|
ما باشرته وزارة التعليم المغربية هو الصحيح
كمال آيت بن يوبا
كاتب
(Kamal Ait Ben Yuba)
الحوار المتمدن-العدد: 5994 - 2018 / 9 / 14 - 00:18
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
شعارنا : حرية – مساواة – أخوة
نشر الموقع المغربي https://www.heuredujournal.com مقالا مطولا بعنوان : عبارات دارجة: توضيحات جديدة لوزارة التربية الوطنية بخصوص بعض الطبعات الجديدة ينقل فيه بلاغ وزارة التربية الوطنية المغربية ورد فيه ما يلي : أقتطف أسفله فقط ما ورد في بلاغ الوزارة المنقول عن الموقع المذكور أعلاه و يهم مباشرة الكلمات الثماني اليتيمة التي وردت في أحد الكتب المدرسية و التي ليس لها مقابل ب"اللغة الفصحى" و هو التالي:
"إن البعد الثقافي جزء لا يتجزأ من تعلم لغتنا العربية، ولذلك كان لازما أن يرتبط الكتاب المدرسي بمحيط المتعلم وبيئته القريبة وما تزخر به من رموز وعلامات وآثار ومظاهر، فيحس، من خلال ذلك، بعواطف الاعتزاز، ومشاعر الفخر بحضارته الماجدة التي بناها أهل الفكر والفن والعلم. – يستند العمل البيداغوجي للكتاب المدرسي إلى منظومة من القيم التي ينبغي أن يتمثلها المتعلم، وأن يتشرب مبادئها. وتتمثل هذه القيم في الهوية الحضارية للمواطن المغربي وما يميزها ثقافيا وسلوكا، وقيم المواطنة التي ترتبط بحب الوطن، وتتسم بسلوكات مدنية ملتزمة كالحفاظ على البيئة، وتقبل الآخر، واحترام النظام العام. ثالثا : المنطلقات البيداغوجية الخاصة بالنص موضوع النقاش: – موضوع النص هو العائلة، وهو نص وظيفي يصف حفل عقيقة في بيت مغربي بهدف معرفة المتعلم والمتعلمة بأواصر الارتباط بين أفراد العائلة. – "يفترض الاحتفال بالعقيقة أن يلبس أعضاء الأسرة كسائر المغاربة لباسا مغربيا أصيلا؛ وكان ذلك مبررا لاستعمال كلمات: القفطان، والشربيل، والجلباب والطربوش والبلغة. ومنها كلمات تستعمل في جميع اللغات دون أن تترجم (مثلا قفطان) ، علما أن الأمر يتعلق فقط ب 8 كلمات في كتاب مدرسي من 150 صفحة يحتوي على أزيد من 8000 كلمة. – في القصة حدث التفاف الأسرة حول المائدة وتناولهم حلويات يفترض أنها مغربية في مثل هذه المناسبات، ولذلك وضعت ما بين مزدوجتين “البغرير”، “البريوات” و”لغريبة”. – من الناحية اللغوية اللسانية وردت هذه الكلمات على أنها عربية فصيحة ، كما أنها رصيد مشترك بين المغاربة. وعلى مر الزمان استخدمت اللغة العربية الدخيل والمولد والمنحوت ككلمات “سينما”، و”إنترنت”، و”كاميرا”. فلا يمكن رفض كلمة لمجرد أنها مغربية. – من الناحية الديداكتيكية، يستهدف النص رصيدا لغويا انقسم إلى 3 حقول معجمية : حقل الألبسة – حقل أسماء أفراد العائلة – حقل المأكولات. – وردت الكلمات في نشاط الفهم حيث طلب من المتعلم والمتعلمة ذكر من أحضر الأكلات المعنية بالنقاش، وفي ذلك استحضار لأفراد العائلة بالدرجة الأولى. – لم يطلب من المتعلم والمتعلمة توظيف تلك الكلمات واستعمالها أو شرحها لأن الكل يعرفها أو يتذوقها في مختلف المناسبات”. إنتهى المقتطف ....
و تصحيحا لآخر سطر فيه الذي يبدأ ب "– لم يُطلب من المتعلم" ..... إلى "يتذوقها" كان يجب كتابة (أو يتذوق ما تعنيه في مختلف المناسبات) .لأن الأمر في النص يتعلق بالكلمات و ليس بما تعنيه من مأكولات...و لا اعتقد ان من كتب البلاغ قد اخطأ هنا .و انما وقع سهو عند كتابة البلاغ لا غير.
