|
الاصطدام بالشخصيات المقدسة (5)
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 5995 - 2018 / 9 / 15 - 14:36
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الاصطدام بالشخصيات المقدّسة (5) طلعت رضوان بعد أنْ قرأتُ كتاب رجاء النقاش (الانعزاليون فى مصر) وقعتُ فى حيرة: هل أكتب عن النقاش وعن كتابه؟ وإذا كتبت من سيـُـوافق من رؤساء تحريرالصحف والمجلات على نشرمقالى؟ سبب الحيرة والتردد فى الكتابة أنّ النقاش من كبارالمُـدافعين عن العروبة والإسلام، ويتربـّـع على عرش معظم الصحف والمجلات المصرية، بما فى ذلك صحيفة الأهرام..وكذلك الصحف والمجلات العربية..وبالتالى حصد (جائزة القداسة) فمن لديه (من رؤساء تحريرالصحف والمجلات) شجاعة أوجرأة تحدى (القداسة) والمُـجازفة بنشرمقال لشخص (مغمور) اسمه طلعت رضوان..ومعروف عنه أنه (مهووس) بالدفاع عن القومية المصرية؟ (تعبيرشخص مغمور..وتعبيرمهووس) سمعتهما من صديق صحفى كان يحترم ويـُـقـدّراجتهادى، بالرغم من ميوله العروبية..وقال لى أنّ التعبيريْن المذكوريْن، شائعان عنى كلما جاء ذكراسمى فى الوسط الثقافى..وحذرنى قائلا: إنّ (مصريتك) ستغلق أمامك أبواب الشهرة والمجد. وبالرغم من خشية (ضياع الوقت والمجهود) قرّرتُ الكتابة..وبالرغم من أنّ مقالى لم يـُـنشرفقد فرحتُ به عندما وجدته فى أرشيفى، لأضمه إلى سيرتى الذاتية. 000 الناقد الكبير رجاء النقاش (1934- 2008) الشائع عنه اهتمامه بالنقد الأدبى..وأرى أنّ تناول الأعمال الإبداعية من مسرح ورواية وشعر، يضع الناقد أمام عالـَم إنسانى بكل ضعفه وقوته، مزاياه وعيوبه، صراع الجمال والقبح داخل بعض النفوس، باختصار فإنّ الإبداع عالــَم يوَسّع من أفق المـُتعامل معه- سواء بالنقد أومجرد التذوق- وهذا ما فعله الراحل الجليل رجاء النقاش فى بعض دراساته فى مجال النقد الأدبى، عندما تناول بعض الروايات ودواوين الشعر والمسرح..ولكنه عندما دخل مجال (الثقافة) خلطها بالأيديولوجيا، تلك الآفة التى تنزع أوراق التوت عن أى كاتب، فتكشف توجهاته: هل هومع المجتمع الذى نشأ فيه وانتمى لخصوصيته الثقافية أم مع ثقافة أجنبية غزتْ ثقافته القومية؟ ولعلّ أبرزكاشف لهذا التوجه عند رجاء النقاش كتابه (الانعزاليون فى مصر) الصادرعن مكتبة الأسرة 2003عندما قرّرالتصدى للتيارالمُختلف مع الثقافة المصرية السائدة المُدافعة عن العروبة والإسلام، أى تيارالدفاع عن خصوصية الثقافة القومية المصرية..واختارمن هذا التيارثلاثة رموز: لويس عوض، توفيق الحكيم وحسين فوزى، وقد خصّص أكثرمن ثلثىْ الكتاب للأول وبضع صفحات للثانى ولم يذكرالثالث إلاّفى سطرفى المقدمة. عتبَ رجاء النقاش على لويس عوض الذى قرن ((الفتح العربى بالفتح الإنجليزى)) (ص75) فكتب ((الفتح الإنجليزى لمصرلم يكن فتحًا وإنما كان غزوًا استعماريًا. أما الفتح العربى فقد شهد المؤرخون أنّ المصريين استبشروا به وساعدوا عليه لتخليصهم من حكم البيزنطيين الذين ظلموا البلاد وامتصوا ثرواتها وفرضوا الضرائب الفادحة على المواطنين، بينما اتسم الفتح العربى بالمعاملة الإنسانية العادلة للمصريين واحترام عقائدهم وتخفيف الضرائب..