|
محنة العقل في ظل أزمة النقل
عمرو المصري
الحوار المتمدن-العدد: 5975 - 2018 / 8 / 26 - 20:07
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
خرافة قطعي الدلالة التي يدفع بها الأزهر وشيخه ومعه دار الإفتاء وإشهار سيف خرافة "لا اجتهاد مع نص" في وجوه كل من يقترب من نصوص القرآن هي نوع من الإرهاب الفكري، ومحاولة لخطف الإسلام واحتكاره داخل مؤسسة الأزهر، الذي يسعى جاهدا لأن يصبح دولة داخل الدولة بما يمثل فاتيكانا إسلاميا يسيطر على عقول المسلمين في شتى بقاع الأرض، وهو وهم لن يتحقق أبدا.
وهذه الجملة لا اجتهاد مع نص في الواقع لم ينزل الله بها من سلطان ومع ذلك يعتبرها المسلمون قدس الأقداس ولا يقبلون حتى نقاشا عقلانيا حولها برغم أنها ليست آية في القرآن، بل مقولة قال بها أحد ممن يسمونهم ب "الفقهاء" وكلامهم أولا وأخيرا مجرد آراء وليست ملزمة لأي مسلم ببساطة لأن أعمالهم بشرية وليست وحيا مقدسا من عند الله.
ولم يذكر القرآن أنه من الواجب علينا اتباع كل ما قال به أبو حنيفة وابن حنبل والشافعي والمالكي ... وهم بشرا لجهدهم كل التقدير والاحترام ولكنني كمسلم لست ملزما بها على الإطلاق ... أقول ذلك في ضوء الضجة التي يثيرها الأزهر وشيخه ودار الإفتاء ووراءهم عصابة من الأرزقية منغلقي العقل والروح الذين يتربحون باسم الدين حول قضية المساواة في الإرث منذ أن أعلنت تونس المساواة بين الجنسين ف المواريث بنص القانون المدني، حيث يحتج هؤلاء بأن الآية التي تتحدث عن أن للذكر مثل حظ الأنثيين قطعية الدلالة قطعية الثبوت.
وهو كلام يطرح تساؤلات حول إمكانية الاجتهاد في النصوص قطعية الدلالة، فالرأي الغالب في مصر هو أنه لا يجوز، ولا أعلم أي سند (من القرآن) قالوا به حتى يحتجوا بهذا الأمر، وكأنه وجب علينا أن نسير خلف ثقافة مجموعة من البشر كانوا يركبون الحمير والإبل ويحاربون بالسيوف والرماح ويقضون حاجتهم في الصحراء وفي الخلاء حتى آخر الزمان وأن ننسى العصر الذي نعيش به في القرن الحادي والعشرين ونستحضر عصر الصحراء والبادية بكل مفرداته وأدبياته والذي طواه الزمان منذ 14 قرنا.
وأثق أن شيخ الأزهر وباقي المشايخ يعلمون جيدا أنه لا حدود للاجتهاد وأن مقولة لا اجتهاد مع نص هي مجرد خرافة أو سيفا يرفعونه في وجه أهل العقل ويرهبونه بهم، ولكن لا شيخ الأزهر مقدس ولا أزهره مقدسا ولا رجاله مقدسون حتى نسير خلفهم مغمضي العينين، فلنا عقولا تستوعب ولسنا ممن نسير عميانا خلف أشخاصا فقط لمجرد أنهم يرتدون ثوبا دينيا.
وأثق أيضا أن شيخ الأزهر ورفاقه يعلمون جيدا أن عمر بن الخطاب قد عطل نصا قطعي الثبوت قطعي الدلالة في القرآن وذلك في عام الرمادة أو المجاعة وهو حد قطع يد السارق، وها هو عمر بن الخطاب نفسه قد اجتهد في نص قطعي الدلالة وحد ثابت من الحدود في الإسلام، ولم يمر على وفاة الرسول سوى بضع سنوات، لماذا؟
ببساطة لأن الظروف ومقتضيات الحياة والمعاملات وفقه المستجدات أجبرت عمر على الاجتهاد في نص مقدس وأمر قرآني واضح كل الوضوح.
كما أثق أيضا أن شيخ الأزهر ورفاقه يعلمون جيدا أن عمر بن الخطاب مرة ثانية قد اجتهد في نص قرآني آخر قطعي الدلالة قطعي الثبوت كما يقولون، ولكن هذه المرة لم يعطله ... بل ألغاه تماما من القرآن ولم يصبح له وجود إلا بلفظه فقط، ألا وهو الأمر القرآني بإعطاء سهم المؤلفة قلوبهم.
حيث تقول كتب التفاسير المعتمدة في هذا الأمر أن هؤلاء المؤلفة قلوبهم - والذين كانوا يقبضون الأموال نظير دخولهم في الإسلام - قد ذهبوا لعمر لتلقي تلك الأموال التي أمر لهم بها القرآن، فقال لهم عمر "لا حاجة لنا بكم فقد أعز الله الإسلام وأغنى عنكم، فإن أسلمتم وإلا السيف بيننا وبينكم".
ومنذ ذلك الحين، تم إلغاء آية واضحة في القرآن وتكليف واضح من السماء للمسلمين بإعطاء المؤلفة قلوبهم سهمهم، وهو الأمر الذي لم يعترض عليه أحد حينها، على الرغم أن عمر لم يكن خليفة للمسلمين بعد، أي أن ذلك وقع في عهد الخليفة الراشد الأول أبو بكر الصديق والذي أقر عمر على رأيه، ولم يعترض، وأيضا لم يكن قد مر على وفاة الرسول سوى سنوات قليلة استدعى معها المجتمع الإسلامي الجديد أن يكون له قوانينه حتى لو كانت على حساب قطعية النصوص القرآنية كما فعل عمر وكما أوضحنا في حادثتين شهيرتين!
إلا إذا كان شيخ الأزهر ورفاقه يحاولون إقناعنا بأنهم أكثر حرصا على الإسلام من رجاله الأوائل أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب!
لقد أصبحت المجتمعات في قرننا الحادي والعشرين أكثر تعقيدا ولها متطلباتها التي يجب أن ينظمها قانون مدني يخضع له الجميع، وهكذا وبغض النظر عن نصوص القرآن التي نوقرها ونحترمها جميعا، إلا أننا يجب أن نقر بأن هذه النصوص نزلت لتنظيم حياة مجتمع قبلي بدوي له ظروفه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية الخاصة به، أما استدعاء عصر ما مر عليه عشرات المئات من السنوات وفرضه على مجتمع القرن الحادي والعشرين فذلك ليس له مسمى سوى أننا نراوح مكاننا بل نتراجع في حين أننا يجب أن نخطو للأمام في عالم معاصر متسارع الخطى يأتي كل يوم بالجديد من الاكتشافات العلمية المبهرة ونصيبنا منها في أمتنا العربية والإسلامية صفرا كبيرا!
#عمرو_المصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مجتمع سافل!
-
أختي أميرة والمرتدة مريم!
-
سدنة معبد الوطنية!
-
كشك ... فارس منابر الطائفية والكراهية والظلام والديماجوجية ا
...
-
داعش كانت دوما هناك بالمرصاد لأقباط مصر على مر التاريخ!
-
أيها الرئيس ... الحذر من اختبار الشارع المصري!
-
ما الذي يسعى إليه الإسلاميون؟
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|