أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جوزيف بشارة - ضريبة حرية العقيدة: اللوث العقلي والنفي














المزيد.....


ضريبة حرية العقيدة: اللوث العقلي والنفي


جوزيف بشارة

الحوار المتمدن-العدد: 1506 - 2006 / 3 / 31 - 09:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أعلن بالأمس إطلاق سراح عبد الرحمن الأفغاني الذي كان احتجز الأسبوع الماضي في أفغانستان بتهمة الإرتداد عن الإسلام. لم يكن وراء الإفراج حكما ببراءة المواطن الأفغاني أو قرارا بحقه في اختيار عقيدته، لكنه جاء بعد أن شككت المحكمة الأفغانية بالقدرات العقلية له، وجاء الإفراج أيضا بعد نداءات دولية وضغوط غربية لاحترام حقوق الإنسان وحرية العقيدة. لم تكد تمر ساعات على صدور قرار المحكمة بالإفراج عن المواطن الأفغاني حتى كانت طائرة تقله إلى إيطاليا التي قررت حكومتها منحه حق اللجوء لحمايته من تهديدات بالقتل كانت صدرت من قادة دينيين تنفيذا للعقوبة التي تنص عليها الشريعة الإسلامية بحق من يرتد عن الإسلام.

لقد ضاقت أرض أفغانستان الشاسعة بالمواطن الأفغاني الذي قرر تغيير عقيدته، فقررت إيطاليا استقباله ومنحه حق اللجوء. لم تكن هناك من وسيلة لحفاظ على حياة عبد الرحمن سوى باتهامه باللوث العقلي للحيلولة دون محاكمته طبقا لشريع الإسلامية، وبنفيه المخزي من بلده وحرمانه من حقوق المواطنة للحفاظ على حياته من قصاص المتطرفين ورجال الدين الذين دعوا في مظاهرات في مدينة مزار الشريف بإعدامه، وعدم السماح للغرب بالتدخل في القضية. من العار أن تتم معالجة قضية حرية العقيدة برؤية قصيرة النظر كهذه، فنفي عبد الرحمن ليس علاجا للتطرف الديني المستفحل ليس فقط في أفغانستان ولكن أيضا في العديد من الدول الإسلامية. لقد تم تسطيح قضية المواطن الأفغاني بتصويرهاعلى أنها حالة فردية، وليس علي أنها قضية حرية العقيدة في أفغانستان. لم يكن تناول منظمات حقوق الإنسان الدولية لقضية عبد الرحمن ينطلق من نظرة فردية لشخصه وحالته، ولكن من خلال نظرة أشمل وأوسع تشمل حق الفرد في اختيار عقيدته، والحريات العامة في العالم الإسلامي.

على الرغم من إهتمامي بحياة عبد الرحمن الشخصية وابتهاجي لنجاته من عقوبة الإعدام، إلا أني أعتقد أن نفي عبد الرحمن يعد خطأ فادحا لأنه لا يمثل حلا لقضية حرية العقيدة في أفغانستان والعالم الإسلامي. هذا النفي سيعني في المستقبل أن لا مكان لحرية العقيدة في الدول التي تسكنها أغلبيات مسلمة، وسيفهم منه أن لا مكان لمن يختار دون الإسلام دينا في العالم الإسلامي.بعد أن أصبح النفي واللوث العقلي هما ضريبة حرية العقيدة في البلدان الإسلامية، أخشى أن يعطي نفي عبد الرحمن المتطرفين الدافع والذريعة لممارسة ضغوطهم على الأقليات الدينية في المنطقة بغرض تفريغها من المسيحيين.

ماذا بعد؟ سيبقي هذا السؤال المهم يلح في الأذهان في المستقبل المنظور وحتى إشعار أخر. أفغانستان التي صدرت الإرهاب في نهاية ثمانينيات القرن الماض إلى جميع دول العالم تبقى مرشحة لتصدير هذا النموذج من الكبت والقمع الدينيين إلى الدول الإسلامية الأخرى. ما زلت أكرر أن الإصلاح يجب أن يكون من خلال المسلمين ذاتهم وأن على المسلمين المنفتحين دورا أساسيا في توعية وتنوير الغالبية. يجب أن يتخلى الأزهر ورجال الإفتاء عن صمتهم المثير للجدل تجاه قضايا شائكة كهذه. لم يعد يجدي بشيء استخدام الأكلشيهات المحفوظة بأن أهل الكتاب هم أقرب الناس مودة للمسلمين، من الضروري أن تدلي المؤسسات الدينية الإسلامية بدلوها في هذه الأمور المصيرية.


لا أريد الخوض هنا في أمور ونقاشات عقائدية حول حرية العقيدة في الإسلام، لعلمي المسبق أن الأديان تحمل أقنعة ووجوها كثيرة تتغير بحسب المناخ والجغرافيا والتاريخ، ولاقتناعي التام أن معركتنا ليست مع الإسلام أو المسلمين وإنما مع القوانين الناتجة عن مزج الدين بالدولة ومع القوى الدينية المتطرفة. معركتنا هي للدفاع عن الحريات الجماعية والفردية لشعوبنا التي تكفلها الدولة العلمانية والقوانين المدنية. معركة الحرية التي نخوضا هي ضد قوى الظلام التي تريد العبث بمقدراتنا وشئون حياتنا. معركة الحرية التي نخوضها هي ضد كل القوى الرجعية التي تريد العودة بنا قرونا إلى الوراء. لقد أثبتت قضية عبد الرحمن الأفغاني بما لا يدع مجالا للشك أن النصوص الداعية إلى حرية العقيدة في دساتير الدول الإسلامية ما هي إلا مجرد حبرعلى ورق، لكن دعاة الحرية من مسلمين ومسيحيين لن يحنو رؤوسهم لقوانين جائرة لاتقوم على مبادئ المساواة والحرية، أو لأفكار متخلفة تعادي الإنسانية والحضارة والعلم، أو جماعات متطرفة تريد استئصال الأخر من الحياة.



#جوزيف_بشارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عمرو موسى ودبلوماسية الديمقراطية والتنمية
- دعوة للجهاد ضد المسيحيين العرب؟!
- شرك الديمقراطية في أفغانستان
- عبد الرحمن الأفغاني شهيداً للحرية؟!
- حقوق الإنسان في العالم العربي: قيود... تمييز... وتعذيب...
- صمت الأغلبية ومواجهة التطرف
- إختلاف القيم وصدام الحضارات
- مأزق أقباط المهجر!
- النقد الفكري في الإسلام


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جوزيف بشارة - ضريبة حرية العقيدة: اللوث العقلي والنفي