|
هل المشكلة في حفظ كتاب الله (المصحف)؟
عمر أبو رصاع
الحوار المتمدن-العدد: 5967 - 2018 / 8 / 18 - 17:51
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل المشكلة في حفظ كتاب الله (المصحف)؟
لم يك المزاج الشعبي العام يوماً من الايام ميالاً للإلحاد أو الكفر، لم يك هذا المزاج العام عبر التاريخ مستهيناً بالقيمة الروحية لملة محمد، ولم تفقد شعوبنا لحظة اجلالها للمعاني التي تمثلها الديانات عموماً.
حدثني والدي -مدرستي الأولى والكبرى- فيما حدثني من ذاكرته العمّانية الدقيقة، عن رد فعل الناس في دور السينما خلال خمسينات وستينات القرن المنصرم، عندما كان يأتي مقطع يسلط الضوء على قيمة ايمانية أو آية أو حديث، كيف كان رد الفعل الايجابي العارم في صالات العرض انفعالاً بالمشهد وبهذا السرد.
لم تك شعوبنا تحفل بالمظاهر القشورية للدين لكنها كانت اقرب بفهمها روحاً ووجداناً لجوهر الملة المحمدية، ولجوهر الدين السماوي التوحيدي عموماً، اقرب لأنها كانت ترى فيما يمثله قيماً عليا، تعبيراً اميناً عن الخير والمحبة، كان الايمان توحيداً وتنزيها، وكانت التعاليم اخلاقاً وسلوكاً، كان الدين رمز لحب الخير وعمله، للاستقامة والنزاهة والامانة والصدق والنبل...الخ، كان المتدين شخصاً سمحاً خلوقاً محباً صالحاً.
ثم جاء من استغل هذه المكانة العظيمة للدين في نفوس الناس، ليستخدمها اداة يعيد من خلالها تركيب العلاقة بين المجتمع والدين، ليقمح نفسه وسيطاً بين الناس ورب الناس، فصادر الفهم الجمعي القيمي المنصرف لجوهر الدين لحساب تأويل سلطوي مفتعل، لحساب تخريجات ايديولوجية سياسية واقتصادية واجتماعية، أسس اختصاراً كهنوت ديني حوّل الدين من حاضر اكبر يشكل الوجدان ويرمز لمنظومة الاخلاق، إلى قشور تعبدية وحياتية تحفل بالزي والطقس، وكل ما يراكم غطاء كثيفاً وحجاباً يباعد بين الناس وبين جوهر الدين.
لازال هذا التوظيف الاحتكاري الكهنوتي متواصلاً، يمارس سطوته وتماهيه مع الدين، منصباً نفسه وصياً على الدين والناس معاً، وشرطاً لفهمه ونموذجاً لممارسته، هذه هي المشكلة الحقيقية التي تحرك ردود الفعل العنيفة والمتطرفة ضد كل من يقدم فهماً مغايراً لذلك الفهم الكهنوتي.
كتبت الاستاذة زليخة ابو ريشة مؤخراً مطالبة بإغلاق مراكز تحفيظ كتاب الله (القرآن)، وجاء ذلك في خضم حوار مجتمعي حول جذور الارعاب الإسلاموي وانتشار الثقافة العنفية والقيم المرتبطة بها والمؤصلة لها، وكالعادة جاء رد الفعل عليها شرساً متطرفاً حكماً، ومنحطاً في كثير من الاحيان في مفردات خطابه، كما جاء من قبل ضد نشر المرحوم ناهض حتر لكاريكاتير ينتقد تصور معين للذات الإلهية والحياة الاخروية.
قدمت الاستاذة زليخة تبريراً قوياً عندما طالبت رئيس الحكومة وانا استبدله هنا بالمحتجين انفسهم، بالتوجه لاحد هذه المراكز وتوجيه اسئلة محددة لطلبتها حول الرأي بالموسيقى مثلاً أو بمعايدة المسيحي في اعياده أو بالمرأة التي لا ترتدي غطاء على رأسها...الخ وبعد ذلك فليصدروا احكاماً حول ما تروجه هذه المراكز من افكار، وما الذي علينا عمله بالنسبة لها.
