أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - الحياة - الاسباب كثيرة للوم سياسات اميركية غير عادلة















المزيد.....

الاسباب كثيرة للوم سياسات اميركية غير عادلة


الحياة

الحوار المتمدن-العدد: 20 - 2001 / 12 / 28 - 17:34
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


العنوان: الاسباب كثيرة للوم سياسات اميركية غير عادلة ... الأسوأ هو الغرق في اللوم )
(الكاتب: راغدة درغام )
(ت.م: 28-12-2001 )


بغض النظر عن الانتماء الديني والسياسي والايديولوجي، ومهما كانت التوجهات الفكرية والعاطفية في مجتمعات محبطة بالفقر والبؤس أو تلك النابضة بالأمل وبالازدهار، حدث شيء ما في ذهن وروح كل فرد في مختلف أنحاء الكون له معرفة بأحداث هذا العام. فهذه سنة لن تدخل متاهات النسيان كغيرها من السنوات العديدة. لقد اطلقت هذه السنة بحثاً جذرياً في الخيارات ومصيرها، في الأوضاع الراهنة وبديلها، في أنماط معتادة ووطأة التغيير فيها.
ذكري هذا العام وأحداثه فيها كثير من التاريخ ومن البعد الشخصي في آن.
أفغانستان عند البعض ستدخل الذكري والذاكرة بصفتها موقع حرب علي تنظيم خطف بلداً بكامله ونقطة انطلاق لحرب علي الإرهاب والاصولية المتطرفة أينما كان. وهي عند البعض الآخر مشهد عميق التأثير بدموع رجال مسنين أثناء تنصيب الحكومة الموقتة، وبلهف نساء يخلعن البرقع وكأنه خلع للاحتلال، وبنظرات فتيات إلي حروف بيضاء علي اللوح الأسود بدهشة الأمل والتطلعات.
لن نتفق جميعاً علي معني ما حدث، ولن نفهم ما وقع من وجهة نظر متماسكة. لكن هذا يجب ألا يمنعنا من محاولة الاستماع إلي بعضنا بعضاً، لعل في الاصغاء فرصة للتدقيق في النفس بدلاً من الانغماس في لوم الآخر.
كثير منا يقع بين أكثر من عالمين. هذا لا يقتصر علي العرب - الأميركيين، أو العرب الذين هاجروا إلي أوروبا، أو علي أي من عاش في الغرب أو الشرق ثم عاد إلي مسقط رأسه. فالانفصام أعمق. وهو في الصميم العربي علي كل المستويات، من النخبة إلي الطبقة الكادحة، من القيادات إلي الشارع ، من تصور الاب لمهماته في بيئة العائلة إلي دور الأم فيها وما بينهما من ضياع للأبناء في مجتمع يرفض الاعتراف بأن لكل من المعنيين الحق بقوانين تحمي حقوقه.
وللتأكيد، فإن الضياع والانفصام والنفاق والبحث عن هوية، وكذلك سوء الفهم والنرجسية ومجرد الاستعلاء علي المحاولة، كل هذه ليست أنماط العالم العربي والإسلامي، وإنما هي أيضاً نمط في حياة الفرد الغربي لأسباب مختلفة.
هذه السنة، استفاق الأميركيون علي صفحة جديدة من هويتهم وخياراتهم، كانوا قبل 11 أيلول (سبتمبر) في غني عن اتخاذ القرارات لجهة ما هم في استغناء عنها. أميركا في ذهنهم، كانت بقعة مميزة حيث التفوق والازدهار وصلاحية تجاهل ما يحدث في بقية العالم. تقوقعت أميركا في ما يهمها وما يعنيها، في مجتمعها وضرائبها ومدارسها وحياتها الاجتماعية، وقررت الوسائل الإعلامية أن لا اهتمام ولا رغبة لدي الرأي العام الأميركي بما يحدث خارج حدود الامبراطورية الجديدة.
