|
دينارُنا الجزائري ..... أهو رمز ٌ من رموز سيادتنا !؟
الطيب آيت حمودة
الحوار المتمدن-العدد: 5968 - 2018 / 8 / 19 - 09:03
المحور:
الادارة و الاقتصاد
طفت ببلدان عديدة فلم أجد رخس العملة مثلما وجدتها في دينارنا الجزائري ، ولا شك أن رخصه ليس نابعا من ذاته وإنما نابع من الذين اعتمدوه واستعملوه . كثيرا ما قيل بأن قيمة العملة من قيمة أصحابها ، فقيمة فردنا أدنى من قيمة الفرد ألأوربي ب عشرين مرة ، وأرخص من قيمة الأمريكي ب 14 مرة ؟ !
°°في الأزمان الماضية كانت العملة في عالمنا الإسلامي معدنية ، منها نقود من الذهب الخاص تسمى [دينارا ]، وأخرى فضية تسمى [دراهم ] و أرخصها قيمة هي المصنوعة من النحاس أو القصدير وتسمى [ فلسا ]، فلهذا استعار أحد الحكماء تلك القيم المتبدلة في تقييمه للناس فقال : الناس من الناس. والناس أجناس: ناس فضة ،وناس نحاس. ناس ذهب ،وناس الماس. ناس كيف التاج فوق الرأس ، وناس تحت الساقين تنداس، ناس كيف الملائكة، وناس كيف الوسواس الخناس ، ناس تتباس ، وناس تستاهل الضرب بالمهراس .
°°انتقلت المجتمعات من التبادل بالمقايضة ، الى التبادل باستعمال النقود المعدنية التي تنقل في أكياس جلدية ( صرة ) أو في صنادق عندما تكون كميتها كبيرة ، فقد كانت ( مدينة البهجة ) زمن نشاط رياسها في جهاد البحر محطا لصناديق يتم غنمها في الصراع مع القراصنة ، وأحيانا أخرى يتم غنم صناديق النقود ومحتوى السفينة بما فيها من المتاع ومن فيها من البشر ، فقد كانت مدينة (البهجة المحروسة) غنية و عامرة بالرقيق الأوربي فحتى [ميغيل سرفانتس ]صاحب رائعة دون كيشوت ذاق الأسر وعاش الرق عندنا هنا في مغارة تحمل إسمه حاليا ، كيف لا ، وأرضنا ولو هو في الأسر ألهمته في ابداع روايته الذائعة الصيت ، ومثله حدث للرئيس البرتغالي المستقيل مانويل تكسيرا غوميز” في تفضيله مدينة [بجاية] للإقامة حتى توفي فيها في 1941 وفيها ألف وكتب .
°°صعوبة التعامل بالنقود المعدنية وتعرض أصحابها للسرقة ، دفع بهم إلى ايداعها عند السباكين الذين لهم وسائل التخزين المحمية والمنيعة ، مقابل وصولات ورقية يستعملها أصحابها في شراء البضائع ، ويَسترد البائعُ أثمان ما باع عند السباك المعلوم ، وتطور الحال أن صارت تلك ( البنكنوت ) أوراق معتمدة في البيع والشراء ، يحولها مالكها إلى ما يقابلها من الدنانير الذهبية ، وتحوّل [السباكون] إلى [بنوك مركزية ] ضامنة للأوراق النقدية التي يصدرونها ، وبذلك تكونت البنوك وتحول الناس من استعمال النقود المعدنية إلى استعمال الأوراق النقدية تدريجيا وبكثافة .
°°°فقيمة الورقة النقدية مضمونه من طرف البنك المركزي الذي يُصدرها والذي له احتياط من الذهب يقابل تلك الأوراق المطروحة للتداول ، في هذه الحالة يكون التوازن والتطابق بين الذهب و الورق ، ويظهر ذلك في ثبات القيمة مع العملات الأجنبية ، وفي حالة التجاء البنك المركزي إلى طبع أوراق جديدة لحاجات ( كزيادات الإستثمار) دون وجود رصيد ذهبي ضامن لها في البنك المركزي تحدث الإختلالات وتنحفض قيمة العملة ، وهو ما حدث في ذات يوم م، أيام الخميس 24 أكتوبر من سنة 1929 في وول ستريت الأمريكية سمي [ الخميس الأسود] ، ولا شك في أن الترنحات التي يعيشها دينارنا الجزائري سببها سندات بنكية و أوراق مالية بدون قيمة في البنك المركزي لأن خطط سابقة وخطة الوزير الأول أويحي اعتمدت على طريقة إدارية في التخفيف من الأزمة المالية ، وما يقع في هذه الأيام ( لتركيا ) من هزات وارتدادات في قيمة ليرتها ، سببه تدخل السياسة في الإقتصاد ، بعزل مدير البنك المركزي الذي لم يتجاوب مع خط الرئيس أردوغان واستبداله بصهره القوي ( بيراث البيرق) .
