سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي
(Saoud Salem)
الحوار المتمدن-العدد: 5984 - 2018 / 9 / 4 - 00:04
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
هذه الخاطرة ليست ضد الشعر أو الشعراء، وإنما ضد الذين يعتقدون بأنه بالإمكان تغييرالعالم بواسطة الكلمات وحدها
إذا كان الكلام له دلالة، فلا شك أن للكتابة دلالة، فالكتابة جزء من كوكب اللغة، واللغة هي عالم الدلالة. ولكن الشعر لا ينتمي للغة، لأنه يرفض الدلالة، ولايسمع، ولا يهتم سوى برنين الحروف، وصدى الأصوات وتردد الكلمات، وظلال الأشياء، وبريق الظلال، وسحر الإيحاء. والكل للشعر ضحية.
فالشاعر هو الإنسان الذي يرفض إستعمال اللغة، بمعنى اللغة في وظيفتها المتعلقة بالتواصل ونقل الدلالة من إنسان إلى آخر، بل يستعمل اللغة كمساحة جغرافية للخلق وإبداع المستحيل، كأرض أو كإقليم تدور فيه معركة الحياة. إنه يسكن اللغة ويتنفس اللغة ولا يستطيع أن ينفصل عن الكلمات. إنه كله لغة، جسدا وعقلا، لحما ودما وفكرا وخيالا. وكل تفاصيل حياته تصبح مادة لغوية، أدنى حادثة مرت به منذ بداية الحياة تتخذ أهمية في السرد العام للأسطورة التي يشيدها طابقا بعد طابق، وفصلا بعد فصل. فالشاعر هو من يخلق حياته وتفاصيلها بالكلمات، ويشيد قصورا من المعاني والعلاقات، بواسطة اللغة، حيث الكلمات هي أحجار البناء، وحيث الخيال هو الخارطة الوحيدة المفتوحة أمامه على طاولة عمله.
فمن يريد أن يستيقظ، ويرى الشمس وبريق النهار وصفاء الفكرة وضوء العقل، ويرى العالم يتحرك ويحيا حقيقة من خلال العالم ومن خلال تجربة من يعيش ويعي هذا العالم، من يريد رؤية الأشياء كما هي، وليس كنص أو كسرد لغوي أو فني، عليه أن ينظر إلى روعة العالم المضاء بالقمر ولا ينظر للقمر.
وألا ينسى بأن السبابة التي تشير إلى القمر هي أكثر جمالا من القمر.
#سعود_سالم (هاشتاغ)
Saoud_Salem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