أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راغب الركابي - مقابر المسلمين















المزيد.....

مقابر المسلمين


راغب الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 6002 - 2018 / 9 / 23 - 19:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هذا الموضوع أثاره في ذهني جدل محتدم رأيته على شاشة التفلزة العربية ، ولم أكن مُبال به من قبل لعدم الأهمية ، ولكني لما رأيت الإصرار والنزوع والتكالب على هذا ، أحببت أن أقول رأيي ولا آلوا ، ومما أثارني في ذلك النقاش الإصرار الزائد عن الحد من بعض رجال دين مسلمين ، معتمدين في ذلك على أخبار ومقولات من صُنع صانع ، وعلى إعتبار – إن القبر أما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران - ، والفكرة هذه مستلة من خبر يتردد على أفوآه العوام .

وثمة من يؤكد على ذلك ظاناً به إنه مسلمة لا شية فيه ، ومع تتبعي لأصل الفكرة وجدت إن عامة الديانات التوحيدية تناكف على أحقية ذلك وخصوصيته ، ولم تكن حجتهم في ذلك كافية ولا دليلهم الذي يستندون عليه تام وناجز ، وبالتحليل الموضوعي والقراءة الهادئة وجدت إن الفكرة تنطلق من - أنانية وشعور بالنقص - في مستهل المعلومة عن لماذا وكيف ؟ ، ذلك أن الأرض بعامتها ليس فيها خصوصية ولا تتعلق بمفهوم الجنة والنار من قريب أو بعيد ، - إنما جاءت وصفاً وتقريباً للذهن لكي يستوعب معلومة الوصف في البناء للمجهول - المشار إليهما ، كما أن طهارة الأرض ذاتية ولا تنجس بالعوارض مهما كبرت ، وجسد الإنسان من حيث هو وبناءاً على مفهوم النص في ( كرمنا بني آدم ) ، لا حصرية فيه ولا تقييد ، ثم إن فلسفة الدفن تتعلق بالحماية والصون من التعفن وكراهية ماينبعث عن ذلك ، هكذا قال الإمام علي حينما سؤل عن فلسفة دفن الميت ، وأما هذا الكم من فتاوى الفقهاء عن هذا الموضوع فهي في غالبها متحيز مثير للأشمئزاز ، ولن أو جه كلامي لفئة معينة بل هو كلام أشمل فيه عامة أهل الديانات التوحيدية ، فهناك لدى البعض عجرفة وصلف وخرط قتاد يظهر في كل ما يصفون ويقولون .

لكن من أين تنبع هذه الفكرة ؟ قال أحدهم : إن مردها لطهارة المسلم دون سوآها !! ، ولم أعلم من أين جاءت الطهارة حتى لا يجوز دفن غير المسلم بمقابر المسلمين ؟ ، وما علاقة الطهارة المعنوية أو الجسدية في مكان الدفن ؟ ، وهل يعني إن دفن غير المسلم بمقابر المسلمين يُنجس المكان ؟ ، بحدود علمي المتواضع لم أسمع ولم أقرأ عن هذا الشيء ما يمكننا الركون إليه ، عدى ذلك العرض الذي ينطلق من أنانية وفئوية ونفي متعمد للآخر ، بل زاد الطين بله إن فئات ومذاهب الدين الواحد تمنع دفن غير الأتباع في مقابرها ، مع علمي ان الجميع من دين واحد فما هذا الضرب على وتر التفريق حتى في الدفن وفي المقابر ؟ ، وماعلاقة ذلك بالله ما دمنا مبتلين بداء الفرقة والتخالف وعدم الإنصياع للوحدة في الدين والإنسانية والمذهب ؟ ، ما علاقة الله الذي لم يحدد لنا إن القبور هي ملاذآت للجنة أو حفر للنيران ؟ ، وبحدود ما قرأت في هذا الشأن : - إن تكريم الإنسان يكون بالدفن لعلة نفهمها ، وهي الحفاظ على كرامته مما يصدر عنه من روائح حين التحلل بعد الموت - ، وهذه القضية أيضاً بحدود ما أعلم عامة لا أستثناء فيها ولا ممايزة ، وإن صح في مذاهب أقوام من الهند وحتى بعض الغربيين فلا يتنافى مع المبدأ العام للحفظ ، ذلك ان الحرق هو للجسد وليس للروح والجسد بحسب المعلومة العلمية يتحلل أيضاً بالتربة ويتآكل كلاً حسب قدرته وتركيبه البايولوجي .

والنص واضح في ذلك قوله ( وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ) – 259 البقرة ،

ولسنا في مجال شرح النص لكن كلامنا فيما يتعلق بالطبيعة التي يكون عليها الجسد بعد الموت ، ثم إني حاولت نفسي أن أجد ولو دلالة مفهومية على ذلك في كتاب الله المجيد ولم اجد ، وسألت أهل الخبرة في ذلك فلم يسعفني أحد منهم غير كلام وتبرير وإدعاء لا يسمن ولا يغني ، فيممت وجهي نحو تقديس المكان على زعم طهارته فلم أجد ما يوفي الغرض في ذلك ، نعم تأتي القدسية للمكان من خلال المقدس والعظيم ولكن لا يمنع ذلك بحصرية المكان على سوآه دون غيره ، ومن هنا نفهم تلك المقولة الشائعة - إكرام الميت دفنه - دونما النظر إلى الأين ذلك لأن المكان لا خصوصية فيه إلاَّ في أذهان البعض ممن أخترعوا فكرة الطهارة المدُعاة ،

