من اجل تامين او ضمان صحي في العراق (3) التامين او الضمان الصحي لا يعني التتمتع بصحة افضل

جواد الديوان

الحوار المتمدن-العدد: 6005 - 2018 / 9 / 26 - 11:14
المحور: الطب , والعلوم
    

الرعاية الصحية في الدول المتقدمة صناعة، وتشكل جزء من اقتصاد البلاد، وعندها مسرحا لساسة البلاد في مناقشاتهم وخططهم. ومن الامثلة ما وعد به اوباما ناخبيه بشمول الملايين بالخدمات الصحية، وعمل على اصدار قانون الرعاية الميسرة. وكذلك اصلاحات تاتشر للنظام الصحي في بريطانيا في الثمانينات من القرن الماضي.
ويشتعل في العراق نقاشا حول اصلاح النظام الصحي، وتشريع قانونا للتامين الصحي. وهناك من يفضل كلمة ضمان صحي، وتفعل الكلمة فعلتها في النقاش. الا ان الكلمتين ترجمة للكلمة الانجليزية Health insurance. والهدف تغطية واسعة بالخدمات الصحية وفقا لامكانيات الفرد او العائلة.
الفروقات في التغطية بالخدمات الصحية واضحة في كل الانظمة الصحية، ومثال في امريكا اوباما عمل على شمول ملايين من الامريكيين بالخدمات الصحية. وفي العراق الفروقات بين الريف والمدينة واضحة للغاية وفي التسميات الادارية مثل الصحة الريفية، بل قانون التدرج الطبي يستوجب العمل في الريف وبالامكان اعتباره جزء من التدريب والخبرة. ما وددت الاشارة له الفرق في تغطية الخدمات بين الريف والمدينة وبالتالي كل الانظمة لا توفر تغطية كاملة بالخدمات الصحية.
يتخوف الكثير من تغير نظام الخدمات الصحية المجانية الى تامين صحي بسبب الثقل الاقتصادي الاضافي على جيب المواطن. وقد تضاعف نفوس العراق مرارا، وتعقدت الخدمات الصحية مع تكلفة عالية، واحيانا عالية جدا. فقد تداخلت التكنولوجيا والتقدم العلمي في تقديم الخدمة الصحية مما ضاعف كلفتها كثيرا. ويتحمل المواطن والعائلة النفقات العالية لعلاج الامراض المستعصية والمزمنة التي تعجز مؤسسات الدولة الصحية عن توفيرها. وفي المواقع الاجتماعية الكثير من التذمر من هذه الحالات. وثقل الانفاق الاضافي على الفرد العراقي يتم قياسه في الانفاق من الجيب out of pocket expenditure وفي 2017 ظهر اضعاف مضاعفة عنه في الدول المتقدمة ومنها الولايات المتحدة الامريكية. وهذه احالة تدفع بالعوائل الى الافقار (بيع البيت والاثاث والاقتراض وغيرها).
التامين الصحي يعني مشاركة المجتمع ككل في تحمل نفقات معالجة الاخطار الصحية والامراض على الفرد والعائلة من خلال المشاركة في النفقات من خلال دفع اقساط تامين العائلة، والتامين الصحي متوفر باشكال عديدة.
وربما لا زال الحديث مبكرا عن التامين الصحي، حيث لم يتمتع العراقيون بمظاهر التمدن والتحضر واهمها الماء الصالح للشرب وخدمات المجاري والكهرباء وغيرها. وهذه من اسباب فاشيات الكوليرا مثلا وتوطنها، وتوطن التايفوئيد وغيرها من الامراض التي تنتقل مسبباتها من البراز الى الفم!!. وممكن الاشارة الى امراض مشتركة بين الحيوان والانسان انتشرت بتحول المدن الى مراعي للماشية واهمها الاغنام! بل وتحول العديد من الدور الى زرائب لها، وتحول الارصفة الى مجازر! وعندها لن نندهش بتوطن الاكياس المائية والحمى النزفية وغيرها. ما وددت ان اقوله ان شركات التامين ستعجز عن التعامل مع هكذا واقع باقساط ميسرة، فالوضع يدفع الى استشارات طبية متكررة ووصفات ادوية واحيانا الجراحات وغيرها. في حين ان تنظيم المدن وتطبيق القوانين وتحسين نوعية المياه وتوسيع خدماتها، وكذلك المجاري وغيرها، ممكن ان يجعل تلك الامراض تاريخية.
ويعتقد البعض ان التامين الصحي يؤثر سلبا على صحة المجتمع، وان مجانية الخدمات الصحية من اجل صحة للشعوب افضل. وقد اظهرت العديد من الدراسات ان صحة المجتمعات من خلال المؤشرات المتوفرة (وفيات الاطفال الرضع ووفيات الاطفال دون الخامسة من العمر ووفيات الامهات وطول العمر المتوقع وغيرها) تتحسن بتطور وتحسن الوضع الاقتصادي للبلد، وتحسن تغذية الانسان وبيئته وسلوكه العام. وكذلك عند تحسن الوضع الاقتصادي تقل الاصابات بالتهابات الجهاز التنفسي للاطفال على سبيل المثال وغيرها من الامراض الخمجية.
الفكرة وراء اصدار قانون الرعاية الميسرة (اوباما كير) هي الاعتقاد بان التغطية الشاملة للخدمات الصحية تكسب الناس صحة اكثر. وتم البحث في تطبيق عملي للمقولة. وتم دراسة مؤشرات في عينة عشوائية يتمتع بعض افرادها برعاية مجانية وبعضهم الاخر بتامين صحي. وكانت العلاقة ايجابية بين الخدمات المجانية وتحسن في الصحة عند 6% من الذين تمتعوا بالرعاية المجانية. والتحسن في 4 مؤشرات من 30 مؤشر (ارتفاع ضغط الدم، والنظر، والاسنان، وكذلك في الاعراض الخطرة (الم الصدر عند بذل اي جهد، والنزف بدون جرح او حادث، وفقدان الوعي وضيق النفس وفقدان الوزن). ولم تؤثر الرعاية المجانية في الصحة الجسدية والعقلية عند 87% من العينة.
وفي دراسة شملت فقراء منهم يتمتع بشموله ببرنامج الخدمات الصحية للفقراء Medicaid واخرين غير مشمولين في برنامج المساعدة للفقراء، واخرين ممن لا تامين لهم وغير مشمولين بالبرنامج. ولم تظهر اي فروق في مسب الوفيات بين المجموعتين.
يتبع

#جواد_الديوان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات