|
مرة اخرى عن أولوية المصالحة على التهدئة
محسن ابو رمضان
الحوار المتمدن-العدد: 5979 - 2018 / 8 / 30 - 14:34
المحور:
القضية الفلسطينية
تتزايد بهذه الاثناء بصورة مكثفة مفردات المصالحة والتهدئة والحرب ،وتتعدد الاجتهادات تجاه هذه المفردات، فهناك من يعتبر ان التهدئة وانهاء الحصار وتخفيف الاعباء والمعاناة وتحسين الاوضاع المعيشية للمواطنين في قطاع غزة تشكل الأولوية بالتحركات السياسية والدبلوماسية خاصة عبر اخفاق جوالات المصالحة وبعد تزايد حدة المعاناة بسبب الحصار الطويل والشديد ، وبعد مسيرات العودة وكسر الحصار التي أدت إلى إعادة اظهار القضية من جديد بالمشهد الدولي وتسليط الضوء على معاناة شعبنا بالقطاع خاصة بعد مئات الشهداء وآلاف الجرحى ، بالاستناد إلى الطابع الشعبي والسلمي لهذه المسيرات . وإذا كان هناك اقرار من معظم المكونات السياسية والاجتماعية بأهمية التهدئة وانهاء الحصار إلا ان هناك من يعتقد ان الأولوية يجب ان تبدأ بالمصالحة وانهاء الانقسام لأن تحقيق التهدئة بدونها ربما سيؤدي إلى تحويل الانقسام إلى انفصال وتنفيذ مشروع السلام الاقتصادي وتقديم التسهيلات المعيشية والانسانية على حساب الحقوق السياسية الأمر الذي سيتوافق مع التصورات الأمريكية والاسرائيلية لحل المشكلة الفلسطينية والتي تتركز على تحويل قطاع غزة إلى مركز للكيانية الفلسطينية التي ستكون أقل من دولة وأكثر من حكم ذاتي على ان تدار التجمعات السكانية بالضفة على مساحة لا تتجاوز 38%منها عبر إدارات محلية ربما تلحق بالقطاع أو بالأردن أو ان يتم تفكيك السلطة المركزية وتعزيز الإدارات المحلية والجهوية بالضفة بهدف تعزيز التجزئة والتفتيت . معروف ان اسرائيل لا تعترف بحق تقرير المصير لشعبنا ولعل التعبير الواضح عن ذلك تم مؤخراً من خلال اقرار قانون اساسي القومية وترفض منح شعبنا الحد الأدنى من حقوقه الثابتة والمشروعة وبأن صفقة ترامب جاءت لتتبنى بالكامل التصورات الاسرائيلية عبر اخراج كل من القدس واللاجئين والاستيطان من دائرة البحث وتعزيز التصور الاقتصادي المعيشي على حساب التصور السياسي والحقوقي ، وعليه فإن اسرائيل تلوح بإمكانية شن عدوان على القطاع حتى يتم الاستجابة إلى شروطها أو تخفيض سقف المطالب الفلسطينية ضمن معادلة هدوء مقابل هدوء على ان يتم دمج ملف الأسرى بالتهدئة التي ربما تتحول إلى هدنة لاحقاً . ولكن الثابت ان اسرائيل تفضل استمرار الحلول الانسانية والاقتصادية على الحلول الوطنية والسياسية وهي تريد استثمار الانقسام ليتحول إلى انفصال من اجل تقويض وحدة الارض والوطن والهوية وافشال مشروع الدولة المستقلة ذات السيادة . ربما ساهمت الاجراءات المفروضة من قبل السلطة على قطاع غزة بفتح فجوة كبيرة في جدار القطاع تم من خلالها رفع الاولوية الحياتية والانسانية على حساب أولوية الصالحة أو الحقوق السياسية ، الأمر الذي يتطلب اعادة النظر بإدارة ملف المصالحة ليس من خلال بوابة الاجراءات بل من خلال بوابة الشراكة واعادة بناء مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني وفق اتفاقات 2011 ، 2017، ومن خلال تفعيل لجنة تفعيل المنظمة أو الاطار القيادي المؤقت أو اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني وتشكيل حكومة وحدة وطنية والتحضير للانتخابات العامة . كما أن الانشداد الكبير من قبل حركة حماس لملف التهدئة دفع العديد من المراقبين إلى بلورة تصور مفاده أنها تقدم أولوية التهدئة على طريق الهدنة وكسر الحصار على أولوية المصالحة خاصة إذا ادركنا أن المقرر الرئيسي في ملف التهدئة فلسطينياً هي حركة حماس التي كانت تطلع باقي القوى والفاعليات بحيثياتها لاحقاً بما يشير بالرغبة بتنفيذها حيث سيساهم ذلك بتعزيز سلطتها بالقطاع . إننا بحاجة إلى الاطار القيادي المؤقت بوصفه قيادة وطنية موحدة في اطار م.ت.