ما ارادت السيدة زليخة تسليط الضوء عليه هنا والتحذير منه ومن خطره حسب فهمي لما قرأت ليس حفظ آيات الذكر نفسه، بل ما يتم تلقينه من آراء وقيم وافكار متطرفة مع تحفيظ تلك الآيات، ومن تقديم لفهم متطرف وعنيف لها، وهنا بيت القصيد.
كما اسلفت الذكر فإن الكهنوت الإسلاموي سطا على علاقة الإنسان بالدين، احتكرها واحتكر تمثيلها، وانتج كهنوتاً دينياً في ملة، الأصل أن لا كهنوت فيها، وأن العلاقة بين الانسان وبين الخطاب الإلهي علاقة مباشرة منفتحة على فهمه واستيعابه الخاص والعام، بإحلال هذا الكهنوت نفسه وسيطاً، صار الفهم محتكراً حصرياً احادياً متصحراً متطرفاً، فليس صدفة مثلاً أن تكون كل التصورات المهيمنة لما هو دين محمد صابة في نفس الإطار المذهبي. ألا يبدو ضرب من العبث والسريالية والحال كذلك، تخيل طلبة معهد ديني ما يدرسون أصول العقيدة على مذهب المعتزلة، ويطالعون شيء من موسوعة "المغني في أبواب العدل والتوحيد" للقاضي عبد الجبار الهمذاني مثلاً؟ أو يبحرون في نصوص "فصوص الحكم" أو "الفتوحات المكية" لابن عربي؟ أو حتى يأخذون فكرة عن التيار المادي في تاريخ المسلمين فيتعرفون على قديمه وجديده كابن الراوندي والردود عليه، أو ما كتبه الكندي في الجدل بين المسيحية والاسلام (عبدالمسيح بن اسحاق الكندي وهو غير يعقوب بن اسحاق الكندي الفيلسوف الرياضي)، أو يأخذون فكرة عن كتاب "النزعات المادية في الإسلام" لحسين مروة، أو يقرؤون شيء عن مجادلات ابن ميمون اليهودية للاسلام...الخ؟ أو يتعلم طلبة تلك المعاهد والمراكز المقامات الموسيقية والمدائح النبوية والإنشاد ويأخذون فكرة عن حلقات الذكر الصوفية ودلالاتها ومعانيها ومدارسها مثلاً؟
بالفعل يبدو هذا سريالياً لكنه جزء من نموذج التعليم الديني الذي كان يطمح إليه الإمام الأكبر، إمام التجديد محمد عبده، الذي لم يك حافظاً لكتاب الله فحسب بل إماماً أكبراً، مصلحاً اعظم لا نظير له في القرن العشرين على الاطلاق في اطار ثقافتنا، هو الطموح الذي داعب مخيلة حافظ آخر لكتاب الله هو عميد الأدب العربي طه حسين، الذي كان يحلم بتعليم بديل عماده الانفتاح والمعاصرة.
إذا كانت زليخة قد قالت ذلك فقد قاله طه حسين قبل زهاء قرن!
نعم يئس طه حسين من التعليم الازهري، وغاير رأي الإمام الأكبر محمد عبده في امكانية اصلاحه، بل وصل إلى حد القطع بأنه لا سبيل إلى تقدم التعليم في مصر إلا بإلغاء ذلك التعليم الازهري، وقدم رؤيته الفكرية من خلال كتابه العلامة "مستقبل الثقافة في مصر"!
للاسف فإن الدعوة الاصلاحية العظيمة التي تبناها الإمام محمد عبده ما لبثت أن انكفأت داخل اروقة الازهر، واستعاد الكهنوت السلفوي هيمنته على مؤسسة الأزهر، فحال دون مضي التجربة قدماً، وإذا كانت الأمور بخواتيمها فإن ما نراه اليوم للأسف والألم معاً يؤكد أن طه حسين كان على حق في رأيه حول امكانية إصلاح الأزهر، وإذا كان المجتمع قد خسر التصور الإصلاحي للتعليم الديني وفق رؤية الإمام محمد عبده، فقد خسر أيضاً وعلى نحو اكثر دراماتيكية التصور العلماني للتعليم كما قدمه طه حسين، فأُخذ الشكلُ من كليهما وأُهدٍرَ المضمون في كليهما أيضاً!
