أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالرزاق دحنون - دفاتر شيوعية














المزيد.....

دفاتر شيوعية


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 5984 - 2018 / 9 / 4 - 00:05
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


(أنت إن قلت مت, وإن سكت مت, قلها ومت)
مُعين بسيسو
لم أصدق عيني وهي تسافر مع سطور كتاب الشيوعي الفلسطيني ابن غزة هاشم الشاعر مُعين بسيسو, وتنتقل بين فقراته النابضة بالحياة والمواقف الحارة المتفجرة, و لم أتصور انني أقرأ سيرة حياة كتبها في السجن الحربي في أرض الكنانة, لقد أخذتني كلماته في سطورها إلى مواضع من الخدر الجميل, وصعدت بي إلى مرتفعات وجد عالية, وأطربتني طرباً يقطر حزناً, بما فيها من غزارة مشاهد حياة سجين مروعة. ولم أكد أنتهي من كتاب "دفاتر فلسطينية" وما كنت أريد له أن ينتهي, حتى أحسست أن شيئاً انضاف إلى مخزوني المعرفي, فسكت, لأنه لا يليق أن يصدر صوتاً في مكان يتدفق منه السكر برقة إلى كفة ميزان.
ماذا أصابكَ يا مُعين؟
هل كنت تدري كم نحبك؟
من أين أتتك تلك الأطنان من الفولاذ في جلدك وأعصابك و لحمك وعظمك؟ ويقول جلادك, وهو لا يدري ما أصابك:
اكتب فقط أنك لست شيوعياً. إنهم يعطونك الآن أقلاماً, أولئك الذين كسروا أصابعك في غرفة التحقيق. يا كاتب التاريخ ماذا أكتب؟ يعطونك الآن أوراقاً, أولئك الذين جردوك من ثيابك. كانوا يريدون منك أن تكتب, فتتذكر عيني أمك, بحر غزة الذي تعلمت فيه السباحة وأنت في السابعة من عمرك. ها هم من جديد, إذا كنت لا تريد أن تكتب, قل فقط بأنك لست شيوعياً وسوف تخرج. ويهتف صوت أحمد سعيد: أيها الكذابون لا يوجد معتقل فلسطيني واحد في أرض الكنانة. كانوا يستمعون جميعاً في الزنزانة إلى صوت أحمد سعيد من صوت العرب في قاهرة المُعز لدين الله, فقد هرَّبوا راديو ترانزستور صغير. خليل عويضة المشرف العام على التعليم في مدارس قطاع غزة والمعتقل في زنازين السجن الحربي الدموية, صاح وهو يُصغي إلى صوت أحمد سعيد من صوت العرب: إنه يكذب, نعم يكذب, ها نحن في زنازين السجن الحربي. في تلك الأيام-وفي هذه الأيام أيضاً- كانت أصوات الإذاعة تكذب, وكانت الجرائد الرسمية تكذب, ومطابع الكتب تكذب, والقصر الجمهوري يكذب وحتى الهواء كان يكذب أيضاً. حمزة البسيوني قائد السجن الحربي, ذلك الوحش البشري, يرخي سدول ليله عليك, يدق صوته كالمسامير في كفيك كي يصلبك, ويصيح: قل أنك لست شيوعياً وستخرج. الزنزانة تمتلئ بالوجوه, إنك لست وحدك, إنهم يريدون أن يكسروا صوتك لكي يكسروا عظمك. ويخرج حمزة البسيوني تتبعه الكلبة غولدا, لقد أطلقوا عليها اسماً اسرائيليا, أما أنيابها فقد كانت أنياباً عربية أصيلة مسنونة من المحيط إلى الخليج.
ماذا أصابكَ يا مُعين؟
هل كنت تدري كم نُحبك؟
وأنتَ في السابعة أراد عمك أحمد أن يُعلمك السباحة في بحر غزة, فماذا فعل؟ كان يملك زورقاً على قدِّ الحال وضعك فيه وراح يجدف, فراح الزورق يخفق بين أمواج البحر الأبيض المتوسط. ثُمَّ على حين غرة, أمسك بك, وألقاك في اليمِّ. شربت من ماء البحر حتى ارتويت, وعاركتَ الأمواج و قاتلتَ بذراعيك, وحينما أوشكت على الغرق, أعادك عمك إلى الزورق, كي يُلقي بك ثانية إلى الماء. وهكذا تعلمتَ السباحة وكان عمك من حيث لا يدري يُعلمك الشعر أيضاً. أول من نشر لك قصيدة كان شاعراً ورفيقاً من أرض الكنانة اسمه عبدالرحمن الخميسي. وأول من دافع عن ديوان شعرك الأول كان صحفياً شاعراً من أرض الكنانة أيضاً, اسمه كامل الشناوي, وهو أول من قدَّمكَ إلى توفيق الحكيم في مبنى جريدة الأهرام القديم. أخرج كامل الشناوي ديوان المعركة من درج مكتبه وقدمه لتوفيق الحكيم, وقال اسمع: أنا ان سقطتُ فخذ مكاني يا رفيقي في الكفاح. كانت القصيدة عن عباس الأعسر أول شهيد لحركة أنصار السلام المصرية في قناة السويس عام 1951 . صدر ديوان المعركة عن دار الفن الحديث في قاهرة المعز لدين الله, رسم لوحاته مجموعة من الرسامين: حسن التلمساني, حامد ندا, فريد كامل, صلاح جاهين. وبعد أن قرأ توفيق الحكيم الديوان طلب توقيعك عليه. وكُنتَ طالباً في الجامعة الأمريكية في القاهرة حين ظهر الديوان. وكتبت عنه بنت الشاطئ مقالة في جريدة الأهرام. في تلك الأيام يدخل صدقي باشا مبنى البرلمان وفي يده ديوان شعر للشاعر المصري كمال عبد الحليم وهو يصرخ: الشيوعيون في شوارع القاهرة. في ذلك الوقت كانت القصائد في شوارع القاهرة وأصحابها في السجون .
تحية لك يا مُعين
فأنت تدري كم نحبك.



