هل تعلم – 6 –
اليمين واليقين عند الفاشنازي
القسم أو اليمين يرتبط صدق الالتزام فيه بشكل وثيق مع عمق وقوة الإيمان بما اُقسِمَ به وبمدى التزامه باحترام شرف كلمته مع محيطه من المجتمع... وهو بالتالي التزام الإنسان بين نفسه أولا للمقسوم به لضمان حق أو عهد للمقسوم أليه ومن ثم أمام الناس... فهو إذن وثيقة أخلاقية شفهية للتعاقد و للتعهد وللالتزام اعتاد عليها أبناء العراق جيلا بعد جيل , هذه الوثيقة الشفهية تستمد قوتها من الأيمان بالمعتقدات ومن قيم الشرف حسبما تعارف عليـها المجتمع ... إن مكانة الفرد ومعرفة الناس بقوة إيمانه والتزامه بما يعد ويتعهد تجاه الآخرين , تجعلهم يعتمدون على كلام منه دون الحاجة لقسم منه في تعاملاتهم معه... هذا الأسلوب من العقود هو ما كان شائعا بين الناس خاصة التجار منهم توارثوه عمن سبقوهم ... ومن الطبيعي إن ذلك شمل الكثير من نواحي الحياة الأخرى كتعهد والد فتاة قاسما بقراءته الفاتحة بتزويج ابنته إلى ذوي الخطيب , أو قسم صديقان بالوفاء لبعضهما , خاصة عندما تتطلب منهم ظروف الحياة مجابهة صعاب أو متغيرات لا تدرك نتائجها بسهولة...
الفاشنازيون ليس لهم كلام شرف ولا أيمان بقسم لعدم يقينهم بما يقسمون به ... ولنأخذ شيخا منهم كمثل على عدم أهليته لشرف الكلمة ولالتزام بقسم , وذلك بسبب تكرار خيانته لشرف كلمته ونكثه بيمين اقسم به ... انه احمد حسن البكر دعي الإيمان والتقوى ... والذي يعتبر من أوائل ناكثي اليمين والعهد ... وسنأتي على بعض مواقفه والتي تمثل سلوك عام مستأصل في كل الفاشنازيين...
- أقسم مع حردان التكريتي ( أول وزير دفاع لانقلاب 67) أمام ضريح الحمزة و أمام ضريح العباس بن علي بن أبى طالب على عدم الخيانة ... ولكنه و باتفاق مع صدام حسين تم ترتيب اغتيال حردان التكريتي في الكويت بتاريخ 13/3/1972.
- تعهد البكر مع البعثيين بالمحافظة على سلطة البعث عام 1963 والوقوف صفا واحدا ضد علي صالح السعدي وجماعته إن حاول الانشقاق و الانفراد بالسلطة ... لكن البكر خان عهده للبعثيين وغدر بهم وأيضا بعلي صالح السعدي , وسلم كل شيء إلى عبد السلام عارف , مقابل إبقائه بمنصب هامشي ... ليختمها بتعهد اعتزاله العمل السياسي ناكثا بذلك قسم العضوية للحزب... ومن ثم ناكثا كل ذلك عند اشتراكه في انقلاب 1967.
أن هذا الشيخ مثال جيد لهؤلاء الفاشنازيين الغرباء خلقا وسلوكا عن مجتمعهم ... و لنا معه عودة مستقبلا , لسرد ما بان من مواقفه في خيانة العهود كصورة لأحد أنماط سلوك الفاشنازيون الغرباء...
نوري العلي / كوبنهاكن