أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - شموخ هو أن تسير في شوارع روما العتيقة














المزيد.....

شموخ هو أن تسير في شوارع روما العتيقة


دينا سليم حنحن

الحوار المتمدن-العدد: 5981 - 2018 / 9 / 1 - 19:38
المحور: الادب والفن
    


ذاكرة مكان
شموخ هو أن تسير في شوارع روما العتيقة
طــريق "أبيــا"

دينا سليم حنحن

لقد طغت المقولة الشهيرة على عقلي "جميع الطرق تؤدي إلى روما" بحيث دعتني أبحث عن المقصود بها من ناحية عملية، لذلك أول شيء فعلته عندما زرت إيطاليا مؤخرا هو البحث عن الطريق الرئيسي الذي تفرعت منه جميع الطرق حتى أسير فيه، لكن الصدمة كانت كبيرة وذلك عندما بدأت ألغي رغبة البحث عن الهدف لطول الطريق، فأبدا لن أستطيع احتواء الطريق كله مشيا على الأقدام!
لقد علقت ببداية الطريق الذي أطلق عليه أبيان، Via Appia والذي بدأ تشييده سنة 312 ق.م وامتد على طول 212 كم مبتدءا من مركز روما، متجها نحو الجنوب في جزيرة إيطاليا، ثم زيد في طوله ليصل 377 كم وهو ما يزال يستخدم حتى اليوم، ويعد من أكثر الطرق المهمة استراتيجيا وسياحيا، ويمتد على حدود قبور مشاهير الرومان.
ما المقصود بالقبور؟
سابقا، تم دفن العاملين والسّكان المحليين الذي سكنوا في تلك المنطقة، حيث امتلأت المنطقة بالمستنقعات والأمراض مما أدى بالعمال الوفاة، فدفنوا على جوانب الطريق ولم تقم لهم مقابر، وبظهور المسيحية حظر دفن الأموات المسيحيين داخل روما، بما أنهم نعتوا بالكفر في حينه، لذلك تم الدفن خارج المدينة وفي أماكن أخرى ليست استراتيجية.
أطلق على الطريق أبيس كلوديوس سايكس، تيمما بلقب رجل سياسي، وهو المدير التنفيذي للعمل التاريخي الذي استمر لسنوات، أصيب الرجل وهو في أوج عمله بالعمى، لكنه لم يتخل عن عمله وصار يقتفي تمسيد الطريق بقدمية، يتفحص وينقب عن الأخطاء حتى أصبحت قدماه العصا البيضاء التي تقوده نحو النجاح، حيث تحقق وتأكد من خطوات الإنجاز والتنفيذ الصحيح، وقام بتقييم العمل ووضع ميزانية له بقدمين منفوختين تعرضتا للبتر فيما بعد، لقد أنجز المشروع التاريخي بلمسات رجل ضرير ومقعد.
أنزلتني الحافلة ومضت مسرعة وإذ بي على بداية الطريق، سرت كثيرا تحت قبة الشمس الحارقة، استوقفتني أحيانا استراحات وأماكن أثرية كثيرة، وكذلك راكبو دراجات والذين نصحوني بأن أستقل دراجة لأن الطريق طويل لاختصار المسافات.
أمضيت ساعتين في المشي وعندما أحسست بالإنهاك عرجت إلى مقهى جميل لأستريح قليلا وإذ برجل مسن، صاحب المقهى، يستقبلني مبتسما ويرحب بي كثيرا، ومن جملة واحدة منه عرفت أنني أخطأت عندما قررت تكملة المسير سيرا على الأقدام، قال لي " سوف تشربين عنا الليمونادة، أجهزها لك بعد نصف ساعة"، "لكني بعجلة من أمري، أشكرك جدا" أجبته ومضيت.
مضيت في طريقي، يقودني عنادي، وكلما خطوت ابتعدت الطريق عني، الشارع مرصوص بالحجارة الثقيلة الملساء، وكلما نظرت إلى الأمام تشجعت لأن أمضي فيه أكثر، لكن الطريق لا تنتهي، حينها قررت العودة، عدت وأنا أفكر فقط بمشروب يروي جفاف حلقي، وإذ بالرجل المسن، مالك المطعم الجميل الذي زرع بين أشجار الزيتون والحمضيات، يقف في فتحة المطعم ينتظرني مبتسما، وعندما اقتربت منه قال " لقد أعددت لك كأس الليمونادة كما وعدتك، فلن أرضى أن تغادري هذا المكان دون التحدث معك، فأنت المرأة الوحيدة التي تمر من هنا ولم تهتم بزينتها أو التقاط الصور لنفسها، بل انهمكتِ بالبحث وقراءة المعالم التاريخية، وأنا أقدر الموضوعية في الأمر والجدية التي أنتِ فيها". شربت الليمونادة، أهداني حبة برتقال وقال " قطفت لك هذه الحبة من شجرة زرعتها بنفسي قبل عشرين سنة، حينها كنت متيما بزوجتي التي رحلت وتركتني وابنتي حتى ندير هذا المطعم وحدنا".
كان من الضروري تشييد الشوارع إلى خارج روما حتى يتسنى للعربات الحربية المرور بسرعة ولكي تكون مهيأة لصد الأعداء الكثيرين الذين طمعوا بإيطاليا، من خلال هذه الطرق توسعت الأمبراطورية الرومانية، ومن الخط الأول الذي تم تشييده هو طريق أبيان تفرعت جميع الطرق ومن هنا أتت المقولة (كل الطرق تؤدي إلى روما).
عدت إلى أستراليا وأنا أحمل حبة سعادة داخل قلبي، بحجم حبة البرتقال التي أهداني إياها العجوز، وكلما قمت بتقشير الحمضيات أتذكر التجربة الجميلة التي أمضيتها في تلك الرحلة، وأتذكر أيضا عندما توقفت خلف سور عال أحاول الاستطلاع عما يوجد خلفه وإذ برجل مسن آخر يفتح الباب قائلا لي " رأيتكِ في الكاميرا وأدعوكي لزيارتي ".
اعتذرت له وأخذت طريق العودة إلى الفندق ومنه إلى المطار تاركة روما لأهلها الجميلين.