والفتح العربى أحدث فى مصرتغييرات حضارية إيجابية كبرى، لم يُحدثها ما سمّاه لويس عوض باسم الفتح الإنجليزى..فمصرتغيّرت على يد العرب ودخل معظم سكانه فى الإسلام)) (ص79) فهل هذا الكلام يختلف عن كلام أى أصولى إسلامى؟ وكيف يستشهد بالمؤرخين (بصيغة الجمع) على أنّ العرب عاملوا شعبنا ((بالمعاملة الإنسانية العادلة واحترام عقائدهم)) وهوزعم باطل، فلوأنه التزم الحياد فكان عليه أنْ يذكرما كتبه مؤرخون (عرب) عن المعاملة اللاإنسانية مثل الخطاب الذى أرسله عمربن الخطاب إلى عمروبن العاص وأمره ((بأنْ يختم رقاب أهل الذمة بالرصاص ويُظهروا مناطقهم ويجزوا نواصيهم ويركبوا على الأكف عرضًا ولايدعوهم يتشبّهون بالمسلمين فى لبوسهم)) (فتوح مصروأخبارها- ابن عبد الحكم- دارالتعاون- عام 74- ص105) ومن المهم التأكيد على أنّ ناشرتلك الرسالة مؤرخ عربى وليس أحد المستشرقين..وفى رسالة أخرى كانت أوامرعمرلعمروالتنبيه على (الرعية) ((فلا يزرعون ولايُزارعون)) (111) ورغم هذا يكتب عمرلعمروقائلا ((لعمرى يا عمروما تبالى إذا شبعتَ أنت ومن معك أنْ أهلك أنا ومن معى. فيا غوثاه يا غوثا)) فردّ عليه عمروبن العاص بالرسالة التى تعلمناها فى المدارس ونحن أطفال ((قد بعثتُ إليك بعيرأولها عندك وآخرها عندى)) وبعد أنْ وعد عمروبإرسال قافلة أخرى فيها خيرات مصرندم وقال ((إنْ أمكنتُ عمرمن هذا خرب مصرونقلها للمدينة)) فكتب إلى عمريعتذرفرد عليه عمر((وأيم الله لتفعلن أولأقلعنك)) وأمره ((أنْ لا تدع بمصرشيئـًا من طعامها وكسوتها وبصلها وعدسها وخلها إلاّبعثتَ إلينا منه)) فخاف عمروعلى منصبه ونفذ أوامرعمر(المصدر السابق- 112، 113) وكتب ابن عبد الحكم أنّ ((عمروبن العاص لما فتح مصرقال لقبط مصر: من كتمنى كنزًا عنده وقدرتُ عليه قتلته)) (65) وقال أيضًا ((إنْ شئت قتلت وإنْ شئت خمّست وإنْ شئت بعت)) (67) وأ.النقاش الذى كتب أنّ العرب ليسوا غزاة وكان هدفهم تخليص مصر من (الغزاة) الرومان فإنّ أول سؤال سأله عمروللمقوقس كان عن مقدارالجزية التى يأخذونها من شعبنا، أى أننا إزاء غزاة جـُـدد يطردون الغزاة السابقين من أجل الحصول على الجزية، بل إنّ عمروكان صريحًا ولم يُغلف كلامه بأى غطاء كاذب فخيّرالمقوقس بين ثلاثة أمور: الإسلام أو الجزية أوالقتال (53) وعندما عزله عثمان عن مسئولية جمع المال ليكون مسئولاعن الحرب فقط، قال جملة تكشف وتفضح كل إدعاءات الأصوليين المسلمين عن (عدالة العرب) إذْ ردّ على عثمان قائلا ((إنا إذن كماسك البقرة بقرنيها وآخريحلبها)) (121) وبينما أ.النقاش يرى أنّ (العرب) أفضل من الرومان، فإنّ د.