|
البديل الإنساني الوحيد
خليل اندراوس
الحوار المتمدن-العدد: 1510 - 2006 / 4 / 4 - 10:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد تفجير المسجد في سمراء ، إنفجرت في العراق، حرب الكل ضد الكل، شيعه ضد السنة وسنه ضد الشيعه وعندما نشاهد من على شاشات التلفاز، مشاهد حرق وتدمير عشرات المساجد، وقتل الأبرياء، نتساءل من المستفيد من هذا الوضع المأساوي، ومن الفاعل، وماذا يريد من وراء فعلته.
ولكن السؤال من المسبب لهذه الحرب، حرب الكل ضد الكل التي بدأت قبل ثلاث سنوات ، منذ إحتلال امريكا للعراق، والتي خلالها قتل أكثر من 100،000 إنسان. أليست أمريكا ، وأيضا يطرح السؤال من يهتم لهذه العدد من القتلى؟؟!!
فقط في الفترة الأخيرة بدأو الحديث عن الواقع في العراق بموضوعية ووصفوا ما يجري بأنه حرب أهلية.
السياسية الأمريكية العدوانية، الهادفة إلى إعادة الهيمنة العسكرية المباشرة على العراق، وإعادة رسم الخارطة السياسية في المنطقة خدمة لمصالحها، هي التي خلقت هذا الوضع اللا إنساني في العراق، وكل من لَهُ عينان، كان يجب أن يرى هذه النتيجة. وهذا الوضع سيستمر أيضا في المستقبل، والذي يدفع الثمن والخاسر الحقيقي، أولا وأخيرا الشعب العراقي، وأيضا الشعب الأمريكي الذي يدفع ثمن احتلاله للعراق بدم أبنائه، وأيضا العالم كله يخسر لأن هذا الوضع المأساوي يخلق الكثير من اليأس والإحباط، والتذمّر الذي يولد العشرات من البائسين المستعدين لتنفيذ عمليات إنتحارية يوميا في العراق وغير العراق، كل مياه دجلة والفرات لا يمكن أن تطفئ نار الحرب في العراق ونار الكراهية التي خلقها الإحتلال الأمريكي للعراق .
ومن يزرع الكراهية في العراق يزرع الكراهية في فلسطين ، يدعون بأنهم يريدون نشر الدمقراطية في الشرق الأوسط، ويخرج بدل ذلك فوضى كاملة، فالآن في العراق صراع طائفي مخيف بين الشيعة والسنة، وهنا همجية الإحتلال وإفشال السلطة الفلسطينية، من قبل اسرائيل بالإضافة الى فسادها، يأتي بحماس الى السلطة.
ولكن علينا أن نذكر بأن حماس هي "اختراع" اسرائيلي مثله مثل حزب الله في لبنان. قضوا على منظمة التحرير في لبنان ، حَلّ مكانها حزب الله، ضربت السلطة الوطنية من قبل اسرائيل أتى مكانها حماس . إستعمال سياسة القوة المطلقة ونفي الآخر تخلق قوى وتحديات جديدة وهذه هي جدلية الحياة. هذا ما لا يفهمه حكام إسرائيل بأنه لا يمكن تركيع أي شعب يكافح من أجل بقائه ومن أجل حقوقه واستقلاله.
إسرائيل في السبعينيات خلقت حماس من منطلق وإيمان بأنه لا يمكن التحدث مع متطرفين اسلاميين. والهدف من وراء ذلك إضعاف منظمة التحرير الأقل تطرفا لمنع إجراء محادثات، كانت ستؤدي إلى الإنسحاب لحدود 67، وهذا ما لا تريده إسرائيل. فكل تاريخ وممارسات إسرائيل من الخمسينيات من أيام عبد الناصر ( الإتصالات التي جرت في حينه مع شاريت ورفضها بن غوريون ) إلى إتفاق أوسلو ، الذي جرت الموافقة عليه من قبل الطرفين والتي لم تنفذه إسرائيل رغم موافقتها الإعلامية حيث استمرت ببناء المستوطنات فبموجب هذا الإتفاق كان يجب أن تقوم الدولة الفلسطينية في سنوات التسعين. من خلال كل هذا هدفت إسرائيل تأجيل وإلغاء متطلبات السلام العادل في المنطقة.
