أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سامي الاخرس - حياة المرتد الأفغاني بحياة أمة















المزيد.....

حياة المرتد الأفغاني بحياة أمة


سامي الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 1507 - 2006 / 4 / 1 - 01:58
المحور: حقوق الانسان
    


عبد الرحمن الأفغاني الأصل والجنسية ،ذو الأربعين ربيعاً مسلم عمل بالمنظمات الكاثوليكية الغربية التي تعمل بمجال تقديم الخدمات والمساعدات والمعونات لفقراء المسلمين بأفغانستان.
هذا الشاب الأفغاني حظي خلال الأسبوع الحالي بشهرة إعلامية تجاوزت حدود التلفزة والصحف ،وأصبح اسمه نغمة تلحن وتردد علي لسان وزراء ورؤساء الدول الغربية وعلي رأسهم بابا الفاتيكان الذي طالب المؤمنين أن يكونوا قريبين من عبدا لرحمن وأمثاله . كما ودعت كونداليزا رايس الحكومة الأفغانية بضرورة إنهاء هذه القضية ،وتدخلا ألمانيا وايطاليا وأسبانيا وعرض كلاً منها استضافة عبد الرحمن ومنحه اللجوء السياسي .
اعتقل عبد الرحمن بناء على شكوى تقدمت بها أسرته في شباط/فبراير الماضي بسبب ردته عن الدين الإسلامي واعتناقه للديانة المسيحية ،وهذا يخالف النصوص القانونية الأفغانية والعقيدة الإسلامية ،فقبض عليه وتمت محاكمته التي يواجه بها حكم الإعدام وفق القانون الأفغاني ، ومنذ سطوع نجم هذه القضية سارعت الدول الغربية وعلي رأسها الولايات المتحدة بالتدخل بقوة ،مدعومة بمؤسسات حقوق الإنسان التي توافدت علي سجن عبد الرحمن ، الذي أجري معه خلال أسبوع أكثر من عشر لقاءات صحفية غير التي لم توافق عليها الحكومة الأفغانية ، حتى تم الإفراج عنه بدون أي عقوبة أو حتى كفالة مكان إقامته .وهو بدورة عبر وبقوة وبكل حرية شخصية عن تمسكة بالديانة المسيحية وأسباب اعتناقة ورحب بالموت لأجل ذلك .
ترحيب عبد الرحمن بالموت ليس حبا وتضحية بمبادئة وإنما لإدراكة بخواتم الأمور وهي أنه لن يمس مطلقا ،وربما كانت محاكمته تأتي ضمن مسلسل اعتناقة للديانة المسيحية واستكمالا للدور الذي اعتنق من أجله هذه الديانة وارتداده عن الإسلام .
قضية عبد الرحمن ليست بالحدث الأهم والأبرز بجملة الأحداث المتلاحقة والمتسارعة التي تطل علينا بين الفينة والأخرى بالجديد والمثير ، وخاصة بظل الظروف التي تعيشها أمتنا العربية ،والإسلامية عامة ،والفلسطينية بشكل خاص ، وهي ربما تكون من القضايا التي لا تثير اهتمامات الكثيرين بها لعدم أهميتها بجملة الألأم والقضايا المصيرية الأخرى ، وما دفعني لطرق هذه القضية لنظرتي بأنها من ضمن أهم القضايا التي لابد من التفكير بها بعمق وتحليلها لما تحملة بين ثناياها من قضايا غاية الأهمية ،وهي انعكاس حقيقي للحالة المعاشة بواقعنا ،والتي يمكن لها تعرية العديد من الجوانب ،ومسح الغبار عن بعض العقول التي تغرق بهوامش الأمور ،وتصفق لما تردده وسائل الإعلام المأجور .
أولاً: قضية المرتد الأفغاني تحمل بطياتها أبعاداً وخفايا لا يمكن تجاهلها ، ومن أهمها حقيقة المؤسسات الغربية التي تعمل بواقعنا الإسلامي والعربي تحت مسميات خدماتية وحقوقية ، وهي بحقيقة الواقع مؤسسات تبشيرية ذات أهداف تبشيرية دينية بالأساس الموضوعي ،والجميع من أنظمة وشعوب تدرك هذه الحقيقة ، ورغم ذلك تشرع لها أبواب أوطاننا بل ويسمح لها بتسهيلات ويشرع لها القوانين ، بعكس المؤسسات الإسلامية والعربية الخيرية التي تغلق بوجهها بلدان الأمتين العربية والإسلامية ، خوفاً وخشيه من أنظمتنا العربية من عصا الغرب ،وخشية من مؤسسات حقوق الإنسان والتهم التي تصيبهم ،وما أكثرها من دكتاتورية ، إرهابية ، معادي للسامية ....الخ من التهم .
ثانياً: حياة المسلم وقيمته الإنسانية بنظر الغرب ،وبنظر أمتنا وقياداتنا وأنظمتنا وحكوماتنا العلمانية منها والدينية ، فمنذ زمن بعيد وأبناء العرب والمسلمين يلاحقون ويقتلون ويعذبون ، ويطاردون بكل مكان وزمان ،بأوطانهم وبالمهجر ليس إلا لكونهم مسلمين ،أو ممن يدافعون عن كرامة شعوبهم ، أو قضايا أمتهم ، فنزلاء سجون الصهيونية ،وسجون أبو غريب والعراق ، وباستيل الموت غوانتناموا ،وسجون الغرب المتحضر ،تمتلئ يوميا بآلاف المعتقلين من أبناء أمتنا ، ولم يجدوا مسلما يصرخ لماذا؟! أو منظمة إسلامية أو بما يسمي منظمات حقوق الإنسان هبت لتدافع عنهم ؟ وإن سألت فسأل تيسير علوني ،ومصور الجزيرة بأضعف الإيمان.