زبيده عطا التزمتْ بلغة العلم فكتبتْ ((يمكن القول أنّ وضع الفلاح (المصرى) تحت الحكم البيزنطى لم يكن بالوضع المُـميز..ولكنه لم يكن أسوأ فترات تاريخه، إذْ ليس بأسوأ من سابقه أولاحقه)) وذكرتْ أنّ الرومان أصدروا قانونـًا حقق العدالة فى الجباية)) وذكرتْ أنّ المصريين خلال الحكم العربى لم يكن لهم حق الانتقال من مدينة إلى مدينة إلاّبتصريح..وأنّ عمربن الخطاب وبّخ عمرو((على نقص مقدارالجباية عن العهود السابقة)) (الفلاح المصرى بين العصرالقبطى والعصرالإسلامى- هيئة الكتاب المصرية- سلسلة تاريخ المصريين رقم 48عام91- أكثرمن صفحة) وبينما كتب أ. النقاش عن معاملة العرب الإنسانية، فإنّ ابن عبد الحكم ذكرأنّ عمرو((حين توجه للاسكندرية خرّب القرية التى تعرف اليوم بخربة وردان)) وذكرواقعة تـُوضّح أنّ الجزية ليستْ مقدارًا ثابتـًا وإنما وفق إرادة الغازى إذْ كتب ((إنّ صاحب اخنا قدم على عمروبن العاص فقال ((أخبرنا بما على أحدنا من الجزية. فقال عمرو وهويُشيرإلى ركن الكنيسة: لوأعطيتنى من الركن إلى السقف ما أخبرتك. إنما أنتم خزانة لنا. إنّ كثركثرنا عليكم)) (ص120) لذلك عندما جاء عهد عمربن عبد العزيزكتب إليه واليه (حيّان) أنْ ((يجعل جزية موتى القبط على أحيائهم. فسأل عمر(عراك بن مالك) فقال ((ما سمعتُ لهم بعهد ولاعقد وإنما أخذوا عنوة بمنزلة العبيد. فكتب عمرإلى حيان أنْ يجعل جزية موتى القبط على أحيائهم)) (67) والغزوالعربى (الحضارى) والإسلام (الحضارى) كما يرى أ. النقاش، فإنّ الوقائع تنفى هذا الزعم لدرجة أنّ من يعجزون عن أداء (فريضة الجزية) عليهم أنْ ((يبيعوا من أحبوا من أبنائهم فى جزيتهم)) (ص116) وأية (حضارة) تلك التى يُدافع عنها أ. النقاش مع تعليمات عمرلعمروبالضيافة الإجبارية المفروضة على شعبنا لصالح الغزاة العرب إذْ كانت تعليماته أنّ على القبط استضافة المسلمين (ضيف واحد أوأكثر) لمدة ثلاثة أيام مفترضة (= مفروضة) عليهم وأنّ لهم أرضهم وأموالهم لايُعرض لهم فى شىء منها فشرط هذا كله على القبط خاصة)) (55) ولنا أنْ نتخيّل مأساة هذا المواطن المصرى وهو(يستضيف) أى عدد من العرب (المسلمين) وسط زوجته وأولاده؟ وبلغة العلم كتبتْ د.زبيده عطا ((أهم النتائج التى نستخلصها من الدراسة هى أنّ الفلاح المصرى كان تحت الحكم البيزنطى فلاحًا حرًا ولم يكن قنـًا للأرض..وأنّ تشريعات الأباطرة استهدفتْ تحقيق العدالة للفلاح..وقد فشلتْ تلك التشريعات عند التطبيق بسبب الجباه)) وعن نهب القمح المصرى لصالح الغزاة كتبتْ ((أصبحتْ شحنة القمح تذهب إلى مكة كما كانت تذهب إلى القسطنطينية من قبل..وقد اهتم العرب منذ البداية بخراج مصروأراضيها وحرصوا على نفس النسبة التى كان يجمعها البيزنطيون ..وإنْ اختلفتْ سياسة الخلفاء بين السماحة والشدة فى الجباية)) (مصدرسابق- من 12- 14) أى أنّ المسألة ليست (نشرالإسلام) كما يزعم الأصوليون الإسلاميون الذين ردّد أ. النقاش كلامهم، إنما الموضوع كله هوفعل أى غزاة، وقد توضح ذلك أكثرعندما كتب (حيّان بن سريج) متولى خراج مصرإلى عمربن عبدالعزيز رسالة قال له فيها ((إنّ الإسلام قد أضرّبالجزية)) (د.