|
البصرة ...لا تضيع وجهها الباسم
عبد الخالق الفلاح
الحوار المتمدن-العدد: 5988 - 2018 / 9 / 8 - 05:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مدينة البصرة الوديعة التي تنام على ضفاف شط العرب وتستضيف نهرين عظيمين بزفاف عرس ابدي ولم تبخل بالعطاء ولكن تعيش العطش والجوع، صارت ساحة للاحتراب وتصفية الحساب.نفوسها تقترب من الخمس ملايين نسمة ولا احد يهتم بها ، انها بصرة المياه والنخيل ..بصرة النفط والحديد والمعادن ..رمالها زجاج وذهب ..وشطآنها خبز وخصب ...وموانؤها الباسمة سوق العراق العالمية فلماذا تحرم من حقوقها وخيراتها واين العدل في ذلك و نواب المحافظة في مجلس النواب او مجلس المحافظة غير مبالين سوى بمرتباتهم وامتيازاتهم الشخصية فيما تحلب اموالها وخيراتها بحجة انها جزء من العراق ، نعم هي جزء عزيزلاتنفك عنه ، ولا يجب ان ترضخ لما تؤمر به دونما اي مقابل يحسس سكان المحافظة بانهم يتمتعون بخيراتهم ، مدينة النخيل والنفط والخيرات المتنوعة تعاني من مشاكل حقيقية ليست سطحية تستحق الكثير من الخدمة بسبب الاهمال والفساد الذي عم جميع مؤسساته رغم كل العطاءات العظيمة التي تقدمها للعراق وشعبه . لا أريد التحدث هنا عن الأسباب الكثيرة التي أدت الى تفجر الأوضاع الأخيرة في هذه المدينة ، ولا أريد تسليط الضوء على هذه الزاوية والصحيح ان البصرة مثلها مثل أي مدينة عراقية تعاني منذ فترة الحصار الاقتصادي في تسعينيات القرن الماضي وزداد كثيرًا من الأهمال مثل بقية المدن منذ سقوط البعث عام 2003 ولحد الآن من الفساد والمحسوبيات. فبعد كل هذه السنوات من الدمار والتخريب وما صنعته يدُ الغطرسة لا زالت تتجدّد وبنفس الوتيرة المصائب والحكومات غير ابية بتلك التراجعات ، البصرة اليوم لم تعد مشكلتها محلية بل إنها أصبحت عقدة دولية تتلاقى فيها مصالح العديد من الدول والمستفيد الداخلي هو مجرد أداة بيد مستفيد أكبر خارجي اصبح لا يرتاح لكي يسود الهدوء وتزدهر لانها تتعارض مع مصالحهم ، ويتشابك على أرضها الكثير من الأعداء،من دعم خليجي بغيض ومعروف النوايا بينما يبقى المواطن البصري متفرجًا على خيرات أرضه وهي تنهب أمام عينه من غير أن يملك حولاً أو قوة لمنع ذلك، سوى التظاهر للمطالبة بحقوقه المسلوبة، ومع الاسف هناك عناصر يتلبسون بلباس المُتظاهرين ويندسون بينهم فيعمدون إلى إحراق مرافق الدولة ومكاتب الاحزاب ومؤسساتها والمؤسسات السياسية لبعض الدول الصديقة التي وقفت معنا في الشدائد والمحن ،ويعتدون على أجهزة الأمن في محاولة لإثارتهم وحملهم على الرد بالرصاص الحي وهم يقابلونهم بالحب والسلام (وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) سورة إبراهيم46 والمواطن يعلم بأن الحرائق لا تُبعد الفاسدين بل تطيل بقائهم في مواقعهم، و لن تُحرر العراق من قيود خيانة القادة، و لا تبني مؤسسات بل تُدمرها، و لا تأتي بالخدمات بل تؤخرها، ظليمة كبيرة تعيشها المدينة وشعبها المظلوم يريد حقه كما كل العراق وهناك من يريد غير ذلك ويريد تحقيق غاياته من خراب البصرة والعراق ، ولو ترشح للتظاهرات قادة وطنيون مشهود لهم بشجاعتهم وحكمتهم وحصافتهم لما وصلت الامور الى هذا المستوى من الدمار والدماء ، اهلنا في هذه المدينة الكريمة والمعروفون بالطيبة وصفاء السريرة أصبحوا يئنون من الالم والمحن وفق تخطيط محكم رسم عليهم ودقيق في تفجير لغة الطائفية والعشائرية باموال تُضخ من دول الجوار العملاء ومن خبث عمالتهم لشغل الناس عن أهدافهم الحقيقيّة، ولفرض الواقع المر عليهم في قيادة خائنة وعميلة بدل قيام حكومة وطنية توفر لهم رغف الخبز بكرامة، وتؤسس لقيام دولة المؤسسات والخدمات بعيداً عن الفاسدين والتي تفشل كل ما هو يصب في مصلحة الوطن الواحد ووصولاً بالمجتمع الى الدرجات العالية ، ولن تصلح معه التظاهرات