بعد هذا التوضيح الشافي لذوي الاختصاص أي كلام عن "الإختراق" الذي تحدث عنه حزب قديم و هو "حزب إستقلال ما لا ندري" و كأن تلك الكلمات يستعملها "بوليزاريو" المعادي للمغرب في أتصالاته العسكرية .و هي في واقع الامر كلمات في اللغة الدارجة المغربية تستعمل بشكل يومي..؟؟؟
إن اللغة الدارجة المغربية هي لغة الشعب و التواصل اليومي بين أكثر من 70 في المائة من المغاربة (حسب تقديري الذي قد يكون غير دقيق) في جميع الأنشطة و يغلب عليها الطابع (لنَقُل) العربي. و لا يجوز بأي حال من الأحوال إحتقارها أو التقليل من شأنها فقط لأن الشعب يتكلمها أو لأن أكثر من نصف السكان أميون بدرجات متفاوتة .. فكلمة "بريوات" الواردة في إحد سطور الكتاب موضوع الجدل أصلها أمازيغي و هو كلمة "بْرا" التي تم تصغيرها عربيا لتصبح "بْريوة " ثم تم جمعها عربيا بمؤنث سالم .فأصبحت "بريوات" ..و كلمة "برا" في اللغة الأمازيغية تعني "رسالة" جمعها في الامازيغية "براتيل" و ليس "بريوات"...نفس الشيء بالنسبة لباقي الكلمات ..
إن الدارجة المغربية التي يغلب عليها الطابع "العربي" تحتوي على كلمات كثيرة أو قليلة من 7 لغات على الأقل تترجم مرور شعوب تلك اللغات من المغرب أو نفوذها فيه منها : اللغة الفرنسية و الإسبانية و اليونانية و الإنجليزية و الإيطالية و البرتغالية و العبرية و الأمازيغية و "العربية" .. و لا داعي لنعطي أمثلة هنا فهي موجودة و كثيرة حتى لا نطيل على القراء... وسنخصص لها مقالا خاصا ان سمحت الظروف .
أما قاموس الشتائم و اللعائن و الألفاظ النابية في الدارجة المغربية فأصله "عربي" بإمتياز رغم أن المعنى المستعمل في الدارجة لتلك الكلمات قد يكون ليس هو نفسه في "العربية" الفصحى.. و إسمحوا لي كثيرا هنا و أعتذر مسبقا أن أعطي مثالا نوعا ما يستعمل في الدارجة بمعنى نابيا رغم ان الكلمة نفسها لا تعني ذلك في "العربية" مثل كلمة "قحبة" التي معناها في العربية "المرأة المسنة التي تكثر من السعال" حسب القاموس الذي يسمى (القاموس العربي المحيط ) .و اذن فالمقصود وصف حالة صحية و ليس الاخلاق حينما يقولون ان الكلمة مقصود بها "العاهرة" أو "المومس" كما تستعمل في الدارجة .. و تستعمل نفس الكلمة للرجل المسن الذي يسعل فهو قحب أيضا و ليس داعرا .. و في الدارجة نفسها يستعملون كلمة "كُحْبَة" أو "كُحَّة" للدلالة على السعال .. ومعنى هذا ان كلمة "قحبة" (العربية) الأصلية لها علاقة بالسعال و لا علاقة لها بالدعارة إلا بالنسبة للذين يقولون مثلا أن المرأة "الفاجرة" تستعمل السعال لترمز به و تدل مريديها عليها كما ورد في القواميس ... و لا ندري حسب منطق هؤلاء ان كانت المرأة المسنة التي يكثر سعالها ستقوى على السعال فما بالك ان تقوى و هي مسنة على الدعارة ...شيء غير منطقي ...
و قس على ذلك بالنسبة للكلمات النابية الأخرى التي مصدرها (عربي) بإمتياز لكن ليس بنفس المعنى . .. إن مصر مثلا تكتب اللغة المصرية (عاوز و عشان و الطربيزة و الأوضة و كويس و كده ....ووو ) كلها بالحروف "العربية" تماما مثل ما تمت كتابة الفارسية والكردية و غيرهما بهذه الحروف "العربية" و لم يكن أبدا هناك مشكل في هذا الامر . و قد كتب المغاربة ما سموه الزجل بالحروف "العربية" و هو كلام شعري بالدارجة المغربية و قامت الدنيا و لم تقعد في اتحاد المغرب للكتاب المغاربة في السبعينات من القرن الماضي حول الامر . في جامعة بار ايلان الاسرائيلية ، و نظرا لاهمية الموضوع ، هناك دورس مجانية لتعليم اللغة المصرية الدارجة و كذلك اللغة المغربية الدارجة و غيرهما كلغات يتكلمهما الشعب في مصر والمغرب لكي يتفاهموا مع الناس إن كانوا سياح في البلدين و يقضوا اغراضهم ..لذلك يتم تدريسهما مجانا في اسرائيل .. ( و قد وضعت الحروف "العربية" بين مزدوجتين للدلالة على انها في واقع الامر ليست كذلك كما سنرى في بحث علمي أكاديمي آخر قادم).