ولكن، في خضم كل هذه النرجسية الاجتماعية لم تنس أميركا نرجسية العظمة. مستوي التفوق العسكري الأميركي ادهش حتي أقرب الدول للولايات المتحدة، بريطانيا، وجعل أوروبا تدرك ان أميركا قطعت أشواطاً في مسافة العظمة العسكرية وبات شبه مستحيل الالتحاق بالمرتبة التي وصلت إليها. اذ أوضحت الحرب في أفغانستان أن القدرات العسكرية الأميركية نوعياً وكمياً، مدهشة.
وهذا ترك أثره علي البيئة الدولية وفي داخل المجتمع الأميركي بمزيج من المشاعر المتضاربة. فالقوة، كعادتها، مصدر غيرة وغرور تنطلق منها التوجهات المتناقضة. وأميركا، دائماً، كانت موقع اهتمام وفضول بقية العالم، تارة بإعجاب بها وتارة بغضب عليها. لكن الفارق اليوم يكمن في اضطرار الأميركيين للكفّ عن تجاهل وطأة العظمة علي بقية العالم والبدء في صوغ الاهتمام بطبيعة هوية الدولة العظمي الوحيدة بعنصرها الداخلي كما بأثرها عالمياً.
قبل أربعة شهور، قلّ ما اهتم الأميركي العادي بالأخبار الدولية وندر أن أكترث بما يحدث في عالم الآخرين. غداً قد يعود المجتمع الأميركي إلي الاهتمام حصراً بالأمور التي توثر فيه وعليه بلامبالاة بأي ما يطرأ خارج حدوده. أما اليوم فإنه في فضول ومراجعة للنفس، بعضه بغطرسة وغرور القوة والتفوق، وبعضه بتواضع وبرغبة صادقة لفهم الآخرين وتصحيح الأخطاء. صحيح أن لغة المصالح لسان حال المجتمع الأميركي، وان التسويق سيد الساحة، لكن الصحيح أيضاً أن مخاطبة حس العدل لدي الفرد الأميركي ليست جهداً ضائعاً. وهذا ما لا يدركه أصحاب القضايا الذين يحسنون تقنين احتجاجاتهم في اللوم والغضب بدلاً من صوغ استراتيجية الشرح والاستثمار في الاقناع.
صحيح أن الإعلام الأميركي بمعظمه منحاز لإسرائيل يطل خلسة بمواقف تعدل بحق الفلسطينيين فيما التغطية الاخبارية عامة تؤكد تسلط وجهة النظر الإسرائيلية عليه. إنما الصحيح أيضاً أن ثقافة الإعلام والعلاقات العامة لا تزال بدائية عند الحكومات العربية كما عند الأفراد وأصحاب المصالح والمستثمرين العرب. فمعظم الذين يطلون علي شاشات التلفزة الأميركية لشرح فكر الجانب العربي وذهنه، إنما يفعل ذلك علي صعيد الكفاءة الشخصية ورهن دعوات من الشبكات. ذلك ان الثقافة العربية قل ما تهضم معني وأثر المؤسسات الفكرية في صنع السياسة وفي شرحها إعلامياً. أما الحكومات فإن أكثريتها تحسن الانفاق علي شركات علاقات عامة ذات أسماء رنانة تترفع عما هو عربي، فيما لا يزال بعضها يقبع في نمط الحساسية المضادة للإعلام وبعضها الآخر يعتبر الانفاق علي المؤسسات الفكرية والإعلامية هدراً للأموال.
ولأن هذه الحقبة من الزمن بالذات حقبة الفضول والرغبة في الاطلاع لدي المجتمع الأميركي، ولأنها أيضاً مرحلة صوغ توجهات والاستفادة من فرص متاحة، لا يكفي نحيب النخبة العربية أو تعالي الطبقة المتمكنة في المجتمعات العربية. فإذا كان لهذه البقعة أن تخرج من الظلام، لا يجوز الاستمرار في نفي المسؤولية المدنية والاختباء وراء لوم الحكومات. الحكومات مقصرة، لكن الفرد العربي، خصوصاً في طبقة النخبة، بالغ في التهرب من مسؤولياته والتدقيق في عمقه ومراجعة أخطائه. وهو اليوم مطالب بالمساهمة الفعلية في صنع المؤسسات التي تعالج ليس فقط القضية الفلسطينية، وإنما القضايا الملحة داخل المجتمعات العربية، من القوانين التي تحمي الفرد إلي الشفافية التي تكشف الفساد.