أقول: ليست المشكلة في ان يحفظ ابناؤنا نص المصحف ابداً، فما من احد يزاود على جَمِ الفوائد التي يمكن ان يجنيها الإنسان وعروبة اللسان من العناية بالمصحف، المشكلة كل المشكلة فيما يدس لابنائنا اثناء ذلك، وحتى تتضح الصورة تخيلوا معي ردود الفعل الثقافية الاجتماعية المتوقعة المتشنجة على شيخ صوفي يفتح داراً لتحفيظ كتاب الله، وينشر من خلالها تصورات ابن عربي مثلاً بين التلاميذ حول وحدة الوجود والدين ايضاً!
لا شك ان الناس بعامتهم يحبون المصحف ويقدسونه، كيف لا وهم يؤمنون بان بين دفتيه كتاب الله المنزل، فمن الطبيعي ان توظف هذه المنزلة الروحية العظيمة للكتاب في نفوس الناس، خدمة لأغراض سياسية واقتصادية واجتماعية على كافة الصعد والمستويات، الكل يريد ان يحشد تلك القوة العظيمة خدمة لما يريده ويراه، والعلة هنا فيما يريده ويراه من هيمنوا على تلك المؤسسات والمراكز والدور، والافكار التي يَبٍثُّها تلاميذَهُ معلمٌ ملتحٍ يرتدي زياً افغانياً، ومعلمة مخمرة بالسواد ترى ان كل ما فيها عورة، هذا اول طابع يقابلك حيث يُقدّم الشكل بصفته جزء من الرسالة، وعندما يصبح نمطاً يراد تعميمه ويراد تقديمه باعتباره القدوة والمثل والنموذج، باعتباره زياً وشكلاً اسلامياً، وتغزونا معه دروس الفضائيات الني تكرس ذات الفكر وذات النمط، وحتى المحلات والبنوك والمشافي....الخ، فيصير هناك زي اسلامي وبنك اسلامي ومستشفى اسلامي و...اسلامي، يقابله بالضرورة زي غير اسلامي وبنك غير اسلامي ومستشفى غير اسلامي و...مجتمع غير اسلامي! اسلامي - مسلم وغير اسلامي - كافر، ثنائية الموت ثنائية الاستقطاب المتعامد والتعصب والانغلاق، التي يتم تعبئة المجتمع ودفعه من خلالها.
قبل نحو عقدين من الزمن كتبت سلسلة من المقالات حول تحكيم العقل والمصحف في مرجعية الحديث عامة وصحيحي البخاري ومسلم خاصة، وكانت النتيجة أن اسمي تم ادراجه في بيان تكفيري يطالب بدمي ودماء نحو ثلاثين كاتب عربي، تم رميهم بالكفر والزندقة من المحيط إلى الخليج، أقول رغم كل البؤس الذي عليه المشهد اليوم، إلا ان دعوتي ودعوة غيري لإعادة النظر في الموروث عامة وضرورة الانفتاح على مختلف مكونات تراثنا، أوصلتنا لوضع التناقض الصارخ امام عامة الناس، فتعرف الناس على ما لا يمكنهم قَبوله من تصحيح البخاري مثلاً لحديث رضاع الكبير، أو الكثير من موضوع الحديث الذي لا يستقيم لمؤمن بالكتاب قَبوله في مرجعيته الاعتقادية، مما دفع العامة لرفع الحصانة التي ضربها ابن الصلاح (احد المشتغلين بالرواية الحديثية) على صحيح البخاري عندما اعلن بأنه "اصح كتاب بعد كتاب الله"، العبارة التي حفظها الناس ورددوها قروناً كما لو كانت سورة الفاتحة!