العشوائية إلا تدمير نفسه بنفسه بعد اختراق تنسيقيات التظاهرات بعناصر مريضة واجيرة فيها والذين هم من يحرق وهو من يقتل لكي يخسر المظلوم من ابنائها الحقوق والمطالبات وتضخ بالمجرمين والمعتوهين بين صفوفهم لافشال مسيرتهم ،تلك هي النتيجة الحتمية لمجتمع تضعف فيه سيادة الدولة لعدم حمايتهم وفي وجود جماعات وحركات جاهلة مسلحة بدعم خارجي تتلون مع الظروف والكل تتعارض مع الآخرين ومع سيادة الدولة، ومن هنا يأتي الخراب والدمار وتضيع كل الحقوق سواء حدث ذلك نتيجة تدخل دول إقليمية أو قوى لها مصالح إقتصادية او سياسية أو قوى تريد ادارة الدولة وفق افكار وبث سموم لا تتلائم مع الطابع الخلقي لاهل البصرة الاعزاء هذه المدينة التي تعيش على ارض كلها خيرات وعطاءات لا تنضب ولا تنتهي .كل هذا يمكن أن يقف حالاً لو تكاتف الشعب واصطفّ لنجدة مجتمعه وعدم السّماح بالرجوع للمربع الاول كما يحدث فيها ، وارواحهم اغلى من كل شئ فالله الله بالسلمية وطاعة الحكمة والعقل والمنطق في المطالبة بالحقوق والكل يجب ان يشارك ويتحمل المسؤولية لإخراج مركب البصرة من هذه العاصفة قبل الغرق وإيصاله الى بر الأمان لكي ترفع جبينها وتعود لها وجهها الباسم. والحكومة في التعاطي مع تحديات البلاد بالطريقة الكلاسيكية النمطية الروتينية سوف لن تجني الا استمرار تشتت البلاد سياسيا واجتماعيا وهذا مايريده العدوالمتربص ، ومن الضروري ان يتم التفكير الجدي للخلاص من هذه السياسة التي انهشت البلد ، ونتمنى من كل قلوبنا أن تقف هذه المهزلة في أقرب وقت قبل أن ينفرط العقد في مناطق اخرى في حين يُكافح فيه السياسيون كي تُشكل حكومة جديدة، فقلوبنا مع العراق الواحد والمصلحة العليا للمجتمع والدولة وليس المهم هنا من سيفوز بالرئاسات الثلاث، بقدر أهمية وضوح خارطة طريق لبرنامج حقيقي زمني ممكن للحكومة القادمة وان تنجح وفق سياقات وطنية فأن بعد النظر واستيعاب الاخر حالة ضرورية وآنية للقيادات السياسية المختلفة، ولا يمكن التفكير في استيعاب الاخر بعد فقدان مصداقية مجلس النواب الجديد والتي هي القبة الصحيحة لحل المشاكل السياسية، وعليه فالتأني في الأحكام واستيعاب الاخر امر لا يمكن إهماله الان ونحن نرى عواصف سياسية كبيرة تواكب الموسم الحالي وعلى اعتاب اختيار القيادات الثلاثة للبلد ستترك اثر سلبي داخل المنظومة السياسية، بمعادلات مختلة ويجب معالجتها قبل فوات ، و اذ ان المسار الحالي في عمل مجلس النواب سينتج حكومة ضعيفة فضلا عن الشخصية التي ستترأسها وبهذه الخلافات التي تنم عن مصالح انية وليست مستقبلية وهنا يتطلب الامر الحذر والدقة في التعاطي مع هذا الملف بدقة كبيرة لانه امر ضروري ومهم. وليتعظ أولو الألباب.
#عبد_الخالق_الفلاح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل معاناة البصرة ثمن عطائها
-
طفح الكيل ومثل ما رحتي ايجيتي
-
الكتلة الاكبر المهم ام البرنامج الحكومي
-
الدخول في المعارضة الكذبة الجديدة
-
العراق... مخاض الكتلة الكبرى في ظل الخلافات
-
سياسة التجويع لا تُركع الشعوب الحرة
-
الكتلة الكبيرة بين الضبابية وفقدان المعاييرلتشكيلها
-
العقوبات على ايران تضليل وتناقض في الخطاب الامريكي
-
العراق...التجاذبات والمتناقضات بتأثر المتغيرات الدولية
-
العراق والتوازنات الداخلية والخارجية
-
ترامب لا يعرف الصديق بل يستنزف ماله
-
العبادي يطلق سهام الخلاص على نفسه
-
باسم الدين باكونه الحرامية شعار للهروب
-
هل نحن مقبلون على حكومة وطنية في العراق
-
السياسة في العالم العربي مضيعة للوقت
-
لنعشق الامل
-
التعليم في العراق والحقيقة المرة
-
الحقيقة والخيال في تصريحات ترامب
-
التخبط العجيب في سياسات ترامب
-
نظرة سريعة لتصحيح السياسة الاقتصادية والادارية
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|