أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عامر الدلوي - عماد الجراح














المزيد.....

عماد الجراح


عامر الدلوي

الحوار المتمدن-العدد: 5996 - 2018 / 9 / 16 - 03:22
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


" تركوا لنا العيش الذليل وغادروا
في عزةٍ ولهم بها إسهابُ
تلك الشبيبةُ والفخار يحوطهم
رفعوا لنا بعد الرّغامِ جنابُ
ألقوا إلى الدنيا تحية عابرٍ
ومضوا إلى درب الإباءِ غِضابُ
حملوا مدافعهم وخاضوا وانبروا
والموتُ يزأرُ والعرينُ خرابُ
هم علّموا الأجيال أنّ صلاحها
بجهادها والباقياتُ سرابُ
هم لقنوا خصم العقيدة درسهم
ولكم يجادل حوله المرتابُ " منقول

قبل إثنان و ثلاثين عاما ً و في السادس عشر من أيلول عام 1986 ظهرا ً تم إستدعاء كبير عائلتنا إلى مديرية أمن القناة و تبليغه بالذهاب إلى سجن أبي غريب في الساعة السادسة مساء ً لإستلام جثة الشهيد الخالد " عماد الجراح " .
في نفس اليوم و بالصدفة كنت قد وصلت مجازا ً لمدة أسبوع من جبهة القتال في العمارة , سالت زوجتي عن أخبار العائلة و هل أتصلت بهم مؤخرا ً قالت لا , جرب أنت .. لحظات و كان " صالح " كبيرنا على الخط , ليسألني مباشرة ً :
- كيف جئت ؟ هل أخبروك ؟
- أخبروني عن ماذا ؟
- أنا عدت للتو من أمن القناة و قد بلغوني بالذهاب لأستلام جثة " عماد " من أبو غريب .
- ماذا تقول ؟ لا تذهب إنتظرني , أنا قادم .
عندما سمعت شقيقته صرختي , صرخت و سقطت على الأرض دون أن تسمع مني أي كلمة , قلبها من أعلمها بالفاجعة . إنقطعت أخباره عنا منذ بداية العام عندما قرر العودة إلى شمال الوطن ليواصل نضاله المسلح ضد الطغمة الديكتاتورية الفاشية .
محطة الإنتقال إلى شمال الوطن كانت في " جديدة الشط " التابعة لقضاء الخالص , و منها أنقطعت الأخبار , التي سنتحصل عليها مستقبلا ً من عدة طرق .
وصلنا بغداد بعد ساعتين , و ذهبنا مساء ً إلى أبي غريب لإستلام الجثة التي تبين بعد أخذ و رد أن الشهيد قد أعدم بتاريخ 10 أيلول 1968 وقد تم وضع الجثة في مخزن مبرد " جملون " عدد 2 مع مئات الجثث الأخرى و كأنها أسماك مجمدة فوق بعضها .. أستغرق الأمر ساعات من الإستدعاء إلى داخل السجن .. ثم القول بأن الموظفين يتعشون .. و بعد ساعة يشربون الشاي .. المهم حتى الساعة الثالثة فجرا ً و لم يتم الدفن إلا الخامسة فجرا ً .
منعنا من إقامة مراسم العزاء و قاموا بنصب جهاز تنصت على التلفون رفعوه بعد ثلاثة أيام , بعد سنين قدم أحد أخوته طلبا ً للحصول على قطعة أرض في كمرك أبي غريب ليبني عليها مكتبا ً للإخراج الكمركي , وتطلب الأمر مواقفة الأمن العام , و في المقابلة تحدث نقيب منهم إلى المدير المفترض أن يوقع الطلب قائلا ً :
- هذا شقيق المجرم المعدوم الذي قتل ضابط و شرطي أثناء الإغارة على قاعدتهم في جديدة الشط .. لم نستطع الإمساك به رغم إصابته في ساقه إلا بعد نفاذ عتاده و كان متكئا ً على جذع نخلة و يطلق النار علينا .
كان ذلك الخيط الأول من المعلومات التي حصلنا عليها و التي توالت بعد ذلك لتكتمل الصورة حيث أستشهد في تلك الملحمة عدد من رفاق المحطة و غيب الرفيق جبار صفوك الذي كانت المحطة في بستانهم , و تم إعلامنا بالكثير من الأخبار بعد ذاك عن طريق الرفيق " كريم الزكي – أبو نبراس " حول العملية البطولية التي أدت إلى مقتل العديد من ضباط الأمن و شرطتهم .
عندما كنت أساعد الرجل المصري الذي غسله و كفنه أستنتجت من خلال الحروق و الكدمات على جسده و كسر في مؤخرة جمجمته بأن الشهيد لم يتم أو تم إعدامه شنقا ً بعد حفلة تعذيب همجي أمتازت به قوات أمن النظام الفاشي .
المجد و الخلود لكل شهداء حزبنا الشيوعي العراقي و العار الأبدي لكل القيادات التي قدمتهم قرابين لتحالفاتها المشبوهة مع الأنظمة الفاشية التي سبق لها و أن أوغلت بدماء رفاقنا في إنقلاب شباط الأسود المشؤوم و مازال خلفائها ينتهجون نفس النهج الفاشل .
في كل عام و في مثل هذا اليوم .. تكون حاضرا ً في الذاكرة بجسدك ذاك المسجى على دكة التغسيل في مقبرة الكرخ شامخا ً شموخ جبال كردستان و ذراها و التي شهدت لك و لرفاقك في قاطع كرميان بالبطولة و الثبات على المبادئ التي عشت أمينا ً لها و على صيانتها قدمت حياتك .



#عامر_الدلوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيدة زارو الخياطة
- الأرمن العراقيون كما عرفتهم
- - عروس الثورات -
- لروح الشهيد الخالد - عماد الدين سليم الجراح -
- يوم إغتيال الحلم
- هل سيستجيب لكم
- العيد العالمي للطبقة العاملة
- 11 عاما ً من الإنتصار لحقوق المرأة العراقية
- يوم المرأة العالمي ... نضال لا يستكين
- نصرة قضايا المرأة ما بين الأمس و اليوم - الزهاوي مثالا ً
- - سراب بري - رواية من نمط الواقعية الإشتراكية
- الخامس و العشرين من شباط 2011 الذكريات و الدروس و العبر
- بيان تجمع - كفى -
- في ذكرى ليلة المجد
- عندما تعمي الطائفية المقيتة البصر والإبصار
- في الذكرى السادسة والستين لإعدام قادة حزبنا الأبطال يتجدد ال ...
- الذكرى الثانية والخمسين لإغتيال وطن
- في ذكرى يوم المرأة العالمي
- ماذا جرى و يجري في محافظة لحج من جمهورية موزمبيق يا مالكي ؟
- أي دولة قانون هذه يا مالكي ؟


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عامر الدلوي - عماد الجراح