ف لتعزيز الإدارة الجماعية والشراكة السياسية وحتى يتم اتخاذ قرارات الحرب والسلم بما في ذلك التهدئة من خلاله ومن اجل صيانة وحدة التمثيل السياسي المجسد بالمنظمة بوصفه أحد المنجزات الهامة لكفاح شعبنا . إننا في لحظة مفصلية وخطرة تتطلب تجاوز الأجندات الذاتية والفئوية حيث ان صفقة ترامب تستهدف تصفية القضية الوطنية والجميع بلا استثناء في دائرة الاستهداف علماً بأن أجواء الانقسام وزيادة حدة المشاحنات الاعلامية دفعت كل من حركتي حماس وفتح لاتهام بعضهما البعض بتنفيذ صفقة ترامب رغم أن الحركتين وكل مكونات شعبنا ترفضها بصورة كاملة لأنها تتنكر للحد الأدنى من حقوقنا . لم يكن الاهتمام الامريكي والدولي بأوضاع القطاع المأساوية صدفة بل جاء في سياق التوجه الرامي إلى تنفيذ المشروع الاقتصادي ، الامر الذي يفسر سلسلة المؤتمرات والتحركات والاجتماعات التي نفذها مبعوثي الادارة الامريكية كوشنير وغرينبلات والتي بدأت بجلسة العصف الفكري في واشنطن تجاه قطاع غزة في بداية العام الحالي وباجتماعات بروكسل ثم بالجولات المكوكية لمبعوث الامم المتحدة لعملية السلام ميلادينوف . لا يستطيع أحد ان يصدق دموع التماسيح التي تذرف على القطاع وخاصة إذا ادركنا ان امريكيا والرباعية هم الذين فرضوا الحصار على القطاع عقاباً له على خياره الديمقراطي والآن يركزوا على ضرورة التدخل لإنقاذ الحالة الكارثية بالقطاع ليس بسبب صحوة ضمير ولكن لأهداف سياسية بالتأكيد . إن الذي يعمل على تصفية القضية من خلال نقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعتبارها عاصمة لدولة الاحتلال، وتقليص ثم وقف المساهمات الامريكية للأونروا وعدم اعتبار الاستيطان عقبة امام العملية السياسية، ووقف دفع مبلغ 200 مليون دولار من الولايات المتحدة كان من المقرر تنفيذها بالأراضي المحتلة ، والذي قام بفرض الحصار على القطاع لا يمكن ان يكون حريصاً عليه بأي حال من الاحوال ، بل يريد استغلال معاناة ابنائه لتمرير مخطط سياسي خطير. من حق قطاع غزة ، ان ينهي الحصار الذي يشكل عقاباً جماعياً لحوالي 2 مليون انسان وتجاوز الظروف الانسانية الصعبة ، ولكن وحتى يتم فرملة الاندفاعة باتجاه فصل القطاع عن الضفة لا بد من التركيز على المصالحة عبر استخدام ادوات الضغط الشعبي ووفق خارطة طريق اصبحت تشكل اجماعاً بالراي العام الفلسطيني والتي تتكون من ضرورة رفع الاجراءات المفروضة على القطاع فوراً وتشكيل حكومة وحدة وطنية والتحضير للانتخابات وكذلك تفعيل عمل اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني من اجل تحقيق مجلس تشارك به كافة القوى والفاعليات الوطنية والاجتماعية تعزيزاً لأسس الشراكة . آن الأوان لتفعيل الجهد الشعبي الضاغط والرامي إلى انهاء الانقسام وتحقيق المصالحة بوصفها الحلقة المركزية بالعمل السياسي والوطني الفلسطيني والتي من خلالها فقط يمكن افشال صفقة ترامب والحلول الاقتصادية واعادة الصدارة لأولوية الحقوق الوطنية في مواجهة احتلال عسكري استيطاني وكولونيالي وعنصري .
#محسن_ابو_رمضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التمويل والسياسة
-
قطاع غزة أولوية المصالحة على الهدنة
-
إغلاق معبر كرم ابو سالم الاقتصاد في خدمة السياسة
-
سياسات الرئيس ترامب بين التهديدات والفرص
-
الشباب في قطاع غزة واقع وتحديات
-
حتى لا تنحرف البوصلة
-
قطاع غزة يعيد تصويب بوصلة الصراع
-
الابعاد السياسية والقانونية لدورة المجلس الوطني رقم 23
-
المطلوب ما بعد قرارات المجلس الوطني
-
المجلس الوطني واهمية تحديث وتطوير منظمة التحرير
-
دورة المجلس الوطني والخيار الثالث
-
المصالحة الفلسطينية - مقاربة ديمقراطية
-
انتفاضة يوم الارض والعودة والثمار السياسية المطلوبة
-
حول مشاريع انقاذ غزة
-
الخطاب الفلسطيني بين الاقوال والافعال
-
في ذكرى تأسيس حزب الشعب الفلسطيني المراجعة النقدية المطلوبة
-
عن الفاعليات الاحتجاجية في غزة
-
قراءة في تطورات الموقف الاوروبي بعد قرارات الرئيس ترامب
-
المصالحة والتنمية المطلوبة
-
في ماهية الحاضنة المجتمعية
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|