|
مأساة البصرة ومهزلة الاجتماع التشريعي-التنفيذي المشترك
كاظم حبيب
(Kadhim Habib)
الحوار المتمدن-العدد: 5990 - 2018 / 9 / 10 - 12:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من شاهد جلسة مجلس النواب العراقي الاستثنائية بحضور مجلس الوزراء ومحافظ البصرة، مع غياب 149 نائباً عن الجلسة، رغم الادعاء باستثنائيتها وأهميتها وعجالتها، يتيقن بأن المأساة التي يعيش تحت وطأتها الشعب العراقي عموماً وأهل البصرة خصوصاً خلال هذا العام والأعوام السابقة، يقابلها مهزلة مروعة لا مثيل لها أبطالها السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، مهزلة الصراع على السلطة بين قوى وأحزاب سياسية إسلامية طائفية مقيتة حكمت العراق طيلة الفترة المنصرمة وشعارها الأول الاحتفاظ بالسلطة على وفق النهج القديم ومواصلة نهب الموارد المالية وتجويع الشعب وتركيعه لإرادتها ومصالحها غير المشروعة. من تتبع كلمات رئيس الوزراء والوزراء والوزيرات من جهة، ومحافظ البصرة ومن معه ونواب البصرة أدرك عظم الكارثة التي يعاني منها الشعب العراقي، فكل من هؤلاء لم يجد ما يعترف به أمام الشعب ويدين الأخطاء الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية الخاطئة والخطيرة التي ارتكبها رئيس ومجلس الوزراء والوزراء من جهة، ومحافظ البصرة وبقية المسؤولين فيها من جهة أخرى، ومجلس النواب العراقي طيلة الأعوام المنصرمة من جهة ثالثة، بل كانت هناك اتهامات ومزايدات وادعاءات بأنهم عملوا كل شيء لكي لا تخرب البصرة ولا يتسمم أهلها ولا يجدون ماءً نقياً وتيار كهربائي مستمر و...إلخ، وأن أهل البصرة هم الذين خربوا كل شيء، كما يبدو من طريقة طرحهم وتحميل كل طرف الطرف الآخر المسؤولية عما حصل في البصرة وبقية أنحاء العراق. انكم تجسدون بسلوككم المثل الشعبي النابت والمناسب لأوضاعكم "غراب يگلة لغراب وجهك أبگع". لقد تسببتم وارتكبتم، وأنتم وأحزابكم جميعاً في الحكم، الكثير والكثير جداً من الكوارث والمآسي ومارستم أبشع الأساليب للحفاظ بهذه السلطة الطائفية المحاصصية المقيته، ولم تتورعوا عن استخدام الحديد والنار، سواء في العام 2011 أم هذا العام، بحق المتظاهرين السلميين الذين لم يطالبوا إلا بالماء والكهرباء والخبز والعمل الذي سرقتموه من أفواه وحياة الأطفال والنساء والشيوخ وبقية بنات وأبناء الشعب العراقي المستباح بكم. كم كنتم أغبياء في أسلوب طرحكم لما قمتم به خلال مسيرة الـ 15 سنة المنصرمة: وعود عسلية كاذبة وخداع وضحك على ذقون الناس الطيبين والبسطاء والمخدوعين بكم وبأغلب شيوخ الدين والأدعياء منهم وكل المتحالفين مع هذا الحكم البائس والرث. كم أبديتم حمية في الدفاع عن أنفسكم في مواجهة الاتهامات المتبادلة وبأساليب سيئة متوترة وفارغة من أي معنى، في حين لم تظهر هذه الحمية المطلوبة في الدفاع عن مصالح الشعب وسيادة البلاد واستقلاله المشروخ بسلوك وتدخل دول الجوار. الوزيرات والوزراء الذين تحدثوا لم يجدوا نقصاً في عمل وزاراتهم، وبالتالي فالنواقص والأخطاء التي كانت ضمن الأسباب لما حصل ويحصل في البصرة، كان سببها الناس وليس الوزارات والوزراء والوزيرات وبقية المسؤولين الفاسدين دون استثناء. هل تابعتم ما طرحه محافظ البصرة حين قال له رئيس الوزراء، لماذا تركت الموقع في هذا الظرف الحرج، فقال له: لقد طلبني "زعيم الشعب!" ولو كان قد طلبك لذهبت أيضاً.. هكذا