سيده إسماعيل كاشف- مصرالإسلامية وأهل الذمة- هيئة الكتاب المصرية- تاريخ المصريين- رقم57- عام93- ص78) وأنّ الحجاج بن يوسف الثقفى فى عهد عبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك كان أول من ((فرض الجزية والخراج على الأعاجم (أى المصريين) الذين أسلموا)) (ص77) أى أنّ الذين دخلوا فى الإسلام كانوا يدفعون الجزية بالمخالفة- حتى- للنص القرآنى..ود. سيده كاشف لها كتاب آخرامتلكت فيه شجاعة الكتابة ((إنّ العصبية الدينية تغلبتْ على العرب بعد الفتح وتغلب عليهم الشعوربعزتهم وتفوقهم على غيرهم من الشعوب بعد أنْ أنشأوا امبراطوريتهم الإسلامية بجد السيف..ولذا نراهم يُعاملون أهل الذمة معاملة الطبقات الدنيا، مما حمل الكثيرعلى الدخول فى الإسلام رغبة فى التخلص من تلك المضايقات)) (مصرفى عصرالولاة- من الفتح العربى إلى قيام الدولة الطولونية- هيئة الكتاب المصرية- تاريخ المصريين رقم 14- عام 88- ص121) وإذا انتقلنا من التاريخ القديم إلى الواقع المُعاصر، نكتشف أصولية أ. النقاش، فعندما نشر الأديب محمد عبدالسلام العمرى قصته (بعد صلاة الجمعة- أهرام 19/7/91) وفيها وصف مشاهدته لمنظرتنفيذ الإعدام بالسيف فى السعودية، كتب الشيخ محمد الغزالى أنّ الكاتب ((كان يكذب فى كل حرف خطه)) ونعته بالحمق وبأنه كاتب مخبول وحرّض على قتله لأنّ ما كتبه فى القصة هو((فى حقيقته تنديد بشرائع الحدود ودفع لتعطيلها)) (صحيفة الشعب 30/7/91) فخصّصتْ مجلة أدب ونقد ملفــًا لمناقشة هذه القضية فكتب أ. النقاش إنّ ((موقف شيخنا العزيز العظيم محمد الغزالى يناقض مواقفه الفكرية التى ترفض الفكر البدوى)) وكان بوسع أ. النقاش أنْ يُنهى مقاله عند هذا الحد ولكن اللغة الدينية طغتْ عليه فأضاف ((والله لايرضى لنا هذا المصير وهوالقائل كنتم خيرأمة أخرجت للناس)) فاللغة الدينية وضعته مع الأصوليين الإسلاميين، كما أنها تكون سببًا يدفع الأصوليين الموسويين لأنْ يردوا عليه بل إننا نحن (شعب الله المختار) فى كتابنا وفى كتابكم حيث يُخاطبنا نحن أتباع موسى قائلا ((آمنوا بما أنزلتُ مصدقــًا لما معكم)) (البقرة/ 41) وأكثرمن ذلك فقد خصّنا بالتفضيل المباشرفخاطبنا قائلا ((يا بنى إسرائيل اذكروا نعمتى التى أنعمتُ عليكم وإنى فضلتكم على العالمين)) (البقرة / 47) وذات الآية بذات الألفاظ كرّرها كتابكم فى ذات السورة الآية رقم 122بل إنّ كتابكم فضلنا بما هوأكثرمن ذلك إذْ خصّنا بآية ((ولقد آتينا بنى إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين)) (الجاثية/16) فلوأنّ أ. النقاش لم يحتكم إلى اللغة الدينية، لما أعطى لبنى إسرائيل المعاصرين الفرصة كى يجروه على أرضيتهم وبذات اللغة التى احتكم إليها..