أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مظهر محمد صالح - الطبقة الرثة والإستبداد الشرقي في العراق/الجزء الرابع















المزيد.....


الطبقة الرثة والإستبداد الشرقي في العراق/الجزء الرابع


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 5986 - 2018 / 9 / 6 - 01:00
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


الطبقة الرثة والإستبداد الشرقي في العراق/الجزء الرابع

مظهر محمد صالح

الطبقة الرثة ودالة "جون راولز" في الرفاهية الإجتماعية
أُستُعملت دالة الرفاهية الإجتماعية كمقياس للمنفعة التي يحصل عليها أعضاء المجتمع الأقل حظاً. فالحرية التي جاء بها الليبراليون الكلاسيكيون في نطاق علم الاقتصاد والتي التزمت بفكرة النهوض المعنوي والإقتصادي للأفراد، لم تلقَ صداها عند أولئك الليبراليين الإصلاحيينReform liberalism الذين كان أولهم "الفريد مارشال" و"جون كينز" و"جون كالبرث" وآخرهم فيلسوف جامعة هارفرد "جون راولز" Rawls في كتابه "نظرية العدالة" 1972م، إذ يتناقض الليبراليون الاصلاحيون مع الليبراليين الكلاسيكين في حثهم للدولة كي تأخذ دورها في تحقيق الفرص في السوق لمصلحة الأفراد وخصوصاً الفقراء منهم.
فإذا كان "فريدريك هايك" من الليبرالين المحدثين قد عجز عن تقديم رؤية كافية عن الحرية الفردية، فإن "جون راولز" قد عُدّ من أبرز من قدم إطاراً فكرياً معاصراً تتوافق فيه الحرية الفردية مع المتطلبات الاجتماعية ومستلزماتها وذلك بالاعتماد على العقد الاجتماعي عند "جان جاك روسو" في الحرية المشتركة: إذ ليس لأحد الحق في فعل ما تمنعه منه حرية الآخر، وإن الحرية الحقيقية هي ليست أبداً مدمرة لنفسها، وإن الحرية بدون عدالة هي جوهر التناقض الحقيقي، وإنه لا يمكن أن تحد الحرية إلا باسم الحرية وإنها متوافقة مع السمة الأساسية للعدالة الاجتماعية التي سماها جون راولز بـالسلع "لاجتماعية" الأولية Primary Goods ، ويقصد بها: العدالة والحقوق والفرص والدخل والثروة.
إنها مقاربة في العدل الاجتماعي وبشكل خاص العدالة التوزيعية، إذ يرتَّب العدل في المجتمع الذي يختاره الأفراد دون التأثر بمصالحهم الشخصية الخالصة. وبهذا جاء العقد الإجتماعي كاستعارة لحالة اللامصلحة. فالأفراد يرقدون ابتداءً في مواقعهم الأصلية خلف حجاب أطلق عليه "جون راولز" حجاب الجهالةVeil of Ignorance وهو الحجاب الذي يوحد الأفراد ويمنعهم من معرفة موقعهم الإجتماعي الذي سيشغلونه طبقاً للجنس والعرق والقابليات وغيرها.
فالوصول إلى السلع الاجتماعية الأولية المذكورة آنفاً يتم عبر مدخل أطلق عليه راولز "مبدأ الإختلاف" Difference Principle، وهو قبول اللامساواة إلى المدى الذي يولد الحافز على العمل والانتاج، بمعنى أن مبدأ الاختلاف واللامساواة ينبغي أن يمكّن الأفراد الأقل رفاهية بأن يكونوا بمستوى رفاهية أعلى كلما كان ذلك ممكناً. فدالة الرفاهية الإجتماعية لجون راولزSocial Welfar ---function--- Rawlisian هي لبلوغ درجة الأفضلية نحو الأحسن، وللحصول على السلع الإجتماعية الأولية (العدالة والحقوق والفرص والدخل والثروة) لمن هم أقل حظاً في المجتمع، وهي كذلك البديل للمنفعةUtility التي عبّرت عنها دوال الرفاهية الاجتماعية للمدرسة النيوكلاسيكية في الاقتصاد.
وعند اعتماد مبدأ الاختلاف عند الموقع الأصلي Original Position الذي "يتموضع" فيه المجتمع خلف "حجاب الجهالة" المنوه عنه أعلاه، فإن مبدأ العدالة التوزيعية يتم من خلال ستراتيجية معتمدة في نظرية الألعاب تسمى ستراتيجية "تعظيم الأقل" MAXIMIN ، إذ يضمن مبدأ الإختلاف وعبر الستراتيجية المذكورة توفير أقصى حماية ممكنة للفرد ضد المخاطر، وهي بلوغ حالة تسمى "تجنب المخاطر" Risk Averse للقوى الفقيرة وتمكينها لبلوغ السلع الإجتماعية الأولية عن طريق تعظيم القليل منها (أي الاستزادة منها).في ضوء ماتقدم، فإن ولادة الطبقة الرثة ضمن عقد اجتماعي متعدد صراحة أو ضمناً كما هو الحال عليه في العراق بعد سنة 2003م، يجعل الموقع الاصلي للطبقة الرثة السائدة في الوضع الطبقي العام في العراق، يتموضع أمام حجاب الجهالة وليس خلفه كما يريده "راولز"؛ بمعنى تغييب الإنصاف وتجريده عن العدالة ولا سيما العدالة التوزيعية للسلع الاجتماعية الأولية المذكورة، فضلاً عن تحويل دالة الرفاهية الإجتماعية لراولز لتعمل بصورة معكوسة. فبدلاً من أن يكون الأفراد متجنبي المخاطر، سيكون الأفراد من الساعين للمخاطرRisk Seekers، أي إهدار حريات بعضهم البعض وإجراء انقلاب على مسار دالة الرفاهية الاجتماعية لـ"راولز" من حالة MAXIMIN أي تعظيم القليل من السلع الاجتماعية الأولية للفقراء إلى تقليل الأعظمMINIMAX ، أي بلوغ السلع الإجتماعية الأولية بانفراد البعض بالحقوق والفرص والدخل والثروات على حساب البعض الآخر ولاسيما في ظل تدهور معدلات الفقر وتزايد استقطاب الثروات والحقوق والفرص وتركزها بيد قلة قليلة.
فمقلوب دالة "راولز" في الرفاهية الاجتماعية يعني أن العدالة التوزيعية لاتعني الإنصاف Fairness، وبهذا يغدو الكل يريد أن يستحوذ على السلع الإجتماعية الأساسية لنفسه على حساب تحميل الطرف الآخر مخاطر تدهور العدالة التوزيعية وتجريده من بلوغ حالة تجنب المخاطر(أي ضياع مبدأ الإنصاف الذي يساوي العدالة). وهنا تُحّدُ الحرية باسم الحرية (أي وأد الحرية) وهو شعار لسلوك الطبقة الرثة.
فالطبقة الرثة التي تسود المجتمع اليوم بعقد إجتماعي هلامي متعدد قد أسقطت المقياس المستقل للعدالة وهو الإنصاف. لذلك ما يُعدّ عادلاً عند الطبقة الرثة هو خالٍ من أي حالة من حالات الإجراء المنصف للعدل. وهو سلوك تعتمده وتتصدى له الطبقة الرثة من خلال رغبتها في عدم تجنب المخاطر على مسار دالة الرفاهية الإجتماعية.
بعبارة أخرى، لم تستطع دالة الرفاهية الإجتماعية الرثة أن تجعل الفقراء يعظّمون قليل حصولهم من السلع الاجتماعية الاولية MAXIMIN في قواعد اللعبة الاقتصادية-الاجتماعية، لأن الحرية المتاحة أمست قامعة للحريات التي تتطلع إليها العدالة التوزيعية. فعندما لا يساوي العدل حالة الانصاف سيُغَيب العقد الاجتماعي الموحد للحريات (أي عقد الفيلسوف جان جاك روسو) في المساواة بين البشر.