يفهم هذا المحافظ العلاقة بين الحزب الذي ينتمي إليه والدولة التي هو موظف فيها، لا يستطيع أن يميز بين كونه موظفاً ومسؤولاً عن محافظته ويتبع رئيس الوزراء أولاً وقبل كل شيء، وليس لحزبه أو المسؤول الديني الذي يقلده، إلا في المبادئ التي يحملها، إن كان يحمل مبادئ تخدم الشعب والوطن، وحين يكون خارج الوظيفة يمكنه أن يخضع ويركع لمن يراه قائداً له. إنه الدمج السيء والخطير بين الدين والدولة!!! تحدثتم عن المندسين الذين أشعلوا الحرائق! ولكن من هم المندسون، ألم تسمعوا ما قاله محافظ البصرة، بأن قوى من الحشد، وأخر يشير إلى قوى من داعش، وثالث يؤكد على دور المليشيات الطائفية المسلحة. ولا استبعد أن يكون هؤلاء جميعاً مشاركين في الحرائق التي وقعت في البصرة وليس المتظاهرين السلميين والديمقراطيين والذين يميزون بين المسؤول عن الجرائم التي ارتكبت وترتكب بحق الشعب العراقي خلال الأعوام المنصرمة، وبين المباني العام والخاصة التي لا يجوز حرقها أو تدميرها فهي ملك الشعب والناس الأفراد. يتحدث محافظ البصرة عن مدير الأمن أو الشرطة بكونه "حرامي"، لماذا لم تبادروا إلى التحقيق في هذه التهمة، رغم أن الكثير والكثير جداً ممن هم متهمون بسرقة المال العام بطرق شتى! لقد تحدثتم عن إجراءات سريعة لمعالجة وضع البصرة، وعلى طريقتكم المعروفة سوف لن تنفذ هذه الإجراءات كما ينبغي، لأن الفساد قد دخل إلى كل مسامات أدمغة واجسام غالبية المسؤولين في العراق، ومع ذلك اليس حال ذي قار مشابه لحالة البصرة والعمارة والديوانية وكربلاء والحلة والكوت وغيرها، فكيف ستعالجون حالات كل العراق قبل أن تتفجر الأوضاع كما تفجرت في البصرة ولم تنته حتى الآن. ليس هناك من يثق بكم، لأنكم لستم أهلاً للثقة، وقد خبركم الشعب 15 عاماً وتعملون اليوم لتستمروا في الحكم سنوات أخرى مميتة. لم يأتي شعار "باگونة الحرامية وهتكونة الشيلاتية" من فراغ، بل جاء معبراً عن أوضاع الدولة الهشة والحكام والبلاد والشعب. باختصار شديد الشعب لا يريدكم، عليكم أن تنزاحوا من الساحة السياسية، عليكم أن تتركوا الشعب يدير أموره بيديه، قبل أن تتفجر في كل مكان، وستستغل من أيدي خبيثة كأياديكم لتمعن في قتل الناس الأبرياء وحرق المزيد من البنايات العامة والخاصة. من شاهدكم يوم أمس أدرك بأنكم غير أهل للحكم، وكم كان صادقاً رئيس السن الدكتور محمد علي زيني حين قال تريدون إعمار البصرة بعد خراب البصرة، وأقول تريدون الآن إصلاح العراق بعد خراب العراق أيضاً، وأنتم غير آهلين لذلك!!! لم تكن الانتفاضة الشعبية في البصرة بعد طول عذاب واستباحة للحقوق والمصالح من قوى أجنبية، سوى الشرارة الأولى التي اعلنت عن قرب اندلاع شرارات أقوى وأشد سوف تنتشر في سائر أنحاء العراق، ما لم تدرك تلك الأحزاب والقوى والأطراف المشاركة في الحكم حتى الوقت الحاضر، بأن نهجهم الإيديولوجي وسياساتهم الداخلية الفعلية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وعلاقاتهم وسياساتهم الخارجية، كلها لم تعد مقبولة من الشعب العراقي بل مرفوضة، وأن الشعب مستعد لتقديم المزيد من التضحيات الغالية، عبر نضاله السلمي المسؤول، للخلاص من هذا النظام السياسي الطائفي والمحاصصي الذي أذل الشعب وافقره وجوعه وسرق لقمة عيش العائلات العراقية، ولاسيما الفقيرة والمسلوبة، والتي إذا انتفضت عندها تعرفونها وتعرفون النتائج والعواقب في آن!!!