#دينا_سليم_حنحن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا بدائل للحزن
- شعوب تحت القمع
- مجرد خاطرة - دبابيس
- النبي يونان - يونس - يتظلل بشجرة في مدينة يافا
- مشهد اليوم في المتحف الأسترالي
- ذكريات لا تنسى من يافا
- مسرح شكسبير
- وأصبح النهار مراكب ذكريات
- الكذب
- بين أروقة التاريخ
- الحب المقدس أم الجنس المقدس
- قصة واقعية من قصص النكبة أبطالها من مدينة اللد
- سارقة الورد
- عن رواية -الحلم المزدوج- لدينا سليم: سيرة عن هجر الوطن وأوجا ...
- فيرونا
- لقاء بلا دموع
- قرين الحياة والموت
- رماد الحياة
- مشاهدات هذا اليوم
- مجرد رأي


المزيد.....




- نخبة من نجوم الدراما العربية في عمل درامي ضخم في المغرب (فيد ...
- هذه العدسات اللاصقة الذكية تمنحك -قدرات خارقة- أشبه بأفلام ا ...
- من بينها -يد إلهية-.. لماذا حذفت نتفليكس الأفلام الفلسطينية؟ ...
- تونس تحيي الذكرى المئوية لانتهاء مهمة السرب البحري الروسي
- مصر.. نجمات -جريئات- يثرن جدلا في مهرجان الجونة السينمائية ( ...
- منصة ايكس تعلق حساب قائد الثورة الاسلامية باللغة العبرية
- -مصور العراة- يجرد الآلاف من المتطوعين من ملابسهم لالتقاط صو ...
- إسرائيل لم تضرب المنشآت النووية والنفطية الإيرانية فهل هي مس ...
- طوفان الأقصى يشعل حرب السايبر
- من مدرسة قرآنية إلى مركز فن حديث.. تجديد إبداعي لمعلم تاريخي ...


المزيد.....

- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - شموخ هو أن تسير في شوارع روما العتيقة