هذا باب تمّ فتحه إذن على مصراعيه لتكون مرجعية الحديث وعلم الجرح والتعديل موضع نقد وتدبر يقبله العامة، فلا عصمة إلا لكلام الله الموجود بين دفتي المصحف، وهذا برأيي انجاز هام، تكلل مؤخراً بإعلان دولة بمكانة ومنزلة السعودية في هذا السياق، العمل على مراجعة الموروث الحديثي كله وتنقيته، وبغض النظر عن المخرج الذي سيتولد عن تلك المراجعة السعودية، فإن مجرد الإقرار بأن ذلك الموروث الحديثي المتراكم في كتب الصِّحاح بحاجة إلى مراجعة، ولو انتهت تلك المراجعة برد حديث واحد منها، فإن ذلك بحد ذاته نهاية حاسمة لسد تكفيري، انتصب قروناً في وجه العقلانية المؤمنة.
دعوتي كانت ولا زالت منصرفة إلى فتح الابواب لا اغلاقها، ومن منبري الصغير المتواضع هذا الذي اخترته طواعية في ظل الحصار الاعلامي، أُدين الحكومات المتعاقبة وما تمثله وتعبر عنه من مصالح الآمِرينَ في هذا البلد، والتي تسرف في اطلاق حرية العمل الدعوي والفكري بكل طرائقه ووسائله للتيارات الإسلاموية المتطرفة، بل انها وللاسف تنافسها في هذا السياق من خلال وزارة الاوقاف -ليتها تفعل ذلك برؤية مستنيرة منفتحة متنوعة المصادر- فيما تغلق الابواب في وجه النذر اليسير من محاولات التيارات المغايرة رغم فقرها وقلة امكانياتها، فتَحولُ دون ترخيص حزب نزع إليه نفر من ابناء الحراك الشعبي تحت اسم "التصدي والبناء" مثلاً، ثم تسأل شباب ذلك التيار لماذا يلجؤون للشارع ولماذا لا ولم ولن يثقوا بها؟! وتعمل بكل جهدها لتضيق الخناق على هذه الجمعية هنا وتلك الجمعية هناك، وهذا الناشط وذاك، وتحجم عن ترقية واستخدام وتمويل إلا من نذر نفسه بكل صراحة بوقاً للسلطة!
عندما تنتج مدارس الدولة طالباً لا يميز الفاعل من المفعول، ولا يحسن قراءة مقال دون عشرات السقطات اللغوية، ولا كتابة رسالة دون عشرات الاخطاء الإملائية، يُدفَع الناسُ بالضرورة إلى البحث عن مكان آخر تستقيم فيه ألسنة ابنائهم ولغتهم، كما أن فشل مدارس الدولة في زرع منظومة خلقية قيمية رفيعة، وتصورات مستنيرة لجوهر الدين، يدفع الناس أيضاً للبحث لابنائهم عن معين آخر ينهلون منه ذلك، فليست العلة في الناس بل في حكومات يأتمر بأمرها الناس، وكما ان الذات العلية الفلانية والعلانية تنشئ مدرسة لتعلم ابناءها وفق ما تريد لهم ان يتعلموا، يحاول الشعب العاجز ان يجد لابنائه تعليماً جيداً لعقولهم ووغذاءً لأرواحهم، فماذا تفعل العامة إن كان هذا هو المتاح لها؟!
#عمر_أبو_رصاع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المشروع العربي السعودي
-
الاختبار التركي
-
اخطر مقومات الارعاب الاسلاموي
-
متى جئتِ
-
الاردن- لماذا يحاربون الطاقة المتجددة؟!
-
تحالف الاستبداد والكهنوت الديني
-
من الذي يدفع عن الدين المُتهِم بالعلمانية ام المُتهَم بها؟
-
تقييد المشرع لتعدد الزوجات لا يخالف شرع الله
-
تقييد المباح أو الإلزام به
-
اعادة التدوير السياسي
-
العبدلي
-
دستور يا اسيادنا
-
دستور الجماعة (3. في الحقوق والحريات الاساسية)
-
دستور الجماعة (2.مخاطر الدولة الدينية)
-
دستور الجماعة (1-3)
-
الثورة المصرية في خطر
-
مرسي وفخ النوايا الحسنة
-
طبيعة الاستبداد
-
تلك ليست مهمتي
-
قراءة في الثورة العربية المعاصرة
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|