°°° دولتنا وناسُنا هم أسباب همّنا ، فقيمة عملتنا هي رمز لسيادتنا مثلها مثل (العلم) الذي نقف له تقديسا وتبجيلا في كل مناسبة ، قوَّتها هي قوة لنا في الداخل والخارج ، فما دمنا أمة لا تحترم عملتها وتحملها في الأكياس البلاستكية السوداء وتراها متداولة ممزقة تفوح منها روائح الدجاج و المازوت، موشح بعضها بالكتابات تستخرج من الجيوب رثة من فرط الإستعمال الرديء ومن حمل الأطفال لها مطوية وملفوفة ، فكلنا ساهمنا بدرجة ما في انهيارها وتدهور حالها ، ولو بقينا على حالنا نأكل مما لا تنتج ونلبس مما لا نخيط فابشر بأننا دولة وصلت نحو ذروة الفساد ، التي يعقبها الإنهيار والسقوط ، [ عندها نصبح ناسا من نحاس، تحت الساقين ننداس ، ونستاهل الضرب بالمهراس .]
#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الجزائر ... صراع الذاكرة .
-
معركة [ الجامع أمقران] بسيذي يذير .
-
سنوات الدم والدمار في إلماين وأذرار نسيذي يذير
-
المسلمون و (ستيفين هوكينغ ) .
-
معركة [أذرار أومازة ]
-
أردوغان في الجزائر ... تعاون أم هيمنة ؟
-
محند الشريف ساحلي وحرب الذاكرة في الجزائر .
-
بأي حرف نكتبُ اللغة الامازيغية ؟
-
(عيد يناير) بين الإنكار والإصرار
-
(البربريست) الذين ولّدُوا الهمة .
-
الترسيم (الكاذب ) للأمازيغية .
-
أزمة صائفة 1962 ... والثورة التي سُرقت .
-
الأمازيغية ... جريمة في ثورة الجزائر !؟
-
الأكاديمية البربرية بين الحقيقة والتزييف .
-
امبريالية اللغة العربية .
-
رايات الهوية ... تؤرق الأنظمة الإستبدادية .
-
معركة الهوية ..... بين الأمازيغ والنظام الجزائري .
-
حجم الدمار من انقطاع العلاقات القطرية السعودية .
-
الأمازيغية ... حقوق أم رغبة في الإنفصال ؟
-
مأزق الدولة الوطنية في الجزائر .
المزيد.....
-
ألمانيا تلاحق أوكرانيا على خلفية تخريب خطي نورد ستريم
-
-سبيس إكس- تعتزم إطلاق أول رحلة فضائية مأهولة فوق قطبي الأرض
...
-
6.4 مليار جنيه أرباح طلعت مصطفى في 6 أشهر.. قفزة بـ 310%
-
روسيا تمدد الحظر على تصدير البنزين حتى نهاية السنة
-
شركة سعودية تبني برجا يستمد طاقته من الهيدروجين في مصر
-
التضخم بأميركا يتراجع في يوليو إلى 2.9%.. أفضل من التوقعات
-
لابيد يحذر من كارثة اقتصادية في إسرائيل ويتهم نتنياهو بالكذب
...
-
وزير الاقتصاد اللبناني: الحرب أوصلتنا لمرحلة الانهيار الكامل
...
-
-فيتش- تصنف أوكرانيا عند -تعثر محدود عن السداد-
-
واصلت تجنب البحر الأحمر.. أرباح هاباغ لويد تهوي 75% في النصف
...
المزيد.....
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
-
جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال
...
/ الهادي هبَّاني
-
الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية
/ دلير زنكنة
المزيد.....
|