وكل ما نفعله مظاهرة هنا وهناك لمدة ساعة ، أو مقاطعة للبضائع " رغم أنها تدخل لنا بأسماء مختلفة ومتعددة ونعلم ،ولكننا نقاطع لأجل المقاطعة ،واستعراض العضلات التي نخرها السوس "
وذرف الدموع لبضعة دقائق كلما شاهدنا منظرا مروع أو يحوز علي عواطفنا الإنسانية ،ومن ثم تغيب الذاكرة وتعود الحياة بإشراقه لما كانت عليه.
ثالثا: ما الذي دفع هذا المرتد لاعتناق المسيحية ، كلنا يدرك ويثق بأنه ليس حبا بالارتداد عن دينة ودين آبائه ، وإنما هروبا من الفقر والجوع ،والموت ،والبطالة ،وحاله كحال آلاف بل ملايين شبابنا العرب والمسلمين الذين يتركون فريسة للتسكع علي قارعة الطريق ،بلا أمل ،بلا مستقبل ، بلا رعاية ، من أي جهة حكومية أو أهلية ،تفترسهم عضة الفقر والجوع ،حالات الاكتئاب النفسي ،فأين الفرار؟
منهم من يقاوم ويقاوم ، ومنهم من يقع فريسة التطرف ،أو الانزلاق بأوكار الفساد الأخلاقي والديني ،أو بأيدي رجال الاستخبارات الغربية ، أو يحذو حذو عبد الرحمن .
في الوقت الذي يري ويسمع ويشاهد ويتلمس هذا الشاب حقيقة مناقضة ،للوجه الآخر الذي يغرق بالملذات والخيرات من ذوي الشأن والجاه والسلطة ، ويتمتعون بخيرات بلده وهي تبعثر هدايا للمعجبين والمعجبات ، فعاهرة تكرم بأحدي السيارات أو الفلل أو المنتجعات لأنها تمتلك وسائل ترفيه جسدي ونفسي ، ولكم بالمجندة الأمريكية التي حررت من أيدي مقاتلين العراق قدوة ومثال.
رابعً: عندما تنتهك الأعراض ، وتدمر الخيرات ،وتهدر كرامة الإنسان ، وتحرق حضارة أمة ، وتقتل النفس البشرية ،بأيدي أبناء الوطن الذين أنتعلهم الغرب كأحذية ومداسات بدواعي الحرية والخلاص ، ويمارسوا أبشع وأفظع الجرائم ضد أبناء جلدتهم ، في الوقت الذي يحوز به بالانتخابات على أعلي الأصوات ،ويكرم علي جرائمة وخيانته وآثامه بحق أمته وشعبة .
فهذا يأكد احتلال العقول والفكر لشعوبنا ،والهيمنة علي نبضات تفكيرها وقلوبها ، وتغيبها عن وعيها ،ولكم بما يحدث بالعراق مثال ،فمن المسئول عن ذلك؟ أنها الشعوب التي استسلمت لهيمنة الفكر الغربي وأبواقه الناطقة بلغة القرآن ،هذه الأبواق المأجورة ،مدفوعة الثمن ، التي نسلم لها جدلا بكل ما تقول ،وهي تدس لنا السم بالعسل ، دون إجهاد أنفسنا والبحث عن الحقيقة بين سطور التاريخ ،وتحرير أنفسنا من الاستعمار الفكري أولاً.
خامساً: لاجئين العراق أبناء الشعب الفلسطيني الهاربون من جحيم المرتزقة الإيرانية ،وخفافيش ميلشيا الحكيم ،والتكفيرين الصفويين ، هؤلاء الذين يفترشون الأرض ، ويلتحفون السماء منذ أيام علي الحدود الأردنية – العراقية ، وترفض حكومة الأردن أن يعبروا لأرضها ،ويخشون العودة لآلات الموت المتصهينة التي تنتظرهم بشوارع بغداد .
فقمة الخرطوم التي انتهت أعمالها اليوم بحضور زعماء الأمة وقيادتها ، لم تتطرق من قريب أو بعيد بكلمة ببيانها الختامي بحق هؤلاء ،وحق شعوب تقتل علي مدار الساعة ، كما لم نسمع صوت زعيم فلسطيني أو قائد فلسطيني ممن يتهافتون علي تقديم الاعتذاران ، وتقديم المبررات للعديد من الدول والزعماء الملطخة أيديهم بدماء أبناء العرب والمسلمين . فمن أحق الاعتذار وحضور القمة العربية وتشكيل الحكومة وعقد المجلس التشريعي ،أم نجدة شعب من موت علي حدود الأردن ؟!!!
إذن من هو المرتد عبد الرحمن الأفغاني؟ أم نحن؟!!!
هيهات أن ندرك معني الارتداد في هذا الزمن الذي سيطر به الشعار علي المبدأ ،والمصلحة الشخصية علي المعتقد ، وأضحت به شعوبنا عبدة أفكار وشعارات وقيادات كرتونية ،تساوم علي كرامتها بخضوعها وسكوتها وخنوعها لمن يساومون عليها بسوق النخاسة ، ويتاجرون بأعراضها وآلامها ، لإدراكهم بأنه عقابهم الحصول على أعلي الأصوات بصناديق الاقتراع .والهتاف لهم في الميادين العامة "عاش الملك ... مات الملك "
فمن المرتد إذن ؟!!!!