الاستنتاج
برهنت الدراسات الأكاديمية والتطبيقية المعنية بتوزيع الدخول والثروات صدقية "دالة راولز" للرفاهية الإجتماعية ودور العدالة التوزيعية في مواجهة حالة اللامساواة في تعظيم معدلات النمو الاقتصادي. فالضرائب التصاعدية على دخول الاغنياء وثرواتهم (بعد تحقق الإنتاج) وإعادة توزيعها ضمن مفهوم "التعظيم الأقل" من السلع الاجتماعية الأولية للفئات الأقل نصيباً في المجتمع في الحصول على العدل والحقوق والفرص والدخل والثروة، سيؤدي لامحالة إلى تعاظم النمو الاقتصادي.
فقد لوحظ أن معامل جيني لتوزيع الدخل في أميركا اللاتينية حالياً ما يزال فوق 50%، وهذا يشابه وضع العراق الراهن من حيث تركز الدخول والثروات. وإذا ما قارنا حال المجموعة اللاتينية في توزيع الدخل بمجموعة البلدان الآسيوية ذات الأسواق الناشئة والتي يؤشر معامل جيني فيها 40% أو أقل في توزيع الدخل والذي هو أكثر عدالة بالمقارنة، نجد أن معدلات النمو الاقتصادي هي مرتفعة مرتين لدى المجموعة الآسيوية التي ينخفض فيها معامل جيني مقارنة بالمجموعة اللاتينية التي يرتفع فيها ذلك المعامل.
وتأسيساً على ماتقدم، فكلما تتعاظم العدالة التوزيعية صوب السلع الإجتماعية الأولية ضمن دالة "راولز" للرفاهية الإجتماعية من خلال تعظيم الأقلMAXIMIN لبلوغ السلع الإجتماعية الأولية المشار إليها آنفاً من خلال تجنب المخاطر للقوى الأقل نصيباً، فأن النمو الاقتصادي في الناتج المحلي الإجمالي لا بد من أن يتعاظم. وهذا يتطلب في بلادنا نشوء طبقة عاملة منتجة للدخل وملتحمة مع الطبقة الوسطى لتحل محل الطبقة الرثة (صنيعة الريع النفطي والتكالب لنهبه) وتحمل في الوقت نفسه شروط تطورها التاريخي عبر مجتمع ديمقراطي منتج وبعقد إجتماعي موحد ومولد للتنمية والازدهار الاقتصادي، ويمتلك المقدرة على التصدى لظاهرة التنامي الرث للطبقات، شريطة الاسترشاد بمذهب "راولز" في العدالة التوزيعية في الاقل!!.



