|
حوار اولي مع أحد مساعدي السيد السيستاني
جاسم المطير
الحوار المتمدن-العدد: 1509 - 2006 / 4 / 3 - 11:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
جاء في أخبار يوم أمس نشرتها وكالات أجنبية وعراقية عن تصريح أدلى به احد أبرز مساعدي آية الله السيد علي السيستاني ، المرجع الشيعي الأعلى في العراق ، قال فيه أن السيستاني تجاهل رسالة من الرئيس جورج بوش ولم يطلب حتى ترجمتها وذلك بسبب امتعاضه من التدخل الأمريكي في عملية تشكيل الحكومة العراقية. هذا الخبر مثل غيره من الإخبار اليومية عن السيد السيستاني ــ دام ظله ــ التي تنتشر بسرعة وليس لها هدف معلن ، لكنها بكل الحالات رضي أصحابها الناشرين والمروجين لها أم لم يرضوا ، أنها محاولة من بعض الجماعات الإسلامية لإيجاد علاقة صعبة جدا بين الدين والسياسة ، آو أنها محاولة من محاولات صهر موقع المرجعية الشيعية في القضايا السياسية الملتهبة والتي تعتمد في جزئها الأكبر في هذه القترة على المصالح الحزبية الضيقة ، وعلى الألعاب التي تحقق تلك المصالح . ولا يمكن استبعاد المجاميع والأفراد من أساليب التسلق لمناصب الدولة العليا من خلال انساق من التصورات التي تجعلهم بنظر السامعين والقراء أنهم ركيزة ثابتة من ركائز مصدر القوة العقائدية التي يتمتع بها مركز السيد السيستاني بسلوكهم نمطا خاصا من العلاقات والسياسات والتصريحات يؤدي إلى تهميش الدولة العراقية أو إلى إضعاف قوتها المعنوية ، خاصة في هذه الفترة الدموية التي يمر بها شعب العراق التي تفتقر فيها الدولة العراقية إلى مؤسسات دستورية ، بل تقوم وحداتها الإدارية داخل تجاويف بسيطة لا تستطيع حتى الاستجابة لتقديم أهم الخدمات الأساسية للمواطنين العراقيين المحرومين ،كالخدمات الصحية والنقل وتوفير الغذاء والوقود وكلها تابعة لوزارات يدعي السادة المسئولون فيها انهم من أتباع السيد السيستاني . أكد مساعد السيستاني ـ الذي لم يفصح عن اسمه ـ أن مبعوثا خاصا لبوش سلم السيستاني الرسالة الخطية منذ أسبوع تقريبا ، إلا ان المرجع الشيعي نحاها جانبا وتجاهلها تماما ، ولم يطلب حتي ترجمتها إلي اللغة العربية ، وأضاف المساعد أن المبعوث أبلغ السيستاني ـ شفاهة ـ شكر بوش وتقديره لدعوة المرجع الشيعي إلي الهدوء مما أسهم في الحيلولة دون اندلاع حرب أهلية في أعقاب تدمير مسجد الإمام العسكري الشهر الماضي . لا أدري مدى صحة هذه الأخبار المتناقلة عن موقف السيد السيستاني الذي أعلن عدد غير قليل من مساعديه ومن وكلائه انه رجل لا يغمر نفسه بالسياسة وانه مرجع أعلى في الشئون الدينية حسب ، وانه يؤمن بان شئون الدولة والحكومة تعود للمعنيين بالأمر من قادة أحزاب وسياسيين ومثقفين تقع عليهم الأفعال السياسية وإدارة الدولة العراقية . أنني أتساءل هل أن مثل هذا النوع من " التصريحات " يختزن نوعا من المجاملات الدبلوماسية أم يختزن وعيا سياسيا أم يختزن تصورات معينة عن مستقبل العلاقة بين العراق والولايات المتحدة حتى يتشكل نموذج هذه العلاقة بالصراع والتوتر الدائمين كما هو حال العلاقات الإيرانية – الأميركية .. أي إطار رمزي يمكن أن تحمله مثل هذه " التصريحات " عن إهمال أو إغفال أو عدم تقدير رسالة رئيس اكبر دولة في العالم مهما كان موقفنا منه ومنها ، تتحول إلى مادة سياسية