ولكي نغلق هذا القوس سنقول أنه إذا كانت السعودية مصدر اللغة الفصحى الذي أتت منه للمغرب ، تستعمل عبارات مثل "إيش أسَوّي" ish asawwi (ماذا أفعل) أو " تِحْجي" tihgi (تتحدث) و غير ذلك كثير في لغتها اليومية الدارجة السعودية و لكن لا علاقة لهذه الكلمات و العبارات بمعناها في الفصحى التي لا تستعمل سوى في المدارس و الوثائق الرسمية و وسائل الاعلام ،فالمغرب كدولة ذات سيادة و مستقلة عن السعودية من حقها أن تفعل ما تريد وفق رؤية توصيات المجلس الأعلى للتعليم الإستشارية و المتخصصين التربويين المبررة و الذين إستعانت بهم الوزارة لمباشرة هذا الأمر كما ورد ذلك في بلاغها الشافي ...إلا من حيث المسؤولية على النتائج التي ستتوصل إليها في آخر السنة الدراسية ...إذ هذه النتائج الحجة هي التي ستمكن المتخصصين من تقيييم التجربة بما لها و ما عليها لو أتت بعكس ما وضعت من أجله. و أحد أعضاء المجلس الأعلى للتعليم المشار اليه أعلاه هو السيد نور الدين عيوش الكثير الحركة والنشاط الذي اشرت له في مقالي السابق في علاقته بالموضوع .و هو مثف و مربي مغربي و مواطن وفاعل جمعوي و مدير لمدارس تطوعية في القرى المهمشة و ليس غريبا عن المؤسسات أو عن الشعب .و هو رجل يعمل و يدافع عن الحريات الفردية و الجماعية و ينشد التقدم و تحديث المفاهيم والدولة للانتقال بالمغرب من التقليد الى العصر الحديث ...
لذلك كان يجب تقديم الشكر له على جهوده و محاولة فهمها و لم لا مكافأته و ليس كيل الشتائم له من طرف أولئك الذين لا يفضحون سوى تربيتهم الفاسدة وسوء أخلاقهم و مستواهم المنحط ...
إن ما أثارته الوزارة و لو عن غير قصد هو نقاش في غاية الأهمية بالنسبة للمغاربة حول الهوية اللغوية المعقدة .و هو في نظري نوع من العودة للواقع المغربي ..و هذا ليس عيبا بقدر ما هو أمر نافع كأحد الحلول للرفع من مستوى التعليم و محاربة الهدر المدرسي لا يجوز لمن ليسوا من ذوي الاختصاص الخوض فيه أو مباشرة السب و القذف في حق المسؤولين في الدولة او غيرهم ... لأن هناك قانون ...و هناك مؤسسات ....
و إذا كان ما تحدثنا عنه لحد الساعة يخص جزء ضئيل من مضامين مقررات معينة في الإبتدائي ، فإن المستويات الاخرى لتقدم التعليم هي قضية إعادة الهيكلة و مراجعة المقررات في التأهيلي و فرنسة المواد العلمية في هذا الاخير و اعادة تدريس نظرية التطور للباكالوريا بالفرنسية و الاهتمام بالتلاميذ و الاساتذة و ظروف عمل الجميع و احوالهم المادية ..الخ
و أخيرا و في كل الأحوال حتى لو افترضنا أن الوزارة مخطئة في هذه النقطة بالذات (قضية بعض الكلمات بالدارجة في مقرر ابتدائي) و هي ليست كذلك ، فإنها إجتهدت و قدمت شيئا جديدا ..و حتى المجتهد المخطئ له أجر على الأقل حسب ما يقولون بالنسبة للمنتقدين ...
#كمال_آيت_بن_يوبا (هاشتاغ)
Kamal_Ait_Ben_Yuba#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وزارة التربية المغربية طبقت نتائج تجريبية في اللغة
-
التجسس وعلمانية الدولة
-
10 نصائح عملية للأساتذة الجدد بالمغرب
-
وحدها إيران صادقة و العالم إنما يكذب عليها
-
وحدة التراب المغربي أولى من أي قضايا أخرى
-
من المسؤول عن جنس الجنين ؟ مع عمرو خالد
-
إسقاط وكر الشر الإيراني مطلب شعبي و واجب دولي
-
محطات الطاقة الشمسية المغربية هي الأكبر عالميا
-
العالم مُطالب بدفع تركيا للإعتراف بمجازر الأرمن
-
الحقيقة و الموضوعية و المعلومات الصحفية
-
اليوم العالمي للأرض المغذية 22 أبريل
-
المحفل الماسوني للشرق الكبير بباريس يُعَلِّم
-
قوة الجيش المغربي تمنع قيام حرب في الصحراء
-
أهمية المغرب سبب لدعوة مسؤوليه لزيارة إسرائيل
-
إتحاد الربوبيين العرب: رأينا في الإلحاد بإختصار
-
إنقلاب الجيش المصري على الملكية كان خطأ
-
فرصة 20 فبراير لم تضع في المغرب
-
مؤشر الديموقراطية يُبعد المغرب عن إسرائيل بدولتين فقط
-
نظام الملالي و مسألة القوميات في إيران
-
رحل شاه إيران وسيرحل الملالي و يبقى فكر مصدق شامخا
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|