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماس:كارتل الثروة والحرب
- الطبقة الرثة والإستبداد الشرقي في العراق/الجزء الثالث
- الرأسمالية المعولمة: حقيقة ام وهم؟/الجزء الثالث
- الطبقة الرثة والإستبداد الشرقي في العراق/الجزء الثاني
- الطبقة الرثة والإستبداد الشرقي في العراق/الجزء الاول
- الرأسمالية المعولمة: حقيقة ام وهم؟/الجزء الثاني
- الرأسمالية المعولمة: حقيقة ام وهم ؟/الجزء الاول
- حقوق التلوث:الخطط والأسواق
- الاقتصاد التركي و التدخل الحكومي في السياسة النقدية.
- يوم العازبين في الصين : سعادة أم كآبة؟
- لغز النمو الصيني..!
- الصين :ذراع من فولاذ
- ماعون الصين الأعزب
- الركود الطويل:متلازمة الاقتصاد الرباعية/الجزء الثالث
- الركود الطويل:متلازمة الاقتصاد الرباعية/الجزء الثاني
- الركود الطويل : متلازمة الاقتصاد الرباعية/الجزء الاول
- زوجتي بلا عمل
- الشباب وتطور حواضن العمل الرقمية
- المزرعة الرأسمالية
- حول النار:مقياس بوشمن


المزيد.....




- ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين في تركيا أكثر من 5%
- ترامب: سنفرض رسوما جمركية على أوروبا
- مساع حكومية لحماية العملة الوطنية في العراق وتعزيز أمنها الا ...
- هل تترجم مذكرات التفاهم العراقية المصرية إلى منافع اقتصادية؟ ...
- هل يجب إرغام الاقتصاد السويسري على احترام حدود الطبيعة؟ 
- رئيس مؤسسة النفط الليبية: نركز على تعزيز الإنتاج والشفافية
- الاقتصاد السوري بين متطلبات بناء الدولة وطموح المطالب الشعبي ...
- الهند تلغي الضرائب على واردات العديد من المكونات الإلكترونية ...
- ثلاث دول في الاتحاد الأوروبي تفشل لأول مرة في تحقيق أهداف مل ...
- ضمن حربه على التزوير.. العراق يعزز أمن عملته


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مظهر محمد صالح - الطبقة الرثة والإستبداد الشرقي في العراق/الجزء الرابع