لأني أعلم إن - الأرض لله - وليست لجماعة أو لفئة أو لشخص وبالتالي يُمنع منه الأخرين ، وحسب علمي إنها من الأشياء التي يتشارك بها بني آدم ، فعلام نفرق ونضع الحدود ونخترع المقولات في هذا الشأن ، وحتى زيارة القبور العبرة فيها التذكير بهادم اللذات ، وليس العبرة بمجرد الزيارة ولا أظن بحسب علمي ان المدفون في أي قبر يسمع الكلام أو يرد السلام ، إذ مقتضى الحال يكون - الموت إنقطاع تام عن عالم الوجود - ، ولهذا دفع النص بمفهوم - تلك أمة قد خلت - ، طبعاً لا يعني هذا عدم الزيارة بالعكس يجب مواصلة ذلك وتدريب الأبناء والأحفاد ، وهناك قبور عندي واجبة الزيارة كقبر النبي وقبور الأئمة وقبور الوالدين والأقربين ، هي واجبة ليست مستحبة هذا عندي ولكن كلامي ليس في هذا كلامي عن العزل وعن التسميات التي نشم فيها رائحة التفريق بحسب الإنتماء ، وكما إن هذا مرفوض في الحياة الدنيا كذلك يشمل الرفض أموات هذه الدنيا ..

ومن هنا أقول وأتسأل كغيري من أين جاءت تلك الفرية ؟ ، وظني الغالب إنها ليست من منتجات فكر النبوة ولا الرسالة ، لكنها وردت بلسان حال المقابلة وتجسيد ما عليه الأخرين من فعل بالمماثلة ، وكما قلدنا غيرنا في فتاوى واعمال كذلك فعلنا في هذه الشأنية ، وأنا زعيم بأنه ليس في قرآننا شيء من هذا البتة ، لكنه وفد إلينا كما وفدت الكثير من الأخطاء فصارت مسلمات ومناهج بحث تعمد بعضنا ليجعل منها أسس ومباني ديننا الحنيف ، والأمر الذي أعتمدناه في ذلك ليس تلك الأخبار المتهافته عن موضوعة التفريق في المقابر ولا تلكم الفتاوى التي أنبنت على ذلك ، إنما كان دليلي وهاجسي كتاب الله والعقل وهما لم يؤخرى سبيلي وإرشادي في أن ما ذهب إليه القوم ، إنما كان فعل مواز لفعل أخر ومقابل له على نحو من التمييز ، وهذا من الهوى كما هو معلوم وحكم الهوى في مسائل من هذا النوع لا يمكن تغليبها على المنطق والعقل ، وهكذا أهتديت إلى ذلك ورددت مقولة المتمسكين بعدم المجاورة على أساس إن المسلمين أعلى رتبة عند الله ، وهذا وهم ولا دليل عليه غير إتباع الظن الذي لا يغني من الحق شيئا ، وكما بدأنا أول مرة لا فرق عندي بين إنسان وأخر ، وإنما الفرق بالتقوى وهذا عند الله هو يعرفها ويعلمها ، والجنة والنار ليستا في الأرض إنما هما هذا الشعور الذي يحصل للروح في النوم وعند الموت ، ولا قيمة للجسد إلاَّ بعنوان التوضيح لمن ليس له قلب أو ألقى السمع وهو ضليل ...



#راغب_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكومة العتيدة
- رسالة مفتوحة منا للأخ السيد مقتدى الصدر
- أوهام الإنتخابات
- دفاعاً عن الدكتور خالد منتصر
- الإستفتاء في كردستان
- جدل في تونس حول حقوق المرأة
- ما بعد الموصل
- بمناسبة عيد الفطر
- داعش في طهر ان
- مشروعية الإغتيال السياسي
- لسنة 2017
- حثالات تُثير الفتن
- قانون الحشد الشعبي
- بدعة صيام عاشوراء
- تصحيح الإعتقاد في معنى ثورة الإمام الحسين
- لماذا لا ينجح العراقيون ببناء دولتهم ؟
- تجذير مشروعية عمل الحشد الشعبي
- غضب فاشل في تركيا
- ما بعد العيد
- بيان صادر عن الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي بمناسبة الإن ...


المزيد.....




- مرشح جمهوري يهودي: على رشيدة طليب وإلهان عمر التفكير بمغادر ...
- الولائي يهنئ بانتصار لبنان والمقاومة الاسلامية على العدو الا ...
- شيخ الأزهر يوجه رسالة حول الدراما الغربية و-الغزو الفكري-
- هل انتهى دور المؤسسات الدينية الرسمية؟
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ال ...
- الكشف عن خفايا واقعة مقتل الحاخام اليهودي في الإمارات
- الجهاد الاسلامي:الاتفاق أحبط مسعى ايجاد شرق اوسط حسب اوهام ا ...
- الجهاد الاسلامي:نؤكد على وحدة الدماء وصلابة الارادة التي تجم ...
- الجهاد الاسلامي:نثمن البطولات التي قدمتها المقاومة بلبنان اس ...
- الجهاد الاسلامي:اتفاق وقف اطلاق النار انجاز مهم يكسر مسار عن ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راغب الركابي - مقابر المسلمين