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شفان...في أجمل أغنية عن الزوجة في العالم
- الصورة التي كادت تتسبب في طردي من الحزب الشيوعي
- الصَّحفيَّة دي...شيوعيَّة
- ريجيس دوبريه...خمسون عاماً على كتاب -ثورة في الثورة-
- لينين و الانتفاضة
- الشيوعيون...أصحاب اللّحف المُقَطَّعة
- ساعتان مع الشيوعي النبيل نبيه رشيدات
- بنطال كارل ماركس
- الماركسية-اللينينية في أربعة صناديق من الكرتون
- الأسطورة في وعي كارل ماركس
- كارل ماركس مفكراً
- كارل ماركس ما زال حيَّاً
- الوقوع في حُبِّ كارل ماركس
- مشاعيَّة كارل ماركس


المزيد.....




- أهالي بلدات وقرى جنوب لبنان يسارعون للعودة إلى مساكنهم رغم ا ...
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- كلمة عمال وعاملات شركة سيكوم/سيكوميك بمناسبة اليوم العالمي ل ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال ...دفاعا عن الجدل (الجزء الث ...
- صفارات الانذار تدوي في شمال فلسطين المحتلة وشمال تل أبيب وفي ...
- م.م.ن.ص // تأييد الحكم الابتدائي في حق المعتقلة السياسية سم ...
- تصاعد المواجهات بين الشرطة الباكستانية وأنصار عمران خان، ومق ...
- أكبر جامع في ألبانيا والبلقان.. شاهد: -نمازجاه- في تيرانا ما ...
- باكستان: مقتل أربعة من قوات الأمن بصدامات مع متظاهرين مؤيدين ...
- المستشار الألماني شولتز يقود الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ا ...


المزيد.....

- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ... / أزيكي عمر
- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالرزاق دحنون - دفاتر شيوعية