سهل علي الكثيرين لوم أميركا خصوصاً ان هناك غزارة في أسباب لومها علي سياسات غير عادلة وعلي نمط في صفوف معظم نخبتها أخذ إلي اعفاء إسرائيل تلقائياً. لكن الغرق في اللوم من دون التنبه لفرص التأثير في الرأي العام الأميركي، كما في توجيه الرأي العام العربي، أسوأ مساهمة. فالمجتمع الأميركي محصن بدستور وبسلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية تضمن الشفافية والمراقبة، وتشكل ركناً في عظمة أميركا لا يضاهيه حتي ركن العظمة العسكرية، وعلي رغم ذلك، هذا مجتمع يدقق في صميمه ومعدنه، ويتساءل.
يتساءل اليوم بعد أحداث هذه السنة بصورة مختلفة عن تساؤلات الأمس. جزء منه غاضب ومتعجرف وأكثر تصميماً علي الانعزالية والاطلال علي العالم بغطرسة القوة العسكرية والاملاء والفرض. لكن جزءاً آخر فيه يبحث عن خلفية غضب وكراهية الآخرين له ويعترف بأن النقمة علي أميركا لم تأت من فراغ أو حسد وإنما نتيجة سوء سياسات استغلها البعض لغاياته المروعة. وفي صفوف الاثنين بحث عن أجوبة وهوية، ورغبة بحياة طبيعية عادية شأنهم شأن أي فرد مدني في أي مكان ما.
فالدموع التي تدحرجت علي وجوه رجال أفغانستان المسنين وهم يحلمون بغدٍ أفضل هي دموع الرغبة بحياة عادية طبيعية. ونظرات التلهف في عيون الفتيات وهن ينظرن إلي الالفباء علي اللوح الأسود هي نظرات التطلع إلي حياة عادية طبيعية. وخلع النساء البرقع الأزرق تشوقاً للتحرر من الظلم والقمع والاحتقار هو النداء بحياة عادية طبيعية.
فالكل يريد هذه الحياة غير الممكنة في ظل بشاعة وقهر الاحتلال الذي تفرضه إسرائيل علي شعب بكامله. الكل يريد هذه الحياة بلا خوف من تسلط الأجهزة الأمنية في أكثرية المجتمعات العربية ومن دون الاضطرار للرضوخ لتعسف الديكتاتورية. الكل يريد هذه الحياة غير الممكنة في بيئة البؤس والفقر والأمية، حيث يتربع الفساد والبطش ويقضم أدني الحقوق الإنسانية. ويحق لنا، كلنا، أينما كنا، وبغض النظر عن انتماءاتنا، أن نصبو إلي مثل هذه الحياة. فلقد أخذتنا السياسة بعيداً عن الأسس البسيطة وأدخلتنا متاهات التنظير والنظريات بثقافة التهم المتبادلة وبنفي للحاجة الماسة إلي الاصغاء. الاصغاء لبعضنا بعضاً عبر الحضارات. الاصغاء لأطفالنا في أي مجتمع كان وهم يطلبون مجرد الطمأنينة.



#الحياة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- افغانستان : تطبيق الشريعة بتبصر
- منظمات حقوق الإنسان تدين القمع المنظم في العراق


المزيد.....




- -أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
- لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو ...
- كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع ...
- -دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية ...
- قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون ...
- حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
- بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
- ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا ...
- مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
- أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - الحياة - الاسباب كثيرة للوم سياسات اميركية غير عادلة