إسرائيل لا يمكن أن تخرج من إطار تحالفها الإستراتيجي مع أمريكا، التي تمارس سياسة الهيمنة والسيطرة المباشرة على المنطقة ولذلك نجد دوف فايسغلاس وزمرته، يدعون في الفترة الأخيرة إلى إدخال الفلسطينيين إلى نظام التجويع، والإفقار وضرب كل أمل لإجراء محادثات جدية للخروج من الوضع المتأزم .
بدل إعطاء حماس فرصة للتغيير التدريجي ومن قناعة داخلية أو إعطاء فرصة للظروف العالمية والمنطقية الموضوعية، لفرض تعامل واقعي من قبل حماس لمجريات الأمور، قررت حكومة إسرائيل مقاطعة حماس وفرض الحصار عليها .
ولكن كما يبدو ما تحاول أمريكا وإسرائيل إفشاله والإيقاع به، ينتصر ويقف على قدميه من العراق الى فلسطين . لعالمنا اليوم يقولون بأنه قرية واحدة كبيرة. ولكن يتضّح بأن لهذه القرية مجنونها. مجانين عالمنا اليوم، المحافظون الجدد في أمريكا وشركاؤهم "الممتازون"، هنا في إسرائيل، الذين ترعرعوا في مزرعة سياسة شارون، ينقلون "الجنون" لغة القوة والعدوان بالوراثة. وإجتياح سجن أريحا الأخير آخر دليل على ذلك.
هؤلاء الذين يدّعون بأن لهم علاقة مباشرة مع الله، ويلتزمون "بالكتاب" ألم يقرؤوا في العهد القديم "كلما عذبته، يتكاثر وينفجر" وبالتحديد على الأفنغاليين الجدد في أمريكا، الذين يدعمون السياسة الإنسانية العدوانية الإسرائيلية بلا حدود، عليهم أن يعرفوا هذا الواقع .
صحيح بأن صاحب المزرعة نائم، ولكن زمرته في كديما موجودة ومستمرة في نفس النهج الشوفيني العنصري العدواني، بتنسيق مطلق مع "مجانين" البيت الأبيض، لكن هذا الوضع لن يطول لأن كلا الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني لهم الحق بالعيش بسلام. وسيمر هذا الليل الدامس، وستشرق الشمس، شمس حرية الشعوب، شمس التفاؤل والبناء، لأنه لا بديل للخروج من المأزق، إلا بإحقاق السلام الثابت والعادل في المنطقة. فالحل لا يمكن أن يأتي من أوهام القوة والاضطهاد بل من الإلتزام بالقيم الانسانية والدمقراطية وكنس الإحتلال .
#خليل_اندراوس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألصهيونية المسيحية - دين في خدمة العنصرية ورأسمال
-
ألثورة العلمية والتناقضات بين العمل والرأسمال
-
حول الطائفية والعودة إلى السلفية
-
علمنة التراث ودمقرطة العالم العربي
-
إمبراطورية الشر - من وجهة نظر ماركسية
-
بعض ملامح مملكة الحرية - مجتمع المستقبل
المزيد.....
-
الأردن.. ماذا نعلم عن مطلق النار في منطقة الرابية بعمّان؟
-
من هو الإسرائيلي الذي عثر عليه ميتا بالإمارات بجريمة؟
-
الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة
...
-
إصابة إسرائيلي جراء سقوط صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل
...
-
التغير المناخي.. اتفاق كوب 29 بين الإشادة وتحفظ الدول النامي
...
-
هل تناول السمك يحد فعلاً من طنين الأذن؟
-
مقتل مُسلح في إطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في الأردن
-
إسرائيل تحذر مواطنيها من السفر إلى الإمارات بعد مقتل الحاخام
...
-
الأمن الأردني يكشف تفاصيل جديدة عن حادث إطلاق النار بالرابية
...
-
الصفدي: حادث الاعتداء على رجال الأمن العام في الرابية عمل إر
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|