#سامي_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم الأرض .... يوم الوفاء
- شتان بين أم تنتظر هدية العيد ... وأم تذرف دمع فراق عزيز
- المرأة وعولمة الجسد
- من ينصف حمدي قرعان
- من الطرف الرابع بعملية اعتقال المناضل أحمد سعدات ؟
- غلاء الأسعار وثورة الجياع
- إبحار في ذاكرة عربي
- المرأة والحب والجنس
- ماذا حدث في الجلسة الأولي للمجلس التشريعي الفلسطيني؟
- انا الشهيد........
- قمر الشهداء أبو علي مصطفي ذاكرة وتاريخ
- من مذابح لبنان إلي مذابح العراق ... ضريبة دماء فلسطينية بأيد ...
- هل يطحن العراق بطاحونة الطائفية ؟
- فلتان أمني أم فلتان أخلاقي
- بخيت والديمقراطية الفلسطينية
- تحرر المرأة من الشعار إلي الواقع
- ومن هم غير الفاسدين
- الجبهه الشعبية لتحرير فلسطين هل اكتمل الانهيار؟


المزيد.....




- وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وجالانت لأ ...
- كندا تؤكد التزامها بقرار الجنائية الدولية بخصوص اعتقال نتنيا ...
- بايدن يصدر بيانا بشأن مذكرات اعتقال نتانياهو وغالانت
- تغطية ميدانية: قوات الاحتلال تواصل قصف المنازل وارتكاب جرائم ...
- الأمم المتحدة تحذر: توقف شبه كامل لتوصيل الغذاء في غزة
- أوامر اعتقال من الجنائية الدولية بحق نتانياهو
- معتقلا ببذلة السجن البرتقالية: كيف صور مستخدمون نتنياهو معد ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية ...
- البنتاجون: نرفض مذكرتي المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتني ...
- الأونروا: 91% من سكان غزة يواجهون احتماليات عالية من مستويات ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سامي الاخرس - حياة المرتد الأفغاني بحياة أمة