أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمد المناعي - مؤسسات القطاع العام في تونس بين حمى التفويت وإمكانات التصدي














المزيد.....

مؤسسات القطاع العام في تونس بين حمى التفويت وإمكانات التصدي


محمد المناعي
باحث

(Manai Mohamed)


الحوار المتمدن-العدد: 5986 - 2018 / 9 / 6 - 00:56
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


بلغ الحوار والتجاذب حول مصير المؤسسات العمومية في تونس بين المنظمة النقابية الاتحاد العام التونسي للشغل و الحكومة مأزقا ينذر بالصدام بين الطرفين بعد اعتزام الحكومة الرضوخ لاملاءات الصناديق الدولية ومعالجة ملف مؤسسات القطاع العام بالتفويت أساسا و باصلاح ما سيتم تأجيل التفويت فيه وبعد تلويح الاتحاد بالدخول في اضراب عام في القطاع العام على اثر تنكر الحكومة لالتزاماتها بمعالجة واصلاح المؤسسات حالة بحالة وطي ملف التفويت .
يحاول البعض تبسيط النقاش حول هذا الملف و الترويج لذلك عبر الأذرع الاعلامية بأنه من البديهي أن يتم بيع مؤسسة إنتاج عمومية بما أنها خاسرة أو لم تحقق أرباحا منذ مدة وبتعلة أنها تثقل كاهل دافعي الضرائب بأموال تضخ فيها سنويا لمساعدتها على تجاوز الصعوبات المالية . وبأن الحديث عن التفويت هو حديث علمي خال من كل خلفية ...
الموضوع شائك و الخلفية واضحة وفي عمق التحليل الذي ينتهي بالتفويت أو بالمحافظة كلاهما يخفي تصور كامل للاقتصاد وللدولة وللتنمية ولدور الدولة والقطاع الخاص في التنمية والتشغيل وتصور للسيادة الوطنية على الثروات وتصور لعلاقة القطاع العام بالخاصة ودور الدولة في توجيه القطاع الخاص ... وبالتالي فان الصراع صراع إيديولوجي ان صح التعبير لا مجرد موازين قوى سياسية ، بين منظومة ذات توجه اجتماعي ومنظومة نيوليبيرالية ، منظومة تصب في صالح النفع الجماعي و المستدام الذي يأخذ بعين الاعتبار مصلحة الأجيال القادمة و يحافظ على ما ورث من الأجيال السابقة من ركائز للاقتصاد الوطني تجنبه هزات الأزمات الدورية العالمية وبين منظومة ثانية لها امتداداتها في الحكم و في الجهاز الذي ينظّر لخيارات الحكم داخليا وخارجيا ، تقوم على التفويت لتشجيع المنافسة بين الخواص و تدعيم الحيتان الكبيرة للهيمنة على مقدرات البلاد ومواصلة التهرب الضريبي وتسريح العمال و طلب المساعدة المستمر من الدولة بعد تجريدها من ممتلكاتها وافراغها من أي دور تنموي اجتماعي ...
هذه المنظومة رغم محاولاتها لم تستطع بجرة قلم نسف مؤسسات القطاع العام والتفويت فيها دفعة واحدة بل تعتمد على مرحلية مدروسة تأخذ بعين الاعتبار الظرفية العالمية و الوضع الاقتصادي المحلي وتأثيرات الأزمة الاقتصادية و السياسية و مدى قوة الجانب النقابي ودوره في التأثير في الشأن الوطني ، ذلك أن موجة الخصخصة التي انتعشت نهاية الثمانينات وبداية التسعينات لم تنجح في تحقيق أهدافها الا بعد ضرب المنظمة النقابية وتدجينها عبر مراحل وصولا لمؤتمر 1989 وما أفرزته من تركيبة مهادنة للسلطة القائمة ولممارساتها العابثة بالاقتصاد الوطني وبحقوق العمال .وفي هذا الاطار عددت هذه الاطراف أساليبها لبلوغ مراميها . أولها كما سبق أن ذكرنا اختيار التوقيت المناسب والظرفية الداخلية وضعف العمل النقابي للقيام بالتفويت المباشر وان تعذر الأمر يتم ترك المؤسسة للتسيب الإداري و الفساد و غياب الحوكمة و الرقابة و إغراقها بالعمال والموظفين والديون فتتحول عمليا الى عالة على المجموعة الوطنية فتجد الحكومات الذريعة للتفويت فيها بصيغة التخلص منها ، فان تعذر ذلك فان الحفر بجانب أسسها قبل الاجهاز عليها يكون هو الحل باطلاق يد مؤسسات تنافسية خاصة في نفس المجال وبإمكانيات أكبر و قدرة أكثر على التجديد والتطوير و بطاقة تشغيلية أقل وامتيازات أكبر للإطارات و الخبرات فتجفف منابع المؤسسة العمومية من حيث الصفقات و العقود والشراكة والأسواق وحتى المهارات والخبرات فتتراجع مردوديتها وتصبح عالة على ميزانية الدولة فتجد المسوغ للتفويت فيها جزئيا أو كليا .
التفويت كاجراء يحمل في ذاته نية مبيتة فالاستثمار الخاص الذي سيتحصل على صفقة شراء المؤسسة العمومية أو جزء منها هدفه بلا شك الربح والربح الأقصى و أمله من هذه المؤسسة بعد إصلاحها هو تحقيق الأرباح بعد استعادة ما تم دفعه مقابل الحصول عليها عبر الصفقات والرشاوي وغيرها ... أوليس الشعب والدولة أولى بإصلاح هذه المؤسسات و تطويرها و الأمل في ربح للمجموعة الوطنية .
لذلك فان الطرح الذي يرفض التفويت في مؤسسات القطاع العامل ليس طرحا طوباويا محافظا كما يروج له بل طرح عملي عقلاني يعتبر أن هذه المؤسسات هي مصدر من المصادر الهامة لخلق الثروة وتدعيم الدخل بالنسبة للدولة و ما الصعوبات التي تمر بها إلا بفعل فاعل أو في أفضل الحالات نتيجة سوء تصرف وبيروقراطية وغياب الحوكمة وتحولها إلى مؤسسات يتمعش منها الجميع بدء بميزانية الدولة وصولا لتشغيل ضعف طاقتها واغراقها بالعمالة الإضافية وتكبيلها بقوانين لا تتماشى وطبيعتها الإنتاجية التنافسية ... لذلك فان المطالب النقابية و السياسية ذات التوجه الاجتماعي واليساري اذ تطرح مسالة المحافظة على مؤسسات القطاع العام و إصلاحها حالة بحالة فان عليها أن تعي جيدا أن تضحيات لابد منها لإنقاذها من منزلق التفويت و أولها الحوكمة في الانتدابات بتخليص المؤسسات الإنتاجية من فائض اليد العاملة بصيغ تحفظ حقوقهم لكن تضمن استمرارية المؤسسة و تخصيص اعتمادات تنافسية لانتداب كفاءات ذات مستوى يظاهي المؤسسات الخاصة ، وتطوير طرق العمل والإنتاج والتسويق و فتح أفاق توسيع نشاط المؤسسة داخليا وخارجيا ، وتحول النقابة من مجرد طرف مطلبي الى شريك حقيقي في التفكير في تطوير المؤسسات العمومية و تحويلها إلى مكسب حقيقي للشعب والضرب أساسا على أيدي الفاسدين و على كل محاولات إنهاكها تمهيدا لبيعها وخلق رأي عام مدافع عن ممتلكات الشعب وعن مؤسسات القطاع العام والخروج بالملف من الغرف التفاوضية الضيقة الى النقاش العام الذي لن يصب سوى في صالح المحافظة على هذا المكسب وتدعيمه و كشف نوايا التفويت فيه .



