محمد طه حسين
أكاديمي وكاتب
(Mohammad Taha Hussein)
الحوار المتمدن-العدد: 6011 - 2018 / 10 / 2 - 11:37
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
إطلاق العنان لمخالب الغريزة كي تقع على الطريدة والفريسة هو من دوافع سلطان العتمة وإمبراطورية الأشرار، ديمقراطية تفكّ الأغلال من الأيادي كي تسرق، من الأرجل كي تخرق جغرافية المحرمات، ترفع الستار عن العيون كي تحدق في عيون الطاهرات وتدنس جمالهن وجمال الحياة، تسنح المجال لِلَمس النواعم ونفي الخشونة، ترشُّ العطور التي تُطيِّر الأنوف والعقول وتخنق أهل الطُرز القديمة، الذين لن يشمّو غير روثة الحمير والبغال وفضلات الدواجن.
ديمقراطية أقدم بكثير من اليونان وأهل أثينا، قائمة منذ أقدم العصور، منذ أول الخلق، لن ترضخ لشيئ غير قراراتها والتي تُتَّخذ عند الإشباع والتقيؤ بفائض الأكل، تطلق لِجامَ الكرويات الحمر والبيض وتضغط على هيموغلوبين الشريانات كي تسرع بفعل إفرازات الغدد التي تثير هيجانات روح هذه الديمقراطية حيث تفعل فعلتها وتغتصب ما تقع ويقع بين أياديها وفخذيها وقبضة آلتها الممتلئة بالشهوة.
ديمقراطيةٌ كائنات الظلام، حُريّات أشباح البشر، استقلاليات الهوى والهوس الفطري، تفعل الأبالسة فعلاتهم الغرائزية وتُشرَّع سلوكياتهم في أقبية مجالس الأجِنَّة، إنها جمهورية تُعدَمُ فيها العقل وتُهتَك فيها الضمائر وتتعرى. للمغتصبات والمغتصبين أن يسألن/يسألوا فقط: ما هذه الطاقة الخارقة التي لا تسكن وتهدأ فالأكل والنكاح متى ينكف وينتهيان؟ كي تنتهي دوافعهما من الجريان والهيجان.
ديمقراطية العقول خسرت منازلتها مع ديمقراطية الغرائز، فالعقل ليس ما أعلنه كوبرنيكوس وغاليلو وكتب عنه ديكارت وكانط ونادى به قبل ألفي عام أرسطو وهيبوكرات وأبيكور، ليس ما هو ناضل لاجل تحريره هيغل وشوبنهاور وسبينوزا وماركس وفرويد وهايدغر وأنشتاين ويونغ والمتنورين الحداثويين، إنه ترجمة لهوى وهيجانات وثورات الأبالسة المعبئة في ظلمات أنفس النرجسيين، ان ما تحرك سلاطين العروش السياسية واللاهوتية بيننا الآن هي الطاقة التي خزنتها لنا الأب الأول لنا، الطوطم الذي علّمنا تأريخهُ أن نخضع له ونصرف له فورة وثورة هذه الطاقة الجياشة التي لا تنتهي.
#محمد_طه_حسين (هاشتاغ)
Mohammad_Taha_Hussein#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