وهوما يسعى الأصوليون الإسلاميون إليه من خلال شعارهم (لاصوت يعلوعلى النص) ورغم أنّ أ. النقاش رفض الفقه البدوى الكفيل بتمزيق شعبنا ودفعنا للوراء، فإنّ اللغة الدينية حاصرتْ أفقه وأفقرتْ قاموسه المعرفى فردّد لغة الشيوخ عندما وصف الفقه البدوى بأنه ((ذلك الفقه الساذج المتعصب البعيد عن روح الدين)) (مجلة أدب ونقد- أكتوبر91) فاللغة الدينية أخفتْ عنه التناقض بين السذاجة والتعصب على المستوييْن اللغوى والأنثربولوجى، فالسذاجة تعنى البساطة وتـُرادف الرضا بالمتاح وسرعة تصديق أى شىء والقبول المتواضع بالقليل، بما يقترب فى حدها الأقصى لدرجة التسامح..وهى معانى نقيض التعصب الذى يعنى الأحادية والشمولية والأنانية و(الأنا المطلق) و(الأنا الصواب) ثم يصل فى حده الأقصى إلى العنف الدموى واغتيال الآخرالمختلف دينيًا ومذهبيًا وفلسفيًا..ولذلك فإنّ الباحث الذى يحتكم إلى مفهوم الثقافة القومية للشعوب فإنه يرى أنّ الفقه البدوى نتاج بيئة معينة ومجتمع محدد وثقافة قومية هى التى أفرزته..وبالتالى فإنّ الفقه البدوى هوامتداد طبيعى لثقافة مختلفة عن الثقافة القومية المصرية التى رفض أ. النقاش الاعتراف بها وردّد مزاعم البكباشى عبد الناصر عن (عروبة مصر) فى حين أنّ خلاص مصريكمن فى مقاومة ذلك الفقه البدوى النقيض لثقافة النهروالزرع. كما أنّ كلام أ. النقاش عن أنّ التعصب ((بعيد عن روح الدين)) وفيه مغالطة واضحة لأنّ المتعصبين من الإسلاميين الذين نحت لهم ماركسى شهير(د.رفعت السعيد) مصطلح (متأسلمين) يستشهدون بالقرآن والأحاديث النبوية فى تبريرأعمالهم الإرهابية. وتكرّرموقف أ. النقاش كثيرًا بهدف دعم الأصولية الإسلامية، من ذلك (كمثال) أنّ عميد إحدى كليات الفنون الجميلة أصدرقرارًا بإغلاق قسم تاريخ الفن (صحيفة القاهرة 25/4/2006) وقبلها بسنوات كتب أ. النقاش رسالة إلى شيخ الأزهرناشده فيها إنشاء ((كلية للفنون الإسلامية)) (أهرام 7/11/99) وبعد أسبوعيْن كتب أنّ دعوته لاقتْ اهتمامًا واسعًا من الفنانين و(العلماء) المُتخصصين مع نشر رسالتيْن من أستاذيْن أحدهما من كلية الفنون التطبيقية والآخرمن كلية الفنون الجميلة- جامعة حلوان (أهرام 21/11/99) إنّ الكارثة فى هذا المثال ليستْ فى الدكاترة الشيوخ عمداء وأساتذة (الفنون الجميلة) فقط، وإنما فى مجمل الثقافة المصرية السائدة البائسة ومن بينها أ. النقاش الذى طالب بإنشاء كلية ((للفنون الإسلامية)) وكأنه لم يقرأ كتابًا واحدًا ناقش هذا الموضوع الذى يؤكد فيه كل من كتبوا عن (الفن) استنادًا إلى علم الأنثروبولوجى أنّ الفن تـُنتجه الشعوب وليستْ الأديان..