#كاظم_حبيب (هاشتاغ)
Kadhim_Habib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أهل البصرة ينزفون دماً.. من المسؤول؟
-
نقاش معرفي مع الكاتب حسن العاصي حول التنوير العربي
-
البصرة الشجاعة والغاضبة ... البصرة المنتفضة...!
-
هل رجلُ امريكا الأول معتوهاً أم أنه رأسماليٌ ليبرالي جديد مت
...
-
هل العراق على حافة حرب إيرانية-ميليشياوية ضد الشعب العراقي؟
-
تركيا تعيش بدء تفاقم أزمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية
...
-
مرة أخيرة مع السيد علي الشرع بشأن واقع العراق الراهن الحلقة
...
-
نقاش هادئ مع السيد علي الشرع بشأن واقع العراق الراهن (3-4) ا
...
-
نقاش هادئ مع السيد علي الشرع بشأن واقع العراق الراهن (2-4)هل
...
-
نقاش هادئ مع السيد علي الشرع بشأن واقع العراق الراهن 1-4
-
الذكر الطيب للفقيد المناضل الاشتراكي والمفكر الشجاع سمير أمي
...
-
نتائج العدّْ اليدوي وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة
-
جامعة الدول العربية وموقفها المناهض لحقوق الإنسان!!
-
رأي في مقال للسيد علي الشرع -العبادي ومستشاره الاقتصادي-
-
جور الاعتقال وقسوة التعذيب في العراق
-
هل قادة حزب الدعوة متماثلون في كل شيء سيء؟
-
طوق نجاة المرجعية الشيعية يناقض طبيعة النخب الإسلامية الحاكم
...
-
لو تسنى لحزب الدعوة ان يحكم العراق بمفرده، فماذا سيحصل؟
-
جرائم بشعة ترتكب في العراق تحت حكم أحزاب الإسلام السياسي!
-
ملحق للرسالة المفتوحة إلى رئيس وزراء العراق
المزيد.....
-
إيطاليا: اجتماع لمجموعة السبع يخيم عليه الصراع بالشرق الأوسط
...
-
إيران ترد على ادعاءات ضلوعها بمقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
بغداد.. إحباط بيع طفلة من قبل والدتها مقابل 80 ألف دولار
-
حريق ضخم يلتهم مجمعاً سكنياً في مانيلا ويشرد أكثر من 2000 عا
...
-
جروح حواف الورق أكثر ألمًا من السكين.. والسبب؟
-
الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 250 صاروخا على إسرائيل يوم
...
-
اللحظات الأولى بعد تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL قرب مطار ا
...
-
الشرطة الجورجية تغلق الشوارع المؤدية إلى البرلمان في تبليسي
...
-
مسؤول طبي شمال غزة: مستشفى -كمال عدوان- محاصر منذ 40 يوم ونن
...
-
إسرائيل تستولي على 52 ألف دونم بالضفة منذ بدء حرب غزة
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|