أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد المحسن - حتى لا يتغلّب الفتق على الرتق: القضايا المنتصرة تحتاج إلى السياسة الصائبة أكثر من حاجتها إلى قبور الشهداء















المزيد.....

حتى لا يتغلّب الفتق على الرتق: القضايا المنتصرة تحتاج إلى السياسة الصائبة أكثر من حاجتها إلى قبور الشهداء


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 5995 - 2018 / 9 / 15 - 00:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قد لا أجانب الصواب إذا قلت أنّ قضايا ومطالب التونسيين في هذا الظرف الدقيق والحاسم الذي تمرّ به البلاد،باتت أهم من الصراعات الشخصية والمناورات الحزبية والمحاصصات السياسية التي لا طائل من ورائها سوى تغليب الفتق على الرتق والزج بالبلاد والعباد في متاهات مبهمة ومعقّدة من الصعوبة بمكان التخلّص من عقالها والنأي بأنفسنا عن تداعياتها الدراماتيكية في المدى المنظور.. وبغض النظر عن المنطق الحسابي، ورهانات الربح والخسارة، لايزال المشهد السياسي في تونس يفتقر إلى الإستقرار بصورة نهائية، بالنظر إلى حالة التشتت الحزبي وغياب القواعد الثابتة للأحزاب، مما سيفضي مستقبلاً -في تقديري- إلى تجمع القوى المتقاربة، إذا أزمعت تأكيد حضورها السياسي. أقول هذا، وأنا على يقين بأنّ العديد من الملفات الشائكة تستدعي-منا جميعا-وعي عميق بجسامتها ومقاربة شاملة تبحث في الأسباب وتسخلص النتائج عبر رؤية ثاقبة، وهو ما يقتضي نمطاً من التوافق الضروري بين القوى المختلفة، إذا أرادت -حكومة الوحدة الوطنية- أن تحقّق استقراراً ونجاحاً ممكناً في إدارة شؤون البلاد.. تونس إذا، في حاجة إلى تكاتف كافة مكونات المجتمع المدني وكل القوى السياسية لتثبيت أركان الجمهورية الثانية،ومن ثم انجاز مشروع مجتمعي طموح ينآى بالبلاد والعباد عن مستنقعات الفتن،الإثارة المسمومة والإنفلات الذي يتناقض مع قيم العدالة والحرية، وهذا يستدعي منا -كما أسلفت- هبّة وعي تكون سدا منيعا أمام كافة المخاطر التي تهدّدنا وتسعى إلى تحويلنا إلى نماذج مرعبة ومخيفة لما يجري في العراق وسوريا وليبيا.. أما على مستوى الحكومة فإنّ الأولويات هي التي تحدّد الشعارات المختزلة لبرنامجها، وترسم تبعا لذلك خارطة طريق إنجازها،وأعتقد جازما أنّ ديمقراطيتنا الناشئة بحاجة متأكدة إلى برامج تتضمّن الأولويات الأمنية والإقتصادية والإجتماعية الملحة، تكون مختزلة لأفكار وشعارات عميقة وسهلة الإستيعاب من قبل عموم الناس،وملزمة للحكومة،التي على أساسها يتم تقييم إنجازاتها. أردت القول أنّ قضايا ومطالب كل التونسيين في هذه المرحلة الدقيقة من مسيرة البلاد، أعمق وأهم من الصراعات الشخصية والمناورات الحزبية وذاك السباق المحموم نحو تقاسم"الغنيمة"، وأنّ معاناتهم اليومية تتجاوز كل التفاعلات المحمومة التي سيطرت على الساحة السياسية،أما طموحاتهم المشروعة فآسمى من المهاترات السياسوية والمزايدات الشعبوية والإستعراضات الثورجية التي أثبتت الأيام زيفها. لا شك أنّ البلاد إذا،بحاجة أكيدة وماسة إلى مبادرات مصالحة وتوافق، واجراءات عملية تساهم في تضميد الندوب والجروح، لأنّ الصراعات المتواصلة تنسف كل المسارات،وقد أثبتت الوقائع والأحداث والتجارب في كل الأزمنة والأمكنة أن الذين دأبوا على الإبحار على أمواج الفوضى تعطلت مراكبهم، وكانوا أولى الضحايا. إنّ الصراعات المشحونة بالثأر والحقد والنوايا المبيتة والمؤمرات الخفية والأجندات المشبوهة لن تؤدي إلا إلى الخراب. لكن.. السياسيين في بلادنا أكدوا مرة أخرى أنهم غير عابئين بهذه الحقائق ومخاطرها،ولاغاية لهم إلا تحقيق أهدافهم في نيل الكراسي والتربّع على سدة النفوذ والسلطة! والأسئلة التي تنبت على حواشي الواقع: لماذا تأخرت الإصلاحات الهيكلية للإقتصاد الوطني..؟ أليس بسبب الحسابات الضيقة، والأجندات المشبوهة، وإعلاء المصالح الشخصية على مصلحة الوطن؟ وبسؤال مغاير أقول: لماذا تعطلت المبادرات السياسية ومحاولات التوافق بين الأطراف الإجتماعية..؟ أليس بسبب تعنّت جبهة الرفض؟ ولماذا أصبحت "المعارضة" عاجزة وتحولت إلى -ظاهرة إعلامية- دون سند شعبي؟ وهو ما يجعل مواقفها غير ذات تأثير على مجرى الأحداث،ولكنها تشوش على المحاولات الجادة وقد تربكها في بعض الأحيان. وهنا أقول: تونس ستواجه -في تقديري- تحديات اجتماعية واقتصادية متصاعدة بسبب تراجع نسبة النمو إلى أدنى مستوياتها ما يتطلب البحث عن حلول جذرية لمعالجة العقم الاقتصادي وإنعاش التنمية وذلك من خلال حزمة من الإجراءات الصارمة والتصدي لكل أشكال التهريب والقضاء على مسالك الإقتصاد الموازي إضافة إلى محاربة غول الفساد الذي تفشى في كل دواليب الدولة. ومن هنا، فإنّ إنقاذ تونس من أزمتها واتخاذ مثل هذه الإجراءات يحتاج من رئيس الحكومة الجرأة والإستقلالية والنأي بنفسه عن كل الألوان السياسية حتى لا يكون مكبلا ويطبق القانون ويتخذ القرارات التي تهم مصلحة البلاد والعباد بعيدا عن الدوائر الحزبية الضيقة.. فالإقتصاد قد تراجع خلال السنوات الأخيرة،ولم تتجاوز نسبة النمو 1% خلال الربع الأول من العام (2016)، وشملت هذه المؤشرات تراجع قيمة الدينار التونسي مقابل الدولار (1 دينار = 0.45 دولار)، وارتفاع معدلات البطالة التي بلغت في الربع الأول من سنة 2016 15.4%.. وتأثرت أيضا السياحة التي تعد أحد أعمدة الإقتصاد في البلاد سلبا جراء العمليات الإرهابية التي ضربت بلادنا في 2015، فقد قدّر عدد السياح الأجانب القادمين إلى تونس في الستة أشهر الأولى في السنتين الأخيرتين بمليون و980 ألف و744 سائحا بعد أن تم تسجيل 2 مليون و407 آلاف و171 سائحا في الفترة نفسها من العام 2015، وفق إحصاءات رسمية نشرت بموقع وزارة السياحة التونسية. ووفق الإحصاءات نفسها فقد تراجع دخل السياحة في الستة أشهر الأولى من العام 2016 بنسبة 38% مقارنة بالمدة نفسها من العام 2015. كما يقول الخبراء إن "مصاريف الدولة التونسية منذ عام 2011 تتجاوز مداخليها الذاتية" الأمر الذي عمّق حدة الأزمة وزاد من "صعوبة إنعاش الإقتصاد"في ظل تواضع نسبة إنجاز المشاريع التنموية الحكومية منذ الإشراقات الأولى للثورة. كل المؤشرات تدل على أن البلاد تتجه نحو مزيد من التأزم والغرق في مستنقع الأزمة السياسية والإقتصادية والاجتماعية. وقد شعر الكثير من التونسيين بالخطر عندما كشفت المصادر الرسمية عن أن نسبة النمو قد انخفضت إلى حدود 1.7 في المائة. ويعود ذلك إلى موجة الإضرابات من جهة، وإلى انهيار قيمة العمل بشكل غير مسبوق، من جهة ثانية. وهذا ما دفع بالإخصائيين في المجالات الإقتصادية إلى إطلاق صيحة فزع تؤكّد أن الأوضاع بدأت تقترب من حافة الهاوية، حيث أشارت العديد من التقارير الصادرة عن هيئات مختصة إلى تراجع حاد في أداء مؤسسات الإنتاج والإدارات والمنشآت العمومية، مما حدا بكبريات المؤسسات المالية الدولية وفي مقدمتها البنك الدولي، إلى الرفع من سقف ضغوطها على تونس من أجل دفعها نحو إنجاز "الإصلاحات"المطلوبة في أقرب الآجال، لأنه في حال عدم إنجاز ذلك، فإن المساعدات المالية قد تتوقف. والسؤال اللجوج: متى تفلس تونس؟ تفلس الدول عندما لا تستطيع الوفاء بديونها الخارجية أو لا تتمكن من الحصول على أموال من جهات خارجية لدفع ثمن ما تستورده من البضائع والسلع،ويمكن أن تفلس أيضًا في حالة انهيار الدولة بسبب خسارتها حربًا؛ ما قد يعرضها لإستعمار بالأساس أو لوصاية دولية،أو انقسامها لأكثر من دولة، كذلك يمكن أن يكون الإفلاس بسبب انهيار النظام القائم وظهور نظام جديد لا يلتزم بديون النظام السابق.. وأرجو أن لا نصل إلى هذا الوضع الكارثي، سيما أن تونس تزخر بإرادات فذة قادرة على تجاوز المحن والشدائد، وقادرة بالتالي على صنع "إشراقات سياسية واقتصادية" لا تخطئ العين نورها وإشعاعها..