وعلى سبيل المثال كتب د. زكى محمد حسن أنّ ((الإيرانيين كانوا من أشد المسلمين جرأة فى الخروج على المعروف فى الدين الإسلامى من كراهية تصوير الكائنات الحية. مع إنّ كراهية التصويركانت عامة بين رجال الدين من سنة وشيعة. لأنّ كتب الحديث عند الشيعة فيها ما فى كتب الحديث عند السنة بشأن تحريم التصوير)) (سميرغريب– صفحات من تاريخ الفن التشكيلى- هيئة الكتاب المصرية- عام 97 ص69، 79) والمسيح أبيض فى أوروبا أسمرأوأسود فى افريقيا وبالتالى فإنّ نظرة الشرقى تختلف عن نظرة الفنان الغربى للمسيح عليه السلام. أما الفنان والناقد حسن سليمان فقد خصّص فصلا فى كتابه (كتابات فى الفن الشعبى- هيئة قصورالثقافة- عام 99 بعنوان ((الفن فى المجتمع الزراعى ومجتمع الرعاة)) وكتب الفنان حامد سعيد أنّ ((من بنى جامع السلطان حسن أقام صرحًا رائعًا لجامع ومدرسة يُعبرعن الضميرالمصرى)) (المدرسة المصرية فى الفن والحياة ص 127) وكتب كثيرون أنّ مدخل الجامع يُشبه تمامًا المعابد المصرية..وفى هذا الشأنْ كتبتْ د. نعمات أحمد فؤاد ((قارنوا بين أى معبد مصرى قديم وبين مسجد السلطان حسن، تجدوا أنّ طرازالبناء واحد، المدخل ضيّق وهوفى المعبد يُفضى إلى بهوالأعمدة ثم قدس الأقداس ثم بحيرة الاغتسال. الإنسان لايتطهرإلاّ إذا اغتسل واستحم أربع مرات متتالية..والوضوء فى الإسلام خمس مرات..وفى مسجد السلطان حسن المدخل ضيّق ويُفضى إلى الصحن وتـُحيط به الأيونات الأربعة وفى الصدارة القِبلة والمحراب..وتـُقابل ميضة الوضوء فى المسجد بحيرة الاغتسال فى المعبد)) (أبعاد الشخصية المصرية بين الماضى والحاضر- إعداد طلعت رضوان- هيئة الكتاب المصرية- عام 99- ص 67) وكتب كثيرون أنّ معظم المساجد والمشربيات والمبانى والآثارالتى قال عنها المتعلمون المصريون المحسوبون على الثقافة المصرية السائدة بأنها (آثارإسلامية) ووصفوها ب (الفن الإسلامى) كانت من إبداع الفنانين المصريين المـُنتمين للديانة المسيحية..والمغزى المُستخلص من هذا الدرس أنّ الفنون ليستْ لها علاقة بالأديان، وإنما هى من إبداع شعب مُحدّد له ثقافة قومية معينة، وهى المعانى التى غابتْ عن أ. النقاش بسبب طغيان اللغة الدينية على تفكيره. ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كتابة التاريخ وإلى أية درجة الالتزام بالموضوعية (1)
-
الاصطدام بالشخصيات المقدسة (4)
-
الاصطدام بالشخصيات المقدسة (3)
-
تجاربى مع النشر(2) الاصطدام بالشخصيات المقدسة
-
تجاربى مع النشر بشكل عام (1)
-
تجربتى مع مجلة فصول
-
هل فى مصر(مثقفون) وفق التعريف العلمى؟
-
مقالاتى الممنوعة من النشر (1)
-
فتوة الحارة وفتوة العالم
-
تجربتى مع صحيفة الدستور- الإصدارالأول
-
الإعلام والثقافة السائدة ومساندة الإرهابيين
-
رابعة والنهضة وغياب التحليل الموضوعى
-
ما مصدرقوة الحزب المقاوم والمعادى للشيطان
-
من تجاربى مع الثقافة المصرية السائدة
-
نماذج من تجاربى مع الثقافة المصرية السائدة (1)
-
نفى الآخر بالمعتقد الدينى
-
لماذا لايستثمرالنظام عقول العلماء المصريين؟
-
العرب وإسرائيل وموضوع (الدولة الدينية)
-
الحزب المُعادى للشيطان وصفقة القرن
-
علاقة الضباط بالمجتمع المدنى
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|