فقيرة عبر تصريحات مساعد للسيستاني لا يعلن عن نفسه ولا عن أسمه وبذلك يذكر السامعين من أول وهلة بتصريحات إسلاميين ملثمين في قنوات فضائية يدافعون فيها عن مملكة الله التي ضاعت من العراق بسقوط نظام صدام حسين . لا ادري لماذا لا يستخدم مساعد السيد السيستاني أساليب الصراحة العلنية المباشرة وهو ينطق باسم السلطة الروحية الشيعية كي تكون العلاقة بين الناس والمرجعية غير قائمة على أي شيء استثنائي . شيء آخر لا ادري به واعتقد انه لا يدري به أي إنسان آخر وهو : هل أن مساعدي السيد السيستاني قادرين على جعل السيد ملما بكل أمور ومناورات السياسة الداخلية والإقليمية والعالمية .. وقد تواجه هذه الأمور صعوبة الإلمام بتفاصيله حتى في مكاتب رؤساء دول العالم المقتنية أرقى وسائل المتابعة والإنصات الالكتروني ويعمل بها آلاف الخبراء والتكنيكيين .. ؟ ربما يأتي سؤال ساذج آخر وهو : هل أن السيد السيستاني على اطلاع تام بما يصرح به مساعدوه ووكلاؤه ..؟ وحتى القادة الذين يواصلون زياراته يصرحون باسمه ، حال مغادرتهم مكتبه ، كل يوم تقريبا انه قال كذا وكذا بشان الأوضاع السياسية في العراق ..؟ لا شك أن هذه الأنواع من التصريحات تعرض السمعة الجماهيرية التي يتمتع بها السيد السيستاني إلى نوع من تعقيد العلاقة بين المرجع الأعلى وجماهيره الملتفة حوله وتتكاثر من خلال ذلك التساؤلات الكثيرة من مثل : لماذا لا يصدر السيد السيستاني تصريحاته بنفسه ..؟ أو لماذا لا يعلن ببيان ممهور بختمه تعيين احد معاونية ليكون ناطقا رسميا باسمه ..؟ أو لماذا لا يعتمد على أسلوب بيان صحفي أسبوعي من مكتبه مباشرة ..؟ أليست هذه كلها وسائل حضارية لا تتعارض مع الدين تؤدي إلى بناء صلة واضحة ومباشرة بين المرجع الأعلى وتابعيه ومريديه ..؟ لا شك ان السيد السيستاني أكثر معرفة بان العقل العراقي في المساجد والكنائس والأسواق والشوارع والمدارس والجامعات والأحزاب هو عقل مشوش ومرتبك منذ 9 نيسان 2003 وحتى اليوم وأية تصريحات تنسب إليه تشكل أخطارا مضافة تشتد كلما اشتدت درجات التشويش التي تذيعها العديد من وسائل الإعلام المعادية للشعب العراقي ولا تريد له الخير وهي تسعى لزيادة تشوشه . مثلا قيل في الأسبوع الماضي أن المبعوث الأمريكي الخاص ابلغ السيد السيستاني بالموقف الأمريكي بمعارضة واشنطن التامة لتولي إبراهيم الجعفري رئاسة وزراء الحكومة العراقية لفترة ثانية لكن اتضح ببيان خاص من البيت الأبيض صدر يوم أمس أن هذا الخبر ليس صحيحا . مثال آخر : لقد أوضح مساعد المرجع الشيعي أن السيستاني غير راض بالمرة عن التدخل الأمريكي في محاولات الساسة العراقيين لتشكيل حكومتهم الأولي الدائمة بعد الغزو. وأضاف أن الغضب الشيعي من التدخل الأمريكي بلغ مداه ووصل الأمر لدرجة أن زعماء الشيعة وابرز ممثليهم رفضوا لقاء السفير الأمريكي زالماي خليل زاد عندما زار مدينتي النجف وكربلاء الأربعاء الماضي لحضور احتفالات دينية بمناسبة أربعينية سيد الشهداء الإمام الحسين ( ع ) . لكن المتحدثة باسم السفارة الأمريكية في بغداد ، إليزابيث كولتون ، صرحت بأن زلماي خليل زاد لم يطلب لقاء زعماء الشيعة ونفت ذهابه إلى النجف أو كربلاء ، وأضافت أن السفير حلق فوق المدينتين بالطائرة فقط . في الوقت ذاته طالب أحد ابرز أئمة الشيعة ، اليوم ، آية الله محمد اليعقوبي واشنطن بسحب خليل زاد من العراق واتهمه بالانحياز إلي السنة في الخلاف حول تشكيل الحكومة العراقية وقال اليعقوبي ـ في خطبة الجمعة بأحد المساجد ـ أن السفير الأمريكي يقدم تقارير مغلوطة ..! للإدارة الأمريكية حول الوضع في العراق ولا يطلعها علي درجة سوء الأوضاع بين الشيعة والسنة ، وكأن السيد اليعقوبي على علم بتفاصيل الرسائل التي يكتبها السفير الأمريكي في بغداد إلى الخارجية الأمريكية .. وهي في العادة لا يسمح بالاطلاع عليها ، إلا بعد مرور 25 عاما . ألا يعني أن كل هذا قابل لكل أشكال التأويل في أذهان الناس السامعين فلماذا يستلم السيد السيستاني رسالة الرئيس جورج بوش وهو لا يعرف مضمونها بل لم يفسح المجال لترجمتها والاطلاع عليها فيظل نص الرسالة ــ إن كان خبرها صحيحا ــ نصا غائبا في ظروف شديدة التعقيد داخل القوى السياسية العراقية من جهة وداخل العلاقات الأمريكية العراقية من جهة ثانية . ولا اشك أن الشعب العراقي كله يتطلع إلى معرفة الحقائق من مصدرها الأساسي آية الله السيد علي السيستاني كواحدة من المسائل التي تساعد العراقيين في عدم الإصغاء إلى الأخبار المتداولة في الشارع العراقي تبثها بعض الوكالات الإعلامية والتي تحتمل الصدق والتكذيب وقد تقبل تأويلات عديدة تزيد في ارتباك الوضع القائم مما يعزز مقاصد الإرهابيين بالدرجة الأولى .. لا بد من القول أخيرا بان الجماعات الإسلامية وأحزابها من السنة والشيعة لا تستطيع ان تشارك مشاركة كبيرة وحقيقية في إنقاذ الشعب العراقي من محنته من دون ثقافة شعبية حقيقية قائمة على التواضع والتسامح والمرونة والتضحية وقائمة على التنازلات السياسية المتبادلة من اجل التحكم بمسيرة التاريخ العراقي الحالي وتكوين مجتمع مدني مستقر . وربما لا يكون ذلك ممكنا كلما كان الفضاء الثقافي والديني متباعدا بين المرجعيات والشعب بين القيادات والشعب . ***************** بصرة لاهاي في 31 – 3 - 2006
#جاسم_المطير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إلى الدكتور إبراهيم الجعفري مع القبلة و التحية ..!
-
إذا لم يكن لديك إلا الكذب الأبيض فهو لا ينفع في اليوم الأسود
...
-
وزراؤنا لا يفرقون بين الطماطة والبندورا ..!
-
تقرير د . صاحب الحكيم عن جرائم صدام حسين وثيقة تاريخية مطلقة
-
حرامية بغداد مثل الجراد يقضمون كل شيء جميل
-
مسامير جاسم المطير 1103
-
الإعلام الأمريكي يلعب معنا لعبة حية ودرج ..!!
-
مسامير جاسم المطير 1100
-
مسامير جاسم المطير 1098
-
أسوأ ما في الأحزاب أنها لا تتفق إلا في الظلام ..!
-
كل ما يحتاجه الإرهاب هو جهل وغرور ونفاق وزير الداخلية ..!!
-
إلى مدير الأعلام في جامعة البصرة .. نحباني للو ..!!
-
نداء عاجل لتشكيل درزن من اللجان ..!!
-
اقتراحات سنية – شيعية لوأد الطائفية ..!!
-
بستات المقام العراقي المعاصر ..!!
-
أبن الجوزي يصف الرئيس صدام حسين ..!
-
بسبب قنينة الغاز الرجال أكثر أنوثة و النساء أكثر رجولة ..!!
-
مسامير جاسم المطير 1082
-
رحم الله من قرأ سورة الفاتحة ..!!
-
أربعة قرون يتوهج فيها رامبرانت بالحب والحزن..
المزيد.....
-
عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي
...
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|