#محمد_المناعي (هاشتاغ)       Manai_Mohamed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملف المساواة في تونس بين أنصار الحرية وأنصار الشريعة
- تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة بتونس: بين التردد ومطب ...
- الاتحاد العام التونسي للشغل :الحاكم و المعارض والرقم الصعب ف ...
- الأزمة في تونس وفشل حكومة الوحدة الوطنية المزعومة
- من أجل حوار اجتماعي يتجاوز التفاوض حول الزيادة في الأجور
- ناهض الحتر وتمزيق صورة - الإله الخادم - من العقول البالية
- في الذكرى الستين لإصدار مجلة الأحوال الشخصية ،حقوق المرأة ال ...
- من أجل تنسيقية وطنية للقوى الديمقراطية و التقدمية .
- اليسار التونسي : المسارات المختلفة و الفرص الضائعة
- الفضاء الثقافي-مانديلا- زهرة تقدمية في رمال متحركة
- داعش : الامبريالية حين تستثمر في الجهل و الدين و الدم
- الاتحاد العام التونسي للشغل : حركة نقابية صنعت مجد شعب
- في اليوم العالمي للعمل اللائق : واقع من العمل المهين في المن ...
- حملة نقابية عربية مساندة للنساء الموريتانيات ضحايا الاتجار ب ...
- الحراك الشعبي وقود المسار الثوري التونسي
- أي خطاب ديني ممكن في مواجهة التطرف و الارهاب؟
- دورالنقابات في مناهضة الهيمنة الامبريالية


المزيد.....




- وزير النفط الايراني : لسنا قلقين بشأن الصادرات النفطية 
- تقرير: أنباء التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبن ...
- استمرار صادرات الغاز الإيراني للعراق وفقا لما هو مخطط له
- الهجمات الإلكترونية تكبد الشركات البريطانية 55 مليار دولار ف ...
- المملكة المتحدة تفرض عقوبات على شركتي تأمين روسيتين
- كيف تحولت إنفيديا من شركة متواضعة لرقائق الألعاب إلى الأعلى ...
- وزير الاقتصاد اللبناني لـ-الحرة-: نتانياهو لن يطلق أي رصاصة ...
- سعر الذهب اليوم الإثنين 25-11-2025
- المصريون يحولون مليارات الدولارات إلى بلادهم
- الوظائف الأعلى أجرا في روسيا


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمد المناعي - مؤسسات القطاع العام في تونس بين حمى التفويت وإمكانات التصدي