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل نحن قادرون على بناء نظام عربي وفق أسس وقواعد تكفل التضامن ...
- أزمة المثقف العربي..في ظل إشراقات ما يسمى ب”الربيع العربي”وا ...
- حين تجردنا الثورة التونسية.. من أدواتنا اللغوية والبلاغية
- تونس/منتزه-درة-بمحافظة تطاوين:وسيلة لإمتصاص الضغط..وملء الفر ...
- كاتب صحفي تونسي يروي معاناته:شموخ..فوق زخات الوجع (الجزء الأ ...
- إفحصني جيدا..أيها الطبيب
- تونس:..حين يتعافى الجهاز الأمني من أمراض كانت تنخره..تتحقق ا ...
-  على هامش المشهد السياسي التونسي : تونس… بستان الأم ...
- رسالة مفتوحة إلى والي محافظة تطاوين:البطالة مستفحلة..الإحباط ...
- تونس اليوم: في أمس الحاجة إلى الاستقرار..كي تهضم مكاسبها الد ...
- مدير فندق الغزال بمحافظة تطاوين بأقصى الجنوب الشرقي التونسي: ...
- رسالة مفتوحة إلى وزير الشؤون الإجتماعية التونسي*..صنتم كرامت ...
- على هامش المشهدالفلسطيني الملتهب: ..هل من حل لإنهاء التشرذم. ...
- الحاج خليفة بنصر : الإبن البار لمحافظة تطاوين بالجنوب الشرقي ...
- أزمة المثقف العربي..في ظل إشراقات ما يسمى ب”الربيع العربي”
- تجليات الحرية.. في أفق الثورة التونسية المجيدة
- رسالة مفتوحة..إلى أحرار العالم
- تونس: والي بمحافظة تطاوين بالجنوب الشرقي التونسي..يرفض مقابل ...
- أمنيات لم تكن..لنا تماما
- الأمن التونسي.. في خدمة الوطن والمواطن.. الشرطة العدلية بمحا ...


المزيد.....




- برلمان كوريا الجنوبية يصوت على منع الرئيس من فرض الأحكام الع ...
- إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. شاهد ما الذي يعنيه ...
- ماسك يحذر من أكبر تهديد للبشرية
- مسلحو المعارضة يتجولون داخل قصر رئاسي في حلب
- العراق يحظر التحويلات المالية الخاصة بمشاهير تيك توك.. ما ال ...
- اجتماع طارئ للجامعة العربية بطلب من سوريا
- هاليفي يتحدث عما سيكتشفه حزب الله حال انسحاب انسحاب الجيش ال ...
- ماسك يتوقع إفلاس الولايات المتحدة
- مجلس سوريا الديمقراطية يحذر من مخاطر استغلال -داعش- للتصعيد ...
- موتورولا تعلن عن هاتفها الجديد لشبكات 5G


المزيد.....

- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد المحسن - حتى لا يتغلّب الفتق على الرتق: القضايا المنتصرة تحتاج إلى السياسة الصائبة أكثر من حاجتها إلى قبور الشهداء