الفساد وان على الحكومة الحالية والقادمة استثمار هذا التخويل وإعلان الحرب على الفساد بنفس الهمة والقوة التي رافقت اعلان الحرب على داعش
#فراس_مهدي_زوين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السياحة في العراق اهمال البدائل المتاحة
-
التنوع الاقتصادي وضرورة البدائل
-
البيئة الاستثمارية بين الواقع والطموح
-
ماء البصرة بين الترقيع والحل
-
البطالة في العراق ... بين مطالب المتظاهرين والحلول الآنية
-
ازمة المياه في العراق بين تجزئة الواقع والنظرة الشاملة
-
الليرة التركية بين مطرقة السياسة وسندان الاقتصاد
-
الموازنة العامة نفط الموظفينف
-
القطاع الخاص .. قيود الماضي واهمال الحاضر
المزيد.....
-
مصر.. الكشف عن خطط لمشروع ضخم لإنتاج الطاقة الهجينة
-
مصر.. الدولار يقترب من مستوى تاريخي و-النقد الدولي- يكشف أسب
...
-
روسيا والجزائر تتصدران قائمة مورّدي الغاز إلى الاتحاد الأورو
...
-
تركيا تخطط لبناء مصنع ضخم في مصر
-
زيادة جديدة.. سعر الذهب منتصف تعاملات اليوم الخميس
-
-الدوما- يقر ميزانية روسيا للعام 2025 .. تعرف على حجمها وتوج
...
-
إسرائيل تعلن عن زيادة غير مسبوقة في تصدير الغاز إلى مصر
-
عقارات بعشرات ملايين الدولارات يمتلكها نيمار لاعب الهلال الس
...
-
الذهب يواصل الصعود على وقع الحرب الروسية الأوكرانية.. والدول
...
-
نيويورك تايمز: ثمة شخص واحد يحتاجه ترامب في إدارته
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|